التفكر في حقيقة الدنيا والآخرة

محمد المطري
1446/02/21 - 2024/08/25 20:37PM

حقيقة الدنيا والآخرة

الحمد للهِ الذي خلق كل شيء فقدَّره تقديرًا، قدَّر وقضى، ويسمع ويرى، أحاط بكل شيء علمًا، وأحصى كل شيء عددًا، من يعتصم بكتابه فقد نجا، ومن أعرض عن ذكره فإن له معيشة ضنكًا.

وأشهد أن لا إله إلا اللهُ، له الأسماء الحسنى، وأشهد أنَّ محمدًا رسول الله، صلى الله وسلم عليه وعلى عباده الذين اصطفى.

﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ * وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ * لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ﴾ [الحشر: 18 - 20]، أما بعد:

فإنَّ خير الحديث كتابُ الله، وخيرَ الهدي هديُ محمدٍ صلى الله عليه وسلم، وشرَّ الأمور محدثاتها، وكلَّ محدثة بدعة، وكلَّ بدعة ضلالة.

أيها المسلمون، أمرنا الله أن نستعد للآخرة الباقية، وأن نتفكر في حقيقة الدنيا الفانية، ولا نغتر بها فإنها فاتنة، ﴿كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ﴾ [البقرة: 219، 220].

يقول الله مبينًا لنا حقيقة الدنيا: ﴿اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ* سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ﴾ [الحديد: 20، 21]، وقال الله تعالى: ﴿وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَلَلدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ﴾ [الأنعام: 32]، وقال سبحانه: ﴿فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ﴾ [التوبة: 38]، وقال تبارك وتعالى: ﴿وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا﴾ [الكهف: 28].

وفي الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم: ((وَاللهِ مَا الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا مِثْلُ مَا يَجْعَلُ أَحَدُكُمْ إِصْبَعَهُ فِي الْيَمِّ، فَلْيَنْظُرْ بِمَ تَرْجِعُ؟))، وقال عليه الصلاة والسلام: ((مَوْضِعُ سَوْطٍ فِي الجَنَّةِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا))، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لَوْ كَانَتِ الدُّنْيَا تَعْدِلُ عِنْدَ اللَّهِ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ مَا سَقَى كَافِرًا مِنْهَا شَرْبَةَ مَاءٍ)).

وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: نام رسول الله صلى الله عليه وسلم على حصير فقام وقد أثَّر في جنبه، فقلنا: يا رسول الله لو اتخذنا لك وِطاء، فقال: ((مَا لِي وَلِلدُّنْيَا؟! مَا أَنَا فِي الدُّنْيَا إِلَّا كَرَاكِبٍ اسْتَظَلَّ تَحْتَ شَجَرَةٍ ثُمَّ رَاحَ وَتَرَكَهَا)).

قال العلماء: عادة الجاهلية أن تتكاثر بالأبناء والأموال، وتكاثر المؤمنين بالإيمان والطاعة، ولا تشغلهم الدنيا عن عبادة الله وطاعته.

أيها المسلمون، حذَّرنا الله من الانشغال بالدنيا عن عبادته وطاعته فقال: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ * وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ * وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾ [المنافقون: 9 - 11]، وقال سبحانه: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ﴾ [الأنفال: 28]، فمتاع الدنيا فتنةٌ للناس، يختبرهم الله بزينة الدنيا لينظر كيف يعملون، ﴿إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا﴾ [الكهف: 7]، وقال عز وجل: ﴿وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى﴾ [طه: 131]، وقال تبارك وتعالى: ﴿بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ﴾ [الزمر: 49]، وقال جل شأنه: ﴿زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ﴾ [آل عمران: 14]، فمتاع الدنيا لا ينفع في الآخرة، وإنما ينفعهم في الآخرة الباقيات الصالحات من الإيمان والعمل الصالح، قال الله سبحانه: ﴿الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا﴾ [الكهف: 46]، وقال جل شأنه: ﴿يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ﴾ [الشعراء: 88، 89].

فأكثر الناس لا يعلمون هذه الحقائق أو يتغافلون عنها، فيجهلون أو يتجاهلون أنَّ متاع الدنيا سريع الزوال، وأنَّ الآخرة هي دار القرار، وأنها خيرٌ وأبقى من الدنيا الفانية.

أيها المسلمون، بسبب جهلِ الكفار والمنافقين بحقيقةِ الدنيا الفانية، وعدمِ يقينِهم بالآخرة الآتية الباقية، صارت الدنيا أكبرَ همِّهم، ومبلغِ علمِهم، ومنتهى آمالِهم، فهَمُّهُمُ التمتعُ بشهواتها وملذاتها، وهم أكثر الناس حرصًا عليها ولو بالحرام والظلم والخداع، وهم أعلم بها من غيرهم غالبًا، قال الله سبحانه: ﴿وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ * يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ﴾ [الروم: 6، 7]، وقال عز وجل: ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ﴾ [محمد: 12]، وقال سبحانه: ﴿زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَيَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ اتَّقَوْا فَوْقَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾ [البقرة: 212].

أيها المسلمون، من كان لا يريد إلا الدنيا فهو في غفلةٍ عما خلقه الله من أجله، وهو عبادتُه وشكرُه، وقد حذَّر الله مِنْ إرادة الدنيا دون الآخرة، وذمَّ من كان همُّه الدنيا بلا عبادة لله، وأمر المسلمين بالإعراض عنه، قال الله تعالى: ﴿مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [هود: 15، 16]، وقال سبحانه: ﴿فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا﴾ [النجم: 29]، وقال عز وجل: ﴿لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلَادِ * مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ﴾ [آل عمران: 196، 197].

لاَ تَرْكَنَنَّ إِلى الْقُصُورِ الْفَاخِرَة ... وَاذْكُرْ عِظَامَكَ حِينَ تُمْسِي نَاخِرَة

وَإِذَا رَأَيْتَ زَخَارِفَ الدُّنيَا فَقُلْ ... يَا رَبِّ إِنَّ الْعَيْشَ عَيْشُ الآخِرَة

أيها المسلمون، نحن مأمورون أولًا بعبادة الله، والتنافسِ في طاعته، والحرصِ على إقامة شريعة الله وتحكيمها، والاستفادةِ من الخيرات التي وضعها الله في الأرض لمنافع عبادِه، ولسنا مأمورين بمنافسة الكفار على الدنيا الفانية، بل أمرنا الله بالتنافس والمسابقة في طاعته، ففي تحقيقِ الإيمانِ والعملِ الصالح كلُّ خيرٍ في الدنيا والآخرة للشعوب والأفراد، قال الله سبحانه: ﴿وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾ [الأعراف: 96]، وقال تعالى: ﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً﴾ [النحل: 97]، وقال عز وجل: ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ﴾ [الطلاق: 2، 3].

عباد الله، اعلموا أنَّ المسلمين مطالبون شرعًا بطلبِ الرزقِ الحلال، واستغلالِ الأرض بما ينفع العباد، والحرصِ على نفعِ الناسِ وقضاء حوائجهم، والتخفيفِ عنهم في جميع أمورهم، وقد جاءت نصوصٌ كثيرة ترغب في ذلك، قال الله تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ﴾ [الملك: 15]، وقال سبحانه: ﴿فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ [الجمعة: 10]، فالإسلام جاء بصلاح الدين أولًا والدنيا ثانيًا، وجاء بما يُسعِد الإنسان في الدنيا والآخرة، ومِنْ أعظم أدعية القرآن الكريم: ﴿رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ﴾ [البقرة: 201]، وكان من أدعية النبي صلى الله عليه وسلم: ((اللهُمَّ أَصْلِحْ لِي دِينِي الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِي، وَأَصْلِحْ لِي دُنْيَايَ الَّتِي فِيهَا مَعَاشِي، وَأَصْلِحْ لِي آخِرَتِي الَّتِي فِيهَا مَعَادِي، وَاجْعَلِ الْحَيَاةَ زِيَادَةً لِي فِي كُلِّ خَيْرٍ، وَاجْعَلِ الْمَوْتَ رَاحَةً لِي مِنْ كُلِّ شَرٍّ)).

أيها المسلمون، لا يجوز شرعًا للمسلم أن يتنطع ويترك ملذاتِ الدنيا المباحة، فقد قال الله تعالى: ﴿وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا﴾ [القصص: 77]، وقال سبحانه: ﴿قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ ءَامَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾ [الأعراف: 32]، فأباح الله للمسلم التمتع بالحلال بلا منافسةٍ وهلعٍ وطمع، بل مع الزهد والقناعة، ولا يعني الزهدُ في الدنيا تركَ جمعِ الأموالِ من حلِّها، فنِعْمَ المالُ الصالحُ للرجل الصالح، الذي ينفقها في مرضاة الله، وكم في القرآن من آياتٍ فيها الثناء على المنفِقِين أموالَهم في سبيل الله، كما قال تعالى: ﴿الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾ [البقرة: 274]، ووردت أحاديثُ كثيرةٌ في الحثِّ على الصدقات، وأعظم من يقوم بهذا أهلُ السعةِ والفضلِ من أغنياء المسلمين؛ ولذا كان كثيرٌ من علماء السلف الصالح وعُبَّادِهم يحثون الناس على جمع المال والتجارة فيه، وكانوا يوصون صاحب المال أن يترك العجز والكسل، وأن يحرص على ما يُنمِّي ماله بالطرق المباحة؛ لينفع نفسه وأهله والمسلمين، وكان السلفُ الصالحُ يَعُدُّون إصلاحَ المالِ وتنميتَه من المروءة، وكان كثيرٌ منهم يتوسعون في جمعِ المال بما يستطيعون من حِلِّه، مع زهدهم وورعهم، وكان قصدُهم بجمع المال التقربَّ إلى الله بإخراج زكاتِه والتصدقِ منه، والجهاد به في سبيل الله، وإنما الأعمال بالنيات، وحفظُ المالِ وتنميتُه بالتجارةِ من مقاصد الشريعة الإسلامية.

أيها المسلمون، واجبٌ على جميع الأمة أن تتعلم العلوم الدنيوية التي تنفع المسلمين، فالحكمة ضالة المسلم أنَّى وجدها فهو أحقُّ بها، وقد استفاد النبيُّ صلى الله عليه وسلم في غزوة الخندق من خطة فارسية لم يكن يعلمها العرب، وهي حفر الخندق، واستفاد الصحابة في فتوح العراق والشام ومصر بما كان عند الكفار من علمٍ نافع واختراعاتٍ نافعة، فالإسلام يحث المسلمين على كل ما ينفعهم في دينهم ودنياهم، ففي الحديث الصحيح الذي يعتبر قانونًا ومنهجًا للمسلمين في جميع أمورهم، أفرادًا وشعوبًا ودُولًا: ((احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ، وَاسْتَعِنْ بِاللهِ وَلَا تَعْجَزْ))، فالمسلم مأمور أن يحرص على ما ينفعه في دينه أولًا ودنياه ثانيًا، ومن ذلك أن يتزود من العلم النافع لا سيما في تخصصه، وأن يُتقِن عمله، وأن يحرص أن يكون قويًا نافعًا للناس بأي قوة تتيسرُ له، إما بقوةِ بدنِه أو قوةِ مالِه أو قوةِ عِلْمِه أو قوةِ اختراعاتِه وإبداعاتِه التي تنفع الناس، ففي الحديث: ((الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ، خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللهِ مِنَ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ))، وقد رغَّب النبي صلى الله عليه وسلم في كل معروف يقدِّمه المسلم لغيره فقال: ((كُلُّ مَعْرُوفٍ صَدَقَةٌ)).

أيها المسلمون، الإسلام يُرغِّب في كل ما ينفع الناس في حياتِهم، ومعايشِهم، وصِحتِهم، من أمورِ الزراعة والنظافة، والطب والأدوية، والبناءِ النافع، والصناعاتِ المتنوعة، والاختراعاتِ المفيدة، وعلى المسلمين أن يحرصوا على الاكتفاء الذاتي في كل ما يحتاجون إليه في أمور دنياهم، وقد نص الفقهاء على وجوب تعلَّم الحِرف والصناعات المهمة التي يحتاجها المسلمون، وأنها من فروض الكفايات التي يجب على بعض المسلمين القيام بها، وإلا أثِم جميعُ المسلمين القادرين لتركهم تحصيلَها.

أيها المسلمون، أهم ما يجب على المسلمين إقامته هو الدين، وبذلك وصَّى الله جميع النبيين وأممهم كما قال سبحانه: ﴿شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ * وَمَا تَفَرَّقُوا إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ أُورِثُوا الْكِتَابَ مِنْ بَعْدِهِمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ * فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ﴾ [الشورى: 13 - 15]، فواجبٌ على المسلمين حكامًا ومحكومين أن يعملوا بجميع الأسباب المشروعة لإقامة الدين ونشره والدفاع عن حرماته، وقد قرر العلماء أنَّ القوة مطلبٌ شرعي، فالإسلامُ دينُ القوةِ والعزة، وينهى عن الضعف والمهانة، ويُحذِّر من موالاة الأعداءِ والتبعية لهم، ويأمرُ بتحصيل جميعِ أسبابِ القوةِ الماديةِ والمعنوية بقدر الإمكان، ﴿وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ﴾ [الأنفال: 60]، ولا عزة للمسلمين إلا بالإسلام، ومهما ابتغوا العزة في غيره أذلهم الله، قال الله تعالى: ﴿وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ [آل عمران: 139]، وقال سبحانه: ﴿وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ﴾ [المنافقون: 8].

أقول ما سمعتم ويغفر الله لي ولكم.


 

الخطبة الثانية:

الحمد للهِ وليِّ الصالحين، والصلاةُ والسلامُ على محمدٍ سيد الأولين والآخرين، والسلامُ علينا وعلى عباد الله الصالحين، وبعد:

أيها المسلمون، عبادة الله تقتضي الانقياد التام لله، أمرًا ونهيًا واعتقادًا وقولًا وعملًا، وأن تكون حياةُ المسلمِ قائمةً على شريعة الله، يُحِلُّ ما أحل الله، ويُحرِّم ما حرم الله، ويخضع في سلوكه وأعماله وتجارتِه وجميع تصرفاته لشرع الله، متجردًا من حظوظِ نفسه، ونوازعِ هواه، يستوي في هذا الفردُ والجماعة، والرجلُ والمرأة، والغنيُّ والفقير، فلا يكون عابدًا لله من خضع لربه في بعض جوانب حياته، وخضع للمخلوقين في جوانب أخرى، ولا يتم إيمانُ العبدِ إلا إذا رضي بالله ربًا، وبالإسلام دينًا، وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيًا ورسولًا، ورضي حكمَ اللهِ ورسولِه في القليلِ والكثير، وتحاكَمَ إلى شريعةِ الله وحدها في كل شئونه، في الأنفس والأموال والأعراض، ومن خضع لله سبحانه وأطاعه وتحاكم إلى وحيه فهو العابد له حقًا، ومن خضع لغير الله وتحاكم إلى غير شرعه فقد عبد الطاغوت، فإن ادَّعى أنه مؤمن فإنه منافق كما قال تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا * وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا﴾ [النساء: 60، 61].

أيها المسلمون، العبوديةُ لله وحده لا شريك له هي الغايةُ من الخلق، ومَنْ جوَّز الخروج عنها فهو لا يؤمن بقوله تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾ [الذاريات:56]، ومَنْ يأخذُ بعضَ الشريعة مما يوافق هواه، ويتركُ من الشريعة ما لا يوافق هواه، ولا يقبل شرعَ اللهِ المعارِضَ لمصلحتِه الخاصة، فهذا كُفرٌ بواح، كمن يحافظُ على الصلاة والصيام، لكنه لا يَقبلُ تحريمَ الربا أو الزنا، ويستحلُّهما مع تحريم الله لهما، قال الله تعالى: ﴿أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ * أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآخِرَةِ فَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ﴾ [البقرة:85، 86].

أيها المسلمون، العبادة: اسمٌ جامعٌ لكل ما يحبه الله ويرضاه، من الأقوال والأفعال الظاهرة والباطنة، ومن العبادة: التقيدُ في حياتنا بشرع الله، في أفراحنا وأحزاننا، والتَّقيدُ في المعاملات المالية بشرع الله، لا بالأهواء والأطماع والمصالح الخاصة، فالغايةُ لا تبرر الوسيلة؛ ولذلك حرَّم اللهُ الربا والقمار والغشَّ والخِداع والظلم والاحتكار، ومن العبادة: حسنُ الأخلاق، وحسنُ معاملة الناس في البيع والشراء والعقود وغير ذلك من الأمور الدنيوية.

أيها المسلمون، الصحابة رضوانُ اللهِ عليهم هم خير هذه الأمة، وقد وصفهم الله بقوله: ﴿تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا﴾ [الفتح: 29]، فأثنى الله عليهم بأنهم يجمعون بين العبادة وطلب الرزق، وعندما نسخ الله الأمر بقيام الليل ذكر أن من أسباب ذلك: ﴿وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ﴾ [المزمل: 20]، ولم تكن الدنيا تشغل الصحابة عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة، لا في حضرهم ولا في أسفارهم، قال الله سبحانه: ﴿رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ﴾ [النور: 37]، فوصفهم الله بأنَّ لهم تجاراتٍ لكنها لا تشغلهم عن عبادة الله.

أيها المسلمون، الإسلام يهتم بالأموال، وقد ذكر الله أنَّ من نِعمِه على عباده أن يسَّر لهم أسبابَ طلبِ الرزق فقال: ﴿وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الْأَرْضِ وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ﴾ [الأعراف: 10]، وقال سبحانه: ﴿وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ﴾ [الإسراء: 12]، وقد أباح الله التجارة حتى عند أداء مناسك الحج فقال: ﴿لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ﴾ [البقرة: 198]، وأطولُ آيةٍ في القرآن هي آيةُ المداينة لحفظِ الأموال من الضياع، فالأموال قيامٌ لحياة الناس، كما قال الله سبحانه: ﴿وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا﴾ [النساء: 5]، جعل الله الأموال قِوام قائمةً بأمور الناس، ومن الخطأ أن لا يهتم المسلمُ بطلب الرزق الحلال، ويُحرِّم على نفسه ما أحل الله، فهذا مخالفٌ لما أمر الله به عباده، قال الله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ * وَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلَالًا طَيِّبًا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ﴾ [المائدة: 87، 88]، وكان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم الذي يقوله صباحًا ومساءً: ((اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْكُفْرِ، وَالْفَقْرِ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ))، وفي الحديث الصحيح قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((لَا بَأْسَ بِالْغِنَى لِمَنْ اتَّقَى، وَالصِّحَّةُ لِمَنْ اتَّقَى خَيْرٌ مِنَ الْغِنَى، وَطِيبُ النَّفْسِ مِنَ النِّعَمِ)).

أيها المسلمون، كان الصحابيُّ الجليلُ عبدَ الرحمن بنَ عوفٍ رضي الله عنه من كبار التجار، ومن أصحاب الأموال، وكان يقول: (يا حبذا المال، أصِل منه رحمي، وأتقرب إلى ربي عز وجل).

وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (عليكم بالجَمالِ واستصلاح المال، وإياكم وقولَ أحدِكم: لا أبالي).

وقال عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما: (اعمل لدنياك كأنك تعيش أبدًا، واعمل لآخرتك كأنك تموت غدًا).

وقال سيد التابعين سعيد بن المسيب: (لا خير فيمن لا يجمعُ المال من حِلِّه، يكفُّ به وجهَه عن الناس، ويصِل به رحمه، ويُعطي منه حقه).

وقال سيدُ أتباع التابعين سفيانُ الثوري: (المالُ في هذا الزمانِ سلاحُ المؤمن).

فخيار هذه الأمة كانوا يكتسبون الأموال بالوجوه المباحة، واكتسابُ المال مع إنفاقه في طاعة الله عملٌ صالح يرضي الله.

اللهم صلِّ وسلِّم على نبينا محمد، وعلينا وعلى جميع عباد الله الصالحين من السابقين واللاحقين.

﴿رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾ [الحشر: 10].

اللهُمَّ أَصْلِحْ لَنَا دِينَنا الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِنا، وَأَصْلِحْ لَنَا دُنْيَانا الَّتِي فِيهَا مَعَاشُنا، وَأَصْلِحْ لَنَا آخِرَتِنا الَّتِي فِيهَا مَعَادنا، وَاجْعَلِ الْحَيَاةَ زِيَادَةً لنا فِي كُلِّ خَيْرٍ، وَاجْعَلِ الْمَوْتَ رَاحَةً لنا مِنْ كُلِّ شَرٍّ.

اللَّهُمَّ إِنّا نعُوذُ بِكَ مِنَ الْكُفْرِ وَالْفَقْرِ، ونعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ.

اللَّهُمَّ اقْسِمْ لَنَا مِنْ خَشْيَتِكَ مَا تَحُولُ بِهِ بَيْنَنَا وَبَيْنَ مَعَاصِيكَ، وَمِنْ طَاعَتِكَ مَا تُبَلِّغُنَا بِهِ جَنَّتَكَ، وَمِنَ الْيَقِينِ مَا تُهَوِّنُ بِهِ عَلَيْنَا مَصَائِبَ الدُّنْيَا، وَمَتِّعْنَا بِأَسْمَاعِنَا وَأَبْصَارِنَا وَقُوَّتِنَا مَا أَحْيَيْتَنَا، وَاجْعَلْهُ الْوَارِثَ مِنَّا، وَاجْعَلْ ثَأْرَنَا عَلَى مَنْ ظَلَمْنَا، وَانْصُرْنَا عَلَى مَنْ عَادَانَا، وَلَا تَجْعَلْ مُصِيبَتَنَا فِي دِينِنَا، وَلَا تَجْعَلِ الدُّنْيَا أَكْبَرَ هَمِّنَا، وَلَا مَبْلَغَ عِلْمِنَا، وَلَا تُسَلِّطْ عَلَيْنَا مَنْ لَا يَرْحَمُنَا.

رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ.

المرفقات

1724607436_حقيقة الدنيا والآخرة.docx

1724607436_حقيقة الدنيا والآخرة.pdf

المشاهدات 411 | التعليقات 0