البركة وأسبابها من الكتاب والسنة

أيمن عرفان
1433/07/06 - 2012/05/27 04:17AM
[font="]البركة وأسبابها[/font]
في القرآن الكريم نجد أن الله عز وجل قد وصف بعض الأماكن بالبركة، قال تعالى :{وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُواْ يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا} (الأعراف 137)، كما أنه تبارك وتعالى وصف بعض الأزمنة بالبركة، قال تعالى: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ} (الدخان 3)، ووصف بعض البشر بالبركة، قال تعالى على لسان عيسى عليه السلام: { وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ} (مريم 31)، ووصف المطر الذي ينزل من السماء بالبركة، قال تعالى: {وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاء مَاء مُّبَارَكًا فَأَنبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ} (ق 9)، ووصف ربنا تبارك وتعالى القرآن بأنه كتاب مبارك، قال تعالى: {كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ} (ص 29)، ووصف لنا ربنا تبارك وتعالى بعض الأرزاق أنها مباركة، قال تعالى: {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ وَلَـكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ} (الأعراف 96)، كل هذه الآيات وغيرها تجعلنا نتوقف متأملين، ماذا تعني هذه الكلمة "البركة"؟، ما أهميتها في حياة المسلم؟، كيف يعيش المسلم حياة مباركة؟.
كلمة البركة أصلها من برك البعير عندما ينزل على ركبتيه فيثبت ويستقر ولا يتحرك، فالبركة هي الثبوت والاستقرار، أي أن الخير يثبت في الشيء ولا يتركه بل أنه ينمو فيه، والأحاديث النبوية تبين لنا أن البركة نماء وزيادة وثبات الخير في الشيء المبارك، روى الإمام البخاري في صحيحه عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود قَالَ: "كُنَّا نَعُدُّ الْآيَاتِ بَرَكَةً وَأَنْتُمْ تَعُدُّونَهَا تَخْوِيفًا كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ فَقَلَّ الْمَاءُ فَقَالَ اطْلُبُوا فَضْلَةً مِنْ مَاءٍ فَجَاءُوا بِإِنَاءٍ فِيهِ مَاءٌ قَلِيلٌ فَأَدْخَلَ يَدَهُ فِي الْإِنَاءِ ثُمَّ قَالَ حَيَّ عَلَى الطَّهُورِ الْمُبَارَكِ وَالْبَرَكَةُ مِنْ اللَّهِ فَلَقَدْ رَأَيْتُ الْمَاءَ يَنْبُعُ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَقَدْ كُنَّا نَسْمَعُ تَسْبِيحَ الطَّعَامِ وَهُوَ يُؤْكَلُ"، قوله: (كنا نعد الآيات) أي الأمور الخارقة للعادات. قوله: (بركة وأنتم تعدونها تخويفا) الذي يظهر أنه أنكر عليهم عد جميع الخوارق تخويفا، فإن التحقيق يقتضي عد بعضها بركة من الله كشبع الخلق الكثير من الطعام القليل وبعضها بتخويف من الله ككسوف الشمس والقمر، قوله: (حي على الطهور المبارك) أي هلموا إلى الطهور، وهو بفتح الطاء، والمراد به الماء، قوله: (والبركة من الله) البركة مبتدأ والخبر من الله، وهو إشارة إلى أن الإيجاد من الله، قوله: (ولقد كنا نسمع تسبيح الطعام وهو يؤكل) أي في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم غالبا.
ولم يكن ذلك قاصرا على النبي صلى الله عليه وسلم فقط بل هناك من الأحاديث أن ذلك وقع مع بعض الصحابة وما كانوا أنبياء، روى الإمامان البخاري ومسلم في صحيحيهما عن عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: "جَاءَ أَبُو بَكْرٍ بِضَيْفٍ لَهُ أَوْ بِأَضْيَافٍ لَهُ، فَأَمْسَى عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا جَاءَ قَالَتْ لَهُ أُمِّي: احْتَبَسْتَ عَنْ ضَيْفِكَ أَوْ عَنْ أَضْيَافِكَ اللَّيْلَةَ: قَالَ: مَا عَشَّيْتِهِمْ؟ فَقَالَتْ: عَرَضْنَا عَلَيْهِ أَوْ عَلَيْهِمْ فَأَبَوْا أَوْ فَأَبَى، فَغَضِبَ أَبُو بَكْرٍ فَسَبَّ وَجَدَّعَ وَحَلَفَ لَا يَطْعَمُهُ، فَاخْتَبَأْتُ أَنَا، فَقَالَ: يَا غُنْثَرُ، فَحَلَفَتْ الْمَرْأَةُ لا تَطْعَمُهُ حَتَّى يَطْعَمَهُ، فَحَلَفَ الضَّيْفُ أَوْ الأَضْيَافُ أَنْ لا يَطْعَمَهُ أَوْ يَطْعَمُوهُ حَتَّى يَطْعَمَهُ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: كَأَنَّ هَذِهِ مِنْ الشَّيْطَانِ، فَدَعَا بِالطَّعَامِ فَأَكَلَ وَأَكَلُوا، فَجَعَلُوا لا يَرْفَعُونَ لُقْمَةً إِلا رَبَا مِنْ أَسْفَلِهَا أَكْثَرُ مِنْهَا، فَقَالَ: يَا أُخْتَ بَنِي فِرَاسٍ مَا هَذَا؟ فَقَالَتْ: وَقُرَّةِ عَيْنِي إِنَّهَا الآنَ لأَكْثَرُ قَبْلَ أَنْ نَأْكُلَ، فَأَكَلُوا وَبَعَثَ بِهَا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ أَنَّهُ أَكَلَ مِنْهَا". قيل أنهم كانوا ثلاثة من الضيوف، أتى بهم أبو بكر وأمر زوجته وولده أن يقدموا لهم الطعام، وذهب هو إلى رسول الله فجلس معه وصلى معه العشاء وأكل معه، ثم عاد إلى داره فوجد أن الضيوف ينتظرونه حتى يأكل معهم، فغضب وأخذ يسب ويدعو، ثورة غضب لأن الضيوف لم تأكل حتى الآن، وأقسم ألا يأكل، وأقسمت زوحته ألا تأكل إلا إذا أكل هو، وأقسم الضيوف ألا يأكلوا إلا إذا أكل فتأزم الموقف، زوجته كانت قد قدمت لهم الطعام ولكنهم رفضوا حتى يأتي فالزوجة غير مخطئة وولده لم يكن بيده شيء، ولذلك أحس أبو بكر أنها نزغة من نزغات الشيطان، فبدأ يهدأ وقرر أن يأكل ثم يكفر عن يمينه، فدعا بالطعام وبدأوا يأكلون، وهنا حدثت الكرامة العجيبة والبركة الملفتة للنظر ، كانوا لا يأخذون من الطعام إلا زاد مكانه، حتى أنهم لما انتهوا من الطعام كان الطعام أكثر مما كان عليه في البداية، فتعجب أبو بكر وتعجبت زوجته، فأرسل أبو بكر الطعام إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأكل منه النبي صلى الله عليه وسلم لأنه طعام مبارك، وهكذا من هذه الأحاديث وغيرها الكثير أن الله عز وجل قد يبارك في القليل فيصبح كثيراً بإذن الله.
لا شك أن كل منا يحتاج بشدة إلى مثل هذه البركة في كل شأن من شئون حياته، يحتاج إلى البركة في عمره حتى لا يضيع عمره هباء دون فائدة، يحتاج إلى البركة في صحته، يحتاج إلى البركة في رزقه، هناك أناس يدخل لهم أموال طائلة ومع ذلك لا تكفيهم في حين أن هناك أناس تدخل لهم دخول بسيطة وع ذلك تكفيهم لأن فيها بركة، يحتاج إلى البركة في أبنائه فيكون له الذرية الصالحة التي يسعد بها في الدنيا والآخرة، فالمسلم لا يستطيع أن يستغني عن البركة في حياته، هل تريد أن تكون حياتك كلها مباركة؟ عش حياتك على منهج الله، هذا هو السبيل الوحيد لكي تمتلئ حياتك بركة، تعالى بنا نعيش مع مجموعة من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية التي ترسم لنا طريق الحياة المباركة في رحاب منهج الله عز وجل.
أول آية تستوقفنا هي الآية التي ذكرناها الآن قال تعالى: {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ وَلَـكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ} (الأعراف 96)، التوحيد هو أساس الدين، اعتقادك أنه لا إله إلا الله، فهو عز وجل الإله الحق، أنت تعتقد أنه هو الذي خلق كل شيء، ولأنه هو الذي خلق فهو الذي وضع القوانين التي يصلح بها هذا الكون، ولذلك تجد أن الله عز وجل يقول: {إِنَّ رَبَّكُمُ اللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ، أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ، تَبَارَكَ اللّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} (الأعراف 54)، فإذا كنت تعتقد أن الله له الخلق فعليك أن تعتقد أن الله له الأمر فلا حلال إلا ما أحله الله ورسوله، ولا حرام إلا ما حرمه الله ورسوله. فإذا فعل الإنسان ذلك توحيد خالص لله عز وجل، والتزام بأوامره وبعد عن نواهيه تنزل عليه بركات من السماء والأرض، تجود السماء بخيراتها من الأمطار والماء، وتجود الأرض بخيراتها من الإنبات والزروع، فكأن أول حل من حلول المشاكل الاقتصادية الإيمان والتقوى، بل أنك حينما تتأمل سورة قريش تحد أمراً عجيباً، ما هي أهم مشكلة تواجهنا الآن؟ لدينا مشكلتان أساسيتان يحاول الجميع التغلب عليهما، مشكلة الغذاء وتوافر احتياجات الناس من السلع الأساسية، ومشكلة الأمن والانفلات الأمني، للتغلب على هاتين المشكلتين اقرأ سورة قريش: { لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ * إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاء وَالصَّيْفِ * فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ * الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ} (سورة قريش)، وكأن أهم أمرين من بركات التوحيد والتزام منهج الله عز وجل نعمة الأمن ونعمة الشبع، فالشاهد في الآية الكريمة أن الله عز وجل تفضل على قريش وهم على شرك بأن أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف، فأمرهم بأداء شكر هاتين النعمتين بأن يوحدوه فيكون التوحيد سبب استغناء المسلمين عن عدوهم في طعامهم، وأمنهم من هذا العدو وهذا من بركات التوحيد.
تريد البركة ، عليك بالقرآن تلاوة وحفظاً وتطبيقاً للأحكام، روى الإمام مسلم في صحيحه عن أَبي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "اقْرَءُوا الْقُرْآنَ فَإِنَّهُ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ شَفِيعًا لأَصْحَابِهِ، اقْرَءُوا الزَّهْرَاوَيْنِ الْبَقَرَةَ وَسُورَةَ آلِ عِمْرَانَ فَإِنَّهُمَا تَأْتِيَانِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَأَنَّهُمَا غَمَامَتَانِ أَوْ كَأَنَّهُمَا غَيَايَتَانِ أَوْ كَأَنَّهُمَا فِرْقَانِ مِنْ طَيْرٍ صَوَافَّ تُحَاجَّانِ عَنْ أَصْحَابِهِمَا، اقْرَءُوا سُورَةَ الْبَقَرَةِ فَإِنَّ أَخْذَهَا بَرَكَةٌ وَتَرْكَهَا حَسْرَةٌ وَلا تَسْتَطِيعُهَا الْبَطَلَةُ". والبطلة هم السحرة ، حفظ سور البقرة بركة وحفظ من السحر، فكيف بمن عمل بما فيها؟ فكيف بمن حفظ القرآن كاملاً وعمل بما فيه؟
وكما أنه للقرآن بركة، فكذلك للعبادات المختلفة بركاتها، ولمواسم الطاعات على مدار السنة بركاتها، روى الإمام البخاري في صحيحه عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ قَالَتْ: "كُنَّا نُؤْمَرُ أَنْ نَخْرُجَ يَوْمَ الْعِيدِ حَتَّى نُخْرِجَ الْبِكْرَ مِنْ خِدْرِهَا حَتَّى نُخْرِجَ الْحُيَّضَ فَيَكُنَّ خَلْفَ النَّاسِ فَيُكَبِّرْنَ بِتَكْبِيرِهِمْ وَيَدْعُونَ بِدُعَائِهِمْ يَرْجُونَ بَرَكَةَ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَطُهْرَتَهُ".
تريدون البركة في البيع والشراء، البركة في البيع والشراء لا تحدث إلا بالتزام المنهج، إذا صدق البائع والمشتري، إذا كان في البضاعة عيب وبينه البائع، إذا كان هناك الصدق والوضوح حدثت البركة، روى الإمامان البخاري ومسلم في صحيحيهما عن حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا أَوْ قَالَ حَتَّى يَتَفَرَّقَا، فَإِنْ صَدَقَا وَبَيَّنَا بُورِكَ لَهُمَا فِي بَيْعِهِمَا وَإِنْ كَتَمَا وَكَذَبَا مُحِقَتْ بَرَكَةُ بَيْعِهِمَا"، إذا أردت البركة في البيع والشراء فلا تكثر من الحلف، روى الإمام البخاري في صحيحه عن أَبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "الْحَلِفُ مُنَفِّقَةٌ لِلسِّلْعَةِ مُمْحِقَةٌ لِلْبَرَكَةِ"، وجميع معاملات الناس المرئية والمحسوسة وغير المحسوسة مبنية على جودة ما يتعاملون به ويبيعونه، الطبيب يبيع خبرته في معرفة الدواء فإن أخلص في ذلك وأدى ما عليه كما ينبغي بورك له في عمله وفي رزقه، وكذلك المهندس والمدرس والمحاسب والمحامي والعامل في مصنعه والفلاح في أرضه، إتقان العمل من أسباب البركة.
تريدون البركة في شئون المال والاستثمار، عليك باتباع منهج الله فيها، لا تدخل على تجارتك مالاً حراما، لا تتعامل بالربا، فذلك ينزع البركة من المال ومن التجارة، يقول الله عز وجل :{ يَمْحَقُ اللّهُ الْرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ} (البقرة 276)، يمحقه أي ينقصه ويذهب بركته، ويربي أن ينمي ويزيد ويبارك ويضاعف في ثوابها، فعدم مراعاة منهج الله في الاستثمارات يذهب ببركتها، واتباع منهج الله فيها ينميها ويربيها ويبارك فيها.
من أسباب البركة تطبيق منهج الله في الأمور اليومية، مثال ذلك أن تأكل، إذا أردت أن تحل البركة في هذا الطعام الذي تأكله فعليك بالتزام منهج الله والتزام سنة رسول الله في الأكل فتغسل يديك قبل الأكل وبعده، وتبدأ بسم الله وتنتهي بحمد الله، روى الترمذي بإسناد صحيح عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "الْبَرَكَةُ تَنْزِلُ وَسَطَ الطَّعَامِ فَكُلُوا مِنْ حَافَتَيْهِ وَلَا تَأْكُلُوا مِنْ وَسَطِهِ"، فالتزامك بسنة النبي وعدم الأكل من منتصف الطعام يجعل البركة تنزل في هذا الطعام، الاجتماع على الطعام وعدم الأكل منفردا سبب من أسباب البركة في الطعام، روى أبو داود بإسناد حسن عن وَحْشِيّ بْن حَرْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ أَصْحَابَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالُوا: "يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا نَأْكُلُ وَلَا نَشْبَعُ. قَالَ: فَلَعَلَّكُمْ تَفْتَرِقُونَ؟ قَالُوا: نَعَمْ. قَالَ: فَاجْتَمِعُوا عَلَى طَعَامِكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ يُبَارَكْ لَكُمْ فِيهِ"، وبالطبع إذا كان الطعام مباركاً فإن الطعام القليل يكفي الكثير من الأكلة، والطعام المبارك يفيد الأبدان ولا يمرضها، هذا وقد أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم بالسحور عند الصيام، روى البخاري في صحيحه عن أَنَس بْن مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "تَسَحَّرُوا فَإِنَّ فِي السَّحُورِ بَرَكَةً".
البركة في الأمور الأسرية مطلوبة، ومن أهمها أن يبارك الله عز وجل في الزوجة، النبي صلى الله عليه وسلم يبين لنا أن من أسباب البركة في الزواج التزام المنهج النبوي من حيث تحري اختيار المرأة الصالحة، وتزويج الرجل الصالح مع عدم المغالاة في المهور وتيسير أسباب الزواج. روى البيهقي بإسناد حسن عن عَائِشَةَ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهَا قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- :« مِنْ يُمْنِ الْمَرْأَةِ أَنْ تَتَيَسَّرَ خِطْبَتُهَا وَأَنْ يَتَيَسَّرَ صَدَاقُهَا وَأَنْ يَتَيَسَّرَ رَحِمُهَا ». (من يمن المرأة) أي بركتها (تَتَيَسَّرَ خِطْبَتُهَا) أي سهولة سؤال الخاطب أولياءها نكاحها واجابتهم بسهولة من غير توقف (وَأَنْ يَتَيَسَّرَ صَدَاقُهَا) أي عدم التشديد في تكثيره ووجد انه بيد الخاطب من غير كد في تحصيله (وَأَنْ يَتَيَسَّرَ رَحِمُهَا) أي للولادة بأن تكون سريعة الحمل كثيرة النسل، فإذا لم يحدث الالتزام بمنهج الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم تنزع البركة من هذا الزواج، روى الإمام البخاري في صحيحه عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ « الشُّؤْمُ فِي الْمَرْأَةِ وَالدَّارِ وَالْفَرَسِ »، قال العلماء: شؤم المرأة أن تكون سيئة الخلق أو تكون غير قانعة أو تكون سليطة أو تكون غير ولود، كل ذلك بسبب أنه زواج بلا بركة.
خلاصة القول والذي نتوصل إليه من هذه الأحاديث أن البركة من الله، فإذا أردت أن يبارك الله عز وجل لك في جميع أمورك، فعليك أن تلتزم بمنهج الله وتطبق شرع الله عز وجل في كل صغيرة وكبيرة من شئون حياتك، يمن الله عز وجل عليك بالبركة في كل شيء.
المشاهدات 10510 | التعليقات 3

http://www.youtube.com/watch?v=-7gKIEtpYWA


جزاك الله خيرا


وجزاكم يا شيخ شبيب، وبارك الله فيكم.