التقعيد - في فضل التوحيد

خالد علي أبا الخيل
1438/06/21 - 2017/03/20 06:49AM
التقعيد - في فضل التوحيد
التاريخ: الجمعة:11-جمادى الثاني-1438 هـ
أبدأ بالحمد الله مستعينا
راضٍ به مدبرًا معينا

أحمده سبحانه وأشكره
ومن مساوي عملي أستغفره

وأستعينه على نيل الرضا
وأستمد لطفه فيما قضى

وبعد: إني باليقين أشهدُ
شهادة الإخلاص أن لا يعبدُ

بالحق مألوه سوى الرحمنِ
مَن جلّ عن عيب وعن نقصانِ

وأن خير خلقه محمدا
مَن جاءنا بالبينات والهدى

رسولهُ إلى جميع الخلقِ
من نور والهدى ودين الحقِ

صلى عليه ربنا ومجد
والآل والصحب دوامًا سرمدا

أما بعد:
فيا عباد الله اتقوا الله جلَّ في علاه، وتمسكوا بالعروة الوثقى، وتواصوا على البر والتقوى؛ فهي الوقاية في الدنيا والآخرة، إخوة الإسلام. . نِعم ربنا عزَّ وجل علينا كثيرة وخيراته وفيرة لا تُعدّ ولا تُحصى ولا تُذكر ولا تُستقصى، قال جلَّ وعلا: (وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً)(لقمان:20) وقال سبحانه: (وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ)(النحل:53) وقال جلَّ في علاه: (وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ)(إبراهيم:34) فالحمد لله على النِعم، والشكر لله على المِنن والكرم.
إخوة الإسلام. . أعظم نعمة، وأجلّ منة، وأكبر فضل، وأكثر عطاء؛ نعمة التوحيد والإسلام، نعمة لا إله إلا الله محمدٌ رسول الله؛ ولهذا عباد الله هذه النعمة العظيمة وهذه المنة الكبيرة التي منَّ الله عزَّ وجل بها علينا وجعلنا من أهلها نعمة لا إله إلا الله نعمة التوحيد، فالمرء عباد الله لا يعبد غير الله ولا يسأل غير الله، ولا يستغيث بغير الله، ولا يطلب المدد من غير الله، ولا يُنادي غير الله، لا يلتفت بقلبه، ولا بقالبه إلا إلى ربه ممتثلًا قول الله جلَّ وعلا: (وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا)(الجن:18).
الله أكبر عباد الله نعمة التوحيد والعقيدة لها خُلِقنا (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ)(الذاريات:56) ولها أُمِرنا (وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ)(البينة:5) لأجلها أُرسلت الرُسل وأُنزلت الكتب (وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ)(النحل:36) فاحمدوا الله على نعمة الإسلام، واشكروه على نعمة الإيمان، وتواصوا على البر والتقوى (وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ)(العصر:3).
إخوة الإسلام التوحيد نعمة عظيمة، ومنة كبيرة، وقد جاء في فضله آثارٌ عظيمة بل كل ما نعيشه والقرآن من فاتحته إلى خاتمته كل ذلك؛ يدل على توحيد الله، وعلى فضل هذا التوحيد العظيم، وهذا المن الكريم من الرب العظيم.
إخوة الإسلام معنا في هذه اللحظات التقعيد في فضل التوحيد، علّنا أن نشكر الله عزَّ وجل؛ وهو نوعٌ من التحدث بهذه النعمة، وهو نوعٌ من شكرها فربنا أنزل على رسوله (وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ)(الضحى:11) يقول مجاهد: أي: بلا إله إلا الله. ويقول سبحانه: (وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً)(لقمان:20) أي: بلا إله إلا الله، فمن الشكر أن نتحدث بها، وأن نحمد الله عليها، وأن نشكر الله عزَّ وجل على ما منَّ بها علينا حُرِمها آخرون يعبدون غير الله، ويسألون غير الله ويستغيثون بغير الله، وربنا هدانا لها وربنا عزَّ وجل يقول في كتابه: (يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلإِيمَانِ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ)(الحجرات:17) (وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ)(الأعراف:43) فاستمع في هذه العُجالة إلى شيءٍ من الفضائل:
من فضائل التوحيد: أن مَن جاء به مُخلصًا بها قلبه؛ دخل الجنة، في الصحيحين حديث عِتبان يقول النبي عليه الصلاة والسلام: (مَن قال لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله حرَّم الله وجهه على النار).
ومن فضائل التوحيد: أن أسعد الناس بشفاعة المصطفى يوم القيامة؛ هو مَن أتى بهذا التوحيد خالصًا من قلبه، سأل أبو هريرة -رضي الله تعالى عنه- النبي ﷺ فقال: مَن أسعد الناس بشفاعتك يا رسول الله؟ قال: (مَن قال لا إله إلا الله خالصًا من قلبه).
ومن فضائل التوحيد: أن مَن مات عليه وقد حققه، وقام بما أوجب الله به عليه، وقام بهذا التوحيد نفيًا وإثباتًا يعلم أنه لا إله إلا هو؛ دخل الجنة، في صحيح مسلم يقول عليه الصلاة والسلام: (مَن مات وهو يعلم أنه لا إله إلا الله دخل الجنة).
إخوة الإسلام وأمة سيد الأنام من فضائل التوحيد: أن مَن كان أخر كلامه من الدنيا لا إله إلا الله؛ دخل الجنة، الله أكبر على هذه النعمة، وهذه المنة العظيمة.
واسمعوا إلى فضيلةٍ أخرى التوحيد من أعظم الثبات ويُثبت الإنسان في دينه ودنياه، يقول جلَّ في علاه: (يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ)(إبراهيم:27) وأنها من أعظم الأسباب في نعمة الثبات والثواب
يُثبت الله العظيم المؤمنُ
بثابت القول الذين آمنوا

إخوة الإسلام ومن فضائل التوحيد على أمة الأنام: أن التوحيد عصمةً للمال والدم، في صحيح مسلم: (مَن قال لا إله إلا الله وكفر بما يُعبد من دون الله؛ حرُم ماله ودمه) في الصحيحين: (أُمرت أنا أُقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأني رسول الله، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دمائهم وأموالهم)
وعصمةٌ عاصمةٌ للعِرض ثم المالِ
وسببُ الإخلاص في الأعمالِ

وتعصمُ الدماءَ يا أماثلُ
كما روى الثقاتُ والأفاضلُ

ومن فضل التوحيد إخوة الإسلام: أن الله يُباهي به وبأهل سماواته وملائكته كما روى مسلم أن النبي عليه الصلاة والسلام خرج على حلقة في المسجد فقال: (ما أجلسكم؟) قالوا: جلسنا نحمد الله على نعمة الإسلام، فقال عليه الصلاة والسلام: (آلله ما أجلسكم إلا ذاك؟) قالوا: والله ما أجلسنا إلا ذاك، قال: (أما إني لم أستحلفكم تهمةً لكم ولكن أتاني جبريل فأخبرني أن الله يُباهي بكم الملائكة).
أسأل الله في هذه اللحظات أن يُباهي بنا ملائكته، فنحمد الله على نعمة الإسلام والإيمان والتوحيد والعقيدة.
ومن فضائل التوحيد: أن أبواب السماء تُفتح لأهله، ولهذا مَن توضأ فأحسن وضوءه، ثم قال: أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله؛ فُتحت له أبواب الجنة الثمانية، ولهذا
وكم لها تُفتح أبواب السما
كما أتى موضحًا يا كُرما

ومن فضائل التوحيد: أنها من أعظم وأجلّ وأكبر شُعب الإيمان، كما في الصحيحين: (الإيمان بضعٌ وستون شُعبة) ففي رواية (فأفضلها قول: لا إله إلا الله)
وأنها من شُعب الإيمانِ
دليله نصٌ عظيمُ الشانِ

من فضائل التوحيد: أنه حِرزٌ من شياطين الإنس وحِرزٌ من شياطين الجن؛ فالتوحيد يحفظك من كل شيطان، ومن كل سوءٍ ومكروه، ولهذا
وأنها حِرزٌ من الشيطانِ
ثم سلاحٌ لذوي الإيمانِ

مَن قال لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له المُلك وله الحمد وهو على كل شيء قدير في يومٍ مائة مرة كانت له حِرزٌ من الشيطانِ يومه ذلك. . الله أكبر.
من فضائل التوحيد: أن صاحبه يدخل الجنان ويُحرّم على النيران، قال الرحيم الرحمن: (إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ)(المائدة:72) فمَن وحّد الله عزَّ وجل؛ حرّم الله عليه النار وأدخله الجنان.
ومن فضائل التوحيد: أن التوحيد مفتاح الجنة
مفتاح حقٍ للجنان الغانية
وكم بها من القصور العالية

فمفتاح الجنة لا إله إلا الله، لكن إن جئت بمفتاحٍ له أسنان فُتِح لك وإلا لم يُفتح لك هذا
وفتح الباب ليس بممكنٍ
إلا بمفتاحٍ له أسنانِ

ومن فضائل التوحيد: أن التوحيد سبب الفلاح والنجاح والصلاح والإصلاح
عشر سنين أيها الناس اعبدوا
ربًا تعالى شأنه ووحدوا

هكذا عباد الله النبي عليه الصلاة والسلام عشر سنين يقول: (يا أيها الناس قولوا لا له إلا الله؛ تفلحوا) وهي سببُ الفلاح والنجاح في الدنيا والآخرة.
ومن فضائل التوحيد: أن التوحيد سببٌ لكل ضيق، وسببٌ للتفريج من كل شيق، وسببٌ للخروج من كل مأزق
وكم بها تُفرّج الكُرب
في دارنا الآخرة فنعم المخرج

عباد الله التوحيد؛ سببٌ لإزالة الهموم والغموم وشرح الصدور، وإنارة القلوب والقبور (فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا)(الأنعام:125).
أيها الإخوة المسلمون اتقوا الله عزَّ وجل عليكم بتوحيد الله حققوا هذا التوحيد واعلموا أن لا إله إلا الله لها ركنان: لا إله: نافيًا جميع ما يُعبد من دون الله، إلا الله: مُثبتًا العبادة لله وحده. وشروطها سبعة
وبشروطٍ سبعة قد قُيدت
وفي نصوص الوحي حقًا وردت

فإنه لم ينتفع قائلها
بالنطق إلا حيث يستكملها

العلمُ واليقينُ والقبولُ
والانقيادُ فادري ما أقولُ

والصدق والإخلاص والمحبة
وفقك الله لِمَّا أحبه

أسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن يتوفانا على الكتاب والسُنة، نفعني الله وإياكم بما قلنا وسمعنا ونسأل الله أن يجعل ذلك في ميزان حسناتنا.
قلت ما سمعتم وأستغفر الله فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا عبده ومُصطفاه.
ومن فضائل التوحيد: أن التوحيد عباد الله؛ يُنجي الإنسان من كل همٍ وضيق ولهذا اسمع إلى قول الله جلَّ وعلا: (وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ (87) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ)(الأنبياء:87-88) الله أكبر عباد الله.
ومن فضائل التوحيد: أنه أحب الكلام إلى الله، في الصحيحين: (كلمتان خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان، حبيبتان إلى الرحمن: سبحان الله وبحمد، سبحان الله العظيم) التوحيد عباد الله؛ هو الرابطة بين الإخوة هو الرابطة الأخوية وهو الحياة الإيمانية (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ)(الحجرات:10) (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ)(التوبة:71).
ومن فضائل التوحيد: أن التوحيد غرسٌ للجنان، غرس الجنان هو توحيد الرحيم الرحمن
أو ما علمت بأنها القيعانُ
فاغرس ما تشاءُ بذا الزمان الفاني

وغِراسها التحميد والتسبيحُ
والتوحيدُ للرحمنِ

تبًا لتارك غرسه ما ذا الذي
قد فاته في مدة الإمكانِ

ومن فضائل التوحيد: أنه سببٌ للسكينة والطمأنينة وإبعادٌ للقلق والأرق والاكتئاب والحرق، قال الله جلَّ في علاه: (الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ)(الرعد:28) والله لا تنشرح الصدور ولا تستنير القلوب ولا تبتعد الهموم، ولا تذهب الغموم إلا بتوحيد علام الغيوب، إلا بلا إله إلا الله. . رطب لسانك بلا إله إلا الله. . أكثر من لا إله إلا الله، ما أجمل لا إله إلا الله، ما أحلى لا إله إلا الله، ما أكبر لا إله إلا الله، ما أحسن لا إله إلا الله، أحسن الحسنات وأوجب الواجبات أول واجبٍ على العبيد معرفة الرحمن بالتوحيدِ إذ هو من كل الأوامر أعظمُ وهو نوعانِ أيا مَن يفهمُ، أو واجبٍ على الخلائق هو توحيد الله (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)(البقرة:21) وأثقل شيء في الميزان؛ هو توحيد الرحيم الرحمن، كما سبق لنا عن ولد عدنان وصاحبه مآله إلى الجنة.
أيها الإخوة صاحب التوحيد مآله إلى الجنة استمع إلى ما في الصحيحين حديث عُبادة بن الصامت رضي الله تعالى عنه أن النبي ﷺ قال: (مَن شهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، وأن عيسى عبد الله ورسوله، وكلمته ألقاها إلى مريم وروحٌ منه، والجنة حق والنار حق؛ أدخله الله الجنة على ما كان من العمل).
التوحيد؛ سببٌ لمغفرة الذنوب، وسببٌ لستر العيوب، وسببٌ لإزالة الخطايا ومحو السيئات عند الترمذي يقول الله عزَّ وجل: (يا ابن آدم لو أتيتني بقراب الأرض خطايا، ثم لقيتني لا تُشرك بي شيئًا لأتيتك بقِرابها مغفرة)
وهو الغفور فلو أتى بقُرابها
من غير شركٍ بل من العصيانِ

لاقاه بالغفرانِ مِلأ قُرابها
سبحانه هو واسعُ الغفرانِ

ولهذا عباد الله التوحيد فضائله عظيمة ومزاياه كبيرة ليس قُصراه في هذه اللحظات وهذه الدقائق المعدودات، ولهذا عباد الله
وكم لكلمة الإخلاص من فضائلِ
نصوصها صريحة للسائلِ

والحمد لله على ما أنعم
به الأعلى تعالى في السما

ثم الصلاة والسلام سرمدا
على النبي الهاشمي أحمدا

وآله وصحبهِ ومَن تَبِعْ
شريعة الحق فنعم المُتبَعْ
المشاهدات 908 | التعليقات 1

جزاك الله خيرا