التعصب المذموم و التحزب الممقوت
سعود المغيص
الخطبة الأولى
أمَّا بعدُ عباد الله:
اتقوا الله واعلَمُوا أنَّ مِنْ أجَلِّ نِعَمِ اللهِ علينا أنْ هَدانا للإسلامِ، وأنْ وَفَّقَنا للسُّنةِ، وأنْ جَمَعَنا تحت رايةٍ شرعِيَّةٍ تَحكُمُ فِينا بكتابِ اللهِ وبِسُنَّةِ رسولِ اللهِ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم-، فاجْتَمَعَتِ الكلمةُ، وأمِنَ الناسُ، واطْمأنَّتِ القُلوبُ، وعَصَمَنا اللهُ مِنَ الفِتَنِ والْمِحَنِ التي تَتخطَّفُ الناسَ مِنْ حَوْلِنا. وما نحنُ فيه مِنْ نِعمةٍ؛ فَبِفَضْلِ اللهِ وَحْدَهُ، ثم بِما قامَتْ عليه هذه البلادُ مِنْ نُصْرَةِ التوحيدِ وحِمايَةِ السُّنَّةِ والقَضاءِ على مَظاهِرِ الشِّرْكِ والوَثَنِيَّةِ، وَرَدِّ البِدَعِ وقَمْعِها؛ مِصْداقاً لِقَوْلِهِ تعالى: { وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ } .
وآفَةُ النِّعَمِ : الكُفْرُ بها وجُحودُها، ومِنْ كُفْرِ النعمَةِ التي نَنْعَمُ بِها: الخروجُ على الجماعةِ والشُّذوذُ عنها؛ وذلك بالانْضِواءِ تَحتَ أَلْوِيَةِ الجَماعاتِ الوافِدَةِ بالوَلاءِ لِقادَتِها، والالْتِزامِ بأفْكارِها، ونَشْرِ دَعْوَتِها، وتَحْزِيبِ أفْرادِ المجتمعِ، وتَفريقِ كَلِمَتِهِ، وزَعْزَعَةِ الثِّقَةِ في حُكَّامِهِ وعُلَمائِه
فماذا تريدُ بنا هذه الجماعاتُ؟ أتُريدُ بنا العودةَ إلى الشِّرْكِ بَعْدَ التَّوحِيدِ؟ أتُريدُ بنا العَودَةَ إلى البِدعَةِ بعد السُّنَّةِ؟
أتريد بنا العَوْدَةَ إلى الجَهلِ بعد العِلْمِ؟ أتُريدُ بنا العَودةَ إلى الفُرقَةِ والاخْتِلافِ بعد اجْتِماعِ الكَلِمَةِ والائْتِلافِ؟ أتُريدُ بِنا العَودةَ إلى التباغُضِ والتدابُرِ بعد المحبةِ والأُلفَةِ والتناصُرِ؟ ماذا يُريدون؟ شريعةٌ قائمةٌ، وسُنَّةٌ ظاهرةٌ، ومَساجِدُ مَعمُورةٌ، ووِلايَةٌ شَرْعِيَّةٌ، وأمْرٌ بالمعروفِ ونَهْيٌ عنِ المنكَرِ . . ألا إنَّهم لا يُريدونَ إلا الإفْسادَ
أيُّها الإخوةُ في اللهِ: لقَدِ ابْتُلِيَتْ بِلادُنا بِجماعاتٍ وافِدَةٍ تَزْعُمُ الدَّعوَةَ والإصلاحَ، وهي تَحْمِلُ في طيَّاتِها الضلالَ الكبيرَ والشَّرَّ الْمُسْتطيرَ. ومِنْ تلكَ الجماعاتِ: (جَماعةُ التَّبليغِ )،
فلا يجوز الإنتماء لها ولا لغيرها من الجماعات لأن المسلمين جماعتهم واحدة وأمتهم أمة واحدة ومنهجهم منهج واحد وما في هذه الجماعات إلا التشعب والتفرق والبدع والضلالات وهدم أصول الإعتقاد وذريعة إلى البدع والشرك وهذه الفرق التي خالفت المنهج النبوي يجب التحذير منها
وتعدد الجماعات والأحزاب اليوم يخلق التعصب المذموم و التحزب الممقوت وما تكون جماعة من هذه الجماعات المتفرقة إلا ولها أصول في معتقداتها ومناهجها يختلف عن الجماعات الأخرى وبالتالي فلا بد أن تكون بعض هذه الجماعات على خطأ وتخرج بهذا التعصب عن حدود ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه فعلى المسلم أن يلزم جماعة المسلمين ومذهب أهل السنة والجماعة الذي أمر النبي صلى الله عليه وسلم التمسك به ففيه ما يسع عبادة المسلم ويسع عمله الدعوي ويسع تبليغه الدعوة دون الحاجة إلى أن يقول أنا من هذه الجماعة أو تلك وتعلمون أنه لا يمزق جسد الأمة إلا هذه الفرق والجماعات والأحزاب ولطالما أن الإله واحد والرسول واحد والدين واحد فما الداعي لهذه الفرق إلا حظوظ النفس والتكتلات التي لا تخدم الدين إنما تتخذ من الدين وسيلة لحشد أتباعها وتسخيرهم لمآرب تلك الجماعات وإلا فالأمة واحدة قال تعالى ( وأن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون ) نحن جميعا أمة واحدة وما تزيد هذه الجماعات الأمة إلا تشرذما وشتاتا
نسأل الله عز وجل أن يجعلنا مجتمعين على الحق والسنة مستمسكين بشرع الله وسنة محمد صلى الله عليه وسلم
أقولُ هذا القولَ، وأستغفرُ اللهَ العظيمَ الجليلَ لي ولكم مِنْ كلِّ ذنبٍ، فاستغفِرُوهُ؛ إنه هو الغَفُورُ الرَّحيمُ.
الخطبة الثانية :
أما بعد عباد الله :
احذروا هذه الجماعة وغيرها ولا تجعلوا عقولكم وقلوبكم مفتوحة لكل من هبّ ودبّ, واعلموا أن الحق ما اطمأنت إليه النفس, وأن الإثم ما حاك في النفس وتردد في الصدر, ولاتقلدوا دينكم كل أحد, فالحق له علامة, وعليه طلاوة, والباطل له ظلمة في النفس وضيق في الصدر
عباد الله : اتقوا الله واستقيموا على أمره، وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ولا تحيدوا عن ذلك ، واحذروا هذه المناهج الوافدة التي وفدت علينا عبر هذه الوسائل المختلفة وعبر أناس أُحسِنَ بهم الظن وفي حقيقتهم يحملون لهذه الأمة ولهذا البلد ولعلمائه المكيدة - كفانا الله وإياكم والمسلمين شرهم
اللهم ثبِّتْنا على الإسلامِ والسنةِ وجَنِّبْنا مَسالكَ الضلالِ والبدعةِ ياذالجلال والإكرام
اللهمَّ إنا نسألك أنْ تحفظَ بلادَنا مِن الأفكارِ الفاسدةِ والمناهجِ المضلةِ وسائرَ بلادِ المسلمين
اللهمَّ آمِنَّا في دُورِنا وأصلحْ أئمَّتَنا وولاةَ أمورنا.
اللهم وفِّقْ إمامَنا خادم الحرمين الشريفين ووليَّ عَهدِه لما تحبُّ وترضى وخُذ بنواصيهما للبِرِّ والتقوى.
اللهم ارزقْهمُا البطانةَ الصالحةَ الناصحةَ التي تدلُّهم على الخيرِ وتُعينهم عليه.
اللهم اغْفرْ للمسلمينَ والمسلماتِ والمؤمنينَ والمؤمناتِ الأحياءِ منهم والأمواتِ
المرفقات
المذموم-و-التحزب-الممقوت
المذموم-و-التحزب-الممقوت