التخويف بالآيات ليس خرافة للشيخ صالح الفوزان

أبو عبد الرحمن
1432/02/02 - 2011/01/06 18:57PM




التخويف بالآيات ليس خرافة
صالح بن فوزان الفوزان *

قال الله تعالى: (وما نرسل بالآيات إلا تخويفاً) الاسراء ٥٩، وقال النبي صلى الله عليه وسلم لما كسفت الشمس في عهده: «إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله يخوف الله بهما عباده لا تنكسفان لموت أحد ولا لحياته فإذا رأيتم منهما ذلك فصلوا وادعوا حتى ينكشف ما بكم» ولما حصل الكسوف في عهده خرج صلى الله عليه وسلم من بيته فزعاً يجر رداءه يخشى أن تكون الساعة وما زال المسلمون يعملون بهذه السنة النبوية الثابتة بالأحاديث الصحيحة، يصلون صلاة الكسوف ويدعون الله ويستغفرونه خوفاً من العقوبات.

ولما حصل الكسوف في هذه الأيام كُتب في جريدة «الرياض» عدد الثلاثاء ٢٩/١/١٤٣٢ه للكاتب فهد الأحمدي مقال بعنوان (المعرفة تقتل الخرافة) ينكر فيه التخويف بالكسوف والخسوف والرعد وينكر أن يكونا من الآيات التي يخوف الله بهما عباده مخالفاً الآية وقول النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك.

حيث قال: فالإنسان البدائي مثلاً كان يعتقد أن صوت الرعد الذي يتوافق مع الصواعق يعبر عن غضب الإله، وحتى يومنا هذا ما يزال من يعتقد أن الكسوف والخسوف اشارتان لانتهاء الزمن واقتراب الحساب. وأنا شخصياً تعلمت في طفولتي الخوف منهما لهذا السبب، وفي حالات كهذه كان الرعب يملأ القلوب وتسيطر الخرافة على العقول قبل أن نتعلم أن صوت الرعد ناجم عن تفريغ الشحنات الكهربائية في السحب الرعدية، وأن الكسوف والخسوف ظاهرتان كونيتان يمكن توقع مواعيدهما مستقبلاً من خلال جداول فلكية خاصة إلى آخر ما قال.

والرد عليه أن نقول:

أولاً: صوت الرعد والصواعق والبرق ذكر الله أن هذه الحوادث من آياته التي يخوف بها عباده فقال: (ومن آياته يريكم البرق خوفاً وطمعاً) الروم٢٤، وقال تعالى (هو الذي يريكم البرق خوفاً وطمعاً وينشئ السحاب الثقال (١٢) ويسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته ويرسل الصواعق فيصيب بها من يشاء وهم يجادلون في الله وهو شديد المحال (١٣) الرعد١٢ - ١٣، وقال في وصف السحاب: (يكاد سنا برقه يذهب بالأبصار) النور ٤٣، ولا يمنع ذلك أن تكون حقيقة البرق كما ذكر الكاتب ناجمة عن تفريغ الشحنات الكهربائية بإذن الله وقد أهلك الله قوم ثمود بالصاعقة كما قال تعالى (وفي ثمود إذ قيل لهم تمتعوا حتى حين (٤٣) فعتوا عن أمر ربهم فأخذتهم الصاعقة وهم ينظرون (٤٤) فما استطاعوا من قيام وما كانوا منتصرين) الذاريات ٤٣ - ٤٥.
ونحن لا نعلم حقيقة البرق وأنه ناشئ عن شحنات كهربائية كما قال الكاتب لأن الله تعالى قال: (وما يعلم جنود ربك إلا هو وما هي إلا ذكرى للبشر) المدثر ٣١، (والله على كل شيء قدير) البقرة ٢٨٤، (يخلق ما يشاء).

ثانياً: الكسوف والخسوف وإن كان يعرف وقت حدوثهما بالحساب فذلك لا يمنع أن يغير الله سببهما ويحدث الله عندهما عذاباً وهلاكاً كما تخوف ذلك النبي صلى الله عليه وسلم وشرع لأمته الصلاة والدعاء عند حدوثهما ومن الذي يضمن زوال الكسوف والخسوف وعودة ضوء النيرين. وقد قال الله تعالى: (قل أرأيتم إن جعل الله عليكم الليل سرمداً إلى يوم القيامة من إله غير الله يأتيكم بضياء أفلا تسمعون (٧١) قل أرأيتم إن جعل الله عليكم النهار سرمداً إلى يوم القيامة من إله غير الله يأتيكم بليل تسكنون فيه أفلا تبصرون (٧٢) القصص ٧١ - ٧٢.

أيكون ما جاء في هذه الآيات من باب الخرافة كما قال الكاتب أن هذه الأحداث العظيمة ظواهر كونية ليس فيها تخويف ولا عبرة.

أرجو من الكاتب وغيره إعادة النظر لتصحيح هذا الفكر والتصور الذي يخل بالعقيدة، والله تعالى يقول: (وما أوتيم من العلم إلا قليلاً) الإسراء ٨٥، ويقول سبحانه (ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولاً) الاسراء ٣٦. وفق الله الجميع للعلم النافع والعمل الصالح وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.


* عضو هيئة كبار العلماء

http://www.alriyadh.com/2011/01/06/article592059.html

المشاهدات 2987 | التعليقات 4


لهذا الكاتب ـ هداه الله ـ ولأمثاله من السقطات والخروج عن حدودهم وتجاوز معالمهم أشياء كثيرة لو عدها عاد لخرج من ذلك مجلد كبير ، بل مجلدات عدة .
وهكذا كل من تكلم في غير فنه أتى بالعجائب .
وهؤلاء الصحفيون ، ولا سيما من لهم في الصحف أعمدة يومية ، يتكلف أحدهم من أمره شططًا ، ويخوض فيما يحسن وفيما لا يحسن ، فتراه يومًا طبيبًا ماهرًا ، ويومًا حكيمًا حاذقًا ، ويومًا عالم ذرة ، وحينًا يتحدث وكأنه أكبر علماء الاجتماع ، وحينًا يخوض في مضايق علم النفس ويحللها ، وفي يوم يتمحور حديثه حول نفسه ويصف مغامراته وأسفاره ليظهر فيها الرحالةَ الذي جاب المشارق والمغارب واطلع على الثقافات وشاهد المفارقات والمتغايرات ، مع الحرص على إبراز النفس بمظهر البطل في كل موقف يمر !!
إنهم مُقَمِّشون ، حُطَّاب ليل ، يغوصون مرة في البحار وحينًا لا يشعرون إلا وهم في أوحال المستنقعات الآسنة ، ومن ثم فقد يأتون بالدرر أحيانًا ، والأغلب أن تزل بهم الأقدام في حفر عميقة ، ويصدق عليهم الحديث : " إن العبد ليتكلم بالكلمة ما يتبين فيها يزل بها في النار أبعد ما بين المشرق والمغرب " رواه البخاري ومسلم .

وهؤلاء في الحقيقة جديرون بأن يحذر منهم ويفضحوا وتكشف للناس سوآتهم لئلا يغتروا بهم ، وخاصة أننا في عصر جعل بعض الناس مصدره الذي يتلقى منه أخباره وأحكامه هو تلك الصحافة .
ولا أدري ما ضر مثل هذا الكاتب لو حاول أن يفسر الكسوف أو الخسوف تفسيرًا علميًّا ، وطامن نفسه عن أن يرتقي على ما في كتاب الله وفي سنة رسوله ؟! أليس هذا كان أجدر به وأعرف منه لنفسه ؟!
بلى !! ولكنه التعالم ومحاولة ملء عموده اليومي بشيء يقرؤه المغفلون من أمثاله ؛ ليزهدوا في دينهم ، ويتجافوا عما شرع لهم من عبادات ، فيبوء بإثمه وإثمهم ولا حول ولا قوة إلا بالله ، ولو أنه اقتصر على التفسير العلمي ، لما لامه أحد ، إذ علماء الشريعة لا ينكرون أن يكون لمثل هذه الظواهر أسباب كونية معروفة ، ولكنهم يعرفون ويوقنون أن الله هو خالق الأسباب ومُسَبَّبَاتِهَا ، وهو القادر على كل شيء ، وأن ثمة أسبابًا قد تعرف وأخرى لا تعرف ، وأنه " وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً " وأن العلم النظري المبني على التجارب والمقدمات الصحيحة لا يمكن أن يخالف ما جاء في الكتاب والسنة ، وأنه لا تعارض بين معرفة أسباب مثل هذه الظواهر وبين أداء ما شُرِعَ لنا عند حدوثها .
ولو أن كل شيء عرفنا سببه الظاهر أو حددناه بدقة أصبح خرافة ، لتركنا الصلوات الخمس ، إذ نحن الآن نعرف وبدقة متى تظهر الشمس ومتى تغيب ، ومتى ينتصف النهار والليل ، ومتى يدخل وقت العصر ، فهل يغير ذلك من أوقات الصلوات المكتوبة أو أحكامها شيئًا ؟!
أبدًا ، لا يغير شيئًا ، فمتى قام السبب الذي عُلِّقَ عليه الحكم الشرعي ، فإن على المسلم الإتيانَ بما أُمر به أو الانكفافَ عما نُهي عنه ، وأن يستحضر أن فوق كل ذي علم عليم .

اللهم ألهمنا رشدنا وقنا شر أنفسنا ، وبصرنا بعيوبنا ، وارزقا التواضع للحق .


هؤلاء الصحفيون المخلطون دخل عليهم النقص وتجاوز الحدود من غرورهم ومحبتهم للإثارة وتحدثهم في كل شيء وإبراز الواحد منهم نفسه وكأنه المحيط بجميع العلوم ... وهذا من أفضع الجهل وأقبحه أن يتحدث المرء في كل أمر ويتكلم في كل فن ...
ونحن في وقت ظهر فيه التخصص والناس تحترم صاحب التخصص المبدع في تخصصه وتحقر المدعي العلم بكل شيء وتعرف أنه لا شيء ...
ومن ادعى العلم بكل شيء فقد جهل كل شيء ...
وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه ))


يرفع للمناسبة
كسوف الأربعاء 13/7/1432هـ



خسوف القمر مساء 15/1/1433هـ