التمحيص

تركي بن عبدالله الميمان
1445/04/03 - 2023/10/18 13:08PM


 
 

 

 

 

خطبة الأسبوع
 
 

 

الْــتَّــمْـحِـيْــص
 
 

 

 

 

 

 

 


إعداد: قناة الخطب الوجيزة

https://t.me/alkhutab
 
 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الخُطْبَةُ الأُوْلَى

إِنَّ الحَمْدَ لِلهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ ونَتُوبُ إِلَيه، مَنْ يَهْدِ اللهُ فَلَا مُضِـــلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.

أَمَّا بَعْدُ: فَأُوْصِيْكُمْ وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللهِ ﷻ﴿وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ وَاتَّقُوا اللهَوَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾.

عِبَادَ الله: لا يَتِمُّ الإِيْمَــانُ، إِلَّا بَعْدَ التَّمْحِيْصِ()والاِمْتِحَان! قال U: ﴿أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ﴾.

وَمِنْ فَوَائِدِ التَّمْحِيص: حُصُوْلُ التَّقْوَى:فَالتَّقْوَى هِبَةٌ رَبَّانِيَّةٌ، لا تُوْضَعُ إِلَّا في القُلُوبِ النَّقِيَّةِ، وَذَلِكَ بَعْدَ امْتِحَانِهَا وَتَمْحِيْصِهَا!﴿أُوْلَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوى﴾.

وَمِنْ فَوَائِدِ التَّمْحِيص: مَحْوُ الذُّنُوبِ(): فَلا يَزَالُالبَلَاءُ بِالمُؤْمِنِ؛ حَتَّى يَبْقَى ذَهَبًا خَالِصًا!()قال ﷺ: (فَمَا يَبْرَحُ البَلاَءُ بِالعَبْدِ؛ حَتَّى يَتْرُكَهُ يَمْشِي عَلَى الأَرْضِ، مَا عَلَيْهِ خَطِيئَةٌ!)().

وَيَسْتَمِرُّ التَّمْحِيْصُ بِالمُؤْمِنِ، حَتَّى آخِرَ لَحْظَةٍ مِنْ حَيَاتِهِ!

قال ﷺ: (المُؤْمِنُ يَمُوتُ بِعَرَقِ الجَبِينِ)(). قال العُلَمَاءُ: (يَشْتَدُّ المَوْتُ عَلَى المُؤْمِنِ، بِحَيْثُ يَعْرَقُ جَبِينُهُ مِنَ الشِّدَّةِ؛ لِتَمْحِيصِ ذُنُوبِهِ،أَوْ لِتَزِيدَ دَرَجَتُهُ)().

وََمِنْ فَوَائِدِ التَّمْحِيصِ: تَطْهِيْرُ القُلُوْبِ: مِمَّا تَلَطَّخَ بِهَا مِنَ الشُّبْهَةِ والشَّهْوَةِ والغَفْلَةِ!

قال تعالى: ﴿وَلِيَبْتَلِيَ اللهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ﴾.

وَمِنْ فَوَائِدِ التَّمْحِيصِ: تَطْهِيرُ الصُّفُوْفِ مِنْ خَبَثِ المُنَافِقِيْنَ! قال تعالى: ﴿مَا كَانَ اللهُ لِيَذَرَ المُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَالخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ﴾. قال ابْنُ القَيِّم: (اقْتَضَتْ حِكْمَةُ الْعَزِيزِ: أَنْ قَيَّضَ مِنَ المِحَنِ وَالْبَلَايَا،مَا يَكُونُ كَالدَّوَاءِ الْكَرِيهِ لِمَنْ عَرَضَ لَهُ دَاءٌ، إنْ لَمْ يَتَدَارَكْهُ طَبِيبُهُ بِإِزَالَتِهِ مِنْ جَسَدِهِ؛ وَإِلَّا خِيفَ عَلَيْهِ الهَلَاكُ!)().

وَالتَّمْحِيصُ والبَلاءُ: مَحَكُّ الأَحْوَالِ: وَبِهِ تَظْهَرُمَعَادِنُ الرِّجَالِ! قـال U: ﴿وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللهُ الَّذِينَ صَـــــدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ﴾. قال الحَسَنُ البَصْرِي: (اسْـــــتَوَى النَّاسُ في العَافِيَة؛ فَإِذَا نَزَلَ البَلَاءُ تَبَايَنُوا!)().

وَاخْتِبَارُ التَّمْحِيْص؛ لا يَجْتَازُهُ إِلَّا الصَّابِرُون! قال U: ﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ المُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ﴾.

وَعِنْدَمَا يَتَمَحَّصُ المُؤْمِنُونَ مِنْ ذُنُوبِهِمْ، يَنْصُرْهُمْ اللهُ على عَدُوِّهِمْ!() قال I: ﴿وَلِيُمَحِّصَ اللهُالَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكافِرِينَ﴾().

وَمِنَ أَشْكَالِ التَّمْحِيصِ: سُهُوْلَةُ المَعْصِيَة؛فَاللهُ يَبْتَلِي المَرْءَ بِتَيْسِيرِ أَسْبَابِالمَعْصِيَــةِ؛ ﴿لِيَعْلَمَ اللهُ مَنْ يَخَافُهُ بِالْغَيْبِ﴾().

وَمِنْ أَنْوَاعِ التَّمْحِيصِ: اِنْتِفَاشُ البَاطِل، حَتَّىيَبْدُوَ كَالمُنْتَصِرِ! وَهَذَا اسْتِدْرَاجٌ لِلْظَّالمِيْن، وإِعْدَادٌ لِلْمُؤْمِنِيْن، لِلْنَّصْرِ المُبِيْن؛ لِيَنَالُوْهُ عَنْتَمْحِيْصٍ وَجَدَارَةٍ! ﴿أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْساءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللهِ قَرِيبٌ﴾.

وَمِنْ سُنَّةِ اللهِ الكَوْنِيَّةِ: أَنَّ التَّمْكِيْنَ لا يَأْتِي إِلَّا بَعْدَ التَّمْحِيْصِ! سُئِلَ الشَّافِعِيُّ: (أَيُّمَا أَفْضَلُ لِلرَّجُلِ: أَنْ يُمَكَّنَ أَوْ يُبْتَلَى؟)، فقال: (لَا يُمَكَّنُ حَتَّى يُبْتَلَى!)().

وَمِنْ صُوَرِ التَّمْحِيصِ: غُرْبَةُ الدِّيْن: وَقِلَّةُ المُعِيْن، وَكَثْرَةُ المُتَسَاقِطِيْن! قال بَعضُ السَّلَفِ: (عَلَيْكَ بِطَرِيقِ الحَقِّ، وَلَا تَسْتَوْحِشْ لِقِلَّةِ السَّالِكِينَ، وَإِيَّاكَ وَطَرِيقَ البَاطِلِ، وَلَا تَغْتَرَّ بِكَثْرَةِ الهالِكِينَ!)()، ﴿وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ﴾().

وَلا يُمْكِنُ دُخُولُ الجَنَّةِ: إِلا بَعْدَ التَّمْحِيصِ والتَّطْهِيرِ؛ فَإِنَّهَا طَيِّبَةٌ لَا يَدْخُلُهَا إِلَّا طَيِّبٌ، فَلَيْسَ فِي الْجَنَّةِ ذَرَّةُ خُبْثٍ! وَلِهَذَا تَقُولُ المَلَائِكَةُ -لِأَهْلِ الجَنَّةِ-: ﴿سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوْهَا خَالِدِينَ﴾().

فَإِذَا خَرَجَ مِنَ الإِنْسَانِ خَبَثُهُ، وَصُفِّيَ ذَهَبُهُ، وَصَارَ خَالِصًا طَيِّبًا؛ كانَ أَهْلًا لِدُخُوْلِ الجِنَانِ، وَمُجَاوَرَةِ الرَّحْمَنِ!() وكَانَ مِنَ ﴿الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ المَلَائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُوا الجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾(). وَكَمَا قال ﷺ: (حَتَّى إِذَا هُذِّبُوا وَنُقُّوا؛ أُذِنَ لَهُمْ فِي دُخُولِ الجَنَّةِ)().

أَقُوْلُ قَوْلِي هَذَا، وَاسْتَغْفِرُ اللهَ لِيْ وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ؛ فَاسْتَغْفِرُوْهُ إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيم.

الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ

 

الحَمْـــدُ للهِ عَلَى إِحْسَـــانِه، والشُّكْرُ لَهُ عَلَىتَوْفِيْقِهِ وَامْتِنَانِه، وَأَشْــهَدُ أَلَّا إِلَهَ إِلَّا الله، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُوْلُه.

عِبَادَ اللهِ: التَّمْحِيْصُ وَالبَــلَاءُ الَّذِي يَقَــعُ بِالمُؤْمِنِينَ؛ سَــبَبٌ لِجَمْعِ الكَلِمَةِ، وتَوْحِيـــدِ الصَّفِّ، تَحْتَ رَايَةِ الدِّيْنِ!

قال ﷺ: (مَثَلُ المُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ: مَثَلُ الجَسَدِ، إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ، تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالحُمَّى)().

قــالَ الشَّيْخُ ابْنُ بَاز: (وَفِي تَشْبِيهِهِمْبِالجَسَدِ الوَاحِدِ؛ مَا يَدُلُّ على أَنَّهُم بِتَعَــــــاوُنِهِمْ؛ يَسْــلَمُونَ مِنْ شَرِّعَدُوِّهِمْ! وَقُدْوَتُهُمْ في هَذَا: نَبِيُّهُمْ مُحَمَّدٌﷺ، فَهُوَ أَوَّلُ مَنْ دَعَا الأُمَّةَ إلى تَوْحِيــدِرَبِّهَا، وَجَمْـــعِ كَلِمَتِهَا على الحَــقِّ،والوُقُوفِ صَفًّا وَاحِــدًا في وَجْــهِ عَـــدُوِّهَا المُشْــتَرَك؛ وَقَــدْ سَارَ عَلى نَهْجِهِ: صَحَـــابَتُهُ الكِرَام، وَأَتْبَاعُهُــمْبِإِحْسَـــان؛ فَحَقَّقَ اللهُ لَهُمْ مَا وَعَدَهُمْ مِنْعِزَّةٍ وَنَصْرٍ!)(). ﴿وَعْدَ اللهِ لَا يُخْلِفُ اللهُوَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾.

* * * *

* ​اللَّهُـــمَّ أَعِــزَّ الإِسْـلامَ والمُسْـلِمِــــينَ، وأَذِلَّ الشِّرْكَ والمُشْرِكِيْن.

* ​اللَّهُمَّ فَـــرِّجْ هَمَّ المَهْمُوْمِيْنَ، وَنَفِّسْ كَرْبَ المَكْرُوْبِين.

* ​اللَّهُمَّ آمِنَّا في أَوْطَـــانِنَا، وأَصْلِحْ أَئِمَّتَنَا وَوُلَاةَ أُمُــوْرِنَا، وَوَفّـِقْ وَلِيَّ أَمْـــرِنَا وَوَلِيَّ عَهْــــدِهِ لما تُحِبُّ وَتَرْضَى، وَخُـــذْ بِنَاصِيَـــتِهِمَا لِلْـــبِرِّ والتَّقْــــــوَى.

* ​عِبَادَ الله: ﴿إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾.

* ​فَاذْكُرُوا اللهَ يَذْكُرْكُمْ، وَاشْكُرُوْهُ على نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ ﴿وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ وَاللهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ﴾.

* * * *

إعداد: قناة الخطب الوجيزة

https://t.me/alkhutab
 
13
 

المرفقات

1697623776_خطبة - التمحيص- (للهاتف) .pdf

1697623776_خطبة - التمحيص - (للطباعة).pdf

1697623776_خطبة - التمحيص - (وورد).doc

المشاهدات 1771 | التعليقات 0