التضرع والاستغفار هما عمل المسلم وقت وباء كورونا
خالد الشايع
الخطبة الأولى ( التضرع والاستغفار وقت البلاء) 3/8/1441
أما بعد فيا أيها الناس : إن البلاء سنة ماضية في الحياة ، لا ينفك عنه الإنسان مهما بلغ صلاحه أو فساده بل حتى الكافرين .
عباد الله : سبحان مقلب القلوب ، ومبدل الأحوال ، لا يخفى عليكم ما نمر به من بلاء ، شعر به العالم كله ، تعطلت الطرق وانقطعت السبل ، وانهار الاقتصاد ، وأصاب الناس ذعر وخوف ، واستنفرت الدول ، ومكث الناس في بيوتهم ، حتى علقت الجمعة و الجماعة في بعض الدول ، وهذا والله بلاء عظيم ، إن لم يفق العبد مع هذا كله فمتى يفيق ، فهذا الواقع يجب أن يحدث لنا ردة فعل ، ويوجب علينا وقفة مع النفس ، ويتحتم على العبد أن يعود إلى ربه تائبا من كل ذنوبه ، ولا يستثنى من هذا أحد ، كل الخلق الصالحون والطالحون بل حتى الكفار ، وهذه سنة الله في الكون ، فقد ضرب للناس المثلات ، وللناس معتبر بالأمم التي سبقتهم ، كما قال سبحانه ( أولم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم ) بل أمرهم بذلك فقال ( قل سيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المجرمين )
عباد الله : هل من متعظ أو متذكر لما يحدث في العالم بأسره ، والله إنها لآية لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد ، وإن الواجب علينا جميعا أن نبتهل إلى الله أن يرفع عنا وعن الأمة هذا الوباء ، فلابد أن يسمع الله تضرعنا ، ويعلم من قلوبنا صدق التوبة ، وأن نبدل من حالنا ، حتى يبدل الله هذه الحال قال جل ذكره ( إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم )
معاشر المسلمين : إن ما حل بالناس من وباء اجتاح العالم بأسرة نستفيد عند التأمل فيه فوائد ، فمن ذلك : عظمة الله ، أرسل الله هذا المرض الصغير داهم العالم ولم يفرق بين صغير وكبير ولا جليل ولا حقير ، ولا رئيس ولا مرؤوس ، والكل استنفر لمحاربة هذا الكائن الصغير ، حتى استسلمت دول ، وذلت أنوف المتكبرين في أيام قلائل .
ومنها : تبدل الحال ، فبين طرفة عين وانتباهتها يغير الله من حال إلى حال ، الغني يفتقر ، والعافية تزول ، والأعمال تتوقف ، والطرق تغلق ، في لحظات ، لعلم الجميع أن الحال لا يدوم ، وأن الله يقلب الأمور كما يشاء سبحانه .
ومنها : ضعف ابن آدم ، وأنه قليل الحيلة عاجر عن حفظ نفسه ودفع الضر عنها ، فكيف بغيره .
ومنها : أن الله يمهل ولا يهمل ، فبدأ الوباء بالظالمين ، الذين يظلمون الناس بغير حق ، ثم ثنى بالعصاة والمقصرين .
ومنها : أن هذا البلاء ، رجز من عذاب الله ، وعذاب الله يدفع بالرجوع إليه والتوبة بين يديه ، وتعلق القلب به
قال الله تعالى ( ولقد أرسلنا إلى أمم من قبلك فأخذناهم بالبأساء والضراء لعلهم يتضرعون )
ويقول سبحانه ( وماكان الله معذبهم وهم يستغفرون )
فبالتضرع والاستغفار يرفع البلاء ويزول العذاب .
اللهم اغفر لنا ذنوبنا وتب علينا وارحمنا وارفع عنا الوباء عاجلا غير آجل
أقول قولي هذا ..........
الخطبة الثانية
أما بعد فيا أيها الناس : فلا يزال الحديث موصولا عن وباء كورونا وما يستفاد منه ، فمن ذلك : أن لا يتعلق قلب العبد بغير الله ، فالبعض بتعلق بالماديات ، من عقاقير ، ومضادات ، وقوة طب وتقدم .
ومنها : أن العبد يعلم علم اليقين أن تلك الأشغال التي كان يحتج بها على ترك طاعة الله ، ماهي إلا أشغال ضخمت فسدت باب العمل الصالح ، وأضاعت الأوقات هدرا ، فالواجب علينا الآن ترتيب الأوقات ، والمسارعة في المهمات .
ومنها : أن كثرة الخروج من المنزل خصوصا للنساء ماهي إلا إضاعة للوقت ، ومخالفة للشرع ، فها نحن الآن نمكث الأسابيع بدون خروج ، بل بدون أسواق ومستشفيات وحدائق وتنزهات ومطاعم واستراحات ، وكل شيء يمر طبيعيا .
ومنها : أن العمل عن بعد يقوم بالأمر وزيادة ، خصوصا عمل النساء ، وعدم اختلاطهن بالرجال .
ومنها : أن العبد بإمكانه الاستغناء عن الكماليات في المآكل والمشارب ، واللباس .
ومنها : معرفة عظمة الله التي لا يدان لأحد من الخلق بردها ، ولا الهروب منها ، وأن الله سبحانه وحده الذي يفر الناس منه إليه .
ختاما عباد الله : أوصيكم ونفسي المقصرة بالرجوع إلى الله ، والتضرع بين يديه ، والتوبة النصوح ، عل الله أن يرحم ضعفنا ، ويغير من حالنا إلى حال يرضاه لنا ، ويرفع عنا الوباء الذي أقظ مضاجعنا ، وعطل حياتنا .
اللهم كاشف الهم وفارج الغم ، ارفع عنا الوباء ، واجعل عاقبة أمرنا إلى خير يارب العالمين