التحذير من تنظيم السرورية الارهابي *موافقة للتعميم*16-3-1443هـ

محمد آل مداوي
1443/03/15 - 2021/10/21 09:31AM

إنَّ الحمدَ لله، نحمدُه ونستعينه ونستغفره، ونعوذُ باللهِ من شرور أنفسنا ومن سيئاتِ أعمالنا، من يهده اللهُ فلا مُضلَّ له، ومن يُضلِلْ فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ نبينا محمدًا عبدُه ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلَّم تسليمًا كثيرًا.. أما بعد:

فأُوصيكُم -أيُّها الناس- ونفسي بتقوى الله، فاتَّقوا الله رحمكم الله، واستعدُّوا ليومٍ تُرجَعونَ فيهِ إلى الله؛ (فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ).

أيها المسلمون: ربُّكُمْ جلَّ وعلا يُحِبُّ اجتِمَاعَ عبادِهِ على الحَقِّ والهُدى، ويُحِبُّ تعاونَهُم على البِرِّ والتقوَى، ويُحِبُّ تَكَاتُفَهُم، وتَرَاحُمَهُم، واتِّحادَ صُفوفِهِم، ووِحْدَةَ كَلِمَتِهِم، يُحِبُّ مِنْ عِبادِهِ أنْ يكونُوا كالبُنيانِ المَرصُوص، وكالجَسَدِ الوَاحِد، وأَنْ يَعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَميعًا ولا يَتَفَرَّقوا (وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سبيله ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ).

ولأنَّ اللهَ طَبَعَ النَّاسَ مُخْتَلِفِينَ في آرائِهِم وعُقُولِهِم، كاخْتِلافِهم في ألوَانِهِم وصُوَرِهِم أو أشَدّ؛ كانَ مِنْ أعظَمِ أسبَابِ اجتِمَاعِهم، واتِّحَادِ صَفِّهِم: السَّمْعُ والطاعَةُ لِمَنْ ولّاهُ اللهُ أمرَهُم، وعدَمُ الاختِلافِ عليهِ في الآراءِ والأفعَال، أو مُنَازَعَتِهِ فيمَا جَعَلَ اللهُ له مِنَ الأمر، ولذلك؛ قَرَنَ اللهُ بينَ الأمْرِ بطاعَتِهِ عزَّ وجل وطاعَةِ رسُولِهِ r، وحَقِّ وُلاةِ الأمر، فقالَ تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وأَطِيعُوا الرَّسُولَ وأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ).

كمَا جَعَلَ الاختِلافَ والتَّفَرُّقَ مِنْ صِفَاتِ المُشرِكين، المُخَالِفينَ لِسُنَّةِ الأنبياءِ، وهَدْي المُرسَلين، (مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ).

(إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ).

روَى أهلُ السُّنَنِ أنَّ النبيَّ r قال: (افترَقَتِ اليهودُ على إحْدَى وسبعينَ فِرْقَة، وافترَقَتِ النَّصَارى على اثنتينِ وسبعينَ فِرْقَة، وستَفْتَرِقُ أُمَّتي على ثَلاثٍ وسبعينَ فِرْقَة، كلُّها في النَّارِ إلاّ وَاحِدَة)، قالوا: مَنْ هيَ يا رسولَ الله؟ قال: (هيَ ما أنا عليهِ وأصحابي).

عبادَ الله: وإنَّ كُلَّ ما يؤثِّرُ في وِحْدَةِ الصَّفِّ، أو يُضْعِفُ اتِّحَادَ الكَلِمَة، أو يُخَالِفَ بينَ القُلوب؛ مِنْ بَثِّ شُبَهٍ وأفكار، أو تَأسيسِ جَماعَاتٍ ذاتِ بيعةٍ وتنظيم، أو نحوِ ذلك؛ فهو مُحرَّمٌ بدَلالةِ الكتابِ والسُّنة. ومِن تلكَ التنظيمَاتِ المُنحَرِفة: تَنظِيمُ (السُّرورية)، الذي يَتَّخِذُ مِنْ أتْبَاعِهِ وسَائلَ إلى تَفريقِ الكَلِمَة، وبَثِّ الفُرْقَةِ، ومُنازَعةِ وُلاةِ الأمور، والتَّحْرِيضِ على الخُروجِ عليهِم، وإثَارةِ الفتنِ بينَ المُسلِمين، ونَشْرِ الحُروبِ في بُلدَانِهم.. تَنْظِيمٌ يَتَسَتَّرُ بالدِّينِ ويُمَارِسُ ما يُخالِفُه، يَنْتَهِجُ السرِّيَّةَ في الوُصولِ إلى أهْدَافِه، وهُوَ خَارِجٌ مِنْ رَحِمِ جَمَاعَةِ (الإخْوانِ) الإرهابية، ووَجْهٌ مِنْ وجُوهِهَا.

والسَّعيدُ -عبادَ الله- مَنْ لَزِمَ الجمَاعة، واتَّبَعَ السُّنة، ودعَا إلى اللهِ على عِلْمٍ وبَصِيرَة، وتَرَكَ الانتِمَاءَ إلى مِثْلِ هذهِ الجَمَاعاتِ، أو التَّعاطُفَ معَها.

(وَاعْتَصِمُوا۟ بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا۟ وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانَا وَكُنتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةࣲ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ).

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم.. أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين والمسلمات من كل ذنب، فاستغفروه يغفر لكم، إنه هو الغفور الرحيم. 

 

الخطبة الثانية

 

الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيمًا لشأنه، وأشهد أن نبينا محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلَّم تسليمًا مزيدًا.. أما بعد:

فاتَّقوا اللهَ عبادَ الله، أقِيمُوا الدِّين، والْزَمُوا هَدِيَ المُرسَلين.. (شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ).

اللهم يا وَلِيَّ الإسلامِ وأَهلِه مَسِّكْنا بدينِكَ وسُنَّةِ نبيِّكَ حتى نلقاك، اللهمَّ إنا نَعوذُ بكَ أَنْ نكونَ سببًا لفُرقَةِ الناسِ وتَفريقِهِم، اللهم اجعلنا سَببًا لِتَوحِيدِ الكَلِمَةِ على كَلمةِ التوحيد، اللهم آمين.

 

هذا وصلُّوا وسلِّمُوا -رحمكم الله- على محمد بن عبد الله كما أمركم الله بذلك في كتابه فقال: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً)، وقال r: "من صلى علي واحدة، صلى الله عليه بها عشرًا"، اللهم صلِّ وسلِّم على عبدِك ورسولِك محمدٍ، وارض اللهم عن الخلفاء الراشدين الأئمة المهديين: أبى بكر وعمر وعثمان وعلي، وارض اللهم عن الصحابة أجمعين، وعن التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم بمنِّك وكرمك وإحسانك يا أكرم الأكرمين.

 

 

اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأَذِلَّ الشرك والمشركين، ودمِّر أعداء الدين، واحمِ حوزةَ الدين.. اللهم آمِنَّا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، واجعل ولايتَنَا فيمن خافك واتقاك واتبعَ رضاك يا رب العالمين.

اللهم أيّد بالحق والتوفيق إمامنا وولي أمرنا، اللهم وفقه وولي عهده لهُداك، واجعل عملهم في رضاك، وهيء لهم البطانة الصالحة التي تدلهم على الخير وتعينهم عليه، واجمع بهم كلمة المسلمين يا رب العالمين.. اللهم ووفق جميع ولاة أمور المسلمين لما فيه صلاح الإسلام والمسلمين يا ذا الجلال والإكرام.

اللهم أصلح قلوبَنا، واشرح صدورَنا، ويسِّر أمورَنا، وانصر جنودَنا، اللهم اِرْبِطْ على قُلُوبِـهم، وثَبِّتْ أقدامَهُم، وانصُرهم على القومِ المعتدين، واخْلُفْهُم في أهليهِم بخيرٍ يا رب العالمين.

اللهم أنت الله لا إله إلا أنت، أنت الغني ونحن الفقراء أنزل علينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين، اللهم أغثنا. اللهم أغثنا، اللهم أغثنا.. اللهم إنا نستغفرك إنك كنت غفارا فأرسل السماء علينا مدراراً، برحمتك يا أرحم الراحمين.

ربنا آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار.

عباد الله: اذكروا الله يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.

 

المرفقات

1634808685_خطبة_16_3_1443_التحذير_من_تنظيم_السرورية_الإرهابي.docx

المشاهدات 2568 | التعليقات 0