الاستغفار فضائله وفوائده-24-4-1436هـ-أحمد عرفة-صيد الفوائد-بتصرف

محمد بن سامر
1436/04/24 - 2015/02/13 05:33AM
[align=justify][align=justify] إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله-صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا-أما بعد:
فيا أيها الإخوة، قال أبو موسى-رضي الله عنه-: كان لنا أمانان، ذهب أحدهما وهو كون الرسول-عليه وآله الصلاة والسلام-فينا، وبقي الاستغفار معنا، فإذا ذهب الاستغفار هلكنا.
والاستغفار المقبول عند الله، والمؤثر في الحياة هو الذي يكون باللسان وقصد القلب و ترك الذنب.
لكن لماذا نستغفر؟
أولا: أن الله-عز وجل-أمر عباده بالاستغفار: فقال-تعالى- [وَاسْتَغْفِرُواْ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ]،[وَأَنِ اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ]
ثانيا: أن الله-عز وجل-مدح أهله وأثنى عليهم فى مواضعَ كثيرةٍ من كتابه العزيز ومنها: قوله-تعالى-: [وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِ]، قال أنس بن مالك-رضي الله عنه-: "أمرنا أن نستغفر بالسحر سبعين استغفارة".
ثالثا: أن الاستغفار من صفات المتقين: قال -سبحانه-[وَسارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ*الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ*وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ *أُوْلَئِكَ جَزَآؤُهُم مَّغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ].
رابعا: أن الله-عز وجل-يغفر لمن استغفر: قال-تعالى-[وَمَن يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَّحِيمًا].
خامسا: الاستغفارُ يجلبُ الخيراتِ والبركاتِ ويدفعُ البلاء: يقول الله-تعالى-: [فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا*يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا*وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا*مَّا لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا*وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا].
وهذه الثمراتُ المذكورةُ هنا هي مما يناله العبدُ في دنياه، من الخيراتِ العميمة، والعطايا الكريمة، والثمراتِ المتنوعة، وأما ما يناله المستغفرون يوم القيامة من الثوابِ الجزيلِ، والأجرِ العظيمِ، والرحمةِ والمغفرةِ، والعتقِ من النارِ، والسلامةِ من العذاب، فأمر لا يعلمه إلا الله-تعالى-.
رُويَ عن أميرِ المؤمنين عمرَ بنِ الخطابِ-رضي الله عنه-: أنه صعد المنبر ليستسقي، فلم يزد على الاستغفار، وقرأ الآيات في الاستغفار.
سادسا: الاستغفار يوجب رحمته-سبحانه وتعالى-: قال-عز وجل-: [لَوْلا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ].
سابعًا: الاستغفار مبعد للعذاب: قال-سبحانه-: [وَما كانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ].
ثامنا: الاستغفار يجلب القوة والخير: قال اللّه-تبارك وتعالى-: [وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتاعا حَسَنا إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ].
تاسعا: الاستغفار سنة الأنبياء والمرسلين، وطريق الأولياء والصالحين، يلجؤون إليه في كل وقت وحين، في السراء والضراء، به يتضرعون وبه يتقربون.
نبي الله آدم وزوجه-عليهما السلام-: [قَالاَ رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ].
نبي الله نوح-عليه السلام-: يقول: [رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَن دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلاَّ تَبَارًا]، وقال: [وَإِلاَّ تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُن مِّنَ الْخَاسِرِينَ].
نبي الله موسى-عليه السلام-:قال: [رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ].
نبي الله شعيب-عليه السلام-: قال لقومه: [وَاسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ].
نبي الله صالح-عليه السلام-: يقول لقومه: [يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُّجِيبٌ].
نبينا-صلى الله عليه وآله وسلم-كان دائمَ التوبةَ والاستغفار، مع أنه غُفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر: فعن الأغر المزني-رضي الله عنه-أن رسول الله-صلى الله عليه وآله وسلم- قال: "وإني لأستغفر الله فى اليوم مئة مرة".
قال أبو هريرة-رضي الله عنه-سمعت رسول الله-صلى الله عليه وآله-وسلم-يقول: "والله إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة".
وعن عبد الله بن عباس-رضى الله عنهما-قال: قال رسول الله-صلى الله عليه وآله وسلم-: "من أكثر من الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجا، ومن كل ضيق مخرجا، ورزقه من حيث لا يحتسب".
وعن عبد الله بن بسر-رضي الله عنه-قال: قال رسول الله-صلى الله عليه وآله وسلم-: "طوبى لمن وجد في صحيفته استغفارا".
وعن عكرمة-رحمه الله-قال: قال أبو هريرة-رضى الله عنه-: إني لأستغفر الله عز وجل وأتوب إليه كل يوم اثني عشر ألف مرة..."، يعني ما يقرب من أربع ساعات.
وعن الزبير-رضي الله عنه-أن رسول الله-صلى الله عليه وآله وسلم-قال: "من أحبَ أن تسرَه صحيفتُه; فليكثرْ فيها من الاستغفار".
وعن أنس بن مالك-رضى الله عنه-قال: سمعت رسول الله-صلى الله عليه وآله وسلم-يقول: "قال الله-تبارك وتعالى-: يا ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان فيك ولا أبالي، يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك ولا أبالي، يا ابن آدم إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا لأتيتك بقرابها مغفرة ".
قال قتادة-رحمه الله-: "إن هذا القرآن يدلكم على دائِكم ودوائِكم ، فأما داؤُكم: فالذنوب، وأما دواؤُكم: فالاستغفار".
وعن الحسن البصري-رحمه الله-قال: "أكثروا من الاستغفار في بيوتِكم، وعلى موائدِكم، وفي طرقِكم، وفي أسواقِكم، وفي مجالسِكم، أينما كنتم، فإنكم ما تدرون متى تنزل المغفرة!".
وعن أبي المنهال-رحمه الله-قال : "ما جاورَ عبدٌ في قبره مِن جارٍ خيرٍ من استغفار كثير".
[/align]
[align=justify]
الخطبة الثانية
فيا أيها الكرام: و من أنواع الاستغفار أن يبدأ العبد بالثناء على ربه، ثم يثني بالاعتراف بذنبه، ثم يسأل الله المغفرة، فعن شداد بن أوس-رضي الله عنه-قال: قال رسول الله-صلى الله عليه وآله وسلم- : "سيد الاستغفار أن يقول العبد: اللهم أنت ربي، وأنا عبدك، لا إله إلا أنت، خلقتني وأنا عبدك، أصبحت على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت، وأبوء لك بنعمتك علي، وأبوء لك بذنوبي، فاغفر لي، إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت".
ومنها: ما ثبت في الصحيحين عن أبي بكر الصديق-رضي الله عنه-أنه قال لرسول الله-صلى الله عليه وآله وسلم-: علمني دعاء أدعو به في صلاتي، قال: قل: "اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا، ولا يغفر الذنوب إلا أنت، فاغفر لي مغفرة من عندك، وارحمني، إنك أنت الغفور الرحيم"
ومنها: قوله-صلى الله عليه وآله وسلم : "أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه".
وعن زيد-رضي الله عنه-مولى النبي، أنه سمع رسول الله-صلى الله عليه وآله وسلم-يقول: "من قال: أستغفر الله الذى لا إله إلا هو الحى القيوم وأتوب إليه غفر له وإن كان فر من الزحف".
دل هذا الحديث أن الاستغفار يمحو الذنوب سواء كانت كبائرَ أو صغائرَ بتركها وعدم الإصرار عليها.
وبعد: فهذه بعض فضائل الاستغفار فى القرآن الكريم، والسنةِ النبويةِ المطهرة، وبعضِ آثارِ السلفِ الصالحِ-رضوان الله عليهم-وصيغِ الاستغفارِ وفوائدِه أسأل الله-تعالى-أن يوفقنا وإياكم والمسلمين للعمل بها إنه ولى ذلك والقادر عليه اللهم آمين.

[/align][/align]
المرفقات

الاستغفار فضائله وفوائده-24-4-1436هـ-أحمد عرفة-صيد الفوائد-بتصرف.doc

الاستغفار فضائله وفوائده-24-4-1436هـ-أحمد عرفة-صيد الفوائد-بتصرف.doc

المشاهدات 7387 | التعليقات 1

جزاك الله خيرا