التوحيد يحفظ تدين الناس، ويقي المجتمع شر التغريب والإلحاد
مريزيق بن فليح السواط
أما بعد:
فاتقوا الله عباد الله حق التقوى، فالتقوى جماع الخيرات، وبها تحصل البركات، " ومن يتق الله يجعل له مخرجا*ويرزقه من حيثُ لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبُهُ إن اللهَ بالغُ أمره قد جعلَ اللهُ لكل شيءٍ قدرا"
عباد الله:
إن الله تعالى أرسلَ الرسل، وأنزلَ الكتب، من أجل غايةٍ عظيمة، وحكمةٍ بالغة، وهي توحيدُه سبحانه وعبادُته قال تعالى:"وما خلقت الجن والأنس إلا ليعبدون" فالتوحيدُ الخالص هو لُبابُ الرسالات السماوية، وخُلاصةُ دعوة الرسل، منذ أن أرسل الله نوحا عليه السلام إلى خاتمهم محمد صلى الله عليه وسلم دعوتهم توحيد الله، وغايتهم عبادته دون ما سواه "ولقد بعثنا في كل آمه رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت" كل نبي يقول لقومه: "اعبدوا الله مالكم من إله غيره" حتى جاء النبي صلى الله عليه وسلم فمكث في مكة ثلاثة عشر عاما يدعوا قريش إلى إخلاص العبادة لله وتوحيده جل في علاه، ولم يأمرهم بشيء معها، فلا صلاة ولا صيام ولا زكاة ولا حج، وهذه أركان الإسلام ما طلبها منهم، ولا فرضها عليهم، إلى بعد ذلك.
ثلاثة عشر عاما وهو يطلب من قريش في منتدياتها واجتماعاتها وأسواقها، أن يقول كلمة واحدة "تدين لكم بها العرب وتخضع لكم بها العجم" "قولوا لا اله إلى الله تفلحوا" والملأُ من قريش وكبرائها يرفضون قولها، ويأنفون من سماعها، ويسخرون من قائلها "أجعل الألهة إلها واحدا إن هذا لشيء عجاب" إله واحد فقط!! أين تذهب اللات والعزى، ومناة الثالثة الأخرى؟؟؟ .وهم يعلمون أن أصنامهم هذه لا تخلق ولا ترزق، ولا تضر ولا تنفع "ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله" من خلقك ياأبا جهل؟؟ من يرزقك يا أبا لهب؟؟ سيقولون الله. مايقدر أحدهم أن ينكر، ولا يستطيع يجحد!! "فأنى يؤفكون" فكيف ينقلبون عن عبادته سبحانه الى عبادة غيره!! "قل من يرزقكم من السماء والأرض أمن يملك السمع والأبصار ومن يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ومن يدبر الأمر فسيقولون الله فقل افلا تتقون" هذه الأصنام التي يحبونها ويعظمونها، ويركعون ويسجدون لها، ويطوفون حولها، ويذبحون باسمها، يعلمون أنها لا تضر ولا تنفع، ولا تخلق ولا ترزق، وأن الخلق والرزق والضر والنفع بيد الله!! يعلم ذلك كفار قريش لكن الذي صيرهم مشركين، وأوجب خلودهم في نار الجحيم، هو زعمهم أن أصنامهم تشفع لهم عند الله قال تعالى: "ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله قل أتنبئون الله بما لا يعلم في السموات والارض سبحانه وتعالى عما يشركون".
أصنام من حجر أو تمر يسجدون لها، ويطوفون حولها، وينذرون لها، ورثوا تعظيمها عن أبائهم، وقلدوا في عبادتها أجدادهم، فبعث الله نبينا صلى الله عليه وسلم إليهم، فدعاهم لتوحيد الله، وترك عباد الأوثان، والبراءة منها، فلما استنكفوا عن عبادة الله، وصدوا عن دينه، حكم بكفرهم، وحقر فعلهم، وسفه عقولهم "أف لكم ولما تعبدون من دون الله افلا تعقلون" عندها ثارت ثائرة قريش وقالت يامحمد: عبت ألهتنا، وكفرت أبائنا، وسفهت احلامنا، وشرعوا في أذيته عليه الصلاة والسلام بكل وسيلة، وصدوا عن دينه بكل طريقة، واستخدموا أساليب متنوعة، حاولوا بأسلوب التعذيب والارهاب والتخويف، فلجأوا إلى الضرب، والطرد، والتجويع، والحصار، وتلفيق الإتهامات، "كاذب، أفاك، ساحر، شاعر، كاهن" وأذوا أصحابة وأخرجوهم في حر الظهيرة إلى بطحاء مكة، وأغروا بهم السفهاء والصبيان لإهانتهم، وإلحاق الضرر بهم، ومع هذا كله وقف النبي صلى الله عليه وسلم صابرا محتسبا، لا يداهن احدا، ولا يجامل في دين الله أبدا، حاولت قريش بأسلوب رخيص، وطريقة خادعة، فلجأوا إلى الترغيب "يا محمد أن تريد ملكا ملكناك، وان تريد مالا أعطيناك، وأن تريد زوجة زوجناك، وأن كان بك مرض عالجناك" فلم يزده ذلك ألا صلابة في الحق، وثباتا على المبدأ، ومواصلة في طريق الدعوة والبلاغ، عندها لجأت قريش إلى أسلوب المساومة، فقالوا: يامحمد: أعبد إلهنا سنة، ونعبد إلهك سنة، عرض جديد، وأسلوب ماكر، لكن جاء الجواب حاسما، والوحي من السماء نازلا "قل ياأيها الكافرون" فلم يقل يا أهل مكة!! ولم يقل يا معشر قريش!! بل نعتهم بحقيقتهم، وحكم بكفرهم "قل يا أيها الكافرون* لا أعبد ما تعبدون* ولا أنتم عابدون ما أعبد* ولا أنا عابد ما عبدتم* ولا أنتم عابدون ما أعبد" تكرار بعد تكرار، وتأكيد لأمر التوحيد، ومفاصلة لا مداهنة فيها، ولا محاباة بها.
واستمر الأمر كذلك من الدعوة إلى التوحيد، وصرف العبادة لله، وإخلاص الدين له وحده دون ما سواه، يُربي عليها النبي صلى الله عليه وسلم أصحابة، فلا خوف إلا من الله، ولا رغبة الا فيما عند الله، ولا محبة ألا لله وفي الله وبالله، ولا توكل إلى على الله. ولهذا لما نزلت الشرائع من الصلاة والصيام والزكاة والجهاد والحج، أبتدروها، وسهل عليهم شأنها، وتسابقون فيها، فالصلاة يعظمونها، ويسعون إلى إقامتها، ولا يتخلف عنها الا منافق معلوم النفاق، والصيام في الحر يفرحون به، ويدعون الله ستة أشهر أن يبلغهم أياه، أما الجهاد فكانوا يتسابقون إليه، ويتنافسون فيه، حتى الغلمان منهم، تنزل أيات الحجاب فيذهب الرجل يقرأها على زوجته فيخرجن إلى صلاة الفجر كأنهن الغربان، يأتي تحريم الخمر وكانوا يكلفون بحبها، ويجتمعون لشربها، فيكسرون دناقها، ويريقون كأسها حتى تسيل بها شوارع المدينة، هذه ثمرة التوحيد اذا وقر في القلب، انبعث نوره على الجوارح، فصار العبد متحررا من عبودية النفس والهوى، والشيطان والدنيا، وأصبح عبدا لله أختيارا، كما هو عبد لله أضطرارا.
أيها المسلم:
إذا شعرت بثقلِ العبادة، واستكثارِ الطاعة، والجنوحِ إلى المعصية، واجتراح السيئة، فعلم أن في توحيدك نقص، وفي دينك لبس، فارجع الى تحقيق التوحيد، وإخلاص العبادة لله العزيز الحميد، قد يرى البعض أن هذا الحديث في أمر التوحيد مبالغة، وأنه لا يحتاج إلى كل هذا التشدد؟؟ فنقول: ثلاثة عشر عاما والنبي صلى الله عليه وسلم يدعوا الى التوحيد، ويقرره في النفوس، ويثبت به قلوب أصحابه، فبتحقيقه يكون الثبات على الدين، وتحمل المشاق، والصبر على الابتلاء، والسلامة من الانحراف عن جادة الصواب، والانخداع ببريق الحضارة المزيفة، ومقاومة غرور النفس وزهوها، وملاذ الحياة الدنيا وزينتها، وعدم الركون الى أعداء الله، والانبهار بحضارتهم.
توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فارتد عن دين الله فئام من الناس، لضعف التوحيد في نفوسهم، وعدم تمكنه من قلوبهم، فعامة من أرتد كانوا ممن أسلم عام الوفود، وسلم من شر الردة من كان توحيدهم ثابتا، ودينهم قويا، كأهل المدينة ومكة والطائف، الذين أخمدوا فتنة الردة، وأعادوا أرضها إلى جادة الإسلام، خرج الصحابة بعدها في سبيل الله، وفي ذات الله، لنشر دين الله، فانطلقوا شرقا وغربا، رافعين راية لاإله الا الله، فدانت لهم الدنيا، وخضعت لهم الدول، ودخل أهلها في دين الله أفوجا.
الصحابة خرجوا من هذه الصحراء ولم يكن لهم تاريخ ولا حضارة ولا علم، ولم تكن لهم قيم الا مورثات الجاهلية النتنة، وعاداتها وتقاليدها البالية، فصارت لهم دولة وتاريخ وحضارة، أذهلت كل الامم، وحيرت كل العقلاء، لما حققوا التوحيد لم يفتتنوا بالدنيا، وماحصل عندهم صدمة حضارية، كسروا الأكاسرة وقصموا القياصرة، وكان لفارس والروم، حضارة عظيمة، ومدائن زاهية، وقصور ضخمة، وعندهم من الدنيا وزخرفها، وزينتها ومتاعها، مايذهل العقول، ويفتن كل مفتون، فلم تأثر فيهم شيئا، ولم تحدث في قلوبهم انبهارا، بل أثروا هم في هذه الحضارات، وطوعوا أهلها لرب الأرض والسموات، رآى اهلها ماعليه المسلم من عزة ورفعة، مع عدل وانصاف، فدخلوا في دين الله افواجا، ثم انقلب الحال، وتغير الاتباع، فصار البعض من أبنائنا يُسافر الى بلد غربي، أو يقرأ كتابا فلسفي، أو يُعير عقله لمثقف شقي، فينسلخ من دينه، ويهزأ بربه، ويسخر بنبيه، ويطعن في كتابه، ويتنكر لقيمه ومبادئه. فيصبح بوقا للغرب، يدافع عنهم، ويدعوا للدخول في حضيرتهم، -التي يسمونها حضارة- زاعما أن سبب تخلف أمته هو دينها، وتمسكها بثوابتها وقيمها.
الصحابة رضي الله عنهم والسلف من بعدهم، نظروا الى الدنيا تموج بأهلها وشهواتهم، رأوى هذا متعلق بسلطانه، والآخر منقبض لشهواته، والثالث حريص على تجارته وأمواله، والرابع يبحث عن شرفه وشهرته، وهم رضي الله عنهم ورحمهم، قد سكنت قلوبهم، وطمئنت نفوسهم، فتعلقوا بالله، وتوجهوا إليه، قال عمر: "لولا ثلاث ما أحببت الحياة، لولا أني أُحمل في سبيل الله، وأضع جبهتي على الأرض، وأُجالس أقواما يلتقطون أطايب الكلام كما يُلتقط أطايب الثمر. هذه أماني عمر التي أحب من أجلها الحياة، عمر الذي حقق التوحيد، فكان الشيطان يفرُّ من ظله، عمر الذي أخضع فارس والروم لدولته، وأنزلهم على حكمه، لم يكن مهتما بالشكليات، ولا مفتونا بالحضارات، ولا منغمسا في الملذات، يسكن كوخا صغيرا، ويلبس ثوبا مرقعا، ويأكل قديدا وتمرا، ومع ذلك صنع عجبا، وخلد مجدا وفخرا، فهل يعي أبناء الإسلام تاريخهم؟ ويعرفوا سبب عزهم ومجدهم؟ ويتمسكوا بتوحيدهم ودينهم؟ أم ينخدعوا ببريق الحضارة، ويغتروا بالمدنية المزيفة، التي أشقت أصحابها، وقطعت أواصل مجتمعاتها، فأقدموا على الإنتحار، وعانوا من الضيق والهم والإكتئاب، امتنا بعد ماضيها العريق، وتاريخها المجيد، وتحكمها في القريب والبعيد، أصابها الوهن، وتأخرت عن الركْب، حين ضعف توحيدها، ونسيت ماضيها، وابتعد ابنائها عن دينها، لسوء فهمهم لعقيدتها وتاريخها، عاش الأديب الهندي محمد اقبال، في اوروبا زمن انتصارها، وفي أوج قوتها، وكانت الدعوات توجه له من رؤسائها ليدرس في أكبر جامعاتها، فلم تصبه صدمة حضارية، ولم يغتر بما شاهد من المدنية، لاعتزازه بدينه، ومعرفته بعقيدته وتاريخه، جاء هذا الأديب إلى مكة قبل عقود من الزمن، فهاله سوءَ حال المسلمين، وضياعَ شبابهم، واغترارهم بحضارة أعدائهم، ونبذهم لدينهم وشريعة ربهم، رآى حالهم فقال قصيدته الخالدة:
من ذا الذي رفع السيوفَ ليرفع اسمكَ
فوق هاماتِ النجومِ منارا
كنا جبالا في الجبال وربما
سرنا على موج البحار بحارا
بمعابد الإفرنج كان أذاننا
قبل الكتائب يفتح الأمصارا
لم تنسى افريقيا ولا صحرائها
سجداتنا والارض تقذف نارا
لم نخشى طاغوتا يُحاربنا ولو
نصب المنايا حولنا أسوارا
ندعو جهارا لا إله سوى الذي
صنع الوجود وقدر الأقدارا
كنا نرى الاصنام من ذهب
فنهدمها ونهدم فوقها الكفارا
لو كان غير المسلمين لحازها
كنزا وصاغ الحُليا والدينارا
نحن الذين اذا دُعو لصلاتهم
والحربُ تسقي الارض جاما أحمرا
جعلوا الوجوه إلى الحجاز وكبروا
في مسمع الروح الأمين فكبرا
كيف لو رأى محمد اقبال حال ابناء المسلمين اليوم؟ وماذا عساه أن يقول؟ وكيف أصبح أبناء بلاد الحرمين، يسخرون بدينهم، ويستهزأون بنبيهم، ويتبعون الأعداء حذو القذة بالقذة، ويتشبهون بهم في كل صغيرة وكبيرة، ويسعون لتغريب أوطانهم، وإفساد مجتمعاتهم "ولو اتبع الحق أهوائهم لفسدت السموات والأرضُ ومن فيهنَّ بل أتينهم بذكرهم فهم عن ذكرهم معرضون".
الحمد لله على إحسانه.....
التوحيد أشرفُ شيء وأنزهُهُ، وأصفاهُ وأنظفُه، وأدنى شيء يخدشه، ويؤثر فيه ويُدنسهُ، فهو كالثوبِ الأبيض، والمرآةِ الناصعة، يؤثر فيه أدنى شيء، فاللحظة واللفظة والشهوة والشبهة تَقدحُ فيه، وتُنقص كماله، وقد تذهب به بالكلية. فاحرصوا على توحيدكم، واحذروا أن يُسلب دون شعور منكم "ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين".
التوحيد سبب حفظ المجتمع، وحجزه عن مضلات الشبهات، والإنزلاق في جحيم الشهوات، التي يوجه اعداء الله سهامها الى ابنائنا بها، ويعملون لإضلالهم عن طريقها، حين ضعف التوحيد لديهم، وقل المذكر به إليهم، وانشغل الأباء والموجهون والدعاة عنهم، حتى خرج فيهم من يرتد عن دينه، ويهزأ بنبيه، قد ملأ الغرور نفسه، وعشعش الباطل في عقله، فذهب ضحية لمجالس وديوانيات، ومقاهي ومنتديات، تُعقدُ في الخفاء، وتَصطادُ الصغار والأغرار، فتُغسل أدمغتهم بقرآة كتب الفلسفة والإلحاد، ورويات أهل الفسق والضلال، إن المؤسف حقا، والمخجل واقعا، أن هذا المقاهي، وهذه المنتديات، وما فيها من كفر وإلحاد وضلال، تعقد في بلاد الحرمين، وبالقرب من مكة المكرمة، فتستهدف شبابنا ذكورا واناثا، وتُفتح لهم الابواب، وتقدم لهم التسهيلات، وتُغرقهم في الملذات، دون رقيب ولا حسيب، يقوم عليها دهاقين الضلال، ورؤؤس الالحاد، وزوار السفارات، ليغربوا مجتمعنا، ويزعزوا عقيدتنا، ويفسدوا ابنائنا، إن دعاة التغريب في هذه البلاد لن يهداء لهم بال، ولن يقر لهم قرار، حتى يروا بلادنا في أسواء حال، خدمة لأسيادهم في الغرب، الذين يمكنون لهم، ويقدمون الدعم عن طريق سفارتهم لهم، فيعملون بكل طريقة، ويستغلون كل منبر، لمهاجمة القيم والثوابت، والدعوة للإنفلات من الدين، والتحرر من الأعراف والتقاليد، وتشويه صورة العلماء والدعاة والمحتسبين، وإلصاق التهم المنفرة بهم، ورميهم بكل باطل ونقيصه، لقد كرسوا وسائل إعلامهم، لتشويه صورة الصالحين، والطعن فيهم، وإتهامهم بالارهاب والتكفير، وزعزعة أمن البلاد، والوقوف أمام عجلة التنمية والاصلاح، كذبا وظلما وزورا، فلما تمكنوا من ذلك، وصدقهم البعض، وخلا لهم الجو، بدأو في نشر سمومهم، وإعلان باطلهم، فرأينا ماذا يريدون لبلدنا؟ وأي اصلاح وتنمية يقدمونها لأجيالنا؟ حتى خرج رجل منهم، خبرهم، وكان كاتبا في صحفهم، ومثقفا يحضر مؤتمراتهم، فقال: آمنت أن مشروع التنوير الثقافي في السعودية يدور حول المرآة. "وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون* ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون" نعم يا عباد الله: هذا هو هدفهم الذي يعملون له، ومشروعهم الذي يسعون ليروه، ليلا ونهارا، سرا وجهارا، حتى المهرجانات التي كانت تُعنى بالتراث، وربط الأجيال الحاضرة بماضي أجدادها، لم تسلم من فسادهم فأصبحت بؤرة للرقص والغناء، وسماع الموسيقى، والاختلاط والخلوة بالنساء، وهل كان أجدادنا يرقصون ويغنون!! ويتحرشون بالنساء ويرقمون!! أي تهمة تُلصق بأجدادنا أسواء من هذه؟ وأي باطل يريدون نشره بأسلوب رخيص، وطريق ساقط أفضع من هذا؟؟ "واللهُ يُريدُ أن يتوب عليكم ويُريد الذين يتبعون الشهواتِ أن تميلوا ميلا عظيما* يُريد اللهُ أن يخففَ عنكم وخلق الإنسانُ ضعيفا"
أيها المسلمون:
أنكم أمام تحديات عظيمة، ومؤامرات كبيرة، تستهدف دينكم وتوحيدكم، وأمن بلادكم، وإضلال ابنائكم، وإفساد نسائكم، فخذوا حذركم، والتفوا حول علمائكم ودعاتكم، ساندوهم، وأحبوهم، فقدَرُهم مواجهة أهل الباطل، والوقوف أمامهم، وكشف عوارهم، وإظهار باطلهم، ولا غنى لهم عنكم، بصدق لهجتكم، وصالح دعوتكم، لا تؤخذكم بأهل الفساد والإلحاد عاطفة، ولا تستهويكم اعتذارتهم، ومعسول كلامهم، "وأن يقولوا تسمع لقولهم" لكن ما تُخفي صدورهم أكبر، حققوا التوحيد في نفوسكم، وربوا عليه أبنائكم، وقربوهم ممن يغرس الخير فيهم، فأنكم مسئولون عنهم "كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه"
ثم صلوا وسلموا رحمكم الله على نبي الرحمة والهدى فقد أمركم بذلك ربكم جلا وعلا فقال تعالى: "أن الله وملائكته يصلون على النبي....."
المرفقات
التوحيد يحفظ تدين الناس، ويقي المجتمع شر التغريب والإلحاد.doc
التوحيد يحفظ تدين الناس، ويقي المجتمع شر التغريب والإلحاد.doc
المشاهدات 3511 | التعليقات 5
أخي الكريم أبو محمد ضيق الوقت هو الذي يفوت علي هذا الفضل، وارجوا ان اتمكن من ضبط الخطب في الاسابيع القادمة
شكر لمرورك، وتقبل الله منا ومنك، ورزقنا الاخلاص لوجهه الكريم
اتمنى من الاحبة بالاشراف تنزيل الخطبة على ملف وورد، لتسهل طباعتها، فقد حاولت وعجزت أن اعرف طريقة تنزيلها. وليعذروني في الطلب، لا حرمهم الله الأجر.
نفعنا الله بهذه الشبكة، وبارك في القائمين عليها.
شبيب القحطاني
عضو نشطجزاك الله خيرا
خطبة قيمة وموضوع مهم في هذا الوقت وربطه بالحدث الراهن مهم ومميز ..
وخصوصا أننا مقبلون على معرض الكتاب الذي يجدر التنبيه فيه لمثل هذه القضايا بخصوص ما يُقرأ ولمن يقرأ ..
ملحوظتي أيها الموفق في الخطبة الثانية أعتقد ان قولك ( حتى خرج رجل منهم .. إلخ ) غير مناسبة في تقديري حتى لا تدخل في محاكمة الأشخاص .. والرجل أظنه فيه خير كثير ولا يعد منهم وإن اختلفنا معه ..
وأيضا فيها تكرار لآخر الفكرة في الخطبة الأولى .. فلو أعدت الثانية وجعلت فيها أسبابا للنجاة من هذه اللوثة لكان - في ظني - أجدى وأحرى .
أسأل الله أن يكتب أجرك ويعلي قدرك ...
الاخوة شبيب القحطاني، وابو العنود
شرفت بكما، وسعدت بمروركما
جزاكم الله خير الجزاء، وبارك فيكما
أبو محمد الغامدي
بسم الله الرحمن الرحيم
وفقك الله وسددك ونفع بك أخي الكريم أبو عمر ألا ترى أن الخطبة تحتاج إلى ضبط الشكل ..
تعديل التعليق