التذكير بنعمة الأمن

عايد القزلان التميمي
1443/02/10 - 2021/09/17 03:35AM
الحمد لله الذي منّ علينا بالأمن والإيمان، وغمرنا بالفضل والنِّعَمِ والإحسان، وأشهد أن لا إله إلا الله الرحيم الرحمن ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه والذين اتبعوهم بإحسان وسلم تسليما كثيرا.
أَمَّا بَعْدُ:  فيا أَيُّهَا النَّاسُ: أُوصِيكُمْ وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللهِ تَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُمْ مُّسْلِمُونَ﴾
عباد الله قال ربنا سبحانه ((وَآتَاكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ ۚ وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا ۗ إِنَّ الْإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ))
وقال سبحانه ((وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ))
 أيها المؤمنون إنه لا يخفى على الجميع أننا نعيش ونتقلب في نِعَم عظيمة ومن أهمها نِعمةُ الإسلام، والصِّحة في الأبدان، والأمْن والاستقرار في هذا الوطنِ ،
وهذه النِّعم من ضروريات الحياة، كضرورة الطَّعام والشَّراب والعافية للأبدان.
وقد جاء الأمنُ في القرآن والسُّنَّة مقرونًا بالطَّعام الذي لا حياةَ للإنسان ولا بقاءَ له بدونه،
وقد امتنَّ الله به على عِباده وأمَرَهم أن يشكروا هذه النِّعمَ بإخلاص العبادة له؛ فقال – تعالى -: ﴿فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ * الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ﴾ ،
وقال - تعالى - في الوعد بحُسن الجزاء، وعظيم المثوبة للمؤمنين: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ﴾ ، فالذين وحَّدوا الله، وآمنوا به حقَّ الإيمان، ولم يَخلِطوا توحيدَهم بشِرْك - هم الآمنون المهتدون في الدنيا والآخرة.
عباد الله ففي رحابِ الأمْن وظلِّه يأمنُ النَّاس على دِينهم وأنفسِهم، وعقولهم وأموالهم، وأعراضهم ومحارمهم، قال - عليه الصلاة والسلام -: ((مَن أصْبح آمنًا في سِرْبه – أي: بيته - معافًى في جسده، عندَه قوتُ يومِه، فكأنَّما حِيزتْ له الدُّنيا بحذافيرها))؛ رواه البخاري في "الأدب المفرد"، والترمذي، وابن ماجه.
وقال الشاعر: إِذَا اجْتَمَعَ الْإِسْلاَمُ وَالْقُوتُ لِلْفَتَى      وَكَانَ صَحِيحًا جِسْمُهُ وَهْوَ فِي أَمْنِ
فَقَدْ مَلَكَ الدُّنْيَا جَمِيعًا وَحَازَهَا          وَحَقٌّ عَلَيْهِ الشُّكْرُ لِلَّهِ ذِي الْمَنِّ
عباد الله : إن إقامةِ الحدود الشرعية على المجرمين، فيها زَجْر للناس عن الجُرْأة على المعاصي التي نَهَى الله - تعالى - عنها، وبذلك حَفِظ الإسلام الدِّينَ والنفس، والعقل والمال، والنَّسَبَ والعِرْض. وبإقامةِ الحُدود التي شَرَعَها الله ورسوله صلى الله عليه وسلم في بلادِنا أَمِنَ الناسُ على دِينهم وأنفُسِهم، وعُقُولِهِم وأنْسَابِهم، وأَمْوَالِهِم وأعْرَاضِهِم.
وقد تحقق أثره في الاستقرار والعيش الكريم، والتعاون على الخير، ورقي البلاد والعباد.
عباد الله ومن النعم العظيمة اجتماع الكلمة ووحدة الصف التي ما تمت إلا باجتماع  القلوب على هدي الكتاب والسنة ,  فأصبح الناس في هذه البلاد بعد أن كانوا متفرقين أصبحوا بفضل الله إخوة متآلفين كما أمرهم الله سبحانه وتعالى بقولــه: ((وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ )) 
أيها المؤمنون: ومن مظاهر الانتماء للوطن المحافظة على الممتلكات العامة  و هي تلك المنشآت والهيئات مثل المدارس والمستشفيات والحدائق والمنتزهات وغيرها التي ليست بملكية خاصة لفرد بعينه وإنما هي ملك عام لجميع أفراد المجتمع, ولذلك فإن الاعتداء عليها بأي شكل كان من أشكال التخريب أو إلحاق الضرر بها هو بمثابة اعتداء على المجتمع .  
والتخريب أو الاعتداء على الممتلكات العامة هو من الأمور المحرمة في الدين الإسلامي ,  لأن الله حرم الإفساد في الأرض في آيات كثيرة من القرآن ومنها قوله تعالى (ولا تبغ الفساد في الأرض إن الله لا يحب المفسدين ) وغيرها الكثير من الآيات التي تنهى عن الفساد وتنذر المفسدين بالعقاب .
 فيجب على كل فرد أن يحافظ على الممتلكات العامة بكل الطرق والوسائل الممكنة.
عباد الله ومن أبرز الضمانات الأمنية للمجتمع المسلم، طاعة ولاة الأمر، فهي أصل مهم، وأساس قوي لتحقيق الأمن الاجتماعي، واستقرار البلاد، واطمئنان الرعية. والمتأمل للنصوص الشرعية، يجد أنها متواترة وقطعية الدلالة في التأكيد على وجوب طاعة ولي الأمر، ففي طاعته اجتماع لكلمة المسلمين، وتحقيق السعادة، واستتباب الأمن، وترابط المجتمع وتماسكه . فقوموا أيها المسلمون بواجب ولاة أمورنا، والالتفاف حولهم، وحِفْظ مَكَانَتِهم، والقيام بواجب النصيحة لهم، وإن من مُوجب النصيحة لهم: الدُّعاء لهم بالصلاح والسَّدَاد، و هذا هو منهج أئمة السلف في أقوالهم وأفعالهم ومُعتقداتهم،
قال الإمام أحمد بن حنبل: (وإني لأرى طاعةَ أميرِ المؤمنين في السرِّ والعلانيةِ، وفي عُسري ويُسري، ومَنشطي ومكرهي، وأثرةٍ عليَّ، وإني لأدعو اللهَ له بالتسديدِ والتوفيقِ في الليلِ والنهارِ)
بارك الله لي ولكم ....
الخطبة الثانية/
الحمد لله ربِّ العالمين، أحمده سبحانه وأشكرُه على نِعمةِ الأمن والدّين، وأشهد أن لا إلهَ إلا الله وحدَه لا شريكَ له ، وأشهد أنّ نبيّنا محمّدًا عبده ورسوله إمام المتّقين ، صلّى الله عليه وعلى آله وصحبِه أجمعين  .
أما بعد فقد قال تعالى:  وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنْ اللَّهِ ))
فعلى المسلمين أن ينسبوا النِّعَم إلى الله عز وجل لأنَّه هو المُنْعِم المتفضل بها سبحانه على عباده. فلنتق الله، ولنتناصح فيما بيننا، ونحمد الله ونشكره على نِعَمِه، ولنَتَذَكَّر قول الله تعالى:  وَٱتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَاصَّةً وَٱعْلَمُواْ أَنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلْعِقَابِ  . ولنعتبر بالدول المجاورة وغيرها من دول العالم والتي كانت تعيش في رغد من العيش وما هي عليه الآن، ولنَتَذَكَّر دائمًا أننا نتقلب في نِعَمِ الله العظيمة.
فيجب علينا أن نشكر الله على نِعَمِه بالاعتقاد بالقلب والقول باللسان والعمل بالجوارح، فعند ذلك نُجَازى من الله بالزيادة في النعم، وإنْ لمْ ))نَفْعَل فعِقاب الله شديد، قال تعالى:  ((وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِى لَشَدِيدٌ .  
المرفقات

1631850957_التذكير بنعمة الأمن.doc

المشاهدات 1132 | التعليقات 0