البركة

تركي بن عبدالله الميمان
1445/07/19 - 2024/01/31 07:02AM

الْـبَـرَكَـةُ

 
 
 

 

 

 

 

 

 

 

إعداد: قناة الخطب الوجيزة

https://t.me/alkhutab
(نسخة للطباعة)
 

 

 

 

 

 

 

 

الخُطبةُ الأولى

إِنَّ الحَمْدَ لِلهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ، وَنَسْتَغْفِرُهُ ونَتُوبُ إِلَيه، مَنْ يَهْدِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.

أَمَّا بَعْدُ: فَأُوْصِيْكُمْ وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللهِ، فَهِيَ جَالِبَةُ الخَيْرِ والبَرَكَةِ، وَدَافِعَةُ البَلَاءِ وَالهَلَكَةِ! ﴿وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالأرْضِ﴾.

عِبَادَ الله: إِنَّهَا السِّرُّ الإِلَهِيُّ، واللُّطْفُ الرَّبَّاني، مَا نَزَلَتْ في قَلِيلٍ إِلَّا كَثَّرَتْه، وَمَا نُزِعَتْ مِنْ كَثِيرٍ إلا مَحَقَتْه؛ إنَّها البَرَكَة!

والبَرَكَة: هِيَ ثُبُوْتُ الخَيرِ في الشَّيءِ، وَدَوَامُه،وزيادَتُه.

والبَرَكَةُ مِنَ الله، فَهُوَ الَّذِي يُبَارِكُ وَحْدَهُ؛ والتَّبَرُّكُ المَشْرُوعُ لا يَكُونُ إِلَّا بِدَلِيلٍ مِنَ الكِتَابِ وَالسُّنَّةِ.وَإِثْبَاتُ البَرَكَةِ في أَمْرٍ أو زَمَانٍ أو مَكَانٍ؛ مَوْقُوْفٌ على الدَّلِيلِ! ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا﴾.

والقُرْآنُ الكَرِيْمُ: مَنْبَعُ البَرَكَاتِ، ومُسْتَوْدَعُ الحَسَنَاتِوالرَّحَمَاتِ! ﴿وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾، و(سُورَةُ البَقَرَةِ: أَخْذُهَا بَرَكَةٌ، وتَرْكُهَا حَسْرَةٌ).

ومَا زَاحَمَ القُرْآنُ شَيْئًا إِلَّا بَارَكَهُ! قال أَحَدُ السَّلَف: (كُلَّمَا زَادَ حِزْبِي مِنَ القُرْآن؛ زَادَت البَرَكَةُ في وَقْتِي!)، وقالَ إبراهيمُ المَقْدِسِي: (أَكْثِرْ مِنْ قِرَاءَةِالقُرْآن؛ فَإِنَّهُ يَتَيَسَّرُ لَكَ الَّذِي تَطْلُبُه، على قَدْرِ ما تَقْرَأ!).

وَمِنْ أَسبَابِ البَرَكَة: الصِّدْقُ والأَمَانَةُ! قال ﷺ: (البَيِّعَانِ بِالخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا، فَإِنْ صَدَقَا وَبَيَّنَا؛بُورِكَ لَهُمَا فِي بَيْعِهِمَا، وَإِنْ كَتَمَا وَكَذَبَا؛ مُحِقَتْ بَرَكَةُ بَيْعِهِمَا)، و(الحَلِفُ مُنَفِّقَةٌ لِلسِّلْعَةِ، مُمْحِقَةٌلِلْبَرَكَةِ).

والأَدَبُ النَّبَويُّ في الطَّعَام؛ سَبَبٌ لِبَرَكَتِه؛ قال ﷺ: (اجْتَمِعُوا على طَعَامِكُمْ، وَاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَيه؛يُبارَكْ لَكُمْ فِيْه). وفي الحديث: (إنَّ الْبَرَكَةَ تَنْزِلُ وَسَطَ الطَّعَامِ؛ فَكُلُوا مِنْ حَافَّتَيْهِ، وَلَا تَأْكُلُوا مِنْ وَسَطِهِ)، وفي رواية: (فَلَا يَأْكُلْ مِنْ أَعْلَى الصَّحْفَةِ، وَلَكِنْ لِيَأْكُلْ مِنْ أَسْفَلِهَا، فَإِنَّ الْبَرَكَةَ تَنْزِلُ مِنْ أَعْلَاهَا).

قال شُرَّاحُ الحَدِيْث: (فِيهِ مَشْرُوعِيَّةُ الْأَكْلِ مِنْ جَوَانِبِ الطَّعَامِ قَبْلَ وَسَطِهِ. وَأَعْلَى الطعام: قَدْرٌ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ، فَإِذَا حَمَلَهُ الْحِرْصُ عَلَى الْأَكْلِ مِنْهُ؛ فَيَنْقَطِعُ الخَيْرُ وَالْبَرَكَةُ، فَإِنَّ الْحِرْصَ شُؤْمٌ، وَالْحَرِيصُ مَحْرُومٌ!).

وَالتَّحَصُّنُ بِالأَدْعِيَةِ والأَذْكَارِ؛ سَبَبٌ لِلْحِفْظِ وَالبَرَكَةِ! قال العُلَمَاء: (كُلَّما كانَ الإِنْسَانُ -حالَالذِّكْرِ-: حَاضِرَ القَلْبَ، مُتَدَبِّرًا لما يَقُوْلُ؛ فَإِنَّذَلِكَ أَعْظَمَ أَجْرًا، وَأَكْثَرَ بَرَكَةً، وَأَقْرَبَلِلْإِجَابَةِ).

وَمِنْ أَسْبَابِ البَرَكَةِ: شُرْبُ زَمْزَم، قال ﷺ: (إِنَّهَا مُبَارَكَةٌ، وَهِيَ طَعَامُ طُعْمٍ، وَشِفَاءُ سُقْمٍ)، قال ابْنُ القَيِّم: (وَقَدْ جَرَّبْتُ مِنَ الِاسْتِشْفَاءِ بِمَاءِ زَمْزَمَ أُمُوْرًا عَجِيبَةً، وَشَاهَدْتُ مَنْ يَتَغَذَّى بِهِ مِنْ نِصْفِ الشَّهْرِ أَوْ أَكْثَرَ، وَلَا يَجِدُ جُوعًا!).

وَمِنْ أَسْبَابِ البَرَكة: التَّبْكِيْرُ أَوَّل النَّهَارِ؛ قال ﷺ: (اللَّهُمَّ بَارِكْ لِأُمَّتِي فِي بُكُورِهَا). وكانَ صَخْرٌ t يَبْعَثُ تِجَارَتَهُ في أَوَّلِ النَّهَارِ؛ فأَثْرَى وكَثُرَ مالُه!

وَمِمَّا يَجْلِبُ البَرَكَة: الدُّعَاءُ؛ وَمِنْ دُعَاءِ النَّبِيِّ ﷺ:(وَبَارِكْ لي فِيْمَا أَعْطَيْتَ)، ودَعَا النبيُّ ﷺ لِـ(عُرْوَةَ) t بالبَرَكَةِ في بَيْعِهِ؛ فَكَانَ لَوِ اشْتَرَى تُرَابًالَرَبِحَ فِيهِ!

وَمِنْ أَسْبَابِ البَرَكَة: تَحَرِّيْ الحَلَال! (فَمَنْ يَأْخُذ مَالًا بِحَقِّهِ؛ يُبَارَكْ لَهُ فِيهِ، وَمَنْ يَأْخُذ مَالًا بِغَيرِ حَقِّهِ: كَمَثَلِ الَّذِي يَأْكُلُ وَلَا يَشْبَعُ).

والمَالُ الحَرَامُ؛ مَاحِقٌ لِلْبَرَكَةِ، جَالِبٌ لِلْهَلَكَةِ! قال Y: ﴿يَمْحَقُ اللهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ﴾.

وَالزَّكَاةُ وَالصَّدَقَةُ، سَبَبٌ لِمُضَاعَفَةِ الحَسَنَاتِ،وَحُلُوْلِ البَرَكَاتِ! وقال U: ﴿وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ﴾.

وَمِنْ أَسْبَابِ البَرَكَة: الرِّضَى والقَنَاعَةُ بِمَا قَسَمَاللهُ؛ فـ(إنَّ اللهَ يَبْتَلِي عَبْدَهُ بِما أَعْطَاهُ: فَمَنْ رَضِيَبِمَا قَسَمَ اللهُ لهُ؛ بارَكَ لهُ فيهِ ووسَّعَهُ، وَمَنْ لمْ يَرْضَ؛ لمْ يُبارِكْ لَهُ فِيهِ!).

وَمِنْ أَنْوَاعِ البَرَكَة: إِجْلَالُ الكِبَارِ في السِنِّ والعِلْمِ، وَالِاسْتِفَادَةُ مِنْ عِلْمِهِمْ وَتَجَارِبِهِمْ؛ قال ﷺ: (البَرَكَةُ مَعَ أَكَابِرِكُمْ).

أَقُوْلُ قَوْلِي هَذَا، وَاسْتَغْفِرُ اللهَ لِيْ وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ؛ فَاسْتَغْفِرُوْهُ إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيم

 

 

 

الخُطبةُ الثانية

الحَمْدُ للهِ عَلَى إِحْسَانِه، والشُّكْرُ لَهُ عَلَى تَوْفِيْقِهِ وَامْتِنَانِه، وَأَشْهَدُ أَلَّا إِلَهَ إِلَّا الله، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُوْلُه.  

عِبَادَ الله: إِنَّ أَعْظَمَ مَا تُسْتَجْلَبُ بِهِ البَرَكَة: هِيَ طَاعةُاللهِ ورسولِه؛ بِفِعْلِ المَأْمُوْرَاتِ، وَاجْتِنَابِ المَنْهِيَّاتِ، وَالتَّوْبَةِ مِنَ المُحَرَّمَات! ﴿وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ﴾.

ولَيْسَ الرِّزْقُ بِكَثْرَةِ الأَرْقَامِ، ولَيْسَ العُمُرُ بِكَثْرَةِ الأَعْوَامِ، وَلَكِنْ بِالبَرَكَةِ فِيْهِمَا؛ فَقَلِيلٌ مُبَارَك؛خَيرٌ مِنْ كَثيرٍ مَنْزُوعِ البَرَكةِ! قال I: ﴿قُلْ لا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ﴾.

*******

* اللَّهُمَّ أَعِزَّ الإِسْلامَ والمُسْلِمِينَ، وأَذِلَّ الشِّرْكَ والمُشْرِكِيْن.

* اللَّهُمَّ فَرِّجْ هَمَّ المَهْمُوْمِيْنَ، وَنَفِّسْ كَرْبَ المَكْرُوْبِين.

* اللَّهُمَّ آمِنَّا في أَوْطَانِنَا، وأَصْلِحْ أَئِمَّتَنَا وَوُلَاةَ أُمُوْرِنَا، وَوَفِّقْ وَلِيَّ أَمْرِنَا وَوَلِيَّ عَهْدِهِ لما تُحِبُّ وَتَرْضَى، وَخُذْ بِنَاصِيَتِهِمَا لِلْبِرِّ والتَّقْوَى.

* عِبَادَ الله: ﴿إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾.

* فَاذْكُرُوا اللهَ يَذْكُرْكُمْ، وَاشْكُرُوْهُ على نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ ﴿وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ وَاللهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ﴾.

إعداد: قناة الخطب الوجيزة

https://t.me/alkhutab

 

المرفقات

1706673714_‎⁨(البركة) خط كبير⁩.pdf

1706673714_‎⁨(البركة) نسخة للطباعة⁩.pdf

1706673714_‎البركة (مختصرة)‎ مترجمة English.pdf

1706673714_‎⁨(البركة) نسخة مختصرة⁩.pdf

1706673714_‎البركة (مختصرة)‎ مترجمة English.docx

1706673715_‎⁨(البركة) نسخة للطباعة⁩.docx

1706673715_‎⁨(البركة) نسخة مختصرة⁩.docx

1706673715_‎⁨(البركة) خط كبير⁩.docx

المشاهدات 657 | التعليقات 0