التشبه بِالكفارِ وأعيادهم (والمخدرات)

محمد بن مبارك الشرافي
1442/05/09 - 2020/12/24 07:44AM

التَّشَبُّهُ بِالْكُفَّارِ وَأَعْيَادِهِمْ (وَالمخَدِّرَاتِ) 10 جُمَادَى الأُولَى 1442 هـ

 

الْحَمْدُ للهِ الذِي أَكْرَمَ هَذِهِ الأُمَّةَ وَشَرَّفَهَا بِدِينِ الإِسْلامِ، أَحْمَدُهُ سُبْحَانَهُ هَيَّأَ لِعِبَادِهِ سُبُلَ السَّعَادَةِ وَنَهَاهُمْ عَنِ اتِّبَاعِ السُّبُلِ وَاقْتِرَافِ الآثَام، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَه، وَأَشْهَدُ أَنَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّدًا عَبْدُه وَرَسُولُهُ، شَهِدَتْ بِكَمَالِ هَدْيِهِ وَصفَاءِ سُنَّتِهِ الْقُلُوبُ وَالأَلْسِنَةُ وَالْأَقْلَام، اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ، صَلَاةً دَائِمَةً مَا تَعَاقَبَتِ اللَّيَالِي وَالأَيَّام.

أَمَّا بَعْدُ: فاتَّقُوا اللهَ واعْلَمُوا أَنَّ دِيْنَكُمْ الذِي تَدِينُونَ بِهِ قَدْ أَكْمَلَهُ لَكُمْ رَبُّكُمْ، وَرَضِيَهُ لَكُمْ شِرْعَةً وَمَنْهَجًا، فَمَنْ تَمَسَّكَ بِهِ أَعَزَّهُ اللهُ، وَمَنِ ابْتَغَى الْهُدَى فِي غَيْرِهِ أَذَلَّهُ اللهُ، وَمَنْ تَرَكَهُ وَرَغِبَ عَنْهُ قَصَمَهُ اللهُ.

أَمَّةَ الإِسْلَام: إِنَّهُ مِمَّا ابْتُلِيَ بِهِ كَثِيرٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فِي هَذَا الزَّمَنِ أَنَّهُمْ أَصْبَحُوا يَأْخُذُونَ كُلَّ مَا يُسَاقُ إِلَيْهِمْ، وَيَنْسَوْنَ أَنَّ لَدَيْهِمْ دِينًا عَظِيمًا جَاءَ بِصَلَاحِ أَحْوَالِهِمْ الدِّينِيَّةِ وَالدُّنْيَوِيَّةِ، وَأَنَّ الْعِزَّةَ فِيهِ وَفِي اتِّبَاعِهِ، قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ {مَن كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا}.

وَإِنَّ مِمَّا يَنْدَى لَهُ الْجَبِينُ وَيَحْزَنُ لَهُ الْفُؤَادُ أَنَّ مَنْ جَرَى خَلْفَ الْغَرْبِ وَالشَّرْقِ إِنَّمَا أَخَذَ مِنْهُمْ تَوَافِهَ الأُمُورِ وَأَرْدَأَ مَا عِنْدَهُمْ، وَأَمَّا أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُمْ مَا تَفَوَّقُوا بِهِ فِي الْجَوَانِبِ الْمَادِّيَّةِ فَلَمْ يَنْجَحْ فِيهِ أُولَئِكَ اللَّاهِثُونَ خَلْفَهُمْ، وَهَذَا أَمْرٌ مُحْزِن حَقًّا.

 أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ: إِنَّ التَّشَبُّهَ بِالْكُفَّارِ وَتَقْلِيدَهُمْ وَالسَّعْيَ وَرَاءَهُمْ أَمْرٌ جَاءَتِ الشَّرِيعَةُ بِمَقْتِهِ وَالتَّحْذِيرِ مِنْهُ قَالَ اللهُ تَعَالَى {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}، وَحَذَّرَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنِ اتِّبَاعِهِمْ، فَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ) أَخْرَجَهُ أَبُودَاوُدَ وَصَحَّحَهُ الألباني. فَتَأَمَّلْ أَيُّهَا الْمُسْلِمُ، هَذَا الْحُكْمَ الْعَامَ فَكُلُّ مَنْ تَشَبَّهَ بِأُنَاسٍ نُسِبَ إِلَيْهِمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، فَمَنْ تَشَبَّهَ بِأَهْلِ الإِسْلامِ فَهُوَ مِنْهُمْ، وَمَنْ تَشَبَّهَ بِأَهْلِ الصُّلْبَانِ فَهُوَ مِنْهُمْ! فَأَنْتَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ.

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: إِنَّ الصُّوَرَ التِي انْتَشَرَتْ فِي مُجْتَمَعِنَا الْمُسْلِمِ مِنَ التَّشَبُّهِ بِالْكُفَّارِ مُتَعَدِّدَةٌ وَمُتَنَوِّعَةٌ:

فَمِنْهَا: تَبَرُّجُ النِّسَاءِ، وَهَذَا لَهُ أَلْوَانٌ وَأَشْكَالٌ، فِي الأَلْبِسَةِ وَقَصَّاتِ الشَّعْرِ وَغَيْرِهَا، فَقُولُوا لِي بِرَبِّكُمْ، كَيْفَ لِبَاسُ بَنَاتِنَا الصَّغِيرَاتِ بَلِ الْكَبِيرَات؟ أَلَيْسَ قَدِ ارْتَفَعَ إِلَى السَّاقَيْنِ بَلْ وَصَلَ إِلَى الرُّكْبَةِ وَقَارَبَ الفَخِذَيْن؟ وَهَذَا عَلَى مَرْأىً وَمَسْمَعٍ مِنَ الأَوْلِيَاءِ، وَلَا أَحَدَ يُحَرِّكُ سَاكِنًا أَوْ يَنْكِرُ مُنْكَرًا!

إِنَّ تَبَرُّجَ النِّسَاءِ مِنْ صِفَاتِ الْكَافِرَاتِ، قَالَ اللهُ تَعَالَى (وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى)، وَمَعَ الأَسَفِ أَنَّ أَكْثَرَ نِسَائِنَا الْيَوْمَ يَتَسَابَقْنِ إِلَى ارْتِدَاءِ الأَلْبِسَةِ الضَّيِّقَةِ وَالْقَصِيرَةِ التِي تُبَيِّنُ مَفاتِنَهُنَّ وَتُبْدِي أَجْسَامَهُنَّ، بَلْ وَصَارَ الْبَعْضُ مِنْهُنَّ يَعْتَبِرُ الأَلْبِسَةَ الْفَضْفَاضَةَ نَوْعًا مِنَ التَّخَلُّفِ، مَعَ أَنَّ شَرْعَنَا جَاءَ بِبَيَانِ لِبَاسِ الْمَرْأَةِ، وَلَكِنَّنَا جَهِلْنَاهُ وَخَالَفْنَاهُ، وَلَهَثْنَا وَرَاءَ أَعْدَائِنَا، فَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ خُيَلاءَ لَمْ يَنْظُرِ اللهُ إِلَيْهِ يَوْمَ القِيَامَةِ ) فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا: فَكَيْفَ تَصْنَعُ النِّسَاءُ بِذُيُولِهِنَّ؟ قَالَ ( يُرْخِينَ شِبْراً ) قالت: إِذًا تَنْكَشِفُ أَقْدَامُهُنَّ، قَالَ (فَيُرخِينَهُ ذِرَاعاً لاَ يَزِدْنَ ) رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَصَحَّحَهُ الأَلْبَانِيُّ.

وَمِنَ التَّشَبُّهِ بِالْكُفَّارِ: الاحْتِفَالُ بِأَعْيَادِهِمْ ، وَكَذَا الأَيَّامُ والأَسَابِيعُ التِي ابْتَدَعُوهَا، فَمِنَ الاحْتِفَالِ بِالْمَوْلِدِ النَّبَوِيِّ إِلَى الاحْتِفَالِ بِلَيْلَةِ الإِسْرَاءِ وَالْمِعْرَاجِ، إِلِى إِحْيِاءِ عِيْدِ الحُبِّ الوَثَنِي عِنْدَ الشَّبَابِ وَالشَّابَات، وَهَذِهِ كُلُّهَا أُحْدِثَتْ مُحَاكَاةً لِلْكُفَّارِ.

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: وَمِنْ أَخْطَرِ مَا يَجِبُ التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ هُوَ الاحْتِفَالُ بِعِيدِ رَأْسِ السَّنَةِ وَالْمُسَمَّى عِنْدَهُمْ بِ(الْكِرِسْمَسْ)، وَهُوَ احْتِفَالٌ مُرْتَبِطٌ بِشِعَارَاتٍ دِينِيَّةٍ عِنْدَهُمْ، وَهُوَ مِيْلَادُ الْمَسِيحِ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ عَلَيْهِ السَّلامُ فَالاحْتِفَالُ بِهِ محرم، وَكَذَلِكَ الْمُشَارَكَةُ فِيهِ أَوْ إِعَانَتُهِمْ عَلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ،

 

 

يَقُولُ سُبْحَانَهُ {وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ}، قَالَ جَمْعٌ مِنَ السَّلَفِ: أَيْ: لا يَحْضُرُونَ أَعْيَادَ الْكُفَّارِ.

قَالَ شَيْخُنَا العَلَّامَةُ مُحَمَّدٌ الْعُثَيْمِينُ رَحِمَهُ اللهُ :تَهْنِئَةُ الْكُفَّارِ بِعِيدِ الْكِرِسْمَسْ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ أَعْيَادِهِمْ الدِّينِيَّةِ حَـَـرامٌ بِالاتِّفَاقِ، كَمَا نَقَلَ ذَلِكَ ابْنُ القَيِّمُ رَحِمَهُ اللهُ فِي كِتَابِهِ ( أَحْكَامُ أَهْـِل الذِّمَّـةِ)، حَيْثُ قَالَ: وَأَمَّا التَّهْنِئَةُ بِشَعَائِرِ الْكُفْرِ الْمُخْتَصَّةِ بِهِ فَحَرَامٌ بِالاتِّفَاقِ، مِثْلُ أَنْ يُهَنِّيَهُمْ بِأَعْيَادِهِمْ وَصَوْمِهِمْ ، فَيَقُول: عِيدٌ مُبَارَكٌ عَلَيْكَ، أَوْ: تَهْنَأُ بهَذَا الْعِيدِ وَنَحْوِهِ، فَهَذَا إِنْ سَلِمَ قَائِلُهُ مِنَ الْكُفْرِ فَهُوَ مِنَ الْمُحَرَّمَاتِ، وَهُوَ بِمَنْـزِلَةِ أَنْ يُهَنِّئَهُ بَسُجُودِهِ لِلصَّلِيبِ، بَلْ ذَلِكَ أَعْظَمُ إِثْمًا عِنْدَ اللهِ، وأَشَدُّ مَقْتًـا مِنَ التَّهْنِئَةِ بِشُرْبِ الْخَمْرِ وَقَتْـِل النَّفْسِ، وَارْتِكَابِ الْفَرْجِ الْحَرَامِ وَنَحْوِهِ، وَكَثِيرٌ (مِنَ النَّاسِ) مِمَّنْ لا قَدْرَ لِلدِّينِ عِنْدَهُ يَقَعُ فِي ذَلِكَ وَلا يَدْرِي قُبْحَ مَا فَعَلَ، فَمَنْ هَنَّأَ عَبْدًا بِمَعْصِيَةٍ أَوْ بِدْعَةٍ أَوْ كُفْرٍ فَقَدْ تَعَرَّضَ لِمَقْتِ اللهِ وَسَخَطِهِ  .انْتَهَى كَلامُهُ رَحِمَهُ اللهُ . وَعَلَيْهِ فَيَجِبُ تَحْذِيرُ أَوْلَادِنَا وَخَاصَّةً مَنْ يَدْرُسُ خَارِجَ البِلَادِ مِنْ مُشَارَكَتِهِمْ أَوْ تَهْنِئَتِهِمْ .

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: وَمِنَ التَّشَبُّهِ الْمُحَرَّمِ: تَقْلِيدُ الْكُفَّارِ فِي قَصَّاتِ الشَّعَرِ أَوْ أَلْبِسَتِهِمُ الْخَاصَّةِ، كَلُبْسِ الْقُبَّعَاتِ الْخَاصَّةِ بِهِمْ أَوِ الْمَلَابِسِ الرِّيَاضِيَّةِ التِي تَحْمِلُ شِعَارَاتِهِمْ أَوْ أَسْمَاءَهِمْ !

وَقَدْ سُئِلَتْ اللَّجْنَةُ الدَّائِمَةُ لِلافْتَاءِ هَذَا السُّؤَالُ: مَا حُكْمُ لُبْسِ الْمَلَابِسِ الرِّيَاضِيَّةِ التِي تَحْمِلُ شِعَارَاتٍ خَاصَّةً بِالْكُفَّارِ، مِثْلَ الْفَنَايِلِ الرِّيَاضِيَّةِ التِي عَلَيْهَا شِعَارَاتُ إِيَطالْيَا أَوْ أَلْمَانِيَا أَوْ أَمْرِيكَا، أَوِ التِي مَكْتُوبٌ عَلَيْهَا أَسْمَاءُ بَعْضِ اللَّاعِبِينَ الْكُفَّارِ؟

فَأَجَابَتْ: الْمَلَابِسُ التِي تَحْمِلُ شِعَارَاتِ الْكُفَّارِ فِيهَا تَفْصِيلٌ كَمَا يَلِي (أَوَّلَاً) إِنْ كَانَتْ هَذِهِ الشِّعَارَاتُ تَرْمُزُ إِلَى دِيَانَاتِ الْكُفَّارِ كَالصَّلِيبِ وَنَحْوَهُ، فَلا يَجُوزُ اسْتِيرَادُ هَذِهِ الْمَلابِسِ وَلا بَيْعُهَا وَلا لُبْسُهَا. (ثَانِيًا) إِنْ كَانَتْ هَذِهِ الشِّعَارَاتُ تَرْمُزُ إِلَى تَعْظِيمِ أَحَدٍ مِنَ الْكُفَّارِ بَوَضْعِ صُورَتِهِ أَوْ كِتَابَةِ اسْمِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَهِيَ أَيْضَاً حَرَامٌ كَذَلِكَ. (ثَالِثًا) إِذَا كَانَتْ هَـذِهِ الشِّـعَارَاتُ لا تَرْمُـُز إِلَى عِبَـادَةٍ وَلا تَعْظِيمِ  شَخْصٍ، وَإِنَّمَا هِيَ عَلامَاتٌ تِجَارِيَّةٌ مُبَاحَةٌ، وَهِيَ مَا يُسَمَّى بِالْمَارْكَاتِ فَلا بَأْسَ بِهَا. انْتَهَتِ الْفَتْوَى.

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: مِنَ التَّشَبُّهِ بِالْكُفَّارِ: التَّكَلُّمَ بِلُغَاتِهِمْ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ، فَتَجِدُ بَعْضَ الْمُسْلِمِينَ وَخَاصَّةً الشَّبَابُ يُحَيِّي بَعْضُهُمْ بَعْضًا بِهَا وَيَخْتِمُ لِقَاءَهُ بِهَا، وَيَرَوْنَ هَذَا تَمَدُّنًا وَتَقَدُّمًا، بَلْ تَجِدُهُ يَتَكَلَّمُ الأَعْجَمِيَّةَ مَعَ بَعْضِ أَهْلِهَا الذِينَ يُجِيدُونَ الْعَرَبِيَّةَ، وَيَتَحَدَّثُ بِهَا فَخْرًا وَإِعْجَابًا بِهَا وَإِظْهَارًا لِمَعْرِفَتِهِ بِهَا . وَسُبْحَانَ اللهَ ! أَيْنَ هَؤُلاءِ مِنْ قَوْلِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: إِيَّاكُمْ وَرَطَانَةِ الأَعَاجِمْ !

وَالسَّلَفُ رَحِمَهُمُ اللهُ كَانُوا يَكْرَهُونَ التَّكَلُمَّ بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ أَشَدَّ الْكَرَاهِيَّةَ وَيَنْهَوْنَ عَنْهُ، إِلَّا إِذَا كَانَ فِي تَعَلُّمِهَا مَصْلَحَةٌ وَحَاجَةٌ فَهَذَا جَائِزٌ.

وَقَدِ اتْخَذَتْ حُكومتُنا -وفقَها اللهُ- عِدَةَ خَطواتٍ رِائِدةً في سَبيلِ الحِفاظِ على هَوِيَّةِ اللغَةِ العربيةِ، سَواءً كَان في أَماكنِ التعليمِ مِنَ المدارسِ والجَامعاتِ أَو المعَاملاتِ الرسْميَّةِ، حَتَّى سَمِعْنَا أَنَّهمْ مَنَعُوا اللاعِبينَ أَنْ يَكْتُبوا أَسْماءَهم عَلى مَلابِسِهمِ الرِّيَاضِيَّةِ بِغَيرِ اللُّغَةِ العَرَبِيَّةِ، فَجَزَاهُمُ اللهُ خَيرًا.

أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ العَظِيمَ لِي وَلَكُمْ فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيم.

 

 
 

الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ

الْحَمْدُ للهِ الذِي عَلَّمَ بِالقَلَمِ عَلَّمَ الإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَم، وَالصَّلاةُ عَلَى خَاتَمِ رُسُلِهِ وَأَفْضَلِ أَنْبِيَائِهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَأَزْوَاجِهِ وَعَلَى مَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ لِقَائِهِ وَسَلِّمْ تَسْلِيمًا كَثِيرًا.

أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ مِنَ الْمَظَاهِرِ الْمُؤْلِمَةِ: أَيَّامَ الامْتِحَانَاتِ تَعَاطِي الْمُخَدِّرَاتِ، فَيَنْشَطُ المُرَوِّجُونَ فِي بَيْعِ الْحُبُوبِ الْمُسَمَّاةِ (بِالكِبْتَاجُون) وَهَيَ شَبَحٌ مُخِيفٌ يَتَسَلَّلُ بَيْنَ الطُّلَّابِ، وَهُمْ غَيْرُ مُبَالِينَ بِالنَّتَائِجِ الْمُتَرَتِّبَةِ مِنْ جَرَّاءِ اسْتِخْدَامِهَا.

إِنَّ هَذِهِ الْحُبُوبَ تُؤَثِّرُ عَلَى خَلايَا الْمُخِّ مُبَاشَرَةً، حَيْثُ تُسَبِّبُ زِيَادَةَ إِفْرَازَاتٍ تُشْعِرُ الإِنْسَانَ الْمُسْتَخْدِمَ بِنَوْعٍ مِنْ زِيَادَةِ الطَّاقَةِ، وَمُقَاوَمَةِ الإِرْهَاقِ وَطَرْدِ النُّعَاسِ، وَلَكِنَّ آثَارَهَا السَّلْبِيَّةَ خَطِيرَةٌ، حَيْثُ إِنَّ اسْتِخْدَامَهَا يُسَبِّبُ الإِدْمَانَ، وَمُسْتَعْمِلُوهَا يُصَابُونَ بِالْعَدِيدِ مِنَ الأَمْرَاضِ وَالاضْطِرَابَاتِ النَّفْسِيَّةِ وَالْوِجْدَانِيَّةِ وَرُبَّمَا الْوَفَاة.

فَكَمْ مِنْ طَالِبٍ كَانَ مُتَفَوِّقاً عَلَى أَقْرَانِهِ، تَعَاطَى الْمُنَشِّطَاتِ لِيُواصِلَ السَّهَرَ وَيُحَقِّقَ نَتَائِجَهُ الْمُبْهِرَةَ .. يَنْتَهِي بِهِ الأَمْرُ إِلَى ظُلُمَاتِ السُّجُونِ أَوَ الْمَصَحَّاتِ النَّفْسِيَّةِ.

فَعَلَى الطُّلابِ أَنْ يَحْذَرُوا مِنْ هَذِهِ السُّمُومِ، حَتَّى لا يَنْدَمُوا فِي وَقْتٍ لا يَنْفَعُ فِيهِ النَّدَمُ ، وَلْيُحَذِّرُوا زُمَلاءَهُمْ عَنْهَا وَيُبَيِّنُوا خَطَرَهَا .

وَعَلَى الآبَاءِ أَنْ يَنْتَبِهُوا لِأَوْلادِهِمْ بَعْدَ تَحْذِيرِهِمْ مِنْهَا ،وَمُلاحَظَةُ مَا قَدْ يَبْرُزُ عَلَيْهِمْ مِنْ أَعْرَاضِ اسْتِخْدَامِ تِلْكَ الْحُبُوبِ، مِثْلُ الإِكْثَارِ مِنْ شُرْبِ الشَّايْ ،وَالرَّغْبَةِ فِي التَّحَدُّثِ إِلَى الآخَرِينَ لِفَتَرَاتٍ طَوِيلَةٍ، وَشُحُوبِ لَوْنِ الْوَجْهِ وَالشَّفَتَيْنِ، إِضَافَةً إِلَى احْمِرَارِ الْعَيْنَيْنِ وَضَعْفِ الشَّهيَّةِ.

اللَّهُمَّ أَعِزَّ الإِسْلامَ والمُسْلِمِيْنَ وَأَذِلَّ الشِّرْكَ وَالمُشْرِكِينَ وَدَمِّرْ أَعَدَاءَكَ أَعْدَاءَ الدِّينَ، اللَّهُمَّ أَعْطِنَا وَلَا تَحْرِمْنَا اللَّهُمَّ أَكْرِمْناَ وَلاَ تُهِنَّا ، اللَّهُمَّ أَعِنَّا وَلا تُعِنْ عَليْنَا، اللَّهُمَّ انْصُرْنَا عَلَى مَنْ بَغَى عَلَيْنَا، اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ عَيْشَ السُّعَدَاءِ وَمَوْتَ الشُّهَدَاءِ، وَالحَشْرَ مَعَ الأَتْقِيَاءِ، وَمُرَافَقَةَ الأَنْبِيَاءِ ، اللَّهُمَّ أَصْلِحْ وُلَاةَ أُمُورِ المسْلِمِينَ، اللَّهُمَّ وَفِّقْ إِمَامَنَا خَادَمَ الحَرَمَينِ الشَّرِيفَينِ وَوَلِيِّ عَهْدِهِ لِمَا تُحِبُّهُ وَتَرْضَاهُ، اللَّهُمَّ سَدِّدْ خُطَاهُمْ وَاكْتُبِ الخَيْرَ عَلَى أَيْدِيهِمْ يَا رَبَّ العَالَمِينَ، اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ أَجْمَعِينَ.

المرفقات

1608795837_التَّشَبُّهُ بِالْكُفَّارِ وَأَعْيَادِهِمْ (وَالمخَدِّرَاتِ) 10 جُمَادَى الأُولَى 1442 هـ.doc

المشاهدات 1652 | التعليقات 0