التحذير من بعض انحرافات جماعة التبليغ ( الأحباب )
أبو المقداد الأثري
التحذير من بعض انحرافات جماعة التبليغ ( الأحباب ) خطبة مكتوبة
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً. {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}
أما بعد:
فَإِنَّ خَيْرَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللهِ، وَخَيْر الهدي هدي مُحَمَّدٍ، وَشَرَّ الأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ.
عباد الله: إن الله تعالى أمرنا بالاجتماع على كتابه وسنة نبيه ﷺ وعلى ما كان عليه الصحابةُ والتابعونَ لهم بإحسان، ونهانا عن التفرق في الدين فقال تعالى: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا} وقال تعالى {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}.
وبمثل هذا جاءت السنةُ النبوية فقال ﷺ : ” إِنَّ اللهَ يَرْضَى لَكُمْ ثَلَاثًا، وَيَكْرَهُ لَكُمْ ثَلَاثًا، فَيَرْضَى لَكُمْ: أَنْ تَعْبُدُوهُ، وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَأَنْ تَعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا، وَيَكْرَهُ لَكُمْ: قِيلَ وَقَالَ، وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ، وَإِضَاعَةِ الْمَالِ ” رواه مسلم.
ومع الأمرِ الصريحِ في الكتابِ والسنةِ بالاجتماعِ على الحق، والنهي عن التفرق في الدين إلا أن الفُرقة في الدين وقعت في هذه الأمة كما وقعت في الأمم مِن قبل مصداقاً لقوله ﷺ: «أَلَا إِنَّ مَنْ قَبْلَكُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ افْتَرَقُوا عَلَى ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ مِلَّةً، وَإِنَّ هَذِهِ الْمِلَّةَ سَتَفْتَرِقُ عَلَى ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ: ثِنْتَانِ وَسَبْعُونَ فِي النَّارِ، وَوَاحِدَةٌ فِي الْجَنَّةِ، وَهِيَ الْجَمَاعَةُ » رواه أبو داود.
ومن مظاهرِ التفرقِ في الدين إنشاءُ جماعاتٍ وأحزابٍ دينيةٍ على أصولٍ ومناهجَ مخالفةٍ للكتاب والسنة، مخالفةٍ لعقيدة التوحيد، مخالفةٍ لعقيدة السلف الصالح. ومن تلك الجماعات ما يعرف بـ(جماعة التبليغ والدعوة) أو بـ(جماعة التبليغ) أو بـ(جماعة الأحباب) وهم جماعة يجتمع بعض أفرادها بقيادة أمير لهم فيمرون على البيوت ويدعون أهلها ويرغبونهم في الخروج معهم ويسمون هذا الخروج خروجاً في سبيل الله.
عباد الله: إن الحذر والتحذير من هذه الجماعة أمرٌ متعيّن لمن يريد سلامةَ عقيدتِه وسلامةَ منهجِه وسلامةَ وطنِه وأمتِه؛ لما عندهم من الجهالات ِالكبيرةِ بأصول الدين وفروعِه، والانحرافاتِ الخطيرة في العقيدة والعبادةِ والمنهجِ الدعوي.
فأعظم تلك الانحرافات أنها لا تدعو إلى توحيد الله في العبادة بل إنها تفسر كلمةَ التوحيد (لا إله إلا الله) بتفسير مخالفٍ لما جاءت به جميعُ الرسلِ من أولهم نوحٍ عليه السلام إلى آخرهم محمدٍ ﷺ فإن معنى كلمة التوحيد: إفرادُ الله بالعبادة واجتنابُ عبادةِ ما سواه، كما قال تعالى عن الرسل أنهم قالوا لقومهم {اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ} أما جماعة التبليغ فتفسّر كلمة التوحيد بتوحيد الربوبية الذي لا ينكره أبو جهل و لا أبو لهب، ولجهل جماعة التبليغ بمعنى كلمة التوحيد وبعظم شأن التوحيد أهملوا تعلمَه وتعليمَه والدعوةَ إليه بل إن الجماعة تنهى عن تدريسه في منهجها الدعوي، وتربي أتباعها على النفور من دروس التوحيد والسنة لأنه ينفر الناس بزعمهم.
ومن خطرها على العقيدة أنها جماعة صوفية خُرافية تبايع أصحابها على أربع طرق من طرق التصوف الذي ما أنزل الله به من سلطان. والطرقُ الصوفية يا عباد الله هي بوابة العبور إلى عبادة الأولياء والقبور والأضرحة بدعوى التوسل بها وطلب شفاعتها، وسؤالها الـمَـددَ والعون كما هو واقعها المشاهد والله المستعان.
فحافظوا على عقيدتكم وتوحيدكم، وتمسكوا بمنهج سلفكم الصالح، واحذروا كل جماعة وطريقة تحاول أن تحرفكم عنها إلى البدع والخرفات والضلالات ومنها جماعة التبليغ.
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بهدي سيد المرسلين أقول هذا القول وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد: فاتقوا الله تعالى واعتصموا بحبله، وتمسكوا بعهد نبيكم ﷺ وهديه، وإياكم والجماعاتِ المحدثة، والمناهجَ المضلة.
إخوة الإيمان: إن من مخالفات جماعة التبليغ، ما يعرف عندهم بالخروج في سبيل الله، وهذا الخروج عليه مؤاخذات كثيرة منها: أنه ترتيبٌ مبتَدَعٌ في دين الله، فليس في الكتاب ولا في السنة أن يخرج المسلم للدعوة ثلاثةَ أيامٍ في الشهر، وأربعينَ يوماً في السنة، وأربعةَ أشهرٍ في العمر، ولا يخفى عليكم أن كل محدثة في الدين ضلالة.
ويزعمُ مؤسسُ الجماعةِ أن هذا الخروجَ هو معنى قولهِ تعالى {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} وهذا في الحقيقة قولٌ على اللهِ بغيرِ علم، بل هو من العبث بتفسير كتابه.
كما أنهم في هذا الخروج يأخذون الشابَّ العاميَّ الذي لا بصيرة عنده من هذه البلاد إلى بلاد أخرى فيجمعون بينه وبين عُبّاد القبور فيجالسهم ويصاحبهم وبذلك يألف هذه البدع ويألف أهلَها ولا يستنكرُ ما هم عليه، بل تجده يغضبُ إذا انتُقِدتْ هذه الجماعةُ بالحق والعدل، وبهذا ندرك أنهم ينتشلون الشبابَ من معاصي الشهوات ثم يرمون بهم في مُستنقعِ البدع والمحدثات، وهي أخطرُ وأعظمُ ضرراً، ولو تركوهم على المعاصي مع سلامة العقيدة لكان خيراً لهم.
كما أنهم في هذا الخروج يحثّون مَن معهم على عدم الاتصال بأهاليهم حتى لا تتعلق قلوبهم بالدنيا بزعمهم. فانظر إلى الجهل كيف جعلوا المعروفَ منكراً والمنكرَ معروفاً.
ومن خطر هذه الجماعة أن كثيراً ممن التحق بالجماعاتِ الإرهابيةِ ابتدأ بالتدين الأعوجِ عن طريقها، لأنهم لا يحصّنونه بالعلم الذي يعصمه من التكفير واستحلال الدماء المعصومة.
ومن خطر هذه الجماعة أنها تنظيم له قيادة، فالقيادة العامة مقرها في المركز العام للجماعة في الهند ثم لكل بلد أمراؤه حتى يصلَ التنظيمُ إلى تعيين أميرٍ لكل مدينة، وهؤلاءِ الأمراءُ هم الذين يديرون تحركاتِ أفرادِ الجماعة وأنشطَتَها.
إخوة الإسلام: إننا بحمد الله في غنى عن هذه الجماعات كلِّها فلدينا ولايةٌ شرعيةٌ لها في أعناقنا بيعة فلسنا بحاجة إلى أمراء لا من الهند ولا من غيرها، ونحن بحمد الله في بلد العلم والعلماء، والسنة والتوحيد، فما حاجتُنا الى استقبالِ دعاةٍ جهالٍ منحرفينَ في العقيدة ليفسدوا علينا عقيدتنا ويفرّقوا كلمتنا.
و ما حاجتُنا إلى منهجٍ مستوردٍ للدعوة، مخالفٍ للكتابٍ والسنة، وما حاجتُنا إلى تنظيمٍ للدعوة، ونحن لدينا وزارةٌ عظيمةٌ عريقةٌ هي وزارةُ الشؤونِ الإسلاميةِ والدعوةِ والإرشادِ التي فوّض إليها وليُّ الأمر إدارةَ شؤون الدعوةِ إلى الله على الكتاب والسنة، وهي اليوم قائمة بهذا الواجب على أحسن الوجوه _إن شاء الله_ بقيادة وزيرِها سليلِ أئمةِ الدعوة الشيخِ عبدِ اللطيفِ آلِ الشيخِ وفقه الله وسدده فلا يجوزُ الافتِياتُ عليها ولا مخالفةُ أنظِمَتِها.
اللهم ارزقنا البصيرة في الدين وجنبنا طرق الهالكين ومسكنا بكتابك المبين وسنة نبيك الأمين.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين واجعل هذا البلد آمناً مطمئناً وسائر بلاد المسلمين. اللهم آمنا في دورنا وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا اللهم وفق إمامنا خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين إلى ما تحب وترضى وخذ بنواصيهم للبر والتقوى. اللهم أصلح أحوال المسلمين في كل مكان يا رب العالمين، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار. اللهم صلي وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
منقولة من موقع الشيخ الدكتور علي بن يحي الحدادي