التحذير من بدع شعبان

أحمد بن صالح العجلان
1443/08/07 - 2022/03/10 21:54PM

:الْخُطْبَةُ الْأُولَى  

إنَّ الحمد للهِ، نَحْمَدُهُ، ونستعينُهُ، ونستغفِرُهُ، ونعوذُ باللهِ مِنْ شرورِ أنفسِنَا وسيئاتِ أعمالِنَا، مَنْ يهدِ اللهُ فلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شريكَ لَهُ، تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ، وأشهدُ أنَّ مُحَمَّدًا عبدُهُ ورسُولُهُ وَخَلِيلُهُ، صَلَّى اللهُ عليهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كثيرًا.أما بعد:فاتقوا الله عباد الله، واعلموا أن التقوى سبيل النجاة، والعمل بالسنة هو سبيل الهداية والرشاد، وأن الإقتداء بخير البرية فيه السعادة والهناء في الدنيا والآخرة. {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ } عباد الله:إن الله جل وعلا شرع لعباده شريعة غراء كاملة: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الإِسْلامَ دِيناً﴾ ووجه فيها إلى العمل الخالص له ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ﴾وأمرهم باقتفاء أثررسوله rوحثهم على عدم الميل عن طريقه ﴿وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ وقال تعالى ﴿وَمَا آتَاكُمْ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا﴾ ووجه النبي - rأمته إلى العمل بسنته، والتمسك بها ، وعدم التفريط فيها ، والابتعاد عن الإحداث في الدين ، قال r(عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل بدعة ضلالة) رواه الترمذي.أيها المسلمون  روى مسلم في صحيحه عن عمران بن حصين رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له أو لآخر أصمت من سَرَر شعبان ، قال :لا ، قال : فإذا أفطرت فصم يومين ) .وسرر الشهر آخره لفضل الصيام فيه . قال الخطابي في معالم السنن  :هو شيء كان الرجل قد أوجبه على نفسه بنذره فأمره بالوفاء به أو كان ذلك عادة قد اعتادها في صيام أواخر الشهور فتركه لاستقبال الشهر فاستحب له rأن يقضيه.  وبوب الإمام البخاري باب الصوم من آخر الشهر قال العلماء: وهذا لمن كانت له عادة بصيام آخر كل شهر، فإنه مستثنى من النهي عن تقدم رمضان بيوم أو يومين، ومأمور بأن لا يترك ما كان اعتاده من ذلك.وهذا الحديث يدل أيضا على أن صوم يوم من شعبان يعدل يومين.لأن النبي r قال له : «فَإِذَا أَفْطَرْتَ فَصُمْ يَوْمَيْنِ»غير أنه لا يجوز تقدم رمضان بصيام يوم او يومين كما في صحيح البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «لاَ يَتَقَدَّمَنَّ أَحَدُكُمْ رَمَضَانَ بِصَوْمِ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ رَجُلٌ كَانَ يَصُومُ صَوْمَهُ، فَلْيَصُمْ ذَلِكَ اليَوْمَ»وكان ابن عباس، وأبو هريرة يأمران أن يفصل بين شعبان ورمضان بفطر يوم أو يومين، كما استحبوا أن يفصلوا بين صلاة الفريضة والنافلة بكلام أو قيام وتقدم أو تأخر.قَالَ الْعُلَمَاءُ مَعْنَى الْحَدِيثِ لَا تَسْتَقْبِلُوا رَمَضَانَ بِصِيَامٍ عَلَى نِيَّةِ الِاحْتِيَاطِ لِرَمَضَانَ قَالَ التِّرْمِذِيُّ لَمَّا أَخْرَجَهُ الْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ كَرِهُوا أَنْ يَتَعَجَّلَ الرَّجُلُ بِصِيَامٍ قَبْلَ دُخُولِ رَمَضَانَ لِمَعْنَى رَمَضَانَ اهـ .أيها المسلمون ومن فضائل شهر شعبان نزول الرب عز وجل ليلة النصف من شعبان وغفرانه لذنوب العباد عدا المشرك والمشاحن ، قال صلى الله عليه و سلم ( يطلع الله تبارك وتعالى إلى خلقه ليلة النصف من شعبان فيغفر لجميع خلقه إلا لمشرك أو مشاحن ) (والمشرك ) : هو من صرف شيء من العبادة لغير الله  (والمشاحن ) الذي بينه وبين شخص عداوة.لكن لايستحب تخصيص ليلة النصف من شعبان بشيء من العبادات لا قراءة ولا صلاة خاصة ولا جماعة ولا قيام ولا صدقة ولا صيام يومها ولا بشيء لعدم ورود الدليل الصحيح على التخصيص فتخصيصها بشيء من العبادة بدعة منكرة.  و من البدع المشتهرة في شعبان /

1. صلاةالبراءة: وهي تخص قيام ليلة النصف من شعبان وهي مئة ركعة.

2.صلاة ست ركعات: بنية دفع البلاء وطول العمر والاستغناء عن الناس.

3. قراءة سورة ( يس ) والدعاء في هذه اليلة بدعاء مخصوص بقولهم

( اللهم يا ذا المن ولا يمن عليه يا ذا الجلال والإكرام)

4.اعتقادهم أن ليلة النصف من شعبان هي ليلة القدر وهذا باطل.

أيها المسلمون والمبتدعة يعتمدون في تقرير وترويج بدع شعبان على حديث ( إذا كانت ليلة النصف من شعبان فقوموا ليلها وصوموا نهارها ) وهو حديث مكذوب على النبي r، وحديث «إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَنْزِلُ لَيْلَةَ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، فَيَغْفِرُ لِأَكْثَرَ مِنْ عَدَدِ شَعْرِ غَنَمِ كَلْبٍ» وهو حديث ضعيف.

إخواني ومن المعلوم لدى المسلمين أن العبادات توقيفية وهذا العمل لم يأمر به رسول الله - rولم يفعله، ولم يؤْثر عنه، ولا فعله أحد من الخلفاء الراشدين، ولا من الصحابة والتابعين. والذي عليه عامة أهل العلم أن الاحتفال بليلة النصف من شعبان بدعة، وأن الأحاديث الواردة في فضلها كلها ضعيفة وبعضها موضوع وقد ثبت عن النبي rأنه قال ((من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد))متفق عليه. وممن نبه على ذلك الحافظ ابن رجب في كتابه: (لطائف المعارف) وغيره من العلماء . أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: ﴿..فَلْيَحْذَرْ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم. أقول ما سمعتم فاستغفروا الله يغفر لي ولكم إنه هو الغفور الرحيم.

 

 

 

الخطبة الثانية:الحمد لله على نعمة الإسلام، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الذي هدانا وشرح صدرونا بالإيمان وأشهد أن محمداً عبده ورسوله بلغ رسالة ربه أتم البلاغ صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن سار على نهجه إلى يوم الدين.أما بعد:فاتقوا الله عباد الله واعلموا أن البدعة في الدين من أسباب سخط الله وحلول نقمته.عباد الله: ومن جملة البدع صلاة الألفية وهذه من محدثات وبدع ليلة النصف من شعبان وهي مائة ركعة تصلي جماعة يقرأ فيها الإمام في كل ركعة سورة الإخلاص عشر مرات.. وهذه الصلاة لم يأتِ بها خبر، وإنما حديثها موضوع مكذوب. قال بذلك العلامة الشوكاني - رحمه الله - في: (الفوائد المجموعة)فيجب على المسلمين عدم الاحتفال بهذه الليلة بأي شكل من أشكال الاحتفال، سواء كان ذلك بالاجتماع على عبادات معينة، أو إنشاد القصائد والمدائح، أو بالإطعام واعتقاد أن ذلك سنة واردة.قال الإمام النووي - رحمه الله -: (صلاة رجب، المسماة بـ (صلاة الرغائب)، وصلاة شعبان بدعتان منكرتان  فاحرصوا أن تعبدوا الله تعالى بما شرع لكم في كتابه أو جاء مبيناً في سنة r وما كان عليه الخلفاء الراشدون المهديون من بعده، وإياكم والبدع فإنَّ البدع ضلالات وطامات ولا يستفيد العبد من عملها إلاَّ البعد من الله تبارك وتعالى، فتفقهوا في دينكم، واجتهدوا في تعلم سنة نبيكم rففي ذلك الخير لكم في الدنيا والآخرة.ومما يحسن التنبيه عليه أيضا ماجاء في حديث أبي هريرة tأن رسول الله rقال: ((إذا انتصف شعبان فلا تصوموا)) بأن هذا الحديث لايصح ولا يثبت حيث أنكره الإمام أحمد وأبو زرعة والأثرم. وقال الأثرم رحمه الله: الأحاديث كلها تخالفه، يشير إلى أحاديث أكثرصيام النبي r في شعبان ونهيه عن التقدم على رمضان بيوم أويومين فصارالحديث حينئذ شاذاً مخالفاً للأحاديث الصحيحة، وحكى الإمام الطحاوي:الإجماع على ترك العمل به . ا. هـ.أسال الله تعالى أن يوفقنا وإياكم لكل خير، وأن يعيننا وإياكم على التمسك بكتابة وسنة نبيه - r-، وأن يرد المسلمين إليه رداً جميلاً.هذا وصلوا وسلموا على المصطفى فقد أمركم الله بذلك فقال جل من قائل عليماً: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً﴾ قَالَ r: «مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً وَاحِدَةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ عَشْرَ صَلَوَاتٍ، وَحُطَّتْ عَنْهُ عَشْرُ خَطِيئَاتٍ، وَرُفِعَتْ لَهُ عَشْرُ دَرَجَاتٍ» فاللهم صلِّ وسلِّم على عبدك ورسولك محمد، البشير النذير، والسراج المنير، وارضَ اللهم عن الأربعة الخلفاء والأئمة الحنفاء : أبي بكرٍ، وعمر، وعثمان، وعلي، وعن بقيَّة الصحابة، وعن التابعين، وتابعي التابعين، ومَن تَبِعَهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وعنَّا معهم بعفوك وكرمك وإحسانك يا أرحم الراحمين.

اللهم بلغنا رمضان   اللهم بلغنا رمضان   اللهم بلغنا رمضان ونحن في صحة وعافية وسعة رزق وأمن وأمان يارب العالمين

اللهم أعزَّ الإسلام والمسلمين وانصُر عبادك الموحِّدين واحم حوزة الدين واجعل بلدنا آمنا مطمئنا رخاء سخاء وسائر بلاد المسلمين يارب العالمين.اللهم وفق ولاة أمورنا بتوفيقك يارب العالمين.

اللهم ادفَع عنَّا الغَلاء والرِّياء، والربا والزنا والز لازل والمِحَن وسوء الفتن ما ظهر منها وما بطن، عن بلدنا هذا خاصَّة، وعن سائر بلاد المسلمين عامَّة يا رب العالمين.

الله ثبِّتنا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخِرة.﴿ رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ ﴾

عباد الله: أنَّ الله يأمُر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القُربى، وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغْي، يعظُكم لعلَّكم تذكَّرون، وأوفوا بعهد الله إذا عاهَدتُهم، ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها، وقد جعَلتُم الله عليكم كفيلًا، إنَّ الله يعلم ما تفعلون. واذكُروا الله  العظيم.الجليل يذكُركم، واشكُروه على نِعَمِه يزدْكم، ولَذِكرُ الله أكبر، والله يعلَمُ ما تصنَعون.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 
المشاهدات 639 | التعليقات 0