التحذير من التساهل في الطلاق +لقاح الانفلونزا الموسمية

عايد القزلان التميمي
1444/04/24 - 2022/11/18 08:27AM
الحمد لله شرع لنا دينًا قويمًا، وهدانا صراطًا مستقيمًا، القائل سبحانه: {يا أيها النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمْ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلاَّ أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ } وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله القائل: ((ثلاثٌ جِدُّهنَّ جدٌّ وَهَزلُهُنَّ جِدٌّ: النِّكاحُ والطَّلاقُ والرَّجعةُ)) صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد فيا أيها المسلمون، أوصيكم ونفسي بتقوى الله
عباد الله إن من أعظم العلاقات الإنسانية التي اعتنى القرآن ببيان أحكامها وآدابها: العلاقة الزوجية، التي هي منبع الأجيال . قال تعالى: ((وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)). وقال تعالى (( هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ ))
عباد الله لقد استطاعت الأسرة المسلمة التي قامت على الإيمان بالله، وتمسكت بأخلاق الإسلام، وتربت على كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تعيش مستقرة وصالحة وأخرجت للمجتمع جيلاً صالحا نافعا ، كتبوا صفحة مُضيئة في تاريخ المسلمين.
قال تعالى  هُوَ ٱلَّذِى خَلَقَكُمْ مّن نَّفْسٍ وٰحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا
عباد الله إن الكثير من الأسر المسلمة يكثر فيها الخلاف والنزاع
والمشكلات الزوجية وأحسن وسيلة لحل مشكلات الزوجين هي أداء كل واحد منهما ما عليه تجاه الآخر، وخلاصتها في قول الباري جل وعلا ((وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ )) وقوله سبحانه: (( وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ ۚ ))
أيها المسلمون، طبيعي أن تكون الخلافات بين الزوجين، وما سلمت من ذلك بيوت الأنبياء والمرسلين.
ولننظر كيف جاء الشرع بحلّ هذه المشكلات، وكيف أرشدنا ربنا إلى معالجة ذلك الشقاق والنشوز، قال الله سبحانه وتعالى: (( وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً ))
 
 وقال تعالى (( وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلاحًا يُوَفِّقْ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا ))
فإذا لم تنجح  محاولات الإصلاح والنصح للزوجين وأراد الرجل طلاق امرأته فليطلق الطلاق الشرعي ، وهو أن يُطَلِّقْها واحدة وهي غير حامل أو في طُهر لم يُجَامِعْها فيه. ولا يحل له أن يطلقها وهي حائض ولا في طهر جامعها فيه، إلا إن تبين حملها، أو تحيض بعد ذلك فيطلقها بعد الحيض قبل أن يطأها.
وإذا أراد رجل الطلاق فليطلق مرة واحدة فقط، وإذا حدث ذلك فعلى الزوجة أن تبقى في بيت زوجها، لقوله تعالى:  لاَ تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ وَلاَ يَخْرُجْنَ إِلاَّ أَن يَأْتِينَ بِفَـٰحِشَةٍ مُّبَيّنَةٍ  .  
ثم بين الله الحكمة من وجوب بقاء الزوجة في بيت زوجها بقوله:  لاَ تَدْرِى لَعَلَّ ٱللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْراً  .
ثم إن هذه الطلقة التي أوقعها الزوج إذا كانت واحدة أو اثنتان فإنها تعتبر طلقة رجعية، مادامت المرأة في العدة ويستطيع أن يراجعها بالقول أو الفعل وأن يُشهد شاهدين لقوله تعالى (( وَأَشْهِدُوا ذَوَي عَدْلٍ مِنْكُمْ )).
أما إذا انتهت العدة ولم يراجع الزوج زوجته، أصبحت الطلقة بائنة بمعنى أن الزوجة لا تعود إليه إلا بمهر وعقد جديدين مع رغبتها في ذلك قال تعالى:  وَٱلْمُطَلَّقَـٰتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَـٰثَةَ قُرُوء وَلاَ يَحِلُّ لَهُنَّ أَن يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ ٱللَّهُ فِى أَرْحَامِهِنَّ إِن كُنَّ يُؤْمِنَّ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلاْخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدّهِنَّ فِي ذٰلِكَ إِنْ أَرَادُواْ إِصْلَـٰحاً  
فإن كان الطلاق أكثر من اثنتين فإنه لا يحل للزوج إرجاعها حتى تنكح زوجاً آخر.
يا من يريد الطلاق: صبرٌ جميلٌ
فقد قال الله تعالى: (( فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا))
وقال صلى الله عليه وسلم (( لَا يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً، إنْ كَرِهَ منها خُلُقًا رَضِيَ منها آخَرَ، أَوْ قالَ: غَيْرَهُ )) أخرجه مسلم.
وعلى الأزواج أن
يعرفوا أن المرأة لا تكون خالية من العيوب والنقص. إذ لابد أن يوجد فيها نقص أو خلل،
كما قال صلى الله عليه وسلم ((إنَّ المَرْأَةَ خُلِقَتْ مِن ضِلَعٍ لَنْ تَسْتَقِيمَ لكَ علَى طَرِيقَةٍ، فَإِنِ اسْتَمْتَعْتَ بهَا اسْتَمْتَعْتَ بهَا وَبِهَا عِوَجٌ، وإنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهَا، كَسَرْتَهَا وَكَسْرُهَا طَلَاقُهَا)) أخرجه مسلم .
لهذا فالزوج العاقل يصبر ويتصبر ويتحمل ما يراه من نقص.
كما أن على الزوجة أن تصبر وتعرف أن زوجها هو جنتها ونارها كما أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم.
فالحذر الحذر من الطلاق وما يؤدي إليه من تفريق وتشتيت للأسرة. اللهم أصلح نياتنا، اللهم أصلح أزواجنا وذرياتنا وخذ بنواصينا إلى ما يُرضيك عنا.
أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنبٍ فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.  
الخطبة الثانية
الحمد لِلَّهِ ربِّ العالمينَ ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّدًا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ ، اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَيه وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ، وَعَلَى مَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ
أَمَّا بَعْدُ
فيا عِبَادَ اللهِ  
لقد حثَّنا ديننا الإسلامي، على المحافظة على صحة الأبدان، والوقاية من الأمراض، ومن المقرَّر أن الوقاية خير من العلاج،
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما أنزل الله داء إلا أنزل له شفاء) متفق عليه.
ومن هدي الإسلام في الوقاية من الأوبئة والأمراض أن يلتزم الإنسان باتباع التعليمات التي تصدر عن الجهات الطبية المختصة .
وإنَ من الوقاية من الأمراضِ الموسمية أخذَ لِقاحِ الإنفلونزا الموسميةِ؛ لما في ذلكَ منْ حفظِ النفسِ البشريةِ بإذن الله ،
حيث تَقُومُ وَزَارَة الصِّحَّة هَذِهِ الأَيَّام بِحَمْلَةٍ لِلتَّطْعِيمِ ضِدَّ الإِنْفِلْوَنْزَا المَوْسِمِيَّةِ التِي تنتشر فِي هَذِهِ الأَشْهُرِ مِنْ السَّنَةِ ،
نسألُ اللهَ أنْ يَدفعَ عنا البلاءَ والأمراض ، وأنْ يُمتِّعَنا بأسماعِنا وأبصارِنا وقواتِنا ما أحيانا، وأنْ يجعلَه الوارثَ منا.
عباد الله صلوا وسلموا على رسول الله .....  
المرفقات

1668749208_خطبة التحذير من التساهل في الطلاق الوقاية من الانفلونزا الموسمية.docx

المشاهدات 677 | التعليقات 0