التحذير من سُرّاق الأوقات في شهر الرحمات
عايد القزلان التميمي
الخطبة الأولى
الحمد الله الذي أنعم علينا بالإيمان، وفرض علينا الصوم في رمضان، لنيل الرضا والرضوان، مِن الله الملك الديان، وتهذيباً للنفوس وصحة للأبدان وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملكُ الديَّان، وأشهد أن نبيَّنا ورسولَنا محمدًا عبدُه ورسولُه سيدُ ولد عدنان، اللهم صلِّ وسلِّم وبارِك عليه وعلى آله وأصحابِهِ إلى يوم الدين.
أما بعد فأوصيكم ونفسي بتقوى الله عز وجل (( يا أيها الذين امنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما ))
أيها المؤمنون : إنها أيام قلائل ويَهِلّ ضيفٌ كريمٌ ينتظره المسلمون بكل شوقٍ ولهف، إنه شهر رمضان الذي يفيض فيه ربنا برحماته وبالعتق من نيرانه، قال الله تعالى معظماً شهر رمضان «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ»، وقال تعالى «شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لّلنَّاسِ وَبَيِّنَـاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبّرُواْ اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ».
ولقد كان النبي صلى الله عليه وسلم َيُبشر أصحابه بقدوم شهر رمضان، ويُحَفِّزهم فيه للعمل الصالح فقد روى الإمام أحمد والنسائي عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ لَمَّا حَضَرَ رَمَضَانُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «قَدْ جَاءَكُمْ رَمَضَانُ شَهْرٌ مُبَارَكٌ افْتَرَضَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ صِيَامَهُ تُفْتَحُ فِيهِ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ وَتُغْلَقُ فِيهِ أَبْوَابُ الْجَحِيمِ وَتُغَلُّ فِيهِ الشَّيَاطِينُ فِيهِ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ مَنْ حُرِمَ خَيْرَهَا فَقَدْ حُرِمَ» (صححه الألباني) . فالمحروم حقا من حُرِم الخير في رمضان.
وعن أبي هريرة عن النبي قال(( من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه ((رواه البخاري ومسلم.
أيها المؤمنون : إن شهر رمضان مليء بالفضائل، و الأجور العظيمة فهنيئاً لكل من صامه وقامه إيماناً واحتساباً،
ويكفي من فضائل رمضان أنه حِصن حصين من النار
فقد روى الإمام أحمد عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (( الصِّيَامُ جُنَّةٌ ، وَحِصْنٌ حَصِينٌ مِنَ النَّارِ)) ».
الصيام جنّة (أي وقاية وحماية من النار)
فَيَنْبَغِي لِلصَّائِمِ أَنْ يَصُونَ صيامَه مِمَّا يُفْسِدهُ وَيَنْقُص ثَوَابه ؛
فقد اخرج مَالِك والشيخان
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه
أَنَّ رَسُولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم
قَالَ
(( الصِّيَامُ جُنَّةٌ ؛ فَإِذَا كَانَ أَحَدُكُمْ صَائِمًا ، فَلَا يَرْفُثْ وَلَا يَجْهَلْ ، فَإِنْ امْرُؤٌ قَاتَلَهُ أَوْ شَاتَمَهُ فَلْيَقُلْ : إِنِّي صَائِمٌ ، إِنِّي صَائِمٌ ))
عباد الله / إن بلوغ رمضان نعمةٌ كبرى , وأبواب الجنة مفتوحة لنا في هذا الشهر، فلنكن من الداخلين، إنها فرصة ثمينة لكل مقصر ـ وكلنا مقصرون ـ أن نفوز بمغفرة من الله، وعتق من النار.
ولا يوجد فوز هو أعظم من النجاة من النار
قال الله تعالى (( فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ))
فاحذروا أيها المؤمنون , من سُرَّاق الأوقات من أهل الشهوات وأصدقاء السوء ومواقع التواصل والقنوات الفضائية التي ستهاجمنا بأفلامها ومسلسلاتها وخَيلِها ورَجِلِهَا، فاحذروهم أن يسرقوا منكم أوقاتكم ويُلهونكم عن مرضات ربكم , واقتدوا بهدي نبيكم صلى الله عليه وسلم في شهر رمضان الذي كان يُكْثِر فيه من أنواع العبادات: من صلاة، وذكر ودعاء وصدقة، وكان يخص هذا الشهر من العبادة بما لا يخص غيره من الشهور الأخرى،
قال الله تعالى لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ .
اقول ما سمعتم واستغفر الله العظيم لي ولكم فاستغفروه انه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية / الحمد لله موفق الطائعين وهادى الذين آمنوا إلى صراط مستقيم، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليماً كثيراً.
أما بعد
فيا أيها المؤمنون : إن الصوم المقبول حقاً هو صوم الجوارح عن الآثام ، واللسان عن الكذب والفحش والبطن عن الطعام والشراب والفرج عن الرفث ومباشرة النساء .
وإن رمضان فرصة عظيمة للتعود على الطاعة ثم الثبات عليها , وإنه فرصة عظيمة للصدق مع الله تعالى في أيامه ولياليه ، ومداومة الصدق بعد ذلك حتى ينال الصادق ما أعده الله للصادقين ؛))
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ )) ؛
إن هذه الآية جاءت مع آية توبة الله تعالى على الثلاثة الذين خلفوا في غزوة تبوك فتاب الله عليهم لأنهم كانوا صادقين ، اللهم اجعلنا من الصادقين .
عباد الله صلوا وسلموا على رسول الله
المرفقات
1617941553_التحذير من سُرَّاق الأوقات في شهر الرحمات.docx