التوازن في الحزن والفرح // خالد روشه

احمد ابوبكر
1436/07/08 - 2015/04/27 03:09AM
[align=justify]كثير من الناس تسعده مواقف الفوز , فيطير بها فرحا , فيرى الدنيا بلونها الضاحك , فينسى كل ما حوله في غمرة الفرح , وربما مع فرحه نسى بعض مبادئه وقيمه .

وآخرون تصدمهم مواقف الخسارة والهزيمة , فتظلم الدنيا أمام أعينهم , فربما ارتفع ضغط الدم عندهم ارتفاعا قربهم من لحظات الموت , وربما أصيبوا بالأمراض القاتلة , وربما أقعدهم الموقف فلم يستطيعوا معه حراكا !

فالناس بين إسراف بالغ في الأفراح عند الكسب والفوز وتحقق المرادات , وبين انتكاس بالغ في الأحزان عند المصيبة والخسارة والنقص .

و حتى لا يصبح المرء عرضة لهزات نفسية متتابعة ومتوالية , متعلقا بتغيرات الزمان والأحوال , فتتضاءل شخصيته , وتقصر عزيمته , وتتراجع نفسه , لزمه أن يتعامل مع مواقف الفرح والأحزان بمنهج حكيم ..

الاقتصاد في الحزن على مافات , والاقتصاد في الفرح بما أقبل , هو ذلك المنهج الحكيم الذي اقصده , وهو منهج قرآني علمنا إياه القرآن الكريم في قوله تعالى :" لكيلا تأسوا على مافاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم .."

فالفرح الشديد يورث الالتهاء عن الشكر , وقد يترك في النفس أثر الإعجاب بالنفس وبالحال , وقد يورث البطر عند ذهاب بعض النعم , لذلك ففعل الصالحين هو الشكر عند استحداث النعم .

والحزن الشديد يورث الضجر وعدم الصبر , وعدم الرضا بالقضاء , لذلك ففعل الصالحين عند الحزن هو التصبر , ورد الأمر لله سبحانه , والرضا بقضائه , والاحتساب .

وبالطبع ليس من بني آدم أحد إلا وهو يحزن ويفرح , لكن ينبغي أن يجعل أحدنا من الفرح شكرا ومن الحزن صبرا.

وأهل البصيرة ينظرون للأحداث كلها باعتبارها مقدرة في علم الله سبحانه , فيورث في قلوبهم الرضا بالنتائج , فتصير نفوسهم ثابتة متوازنة كلما تغيرت أحوال الزمان .

فأمر المؤمن كله له خير , سواء أكان في سراء أو ضراء , لكن إنما عليه الصبر والشكر , فلا أسى يكسر النفس , ولا فرح يستخف بها , ولكن رضا وتسليم , وحمد واعتراف بالنعمة .

ومن أكثر ما ينفع في محافظة المرء على توازنه عند المسرات أو الملمات إكثاره من ذكر الله وتعلق قلبه به سبحانه ، وعلمه يقيناً أنَّ الأمر كله بقدر الله، لقوله سبحانه في الآية التي سبقتها " ما اصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب "

و من عرف الدنيا لم يفرح لرخاء, لأنه مؤقت زائل ، ولم يحزن لشقاء, لأنه مؤقت متغير ، قد جعلها الله دار ابتلاء وامتحان سواء بالسراء أو الضراء , وجعل الآخرة دار جزاء , فجعل بلاء الدنيا لعطاء الآخرة سببا , وجعل عطاء الآخرة من بلوى الدنيا عوضاً , فيأخذ ليعطي, ويبتلي ليجزي , فله الحمد في الأولى والآخرة .[/align]
المشاهدات 932 | التعليقات 0