التوحيد
د . فيصل بن عبدالرحمن الشدي
التَّوْحِيد 6/11/1444هـ
الْحَمْدُ لِلَّهِ خَلَقَنَا لِعِبَادَتِهِ وَتَوْحِيدِهِ ، ومنَّ عَلَيْنَا بِتَسْبِيحَهِ وَتَمْجِيدِهِ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ لَا إلَهَ إلَّا هُوَ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَعَدَ الشَّاكِرِينَ بمزيدِه ، وَأَشْهَدُ أنَّ محمداً أَفْضَلِ رُسُلِهِ وَأَكْرِمِ عبَيدِهِ اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَأَتْبَاعِهِ ، وَبَعْد : فَاتَّقُوا اللَّهَ تفوزُوا بِوَعْدِهِ وتنجُوا مِنْ وَعِيدِهِ .
عِبَادَ اللَّهِ : خَلَقَ اللَّهُ الْمَلَكُوت ليوحِّدَ الْخَلْقُ اللَّهَ سُبْحَانَهُ ذُو الْعِزَّةِ وَالْجَبَرُوت ( وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رسولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ ) .
وللمشرك أشدُّ الْوَعِيد فاللَّهُ يَقُولُ لرسُولِه وفي رُسلِه ( وَلَقَدْ أُوحِيَ إلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ ليحبطنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنْ الْخَاسِرِينَ ) ؛ وَلِذَا أَعْظَمَ مَا دَعَا لَهُ الرُّسُلُ التَّوْحِيد وَأَخْوَفَ مَا خافُوهُ الشِّرْكَ باللهِ العزيزِ الحميد ، اِبْتَهَلَ إِبْرَاهِيمُ إمَامُ الْحُنَفَاء لِرَبِّه فَقَال ( واجنُبني وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ ) قَالَ إبْرَاهِيمُ التَّيْمِيِّ: وَمَن يَأْمَنُ الْبَلَاءَ بَعْدَ إبْرَاهِيمَ ؟ ! .
والمتأملُ لِسُنَّتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسِيرَتِه يَجِدُهَا عَودًا وتأكيداً عَلَى التَّوْحِيدِ مُنْذ أُمِر بِالْإِنْذَار فِي سُورَةِ الْمُدَّثِّر : ( وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ ) إلَى الْأمرِ بِإِنْذَارِ الْعَشِيرَةِ ( فَلَا تَدَعُ مَعَ اللَّهِ إلهاً آخَرَ فَتَكُونَ مِنْ الْمُعَذَّبِينَ * وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ ) إلَى الْأمرِ بالصدعِ بِالدَّعْوَةِ ( فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنْ الْمُشْرِكِينَ ) إلَى ِالْهِجْرَةِ ( لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ) إلَى الْأذنِ بِالْقِتَالِ ( الّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّه ) إلَى فَتْحِ مَكَّةَ يَكْسِرُ الْأَصْنَامَ ( وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ ) إلَى الْإِعْلَامِ بدنو الْأَجَل ( فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّك وَاسْتَغْفِرْهُ ) إلَى أَنْ قَالَ وَهُوَ يُنَازَعُ الْمَوْتَ بِأَبِي هُوَ وأُمِّي صَلَوَاتُ رَبِّي وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ
" لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى اتَّخَذُوا قُبُورَ أنبياءهم مَسَاجِد " .
اللَّهُ أَكْبَرُ : حَيَاةٌ بَدْؤُهَا التَّوْحِيد وَعَاشَت مراحلَها بِالتَّوْحِيدِ وَخُتِمْت بِالتَّوْحِيد ، قَامَتْ بِالتَّوْحِيدِ الْأَدِلَّةُ الْمُتَكَاثِرَة، وَالْبَرَاهِينُ المتضافرة ، فَلَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ مَا أَعْظَمَ تَوْحِيدِه !
لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ تَعْنِي إفْرَادَ الْعِبَادَةِ َللَّهِ وَحْدَهُ ، وَالتَّعَلُّقَ بِهِ وَحْدَهُ ، وَالْكُفْرَ بِكُلِّ مَا يُعْبَدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْبَرَاءَةَ مِنْهُ ؛ وَلِذَا لَا يَقُومُ بِهَا حقاً قائلٌ بِهَا وَهُوَ مخالفٌ لَهَا ، يَقُولُ ابْنُ الْقَيِّمِ رَحِمَهُ اللَّهُ : اعْلَمْ أَنَّ أَشِعَّةَ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ تَبَدَّدُ مِن ضِبَابِ الذُّنُوبِ وغيومِها بِقَدْرِ قُوَّةِ ذَلِكَ الشُّعَاعِ وَضَعفِه ، فَلَهَا نُورٌ وَتَفَاوُتُ أَهْلِهَا فِي ذَلِكَ النُّورِ قُوَّةً وَضَعْفًا لَا يُحْصِيهِ إلَّا اللَّهُ تَعَالَى ، فَمِنْ النَّاسِ مَنْ نُورُ هَذِهِ الْكَلِمَةِ فِي قَلْبِهِ كَالشَّمْس ، وَمِنْهُمْ مَنْ نُورُهَا فِي قَلْبِهِ كالكوكبِ الدُّرِّيّ ، وَمِنْهُمْ مَنْ نُورُهَا فِي قَلْبِهِ كالمِشعلِ الْعَظِيم ، وَآخَرُ كَالسِّرَاجِ الْمُضِيء، وَآخَرُ كَالسِّرَاجِ الضَّعِيف ، وَلِهَذَا تَظْهَرُ الْأَنْوَارُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِأَيْمَانِهِم وَبَيْنَ أَيْدِيهِمْ عَلَى هَذَا الْمِقْدَارِ بِحِسبِ مَا فِي قُلُوبِهِمْ مِنْ نُورِ هَذِهِ الْكَلِمَةِ علماً وعملاً ومعرفةً وحالًا . أَقُولُ مَا قُلْت وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ ...
الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةِ
الْحَمْدُ لِلَّهِ الْحَقُّ الْمُبِينُ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ تَفَرَّد بِالرُّبُوبِيَّة وَالْأُلُوهِيَّة عَلَى خَلْقِهِ أَجْمَعِينَ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ محمداً رَسُولُ رَبّ الْعَالَمِينَ ، اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَأَتْبَاعِهِ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ ، وَبَعْد :
إذَا تَقَادَمَ الزَّمَانُ وَضَعُفَ التَّذْكِيرُ بِتَوْحِيدِ الرَّحْمَنِ وَقَعَ النَّاسُ فِي الشِّرْكِ بِأَيّ مَكَانِ ، وَإِنَّك لِنَاظِرٌ لأصقاعٍ كَثِيرَةٍ تُعظَّمُ فِيهَا الْقُبُور ، ويُدعى أَصْحَابُهَا ويُستغاثَونَ مِنْ الشُّرُورِ ، سُوقٌ لِلسَّحَرَةِ وَالْكَهَنَةِ وَالْعَرّافِين ، وَحِلفٌ بِغَيْرِ اللَّهِ خَالِقُ الْخَلْقِ أَجْمَعِينَ ، واحتكامٌ لِلْأَعْرَاف والقوانين دُونَ شَرِيعَةِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ، وَادِّعَاءٌ بِعِلْمِ الْغَيْبِ وَإِحْيَاء لِلْبِدَعِ والمبتدعين ، وَقَد سلَّم اللَّه بِلَادِنَا الْمَمْلَكَةُ العَرَبِيَّةُ السَّعُودِيَّةُ مِن أوضار هَذِه الانحرافاتِ العقديةِ ، بلادٌ سُنيَّةٌ سَلَفِيَّةٌ بفضلِ اللَّهِ إذْ قَيَّضَ اللَّهُ لَهَا عُلَمَاءَ وولاةُ أمرٍ حمَوا حِمَى الْعَقِيدَةِ أَدَامَ اللَّهُ عَلَيْهَا النِّعْمَةَ وَحِفْظِهَا وَهُوَ خَيْرُ الْحَافِظِين .
عِبَادِ اللَّهِ : إنَّ مَنْ نَوَاقِصِ التَّوْحِيدِ وَنَوَاقِضِهِ : التَّدَاوِي عِنْدَ السَّحَرَة ، و تَعْلِيقَ التَّمَائِمِ وَالْحُرُوز ، والِاسْتِهْزَاءَ بشعائرِ الدِّين ، ومراءةَ النَّاسِ ، وَالتَّعَلُّقَ بِالْخَلْقِ حُباً أَو خوفاً أَو توكلاً مِنْ دُونِ اللَّهِ ، وَاخْتِلَالَ مَوَازِين الْحُبِّ فِي اللَّهِ وَالْبُغْضِ فِي اللَّهِ ، وَالْأَمْنَ مَكْرِ اللَّهِ ، وَسُوءَ الظَّنِّ بِاَللَّهِ .
عِبَادِ اللَّهِ : مِن وحَّد اللَّهِ حَقَّ تَوْحِيدِهِ اطْمَئِن ، ولربه استكَنّ
يَا خَالِقَ الْخَلْقِ مَا لِي مِنْ أَلُوذُ بِه ******* سِوَاكَ عِنْدَ حُلُولِ الْحَادِث العممِ
يَا مَنْ لَهُ الْخَلْقُ ثُمَّ الْأَمْرُ يَا صمدٌ ******* لولاكَ لَمْ تَخْرُجِ الدُّنْيَا مِنْ العدمِ
يَا واحداً لَيْسَ لِي رَبٌّ سِوَاهُ وَلَا ******* نِدٌ لَه يُدْعَى كالجنِّ والصنمِ
اللهم صل وسلم على نبينا محمد ....
.
المرفقات
1685026653_التَّوْحِيد.docx
1685026653_التَّوْحِيد.pdf