التدخل البري بين إحجام باكستان وإقدام مصر / شريف عبدالعزيز
احمد ابوبكر
1436/06/23 - 2015/04/12 03:01AM
[align=justify]الدلائل على نشوء نظام إقليمي جديد في الشرق الأوسط أصبحت أكثر وضوحًا مع الأحداث المتلاحقة منذ وفاة الملك عبد الله وقدوم الملك سلمان الذي كانت أولى قراراته الإطاحة بمساعدي الملك عبد الله الذين تسببوا بسياساتهم في كوارث عديدة للمملكة السعودية . ثم اتجاه السعودية نحو تأسيس تحالف عربي سنّي إقليمي يهدف لمواجهة التمدد الإيراني في المنطقة، والنشاط الدبلوماسي والسياسي المكثف الذي قام به الملك سلمان في سبيل ذلك من مقابلة أكثر من عشرين رئيسا ومسئولا خلال فترة وجيزة ، والإطار العام الذي يشمل جميع الأنشطة الدبلوماسية المكثفة التي تمت خلال الفترة الماضية، يتمثل بمفهوم جديد يهدف إلى خلق عقيدة أمن إقليمي من خلال قوة عسكرية تنتمي إلى دول متعددة، وكانت عاصفة "الحزم" هي فاتحة التطبيق الفعلي لهذه العقيدة الأمنية الجديدة.
تطورات سريعة ومتلاحقة حدثت في الأيام القليلة الماضية، غيرت كثيرا من شكل وإستراتيجية عاصفة الحزم، فبعد أسبوعين أو أكثر من القصف الجوي لطائرات الخليج المتحالفة ضد مواقع الحوثيين والجيش اليمني الموالي للمخلوع صالح ، أيقن الجميع أن القصف الجوي لن يكون كافيا وحده في حسم الانقلاب الحوثي وعودة سلطة الرئيس عبد ربه منصور مرة أخرى ، فالأعمال الحربية للتحالف كشفت عن صغر القوة العسكرية للحوثيين، وأن القوة الحقيقية ممثلة في الجيش الموالي لصالح فهو المسيطر الحقيقي على الأرض، والحوثيون ما هم إلا واجهة فقط لصالح وجيشه وأنصاره ، ومن ثم كان لابد من التدخل البري لحسم هذه المعركة التي من الممكن أن تطول لسنوات إذا ظل التحالف يعتمد على القصف الجوي وحده.
ولأن الجغرافية اليمنية شديدة الوعورة، والتركيبة السكانية بالغة التعقيد، والولاء الجهوي والقبلي والطائفي يطغى على ما عداه، فإن التفكير في اتخاذ قرار التدخل البري، فضلا عن التنفيذ بعده يعد أمرا بالغ الصعوبة ، ويحتاج إلى توافق سياسي وتأييد شعبي وإرادة سياسية أعتقد أنها لا تتوافر تقريبا في أي دولة من دول المنطقة. فالتدخل البري محفوف بالمخاطر الشديدة التي تجعل أي دولة تفكر ألف مرة قبل اتخاذ هذا القرار، أي دولة باستثناء دولة واحدة؛ مصر.
فلماذا تتدخل مصر بريا في اليمن؟ وهي تعلم مدى صعوبة هذا التدخل وحجم المثبطات التاريخية والشعبية والفنية الكبير تجاه أخذ قرار المشاركة ، في الوقت الذي رفض فيه الباكستانيون هذه المشاركة رغم العلاقات التاريخية الوثيقة بينهم وبين السعودية؟
الموقف المصري من عاصفة الحزم شابه كثير من الغموض والتضارب في المواقف والتصريحات، بل لا نكون مجازفين إذا قلنا أن المراقب المحايد للأداء الإعلامي والسياسي المصري يعطي إشارات قوية على رفض عاصفة الحزم ، والرسائل المتضاربة من نظام الجنرال تؤكد على ما ذكرناه من الرفض المصري المبطن لعاصفة الحزم أو بالأدق الغضب من ضآلة الدور المصري في العاصفة .
بدأ الأمر بتصريح للسيسي في خطابه بالندوة التثقيفية الـ16 للقوات المسلحة المصرية وهو يوجه رسالة للشعب والمسؤولين في اليمن ويقول لهم"الجيش المصري لمصر فقط وليس لحد ثاني"، فسر الجميع هذا التصريح على أنه رسالة للحلف الذي تقوده السعودية أنه لن يسمح بمشاركة برية للجيش المصري في اليمن.
هذه الرسالة جاءت في أعقاب التعاطي الفاتر من جانب دول الخليج ـ باستثناء الامارات ــ مع فكرة تأسيس قوة عربية مشتركة والتي كانت أحد ركائز سياسة الجنرال في تثبيت حكمه في المنطقة ، وفي كلمته أمام القمة العربية في القاهرة يوم 28 مارس، ظهر تباين السيسي مع آراء مجلس التعاون الخليجي في ترتيب أولويات التهديدات الإستراتيجية للشرق الأوسط، بشكل واضح.
فالسيسي يعتبر الإرهاب، التطرف الإسلامي، الطائفية وعدم الاستقرار هي المخاطر الأكثر تهديدا للنظام الإقليمي. في حين ترى دول مجلس التعاون الخليجي في التوسع الإيراني باعتباره التهديد الإقليمي الرئيس.
هذا التباين المصري والأجندات الخاصة لنظام الجنرال ، والشكوك من استغلال فكرة التدخل البري لتكون بوابة خلفية لعودة المساعدات الخليجية بغير حساب ولا رقيب مثل أيام الملك عبد الله، وتخفيف الضغوط السعودية المتزايدة على نظام السيسي من أجل إنهاء أزمة الاخوان ، دفع السعودية للتفكير في الاستعانة بقوات باكستانية لتنفيذ خطة التدخل البري في اليمن ، فأجروا مناورات عسكرية مع قوات النخبة الباكستانية في قاعدة عسكرية في جنوب غرب المملكة، وصاغوا اتفاقا مع إسلام أباد بشأن حدود وقيادة بنية الانتشار السريع للقوة الدفاعية المشتركة للمرابطة على الأراضي السعودية بالقرب من الحدود مع اليمن.
ولدى المملكة العربية السعودية علاقات طويلة الأمد مع باكستان، وعلاقة خاصة ووثيقة مع شريف فعندما أُطيح به في انقلاب عام 1999، تم إرساله إلى المنفى في المملكة، باكستان دربت الجيش السعودي عدة مرات، بعد أن استعانت بها المملكة مقابل دفع معونات وأموال واستثمارات كبيرة في باكستان، خلال السبعينات والثمانينات، طار الطيارون في سلاح الجو الباكستاني بطائرات البرق التابعة للقوات الجوية السعودية، والتي صدت التوغل في جنوب اليمن إلى الحدود الجنوبية للمملكة في عام 1969، ثم عمل السعوديون بشكل وثيق مع الاستخبارات الباكستانية، لتمويل "الجهاد" ضد السوفييت في أفغانستان.
ولكن مع الرفض الشعبي والسياسي والبرلماني الباكستاني لفكرة التدخل البري في اليمن تغير الخطاب الرسمي في مصر بصورة بهلوانية من ( جيش مصر لمصر وحدها) إلى مبدأ ( مسافة السكة ) خلال 72 ساعة فقط ، حيث صرح السيسي بأن بلاده لن تتخلى عن أشقائها في الخليج، وستقوم بحمايتهم إذا تطلب الأمر، وأوضح السيسي، في تصريحات للصحفيين، عقب اجتماعه مع المجلس الأعلى للقوات المسلحة (يضم كبار قادة الجيش) منذ عدة أيام ، إن "مصر لن تتخلى عن أشقائها فى الخليج وسنقوم بحمايتهم إذا تتطلب الأمر ذلك"، وحتى يطمئن السيسي المتخوفين من الحرب البرية وذكريات حرب 62 السوداء والتي راح ضحية التدخل البري فيها 26 ألف جندي مصري من أصل 70 ألفا أرسلوا هناك ، قال: "تدخل المصريين في اليمن بالستينيات يختلف عن الفترة الحالية".
كل المؤشرات تؤكد على أن اليمن ستكون بمثابة فيتنام أخرى للجيش المصري وأي جيش سيتدخل بريا، ومحرقة جديدة للجيش المصري، حذر الخبير الأمني والاستراتيجي اللواء محمود زاهر، من التدخل البري للقوات المصرية في اليمن مهما كانت الأسباب، لأن الخسائر المادية والبشرية لا يمكن حصرها في حال تدخلت القوات المصرية بريًا إلى اليمن.
وأوضح زاهر أن الشعب اليمني لن يقبل بسهولة فكرة التدخل البري مهما كانت أسبابه، يضاف إلى ذلك الطبيعة الجبلية والتي يصعب على القوات العسكرية المصرية التعامل معها، وتجربة الجيش المصري عام 1962 في اليمن خير دليل بفقدان القوات المصرية ألاف الأرواح من الجنود وقد يتكرر السيناريو مرة أخرى، وأضاف زاهر أن امكانية التدخل البري ممكنة ولكن الانتهاء منها سيكون معقدًا، وطالب القيادات المصرية بعدم السماح لدخول القوات المصرية الأراضي اليمنية وأن تقف موقف دفاعي على الحدود السعودية لحمايتها.
أما اللواء سامح سيف اليزل، رئيس مركز الجمهورية للدراسات الاستراتيجية، والمعروف بقربه الشديد من نظام الجنرال السيسي قال إنه لا يميل إلى فكرة التدخل البري في اليمن لأن الوقت غير مناسب ورجح استمرار توجيه الضربات الجوية ضد معاقل الحوثيين ، لاسيما في ظل سيطرتهم على وحدات تابعة للجيش اليمني بالإضافة للمساعدات التي يقدمها لهم أنصار الرئيس السابق علي عبد الله صالح.
كذلك حذرت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، مصر من التدخل البري باليمن، مؤكدة أنه سيعرضها لمواجهة شرسة مع الحوثيين، كما أنه سيحول اليمن إلى "فيتنام" مصر، على حد وصفها.وقالت الصحيفة إن التدخل البري لمصر في اليمن يورطها في صراع طويل الأمد، لأن المعركة على الأرض ستكون شرسة جدًا، كما أن مشاركة مصر في الحرب تعيد للأذهان تجربة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر باليمن في الستينيات، والتي أرسل خلالها قوات مصرية للحفاظ على النظام الجمهوري مما أسفر عن خسائر مادية وبشرية كبيرة.
مصر تحت حكم الجنرال سوف تتدخل بريا في اليمن بلا أفق سياسي واضح ومحدد المعالم، سوف تتدخل بريا منفردة بعد أن أحجمت باكستان وغيرها عن الدخول في هذا المستنقع ، ستتدخل منفردة وليس ضمن القوة العربية المشتركة ، ستأخذ قرار التدخل بلا توافق سياسي أو محاسبة برلمانية أو إجازة شعبية ، ستدخل بحثا عن تحقيق أجندات خاصة ترتكز في مجملها على أساس واحد ، وهو ضمان تدفق المساعدات المالية الضخمة ــ التي مثل الرز ــ بلا مراقبة أو محاسبة ، ستدخل منفردة من أجل وقف أي دور لحزب الإصلاح اليمني المحسوب على جماعة الاخوان في المرحلة القادمة ، ستدخل لتثبت لدول الخليج عامة والسعودية خاصة أنها الحليف الأقرب الذي يستطيع أن يتعاطى فوريا مع المواقف الحساسة بلا ممانعة شعبية أو تعقيدات دستورية أو عقبات برلمانية ، ففي مصر كل شيء تحت السيطرة .
المصدر: مفكرة الاسلام[/align]
تطورات سريعة ومتلاحقة حدثت في الأيام القليلة الماضية، غيرت كثيرا من شكل وإستراتيجية عاصفة الحزم، فبعد أسبوعين أو أكثر من القصف الجوي لطائرات الخليج المتحالفة ضد مواقع الحوثيين والجيش اليمني الموالي للمخلوع صالح ، أيقن الجميع أن القصف الجوي لن يكون كافيا وحده في حسم الانقلاب الحوثي وعودة سلطة الرئيس عبد ربه منصور مرة أخرى ، فالأعمال الحربية للتحالف كشفت عن صغر القوة العسكرية للحوثيين، وأن القوة الحقيقية ممثلة في الجيش الموالي لصالح فهو المسيطر الحقيقي على الأرض، والحوثيون ما هم إلا واجهة فقط لصالح وجيشه وأنصاره ، ومن ثم كان لابد من التدخل البري لحسم هذه المعركة التي من الممكن أن تطول لسنوات إذا ظل التحالف يعتمد على القصف الجوي وحده.
ولأن الجغرافية اليمنية شديدة الوعورة، والتركيبة السكانية بالغة التعقيد، والولاء الجهوي والقبلي والطائفي يطغى على ما عداه، فإن التفكير في اتخاذ قرار التدخل البري، فضلا عن التنفيذ بعده يعد أمرا بالغ الصعوبة ، ويحتاج إلى توافق سياسي وتأييد شعبي وإرادة سياسية أعتقد أنها لا تتوافر تقريبا في أي دولة من دول المنطقة. فالتدخل البري محفوف بالمخاطر الشديدة التي تجعل أي دولة تفكر ألف مرة قبل اتخاذ هذا القرار، أي دولة باستثناء دولة واحدة؛ مصر.
فلماذا تتدخل مصر بريا في اليمن؟ وهي تعلم مدى صعوبة هذا التدخل وحجم المثبطات التاريخية والشعبية والفنية الكبير تجاه أخذ قرار المشاركة ، في الوقت الذي رفض فيه الباكستانيون هذه المشاركة رغم العلاقات التاريخية الوثيقة بينهم وبين السعودية؟
الموقف المصري من عاصفة الحزم شابه كثير من الغموض والتضارب في المواقف والتصريحات، بل لا نكون مجازفين إذا قلنا أن المراقب المحايد للأداء الإعلامي والسياسي المصري يعطي إشارات قوية على رفض عاصفة الحزم ، والرسائل المتضاربة من نظام الجنرال تؤكد على ما ذكرناه من الرفض المصري المبطن لعاصفة الحزم أو بالأدق الغضب من ضآلة الدور المصري في العاصفة .
بدأ الأمر بتصريح للسيسي في خطابه بالندوة التثقيفية الـ16 للقوات المسلحة المصرية وهو يوجه رسالة للشعب والمسؤولين في اليمن ويقول لهم"الجيش المصري لمصر فقط وليس لحد ثاني"، فسر الجميع هذا التصريح على أنه رسالة للحلف الذي تقوده السعودية أنه لن يسمح بمشاركة برية للجيش المصري في اليمن.
هذه الرسالة جاءت في أعقاب التعاطي الفاتر من جانب دول الخليج ـ باستثناء الامارات ــ مع فكرة تأسيس قوة عربية مشتركة والتي كانت أحد ركائز سياسة الجنرال في تثبيت حكمه في المنطقة ، وفي كلمته أمام القمة العربية في القاهرة يوم 28 مارس، ظهر تباين السيسي مع آراء مجلس التعاون الخليجي في ترتيب أولويات التهديدات الإستراتيجية للشرق الأوسط، بشكل واضح.
فالسيسي يعتبر الإرهاب، التطرف الإسلامي، الطائفية وعدم الاستقرار هي المخاطر الأكثر تهديدا للنظام الإقليمي. في حين ترى دول مجلس التعاون الخليجي في التوسع الإيراني باعتباره التهديد الإقليمي الرئيس.
هذا التباين المصري والأجندات الخاصة لنظام الجنرال ، والشكوك من استغلال فكرة التدخل البري لتكون بوابة خلفية لعودة المساعدات الخليجية بغير حساب ولا رقيب مثل أيام الملك عبد الله، وتخفيف الضغوط السعودية المتزايدة على نظام السيسي من أجل إنهاء أزمة الاخوان ، دفع السعودية للتفكير في الاستعانة بقوات باكستانية لتنفيذ خطة التدخل البري في اليمن ، فأجروا مناورات عسكرية مع قوات النخبة الباكستانية في قاعدة عسكرية في جنوب غرب المملكة، وصاغوا اتفاقا مع إسلام أباد بشأن حدود وقيادة بنية الانتشار السريع للقوة الدفاعية المشتركة للمرابطة على الأراضي السعودية بالقرب من الحدود مع اليمن.
ولدى المملكة العربية السعودية علاقات طويلة الأمد مع باكستان، وعلاقة خاصة ووثيقة مع شريف فعندما أُطيح به في انقلاب عام 1999، تم إرساله إلى المنفى في المملكة، باكستان دربت الجيش السعودي عدة مرات، بعد أن استعانت بها المملكة مقابل دفع معونات وأموال واستثمارات كبيرة في باكستان، خلال السبعينات والثمانينات، طار الطيارون في سلاح الجو الباكستاني بطائرات البرق التابعة للقوات الجوية السعودية، والتي صدت التوغل في جنوب اليمن إلى الحدود الجنوبية للمملكة في عام 1969، ثم عمل السعوديون بشكل وثيق مع الاستخبارات الباكستانية، لتمويل "الجهاد" ضد السوفييت في أفغانستان.
ولكن مع الرفض الشعبي والسياسي والبرلماني الباكستاني لفكرة التدخل البري في اليمن تغير الخطاب الرسمي في مصر بصورة بهلوانية من ( جيش مصر لمصر وحدها) إلى مبدأ ( مسافة السكة ) خلال 72 ساعة فقط ، حيث صرح السيسي بأن بلاده لن تتخلى عن أشقائها في الخليج، وستقوم بحمايتهم إذا تطلب الأمر، وأوضح السيسي، في تصريحات للصحفيين، عقب اجتماعه مع المجلس الأعلى للقوات المسلحة (يضم كبار قادة الجيش) منذ عدة أيام ، إن "مصر لن تتخلى عن أشقائها فى الخليج وسنقوم بحمايتهم إذا تتطلب الأمر ذلك"، وحتى يطمئن السيسي المتخوفين من الحرب البرية وذكريات حرب 62 السوداء والتي راح ضحية التدخل البري فيها 26 ألف جندي مصري من أصل 70 ألفا أرسلوا هناك ، قال: "تدخل المصريين في اليمن بالستينيات يختلف عن الفترة الحالية".
كل المؤشرات تؤكد على أن اليمن ستكون بمثابة فيتنام أخرى للجيش المصري وأي جيش سيتدخل بريا، ومحرقة جديدة للجيش المصري، حذر الخبير الأمني والاستراتيجي اللواء محمود زاهر، من التدخل البري للقوات المصرية في اليمن مهما كانت الأسباب، لأن الخسائر المادية والبشرية لا يمكن حصرها في حال تدخلت القوات المصرية بريًا إلى اليمن.
وأوضح زاهر أن الشعب اليمني لن يقبل بسهولة فكرة التدخل البري مهما كانت أسبابه، يضاف إلى ذلك الطبيعة الجبلية والتي يصعب على القوات العسكرية المصرية التعامل معها، وتجربة الجيش المصري عام 1962 في اليمن خير دليل بفقدان القوات المصرية ألاف الأرواح من الجنود وقد يتكرر السيناريو مرة أخرى، وأضاف زاهر أن امكانية التدخل البري ممكنة ولكن الانتهاء منها سيكون معقدًا، وطالب القيادات المصرية بعدم السماح لدخول القوات المصرية الأراضي اليمنية وأن تقف موقف دفاعي على الحدود السعودية لحمايتها.
أما اللواء سامح سيف اليزل، رئيس مركز الجمهورية للدراسات الاستراتيجية، والمعروف بقربه الشديد من نظام الجنرال السيسي قال إنه لا يميل إلى فكرة التدخل البري في اليمن لأن الوقت غير مناسب ورجح استمرار توجيه الضربات الجوية ضد معاقل الحوثيين ، لاسيما في ظل سيطرتهم على وحدات تابعة للجيش اليمني بالإضافة للمساعدات التي يقدمها لهم أنصار الرئيس السابق علي عبد الله صالح.
كذلك حذرت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، مصر من التدخل البري باليمن، مؤكدة أنه سيعرضها لمواجهة شرسة مع الحوثيين، كما أنه سيحول اليمن إلى "فيتنام" مصر، على حد وصفها.وقالت الصحيفة إن التدخل البري لمصر في اليمن يورطها في صراع طويل الأمد، لأن المعركة على الأرض ستكون شرسة جدًا، كما أن مشاركة مصر في الحرب تعيد للأذهان تجربة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر باليمن في الستينيات، والتي أرسل خلالها قوات مصرية للحفاظ على النظام الجمهوري مما أسفر عن خسائر مادية وبشرية كبيرة.
مصر تحت حكم الجنرال سوف تتدخل بريا في اليمن بلا أفق سياسي واضح ومحدد المعالم، سوف تتدخل بريا منفردة بعد أن أحجمت باكستان وغيرها عن الدخول في هذا المستنقع ، ستتدخل منفردة وليس ضمن القوة العربية المشتركة ، ستأخذ قرار التدخل بلا توافق سياسي أو محاسبة برلمانية أو إجازة شعبية ، ستدخل بحثا عن تحقيق أجندات خاصة ترتكز في مجملها على أساس واحد ، وهو ضمان تدفق المساعدات المالية الضخمة ــ التي مثل الرز ــ بلا مراقبة أو محاسبة ، ستدخل منفردة من أجل وقف أي دور لحزب الإصلاح اليمني المحسوب على جماعة الاخوان في المرحلة القادمة ، ستدخل لتثبت لدول الخليج عامة والسعودية خاصة أنها الحليف الأقرب الذي يستطيع أن يتعاطى فوريا مع المواقف الحساسة بلا ممانعة شعبية أو تعقيدات دستورية أو عقبات برلمانية ، ففي مصر كل شيء تحت السيطرة .
المصدر: مفكرة الاسلام[/align]