الاستعداد لاستقبال سيد الشهور واعظمها - شَهْرُ رَمَضَانَ
محمد البدر
الْخُطْبَةِ الأُولَى:
عِبَادَ اللَّهِ: قَالَ تَعَالَى : ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ ﴾.
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ « الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ وَالْجُمُعَةُ إِلَى الْجُمُعَةِ وَرَمَضَانُ إِلَى رَمَضَانَ مُكَفِّرَاتٌ مَا بَيْنَهُنَّ إِذَا اجْتَنَبَ الْكَبَائِرَ » رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
في مثل هذه الأيام يستعد المسلمون قاطبة لاستقبال سيد الشهور واعظمها ، نسأل الله أن يبلغنا وإياكم والمسلمين شهر رمضان المبارك ويعيننا فيه على الصيام والقيام وتلاوة القرآن.
عِبَادَ اللَّهِ : في مثل هذه الأيام ينشط الاعلام بكافة أنواعه وجميع وسائل التواصل الاجتماعي استعداداً لموسم رمضان بعرض المشاهد الساخرة والمضحكة والمشاهد المبكية المحزنة والمشاهد المخلة بالآداب والمخالفة للدين والعادات والقيم والأعراف والتقاليد واستغلالاً للسذج من الناس فيعرضون مشاهد مسرحية لقصصاً وآثار مكذوبة بل ويزيدون فيها بعض المشاهد الغير لائقة وتشوه سمعة بعض الصحابة رضي الله عنهم وبعض العلماء البارزين وتبث الأحاديث المكذوبة والموضوعة.
وفي مثل هذه الأيام يستعد بعض أصحاب المحلات والأسواق والمتاجر بتوفير كل ما يتعلق برمضان من الزينة والمنتجات الغذائية والمشروبات والأطعمة ويرى أن رمضان موسم لجني الأرباح والأموال.
وفي مثل هذه الأيام يتهيأ البعض لتنظيم جداول المباريات والمسابقات الرياضية والثقافية فهؤلاء ومن قبلهم لا حظ لهم من رمضان إلَّا الْجُوعُ وَالْعَطَشُ واللهو و السَّهَرُ فَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «رُبَّ صَائِمٍ حَظُّهُ مِنْ صِيَامِهِ الْجُوعُ وَالْعَطَشُ، وَرُبَّ قَائِمٍ حَظُّهُ مِنْ قِيَامِهِ السَّهَرُ» صَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ. ومن مظاهر استقبال شهر رمضان المبارك والتي تظهر جلياً ظاهرة التسول والتي يُخطط لها من شعبان لعلمهم أن الناس في رمضان يحبون الخير أكثر من ذي قبل فيستغلونهم ويستدرون عطفهم من خلال افتعال حركات أو عاهات أو استخدام أي وسيلة تخدمهم ويستفيدون منها وهم يتجولون في الأسواق وعند الإشارات المرورية وينتشرون في المساجد بطريقة ملفتة دون حياء ولا حشمة فلا يكاد يخلوا مسجداً منهم فبعد الفريضة مباشرة يقوم احدهم فيخطب في الناس بأسلوب قل نظيره ،واعتاد بعضهم طلب الزكاة والصدقة والمعونات المادية والمعنوية وغيرها و الجميع يعلم أن الْمَسْأَلَةَ لَا تَحِلُّ إِلَّا لِأَحَدِ ثَلَاثَةٍ،فَعَنْ قَبِيصَةَ بْنِ مُخَارِقٍ الْهِلَالِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: تَحَمَّلْتُ حَمَالَةً، فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَسْأَلُهُ فِيهَا، فَقَالَ: أَقِمْ حَتَّى تَأْتِيَنَا الصَّدَقَةُ، فَنَأْمُرَ لَكَ بِهَا، قَالَ: ثُمَّ قَالَ: «يَا قَبِيصَةُ إِنَّ الْمَسْأَلَةَ لَا تَحِلُّ إِلَّا لِأَحَدِ ثَلَاثَةٍ رَجُلٍ، تَحَمَّلَ حَمَالَةً، فَحَلَّتْ لَهُ الْمَسْأَلَةُ حَتَّى يُصِيبَهَا، ثُمَّ يُمْسِكُ، وَرَجُلٌ أَصَابَتْهُ جَائِحَةٌ اجْتَاحَتْ مَالَهُ، فَحَلَّتْ لَهُ الْمَسْأَلَةُ حَتَّى يُصِيبَ قِوَامًا مِنْ عَيْشٍ - أَوْ قَالَ سِدَادًا مِنْ عَيْشٍ - وَرَجُلٌ أَصَابَتْهُ فَاقَةٌ حَتَّى يَقُومَ ثَلَاثَةٌ مِنْ ذَوِي الْحِجَا مِنْ قَوْمِهِ: لَقَدْ أَصَابَتْ فُلَانًا فَاقَةٌ، فَحَلَّتْ لَهُ الْمَسْأَلَةُ حَتَّى يُصِيبَ قِوَامًا مِنْ عَيْشٍ - أَوْ قَالَ سِدَادًا مِنْ عَيْشٍ - فَمَا سِوَاهُنَّ مِنَ الْمَسْأَلَةِ يَا قَبِيصَةُ سُحْتًا يَأْكُلُهَا صَاحِبُهَا سُحْتًا » رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: أنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: « لاَ تَزَالُ الْمَسْأَلةُ بأَحَدِكُمْ حَتَّى يَلْقَى الله تَعَالَى وَلَيْسَ في وَجْهِهِ مُزْعَةُ لَحْمٍ » متفقٌ عَلَيْهِ.
عِبَادَ اللَّهِ : والغالب على الناس في مثل هذه الأيام الفرح بقدوم الشهر لجني الحسنات واستباق الخيرات والمحافظة على الصلوات والتقرب إلى الله بقراءة القرآن وسائر القربات فهؤلاء بإذن الله هم الفائزون حقاً، ونذكر الجميع ان من بيننا ومن حولنا من لا يجدون شيئاً يفطرون عليه أو يأكلونه لانهم لا يسألون الناس ولا يتجولون في الأسواق ولا يتكففون المصلين في المساجد فاتقوا الله في هؤلاء وتفقدوا جيرانكم وتلمسوا حاجاتهم وكونوا عوناً للفقراء والأرامل واليتامى والمساكين والمطلقات بكل ما تستطيعون من مال وغذاء وكساء فالله الله فيهم. أَقُولُ قَوْلِي هَذَا...