الاستغفار

محمود الطائي
1434/04/26 - 2013/03/08 21:56PM
عباد الله ... ما من حَملٍ على الظهرِ أعظم ، وعلى النفس اشد ، وعلى الصَدرِ اكبر من حملِ الذنوب ، فما حَمَلَ المرؤُ حملاً اشدَ عليه من ذنوبه ، فمن منا ليس له ذنوب ، ومن منا خلت صحيفتُه من السيئات ، ومن منا من لم يستحوذ عليه الشيطان ولو للحظة فينسيه ذكر الله ، من الذي لم يتجرأ على الله بمعصية ، بل كم من الناس من كانت حياتُهُم كلها آثام وقلوبهم مُلِئـَت بالجراحِ والآلام ، يخرُج من ذنبٍ ويلِجُ آخر ، يتركُ معصيةً ويتلَبسُ بأخرى .
إلى كلِ هؤلاء ، بل إلى أنفسِنا قبلهُم
يقول الله تعالى " والذين إذا فعلوا فاحشةَ أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ، ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون "
سنذكُرُ اليومَ ذكراً من أعظمِ الأذكار ، امانَ المؤمنين الابرار من عذابِ العزيزِ القهار بعد وفاة سيد الابرار ، إنهُ الاستغفار
يقول الرحيم الغفار " وما كان الله ليعذبهم وانت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون "
عن أبي سعيدِ الخدري - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم – قال في الحديث الحسن :
" يقول إبليس لله - عز وجل - بعزتك وجلالِك لا أبرحُ أغويهم ما رأيتُ الأرواح فيهم " .
" فيقول الحق جل وعلا : ( فبعزتي وجلالي لا أبرحُ أغفرُ لهم ما استغفروني ) .
فهذا السلاح الذي فيه ردٌ لكيدِ الشيطان في نحرهِ وإغاضةً له بفضل الله - سبحانه وتعالى - فأنت كلما استغفرت الله - عز وجل - كأنما تضرب إبليسَ بسيفٍ بتار ، فلا يُصابَ المؤمنُ بسهوةٍ أو غفلة حتى يتذكر ويرجع فيستغفر : { إن الذين اتقوا إذا مسهم طائفٌ من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون } .
قال شيخ الاسلام : والله ما استصعبت علي مسألة فأستغفر الله الفاً او اكثر الا يفتَحُها الله علي
جاء رجلُ إلى الحسن البصري يشكو إليه الجذبَ والقحط فأجابه قائلاً : " استغفر الله " ، ثم جاءه رجلُ آخر يشكو الحاجة والفقر فقال له : " استغفر الله " ، ثم جاءه ثالثُ يشكو قلة الولد فقال له : " استغفر الله " ،
فعجب القوم من إجابته فأرشدهم إلى الفقه الإيماني والفهم القرآني وتلا قول الله جل وعلا :
فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً، يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَاراً ، وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍوَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَاراً "
قال الإمام علي رضي الله عنه : عَجبتُ لكم عندكم الداء والدواء ، ضعوا دواءَكُم على داءِكُم قالوا : ماهو ، قال : داءُكُم الذنوب ودواءُكُم الاستغفار
سافر الإمام أحمد بن حنبل رحمه اللهتعالى ، فأراد أن يقضي ليلته في مسجد ، ولكن مُنع منالمبيت في المسجد بواسطة حارس المسجد ،وكان لايعرف من هو، حاول معه ولكن لا جدوى ، فقال لهالإمام سأنام موضع قدمي ، وبالفعل نام الإمام أحمد مكان موضعَ قدميه ، فقامحارس المسجد بجرّه لإبعاده من مكان المسجد ، وكان الإمام أحمد بن حنبل شيخ وقورتبدو عليه ملامح الكبر ، فرآه خباز فعرض عليه المبيت عنده فذهب معه واكرمه ولما بدأ تحضير عجينهلعمل الخبز ، سمع الخباز يستغفر ويستغفر ، ومضى وقت طويلوهو على هذه الحال فتعجب الإمام أحمد ، فلما أصبح سأل الخبازعن استغفاره في الليل ، فأجابه : أنه طِوالَ ما يصنعُ عجينَهُ فهو يستغفر ،
فسأله الإمام أحمد : وهل وجدت لاستغفارك ثمره ، فقال الخباز : نعم ، والله ما دعوت دعوة إلاأُجيبت ، إلا دعوةً واحدة
فقال : وما هي
فقال الخباز : ان ارى الإمام المحدث الفقيه أحمد بن حنبل
فقال : أنا أحمد بن حنبل ، والله إني جُرِرتُ إليكَ جراً
وقد روى الإمامُ مُسلم :
( أن عبداً أذنب ذنباً فقال يا رب أذنبت ذنباَ فاغفر لي فقال الله - عز وجل - لملائكته : علِمَ عبدي أن له رب يغفر الذنب ويؤاخذُ به فاستغفرني أشهدكم أني قد غفرت له ، ثم أذنب ذنباَ فقال يا رب أذنبت ذنباَ فاغفر لي فقال الله - عز وجل - : علم عبدي أن له رب يغفر الذنب ويؤاخذ بالذنب أشهدكم أني قد غفرت له ، ثم ثالثةَ فيعاد القول فليعمل عبدي ما شاء فإني أغفر له )
يقول الله سبحانه وتعالى في الحديث القدسي : " يا عبادي إنكم تخطئونبالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعاً فاستغفروني أغفر لكم "
سبحان الله ينادينا ربنا جل وعلا وهو الغني عن عبادة العابدين وطاعة الطائعين واستغفار المستغفرين

اعوذ بالله من الشيطان الرجيم " فأعلم انه لا اله الا الله واستغفر لذنبك "
المشاهدات 2329 | التعليقات 0