الاعتبار من حوادث الآبار

عايد القزلان التميمي
1443/07/17 - 2022/02/18 03:58AM

الحمد لله الواحد القهّار، يكوّر الليل على النهار، ويكوّر النهار على الليل وهو العزيز الغفّار، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، أمرنا بالتفكّر والاعتبار، فقال تبارك وتعالى: {فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الأَبْصَارِ} ، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله المصطفى المختار، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه المهاجرين منهم والأنصار، وسلّم تسليمًا ما تعاقب الليل والنهار.
أما بعدُ فيا أيها المؤمنون : اتقوا الله واعلموا أن الله سبحانه أمركم أن تعتبروا بما ترون وما تسمعون مما يجري من الحوادث ،
فالسَّعيد من وُعِظَ بغيره، قال تعالى (( أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ دَمَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلِلْكَافِرِينَ أَمْثَالُهَا ،))
وقال جل جلاله (( فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الأَبْصَارِ ،))
وقال تعالى (( أَوَلَمْ يَهْدِ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ الأَرْضَ مِنْ بَعْدِ أَهْلِهَا أَنْ لَوْ نَشَاءُ أَصَبْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَنَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَسْمَعُونَ))
وقال تعالى (( يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ))
أيها المؤمنون إن دنياكم هذه مليئة بالمصائب والمحن والبلايا، فهي دار شدة ورخاء، وسراء وضراء، وتتنوع فيها الابتلاءات، ليَعْتَبِرَ بها المُعْتَبِرون، ويَغْتَنِمَها المُوَفَّقُون,
قال الله تعالى  ((وَنَبْلُوكُم بِٱلشَّرّ وَٱلْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ  ))
وقال سبحانه (( لِّكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَىٰ مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ ۗ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ  ))
عباد الله وعلى المسلم أن يَتَأَمَّل ويَعْتَبِر فيما يحدث حولَه مما يسمع أو يقرأ، وأن يَحْذَر أن يفجأه الموت وهو في غفلة من أمره.
فالاعتبار عباد الله فالمؤمِنون يتعامَلون مع الأحداث بالعِظَةِ والاعتبار،
قال تعالى: (( إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِمَنْ يَخْشَى))
مع الأخذِ بالأسباب والفِرار من قدَر الله إلى قدَر الله .
عباد الله تتوالى الحوادث المؤلمة التي يندى لها الجبين، وتذرف بسببها العين دما بدل الدمع ونحن نتفاعل مع الحدث في حينه، وقد يشغل الرأي العام في الصحف المحلية والقنوات الفضائية ومنصات التواصل الحديثة ، ولكننا قد ننسى الحدث بعد فترة وجيزة ولا نذكره إلا بعد أن تقع كارثة أخرى لأننا لم نتخذ من تلك العِبَر اعتباراً، وما أكثر العِبَر، وما أقل الاعتبار.
عباد الله ومن هذه الكوارث حوادث الآبار المكشوفة التي تلتهم الأبرياء، والسبب إهمال أصحاب تلك الآبار و الجهات المسؤولة، التي يجب أن تتخذ الإجراءات اللازمة حيال تلك الآبار حادثة بعد حادثة، وضحية بعد ضحية.
وقد أدمت قلوبنا حادثة الطفل البريء في المغرب ، الذي التهمته بئر مكشوفة ، وكان حديث العالم من أدناه إلى اقصاه لمدة أربعة أيام حتى انتشلته,
فعلى الآباء والأمهات أن يكونوا قريبين من أبنائهم في حال خروجهم للمتنزهات، وأن لا يتركوهم لوحدهم لاسيما الأطفال، فإن الطفل لا يدرك الأخطار وقد يتجرأ على اكتشاف الأماكن والذهاب بعيداً لقلة إدراكه،
فعلى الوالدين أن ينتبهوا لهم وينبهوهم وأن يحرصوا على متابعتهم وأن لا يتركوهم للمغامرات في الأماكن الخطرة ولا للألعاب التي تشكل خطراً عليهم. 
نسأل الله أن يرحم الطفل ريان ويجعله شفيعاً لوالديه، وأن يحفظ أطفالنا من كل سوء ومكروه.  
عباد الله إن الآبار الارتوازية المهملة التي تركها «أصحابها» مكشوفةً حول القرى، والمزارع، والهجر، والمدن، والأودية، والمناطق المفتوحة كأفواه قُبُور تنتظر ساكنيها وهم غافلون عمّا تحت أقدامهم من خطر مُحْدِق قد يقعون فيه في أي لحظة، لأنه حدث لدينا الكثير من الحوادث المماثلة لحادثة الطفل ريان .
عباد الله وَيَنْبَغِي عَلَيْنا أَنْ نَتَعاوَنَ في أَمْرٍ مُهِمٍّ قَدْ كَثُرَ الكَلامُ عَنْه في هذه الأَيَّامِ، وأَصْبَحَ حَدِيثَ كَثيرٍ مِن الناسِ، لِمَا يُسَبِّبُه مِن خَطَرٍ عَلى الناسِ: أَلا وَهُوَ الآبارُ الْمَهْجُورَةِ، أَوْ الْمُهْمَلَةِ، أَوْ غَيْرِ الْمَحْمِيَّةِ والْمُؤَمَّنَةِ، لِمَا تُسَبِّبُه مِنْ مَخاطِرَ كَثِيرَةٍ, عَلَى الْمُتَنَزِّهِينَ وعابِرِي الطريقِ، خُصُوصًا الصِّغارَ الذينَ لا يُدْرِكُونَ المَخاطِرَ. وعَلى الدَّوابِّ مِنْ السُّقُوطِ.
فَيَجِبُ عَلَيْنا أَنْ نَتَعاوَنَ  للبَلاغِ عَن الآبارِ الْمُهْمَلَةِ والْمُعَطَّلَةِ، أَوْ غَيْرِ الْمَحْمِيَّةِ والآمنَةِ .  
والله عز وجل يقول: ﴿ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴾
وقال سبحانه (( والْعَصْرِ إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ))
وقال صلى الله عليه وسلم : "المُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كالْبُنْيانِ، يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا ثُمَّ شَبَّكَ بيْنَ أصابِعِهِ ))
فعلى المسلم أن يسعى دائمًا في التعاون على البر والتقوى في كل قول وعمل واعتقاد، وأن يسعى دائمًا في ترك التعاون على الإثم والعدوان في كل قول وعمل واعتقاد.
 والله أسأل أن يجعلنا كذلك إلى يوم نلقاه
بارك الله لي ولكم
 
 
الخطبة الثانية
 الحمد لله القائل (( قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلاَّ مَا كَتَبَ ٱللَّهُ لَنَا)) أحمدُه على القدَر خيرِه وشرِّه، وأشهد أن لا إلهَ إلاَّ الله وحدَه لا شريكَ له وأشهَد أنَّ نبينا محمَّدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى سائر آله وأصحابِه، وسلَّم تسليمًا كثيرًا.  
أما بعد فيا أيها المسلمون، فاتقوا الله عباد الله واعلموا أن الإيمان بالقضاء والقدر أساس من أركان هذا الدين فهو الركن السادس من أركان الإيمان، التي لا يتم إيمان عبد حتى يؤمن بها كلها، وحقيقته أن تعلم أيها المسلم أن ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، وما أصابك لم يكن ليخطئك، وما أخطأك لم يكن ليصيبك .
والإيمان بالقدر واجب، فإذا آمن الانسان بالقدر إيمانا كاملا لا يعتريه شك اطمأن في حياته، فإذا أصابه شيء علم أنه بقضاء الله وقدره، فيطمئن قلبه.
قال تعالى: ﴿ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا ﴾
وقال تعالى: ﴿ مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾
وقال صلى الله عليه وسلم (( وَإِنْ أَصَابَكَ شَيْءٌ؛ فَلَا تَقُلْ: لَوْ أَنِّي فَعَلْتُ كَذَا وَكَذَا، وَلَكِنْ قُلْ: قَدَّرَ الله وَمَا شَاءَ فَعَلَ ))
عباد الله صلوا وسلموا على رسول الله ......        
المرفقات

1645156708_الاعتبار من حوادث الآبار.doc

المشاهدات 915 | التعليقات 0