التخطيط لرمضان / 24 رجب

صالح التويجري
1438/07/23 - 2017/04/20 15:28PM
]][]بسم الله الرحمن الرحيم

خطبة الجمعة 24 رجب 1438هـ

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين وعلى آله الطيبين الطاهرين وأزواجه أمهات المؤمنين والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليماً كثيراً

عباد الله

اتقو الله حق التقوى واستمسكوا من الإسلام بالعروة الوثقى ، واحذروا أسباب سخط الجبار فإن أجسادكم على النار لا تقوى .

إخوة الإيمان :

لم يتبقّ على موسم القرآن سوى بضع وثلاثين ليلة .. فحسب

أسأل الله أن يبلغنا إياه ونحن في صحة وعافية وأمن وأمان لا فاقدين ولا مفقودين .

أيها المؤمنون ..

إن من الكياسة والفطنة أن يسبق المرء موسم الطاعة والعبادة بشيء من التخطيط ، ف علماء الإدارة يؤكدون أن دقيقة تخطيط توفّر ثلاث دقائق في التنفيذ ، وما أحوجنا أن نخطط لنحصل على زيادةٍ في الوقت في التنفيذ ، وفائدة أخرى للتخطيط أهم وأجلّ ألا وهي ثبات الأجر في حال من حان رحيله عن هذه الدار قبل حلول رمضان ، وتلك وربي هي الغنيمة الباردة التي لا يحرم منها إلا محروم ، " ومن يخرج من بيته مهاجراً إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله "

عباد الله :

اعتاد الناس في شهر القرآن "ختم القرآن"(قراءةً) ولو كانت القراءة مِعوَجّة بكل أسف ، ولا شك أن هذا خطأ فادح ، حيث يقرأ المرءُ أحياناً ويلحن لحناً جليّاَ ، فقد ينطق كلامَ الله على غير مرادِ الله ، وبذلك يقع في محظور جسيم ، وبهذه المناسبة يجدر بالمرء أن يقرأ القرآن تلاوةً على مقرئ يصوّب له ما قد يخطئ فيه ، ليسلم من أن يقع في المحظور

وأجمل من ذلك وأهم أن يخطط لهذا الشهر من الآن بأن يحفظ ويفهم سورة البقرة التي كما قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم "اقرؤوا سورة البقرة فإن أخذها بركة وتركها حسرة ولا ينالها البطلة " أي السحرة رواه مسلم

فمن أراد أن يفهم ثم يحفظ هذه السورة العظيمة في شهر رمضان القادم فليبدأ من الآن بقراءة كتب التفاسير المختصرة وليكن معه في سيارته وكل أحواله ، تسجيلاً لقارئٍ مجوّدٍ يكرّر على مسمعه هذه السورة ، حتى إذا دخل رمضان فإذا به قد فَهِمَها وتمكّن من قراءتها قراءةً صحيحة ثم يسهُل عليه بعد ذلك حفظها .

إخوة الإيمان :

كم من رمضان مضى وتصرّم من أعمارنا ولم نعزم على أنفسنا بحفظ وفهم سورة واحدة كسورة البقرة ؟

إن الله سبحانه وتعالى قال عن كتابه "وإنه لكتاب عزيز" فما معنى عزة هذا الكتاب ؟

من معانيها : أنه يقبل على من يقبل عليه ويعرض عن من يعرض عنه !!

وصدق الله (ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدّكر)

قيل لأحد السلف : كم آخذ من القرآن ؟

قال : بقدر ما تريد من السعادة

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم "الذين آتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوته أولئك يؤمنون به "

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه فيا فوز المستغفرين .



الخطبة الثانية

الحمد لله على إحسانه والشكر له على توفيقه وامتنانه وأشهد أن لا إله إلا الله تعظيماً لشأنه وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وإخوانه ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين وسلم تسليماً كثيراً

إخوة الإيمان

ليكن تخطيطنا لرمضان المقبل مختلفاً من حيث تنوّع العبادات واختلاف الطاعات .

فثمة عبادات وجدانية كالصلاة وقراءة القرآن والاعتكاف ، وهذه العبادات تحتاج تهيئة مسبقة ليبلغ تأثيرها على القلب وذلك بالبعد عن المشتتات كشبكات التواصل وغيرها

وثمة عبادات اجتماعية كبر الوالدين وصلة الرحام ونحوها وهذه العبادات تحتاج رسم جدول عملي تفصيلي زماني كلُّ قريب بحسب قربه

وثمة عبادات مالية ، ويجدر بالمسلم أن لا يفوت عليه يوم في ذلك الموسم الفاضل إلا ويتصدّق بصدقة خفية ، ويبدأ بالأقربين من حوله قبل غيرهم لتقديم القرآن لهم .

وثمة عبادات متعدي أثرها للناس وهي من فروض الكفايات كالدعوة إلى الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ونحوها من خلال التعاون مع الجهات الرسمية في ذلك .

أخوة الإيمان : نختم بما بدأنا به من أهمية ربط القلب بكتاب الله في هذا الموسم الفاضل الذي فضّله الله بإنزال هذا القرآن فيه

فما أحوجنا أن نجعل من تخطيطنا لهذا الشهر مع القرآن ليكون انطلاقة في العيش مع كتاب الله ، قراءة وفهماً وحفظا وتدبرا واستشفاء وتحاكما

وتلك وربي غايةٌ عظيمة كم كان يتمناها عدد من الصحابة والسلف عند دنوّ الأجل كما حصل مع خالد بن الوليد رضي الله عنه وغيره

اللهم أحي قلوبنا بالقرآن وأسعدنا بالإيمان وتوفنا على الإسلام
المشاهدات 1470 | التعليقات 0