التوحيد الخالص

د مراد باخريصة
1437/03/13 - 2015/12/24 13:59PM
التوحيد الخالص
إن أوجب الواجبات علينا لربنا تبارك وتعالى أن نوحده وحده سبحانه وتعالى في عباداتنا كلها ولا نشرك به شيئا.
هذا هو التوحيد الخالص الذي أمرنا به ربنا جل جلاله والذي من أجله أرسل الله الرسل وأنزل الكتب وخلق السموات والأرض حتى يُعبد الله وحده ولا يُشرك به شيئا.
يقول الله سبحانه وتعالى {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ – أي اعبدوا الله وحده - وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ – وهو ماسوى الله} [النحل : 36] ويقول سبحانه {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات : 56] أي ليعبدوني وحدي لا يشركوا معي غيري ويقول سبحانه {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} [الإسراء : 23] ويقول: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا} [النساء : 36].
وقال ناهياً عن الإشراك مع الله أحداً سواه {قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا} [الأنعام : 151] وقال: {لَا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُومًا مَخْذُولًا} [الإسراء : 22] وقال: {وَلَا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتُلْقَى فِي جَهَنَّمَ مَلُومًا مَدْحُورًا} [الإسراء : 39].
والسؤال الذي نريد اليوم أن نقف حوله في هذه الخطبة هو أين نحن من التوحيد الخالص لله جل وعلا؟ وهل فعلاً وحدنا الله تبارك وتعالى وحققنا التوحيد الخالص له وحده جل جلاله وعزّ شأنه في سائر أمورنا وعباداتنا؟
قوموا بنا لنفتش قلوبنا ونتحسس من أنفسنا لنرى أين نحن من توحيدنا لربنا؟ وهل أخلصنا العبادة لله وحده لا شريك له أم أن قلوبنا تعلقت بغير الله وتوزعت على أنداد شتى دون أن نعلم أو نقع في الشرك ومناقضة التوحيد ونحن لا ندري؟!!
إن التوحيد هو أن نعبد الله وحده سبحانه وتعالى في كل عباداتنا ونجعلها كلها لله وحده لا شريك له
فلا ندعوا إلا الله وحده ولا نستعين ولا نستغيث إلا به ولا نخاف إلا منه ولا نعظم إلا هو وحده ولا نتوكل إلا عليه وحده دون غيره ولا نذبح إلا باسمه ولا نتحاكم إلا إلى شريعته ولا ننتمي إلا إلى منهجه ودينه ولا نحلف إلا به ولا نفعل أي عبادة من العبادات إلا لوجهه ولا نرجوا أحداً غيره ولا نخشى سواه ولا نعمل أي عبادة من العبادات إلا له وحده تبارك وتعالى خالصة له.
يقول الله جل وعلا {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ}.
لو نظرنا في أنفسنا وفتشنا في قلوبنا لوجدنا أننا بعيدون كل البعد عن تحقيق التوحيد الخالص لله وجل وعلا وصدق الله إذ يقول {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ} [يوسف : 106].
كم من المسلمين من يدعوا الله سبحانه وتعالى ويدعوا غير الله ويلتفت إلى غير الله ويتمرغ عند قبور الموتى والصالحين فيدعوهم مع الله ويطلب منهم كما يطلب من الله مع أن الله سبحانه وتعالى يقول {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} [الجن : 18] { قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ} [الزمر : 38]
{قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ ائْتُونِي بِكِتَابٍ مِنْ قَبْلِ هَذَا أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [الأحقاف : 4] {وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ} [يونس : 106] {يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُ وَمَا لَا يَنْفَعُهُ ذَلِكَ هُوَ الضَّلَالُ الْبَعِيدُ} [الحج : 12] {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} [يونس : 18] {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لَا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ} [الأحقاف : 5] { ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ * إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ} [فاطر 13: 14].
كم منا وفينا من يتحاكم إلى غير شرع الله أو يساوي شرع الله بشرع غيره فيتحاكم إلى محاكم لا تحكم بما أنزل الله أو يرضى بحكم الآباء والأجداد والعادات والسوالف التي تخالف حكم الله أو يذهب إلى أناس وهو يعلم أنهم لا يحكمون بشرع الله مع أن الله سبحانه وتعالى يقول { إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ} [الأنعام : 57]ويقول { إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} [يوسف : 40] {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا} [النساء : 60] {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ} [المائدة : 50].
كم منا وفينا نحن المسلمين من ينتمي إلى مناهج ضالة تخالف منهج الله فهذا يدعي أنه مسلم اشتراكي والآخر يدعي أنه مسلم ديمقراطي والثالث يقول أنه مسلم علماني والرابع يقول أنه مسلم شيوعي وهؤلاء لم يفهموا حقيقة التوحيد والإخلاص لله
فإن الله سبحانه وتعالى لا يرضى إلا بالانتماء لدينه والانتساب له وحده والتمسك به دون غيره من المناهج والملل والنحل الأخرى
ولا يرضى الله من العبد أن تكون صلاته وصيامه لله ثم يكون فكره وانتماؤه للعلمانية أو للديمقراطية أو للشيوعية أو لغيرها من المناهج التي تخالف منهج الله.
فهذا هو الشرك المبين والضلال البعيد يقول الله سبحانه وتعالى {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ * وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ} [المائدة : 56]{أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تُتْرَكُوا وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَا رَسُولِهِ وَلَا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} [التوبة : 16]ويقول {لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [المجادلة : 22].
كم منا نحن المسلمين من يناقض التوحيد الخالص لله ويقع في الشرك الأكبر بخوفه من غير الله حيث تجده يدعي الخوف من الله وهو في الحقيقة يخاف من غير الله وقلبه ممتلئ خوفاً ورهبة مما سوى الله.
وليس المراد بالخوف هنا أن يخاف الإنسان مثلاً من الثعابين أو العقارب فهذا خوف جبلي طبيعي
وإنما المراد بالخوف الشركي هو خوف العبادة يعني أن يخاف الإنسان من غير الله مثل خوفه من الله ويرى في نفسه أن هذا المخلوق قادر على ضره مثل ما أن الله قادر على ضره ويجعل لهذا المخلوق في قلبه خشية ورهبة وخوفاً فوق قدرته وحدوده ويعتقد أن عنده من الخوارق والقدرات مثل التي عند الله ويتصوره بتصور مبالغ فيه لذا يخاف منه ويخشاه مثل خوفه من الله ويحسب له ألف حساب وربما أكثر من حسابه لله ويرى أنه من الممكن أن يبطش به بجبروته وقوته وقدرته مثل ما يستطيع الله
هذا هو الخوف الشركي الذي نهى الله عنه وهو موجود اليوم كثيراً بيننا وللأسف الشديد إلا من رحم الله
فهذا يخاف من أموات وعظام نخرة ويرى أنهم سيمسوه بسوء إن قصر في حقهم أو لم يحضر زيارتهم أو لم يشارك في موالدهم والآخر يخاف من بطش الكفار وقوتهم خوفاً مبالغا فيه حتى تجده يصرح أنه لا يريد شرع الله خوفاً من هؤلاء الكفار وخشية من جبروتهم وبطشهم والثالث يخاف من الجن والسحرة والمشعوذين ويشعر في نفسه أن عندهم من القوة والقدرة الخارقة ما يستطيعوا به أن يضروه أو ينفعوه
يقول الله تبارك وتعالى {إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [آل عمران : 175] {أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ} [الزمر : 36] {إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ} [التوبة : 18] {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} [آل عمران : 173].
كم منا وفينا من يتوكل على غير الله ويعتمد في أموره على اغتراره بنفسه أو قوته أو علمه ومواهبه ويشعر في نفسه بشيء من الاعتماد الكلي على الأشياء المحسوسة والأمور الملموسة ويجعل الله آخر من يتوكل عليه ويفكر فيه
وإن كان يقول لا نتوكل إلا على الله ولكنه في الحقيقة والواقع يتوكل على غير الله ويظهر هذا جلياً إذا مسه سوء أو نزل به بلاء أو أحس أن مصدر رزقه قد أصابه سوء فتجده يتبرم ويولول ويظل يلهث على ذكر ما أصابه وكأن الله الرزاق لن يرزقه أو لن ييسر له أسباباً وطرقاً أخرى للرزق غير هذا الطريق الذي يعتمد عليه
والسبب هو ضعف توكله بربه وعدم اعتماده عليه اعتماداً كاملا أو توكله على الله وتوكله على غيره مع أن الله يقول {وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [المائدة : 23] {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} [الأنفال : 2] {قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} [التوبة : 51] {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} [التغابن : 13] { وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً} [الطلاق : 3].
يقول النبي صلى الله عليه وسلم " لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدوا خماصاً وتروح بطاناً ".
هذا نماذج من المخالفات والشركيات التي يقع فيها البعض منا وهو يحسب أنه قد حقق التوحيد الخالص والحقيقة أنه قد ناقض التوحيد وخالفه وخالف {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة : 5].
{قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} [آل عمران : 64].
بارك الله لي ولكم في ...
الخطبة الثانية:
عباد الله: الله الله في تحقيق التوحيد وإخلاص العبادة كلها لله وحده لا شريك له..
فلا تستعينوا إلا بالله ولا تدعوا إلا الله ولا تنتموا إلا إلى منهج الله ولا تتحاكموا إلا إلى شرع الله ولا تحلفوا إلا بالله ولا تعظموا إلا الله ولا تخافوا إلا من الله واجعلوا حياتكم ومماتكم وعباداتكم كلها لله وحده لا شريك له {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ}.
هذا هو التوحيد الذي من حققه لله وحده سبحانه وتعالى أدخله الله الجنة على ما كان منه من العمل وحرم عليه النار يقول الله {إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ} [المائدة : 72].
ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: "من لقي الله لا يشرك به شيئا دخل الجنة، ومن لقيه يشرك به شيئا دخل النار" رواه مسلم
ويقول صلى الله عليه وسلم في الحديث القدسي الذي يرويه عن ربه تبارك وتعالى "قال الله تعالى: يا ابن آدم لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا لأتيتك بقرابها مغفرة".
تمسكوا بالتوحيد فإنه العروة الوثقى التي من تمسك بها نجى يقول الله جل وعلا { فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا} [البقرة : 256]
إياكم والاعتقادات الباطلة وانصراف القلب لغير الله أو تعلقه بالمخلوقين أو بالأوهام والأموات والخيوط والخزعبلات والشركيات التي يظن بعض الناس أنها تدفع البلاء أو ترفع السوء والضراء فإن هذا كله مما يخدش التوحيد ويناقض الإيمان ويخالف الدين الصحيح.
يقول الله {أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ} [النمل : 62]ويقول: {إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [الأنعام : 79] {وَأَنْ أَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [يونس : 105].
يقول النبي صلى الله عليه وسلم " احْفَظِ اللَّهَ يَحْفَظْكَ ، احْفَظِ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ ، وَإِذَا سَأَلْتَ فاَسْأَلِ اللَّهَ ، وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ ، وَاعْلَمْ أَنَّ الأُمَّةَ لَوِ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ ، لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلاَّ بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ ، وَلَوِ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ ، لَمْ يَضُرُّوكَ إِلاَّ بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ ، رُفِعَتِ الأَقْلامُ ، وَجَفَّتِ الصُّحُفُ ".
صلوا وسلموا ..
المشاهدات 1505 | التعليقات 0