الاستشفاء بالقرآن الكريم
عايد القزلان التميمي
الحمد لله الذي توالت على عباده عطاياه، فأكرمهم بخاتم الرسل، وأنزل عليه خير الكتب، وجعله للناس هدى وشفاء، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا محمدًا عبد الله ورسوله، كان بالمؤمنين رحيمًا، وعلى نجاتهم حريصًا، اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله الأطهار وأصحابه الأخيار ما تكرر الليل والنهار
أما بعد
فمن رحمة الله بعباده المؤمنين أن أنزل عليهم كتابه العظيم، نزله على قلب خاتم النبيين وأفضلهم أجمعين r، وجعله بينهم يقرؤونه ويرجعون إليه متى شاءوا، في جميع شؤونهم، مع تكفله جلَّ وعلا بحفظه وعدم وصول يد التحريف والتبديل إليه، بقوله: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾ ، وجعله هدى، ونوراً، وشفاء، وحكماً عدلاً، لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.
وإن مما ينبغي للمسلم العناية به: الاستشفاء بهذا القرآن العظيم من جميع الأدواء الحسية والمعنوية: أمراض القلوب وأمراض الأبدان، وهذا من تمام التصديق والعمل به، وما أحوجنا إلى ذلك خاصة في هذه الأزمنة التي كثر فيها الشر وأهله، وكثرت الأدواء التي لا تعرف.
قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ﴾
ينادي الله عز وجل عباده بقوله: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ﴾ فعم جميع الخلق؛ لأن هذا القرآن مخاطب به الجميع ومأمور بالعمل بما فيه، فهو موعظة للجميع، ولا يختص به أهل الإيمان دون غيرهم.
ولكن الله اختص المؤمنين بكون القرآن لهم هدى، وشفاء، ورحمة؛ ولقد أخبر الله في هذه الآية أن القرآن شفاء لما في الصدور، وهي القلوب, فعلى من أراد شفاء قلبه أن يقبل على هذا القرآن تلاوةً وعملاً واستشفاءً.
ومن الفوائد في الآية: أن الله وصف القرآن بأنه شفاء, ولم يصفه بأنه دواء، وهذا يدل على تحقق حصول النتيجة عند الاستشفاء به، وهي زوال الداء بخلاف الدواء؛ فإنه قد يحصل به الشفاء وزوال الداء, وقد لا يحصل، فالحمد لله على منه، وكرمه، وجعله كلامه بين أيدينا، نقرأه ونستشفي به متى شئنا، لا يحول بيننا وبينه أحد.
قال ابن القيم - رحمه الله- في تقرير شفاء القرآن:
«فالقرآن هو الشفاء التام من جميع الأدواء القلبية والبدنية، وأدواء الدنيا والآخرة، وما كل أحد يؤهل ولا يوفق للاستشفاء به، وإذا أحسن العليل التداوي به بصدق وإيمان وقبول تام، واعتقاد جازم واستيفاء شروطه، لم يقاومه الداء أبدا.
وكيف تقاوم الأدواء كلام رب الأرض والسماء؟ الذي لو نزل على الجبال لصدعها وعلى الأرض لقطعها، فما من مرض من أمراض القلوب والأبدان إلا وفي القرآن سبيل الدلالة على دوائه، وسببه، والحمية منه، لمن رزقه الله فهما في كتابه, وأما الأدوية القلبية، فإنه يذكرها مفصلة، ويذكر أسباب أدوائها وعلاجها، قال تعالى: {أَوَ لَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ، فمَن لم يَشْفِه القرآن، فلا شفاه الله، ومَن لم يَكفِه، فلا كفاه الله»
عباد الله قال تعالى: {وَنُنَزِّلُ مِنَ القرآن مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَاراً}.
وقال تعالى: {وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآناً أَعْجَمِيّاً لَقَالُوا لَوْلا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدىً وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمىً أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ}
عبادالله: و القرآن يتضمن شفاء الأبدان، كما يتضمن شفاء القلوب.
ولقد جاءت سنة النبي r دالة على مشروعية الاستشفاء بالقرآن الكريم من قوله وفعله وتقريره, فعن أبي سعيد الخدري t قال: انْطَلَقَ نَفَرٌ مِن أَصْحَابِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في سَفْرَةٍ سَافَرُوهَا، حتَّى نَزَلُوا علَى حَيٍّ مِن أَحْيَاءِ العَرَبِ، فَاسْتَضَافُوهُمْ فأبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمْ، فَلُدِغَ سَيِّدُ ذلكَ الحَيِّ، فَسَعَوْا له بكُلِّ شيءٍ لا يَنْفَعُهُ شيءٌ، فَقالَ بَعْضُهُمْ: لو أَتَيْتُمْ هَؤُلَاءِ الرَّهْطَ الَّذِينَ نَزَلُوا، لَعَلَّهُ أَنْ يَكونَ عِنْدَ بَعْضِهِمْ شيءٌ، فأتَوْهُمْ، فَقالوا: يا أَيُّهَا الرَّهْطُ إنَّ سَيِّدَنَا لُدِغَ، وَسَعَيْنَا له بكُلِّ شيءٍ لا يَنْفَعُهُ، فَهلْ عِنْدَ أَحَدٍ مِنكُم مِن شيءٍ؟ فَقالَ بَعْضُهُمْ: نَعَمْ، وَاللَّهِ إنِّي لَأَرْقِي، وَلَكِنْ وَاللَّهِ لَقَدِ اسْتَضَفْنَاكُمْ فَلَمْ تُضَيِّفُونَا، فَما أَنَا برَاقٍ لَكُمْ حتَّى تَجْعَلُوا لَنَا جُعْلًا، فَصَالَحُوهُمْ علَى قَطِيعٍ مِنَ الغَنَمِ، فَانْطَلَقَ يَتْفِلُ عليه، وَيَقْرَأُ: الحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ فَكَأنَّما نُشِطَ مِن عِقَالٍ (أي الحبل)، فَانْطَلَقَ يَمْشِي وَما به قَلَبَةٌ (أي علة) ، قالَ: فأوْفَوْهُمْ جُعْلَهُمُ الذي صَالَحُوهُمْ عليه، فَقالَ بَعْضُهُمْ: اقْسِمُوا، فَقالَ الذي رَقَى: لا تَفْعَلُوا حتَّى نَأْتِيَ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَنَذْكُرَ له الذي كَانَ، فَنَنْظُرَ ما يَأْمُرُنَا، فَقَدِمُوا علَى رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَذَكَرُوا له، فَقالَ: وَما يُدْرِيكَ أنَّهَا رُقْيَةٌ، ثُمَّ قالَ: قدْ أَصَبْتُمْ، اقْسِمُوا، وَاضْرِبُوا لي معكُمْ سَهْمًا فَضَحِكَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ. رواه البخاري
فتأمل يا عبد الله كيف تعافى اللديغ من سم زعاف دخل بدنه وكاد يودي بحياته, إنه القرآن الكريم كلام الله كما أنه شفاء لما في الصدور وشفاءٌ للإنسان مما يصيبه من حر وحسد فهو شفاء كذلك للأبدان مما يصيبها من أمراض ولا تعجب إذا قلت لك أن رجلا أعرفه أصيب بمرض السرطان وبعد إخبار الطبيب له توجه إلى الله بالدعاء والتضرع وقراءة سورة البقرة كل يوم وكان يقوم بالفحوصات في كل فترة حسب المواعيد الطبية ويرى التحسن الواضح , وبعد عدة أشهر اتضح من الفحوصات أنه قد شُفي تماما فالله على كل شيء قدير , وهذا الإعجاز القرآني يعلمه الكثير من المسلمين ولا يكذبه إلا من عميت بصيرته .
ولا حرج أبدا في أن يأخذ المسلم بالتداوي بالأسباب المادية من أدوية طبية ويأخذ بالتداوي بالقرآن من كل داء , ثم إن كل من أراد الانتفاع بالرقية الشرعية يجب عليه أن يحقق التوكل وصدق اللجوء إلى الله سبحانه وتعالى , وصدق اليقين بأن هذا القرآن شفاء وأن الله على كل شيء قدير .
بارك الله لي ولكم في القرآن والسنة ونفعني وإياكم بما فيهما من الآيات والذكر الحكيم, أقول ما قد سمعتم واستغفروا الله لي ولكم ولسائر المسلمين فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم
الخطبة الثانية
أما بعد فيا عباد الله
الحمد لله الذي ميَّز أهل السنة [ بالتسليم لأدلة القرآن المبين ] وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ] ، وفّق أهل الحق للاقتداء بسيد المرسلين فجمعوا بين [ الصدق واليقين ، وأشهد أن نبينا محمدا عبد الله ورسوله ، دعا إلى الحق والهدى حتى أتاه اليقين . صلى الله وسلم وبارك عليه ، وعلى آله الطيبين الطاهرين ، وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد فيا عباد الله :
علينا أن نتأسى بالنبي صلى الله عليه وسلم؛ فإن ربنا جل وعلا يقول: ﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا﴾ فعن عائشة رضي الله عنها وعن أبيها: «أن النبي r كان إذا اشتكى نفث على نفسه بالمعوذات، ومسح عنه بيده، فلما اشتكى وجعه الذي توفي فيه طفقت أنفث على نفسه بالمعوذات التي كان ينفث، وأمسح بيد النبي r عنه»
ودل هذا الحديث العظيم أن الأسوة r كان إذا اشتكى ومرض يستشفي بالمعوذات، ويعالج بها نفسه من كل شكوى، وهذا - والله أعلم- منه كالبيان والتفسير لقوله: ﴿قل هو للذين امنوا هدى وشفاء﴾، وكالدعوة إلى ذلك,
عباد الله ولقد دلت جملة من الأحاديث أن النبي r كان ينفث أحيانا مع رقيته للمريض, وكذلك أقر بعض أصحابه على ذلك, وسواء كان النفث بعد القراءة أو معها،
لقد كان من هدي النبي r أنه يضع يده على الألم، أو يأمر المريض بذلك، ثم يمسح بها.
والأفضل الوارد عن الرسولr، وهو القراءة على المريض مباشرة أو القراءة في ماء ويشربه».
عباد الله صلوا وسلموا على رسول الله .....
المرفقات
الاستشفاء-بالقرآن-الكريم
الاستشفاء-بالقرآن-الكريم
عايد القزلان التميمي
الخطبة بعد التعديل
الحمد لله الذي توالت على عباده عطاياه، فأكرمهم بخاتم الرسل، وأنزل عليه خير الكتب، وجعله للناس هدى وشفاء، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا محمدًا عبد الله ورسوله، كان بالمؤمنين رحيمًا، وعلى نجاتهم حريصًا، اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله الأطهار وأصحابه الأخيار ما تكرر الليل والنهار
أما بعد فيا عباد الله أوصيكم ونفسي بتقوى الله
أيها المؤمنون: فمن رحمة الله بعباده المؤمنين أن أنزل عليهم كتابه العظيم، نزله على قلب خاتم النبيين وأفضلهم أجمعين صلى الله عليه وسلم، وجعله بينهم يقرؤونه ويرجعون إليه متى شاءوا، في جميع شؤونهم، مع تكفله جلَّ وعلا بحفظه وعدم وصول يد التحريف والتبديل إليه، بقوله: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾ ، وجعله هدى، ونوراً، وشفاء، وحكماً عدلاً، لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.
وإن مما ينبغي للمسلم العناية به: الاستشفاء بهذا القرآن العظيم من جميع الأدواء الحسية والمعنوية: أمراض القلوب وأمراض الأبدان، وهذا من تمام التصديق والعمل به، وما أحوجنا إلى ذلك خاصة في هذه الأزمنة التي كثر فيها الشر وأهله، وكثرت الأدواء التي لا تعرف.
قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ﴾
ينادي الله عز وجل عباده بقوله: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ﴾ فعم جميع الخلق؛ لأن هذا القرآن مخاطب به الجميع ومأمور بالعمل بما فيه، فهو موعظة للجميع، ولا يختص به أهل الإيمان دون غيرهم.
ولكن الله اختص المؤمنين بكون القرآن لهم هدى، وشفاء، ورحمة؛ ولقد أخبر الله في هذه الآية أن القرآن شفاء لما في الصدور، وهي القلوب, فعلى من أراد شفاء قلبه أن يقبل على هذا القرآن تلاوةً وعملاً واستشفاءً.
عباد الله: وصف ربنا سبحانه , القرآن بأنه شفاء, ولم يصفه بأنه دواء، وهذا يدل على تحقق حصول النتيجة عند الاستشفاء به، وهي زوال الداء بخلاف الدواء؛ فإنه قد يحصل به الشفاء وزوال الداء, وقد لا يحصل، فالحمد لله على منه، وكرمه، وجعله كلامه بين أيدينا، نقرأه ونستشفي به متى شئنا، لا يحول بيننا وبينه أحد.
قال ابن القيم - رحمه الله- في تقرير شفاء القرآن:
«فالقرآن هو الشفاء التام من جميع الأدواء القلبية والبدنية، وأدواء الدنيا والآخرة، وما كل أحد يؤهل ولا يوفق للاستشفاء به، وإذا أحسن العليل التداوي به بصدق وإيمان وقبول تام، واعتقاد جازم واستيفاء شروطه، لم يقاومه الداء أبدا.
وكيف تقاوم الأدواء كلام رب الأرض والسماء؟ الذي لو نزل على الجبال لصدعها وعلى الأرض لقطعها، فما من مرض من أمراض القلوب والأبدان إلا وفي القرآن سبيل الدلالة على دوائه، وسببه، والحمية منه، لمن رزقه الله فهما في كتابه, وأما الأدوية القلبية، فإنه يذكرها مفصلة، ويذكر أسباب أدوائها وعلاجها، قال تعالى: {أَوَ لَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ، فمَن لم يَشْفِه القرآن، فلا شفاه الله، ومَن لم يَكفِه، فلا كفاه الله»انتهى كلامه رحمه الله .
عباد الله قال تعالى: {وَنُنَزِّلُ مِنَ القرآن مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَاراً}.
وقال تعالى: {وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآناً أَعْجَمِيّاً لَقَالُوا لَوْلا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدىً وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمىً أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ}
عبادالله: و القرآن يتضمن شفاء الأبدان، كما يتضمن شفاء القلوب.
ولقد جاءت سنة النبي صلى الله عليه وسلم دالة على مشروعية الاستشفاء بالقرآن الكريم من قوله وفعله وتقريره, فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: انْطَلَقَ نَفَرٌ مِن أَصْحَابِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في سَفْرَةٍ سَافَرُوهَا، حتَّى نَزَلُوا علَى حَيٍّ مِن أَحْيَاءِ العَرَبِ، فَاسْتَضَافُوهُمْ فأبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمْ، فَلُدِغَ سَيِّدُ ذلكَ الحَيِّ، فَسَعَوْا له بكُلِّ شيءٍ لا يَنْفَعُهُ شيءٌ، فَقالَ بَعْضُهُمْ: لو أَتَيْتُمْ هَؤُلَاءِ الرَّهْطَ الَّذِينَ نَزَلُوا، لَعَلَّهُ أَنْ يَكونَ عِنْدَ بَعْضِهِمْ شيءٌ، فأتَوْهُمْ، فَقالوا: يا أَيُّهَا الرَّهْطُ إنَّ سَيِّدَنَا لُدِغَ، وَسَعَيْنَا له بكُلِّ شيءٍ لا يَنْفَعُهُ، فَهلْ عِنْدَ أَحَدٍ مِنكُم مِن شيءٍ؟ فَقالَ بَعْضُهُمْ: نَعَمْ، وَاللَّهِ إنِّي لَأَرْقِي، وَلَكِنْ وَاللَّهِ لَقَدِ اسْتَضَفْنَاكُمْ فَلَمْ تُضَيِّفُونَا، فَما أَنَا برَاقٍ لَكُمْ حتَّى تَجْعَلُوا لَنَا جُعْلًا، فَصَالَحُوهُمْ علَى قَطِيعٍ مِنَ الغَنَمِ، فَانْطَلَقَ يَتْفِلُ عليه، وَيَقْرَأُ: الحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ فَكَأنَّما نُشِطَ مِن عِقَالٍ (أي الحبل)، فَانْطَلَقَ يَمْشِي وَما به قَلَبَةٌ (أي علة) ، قالَ: فأوْفَوْهُمْ جُعْلَهُمُ الذي صَالَحُوهُمْ عليه، فَقالَ بَعْضُهُمْ: اقْسِمُوا، فَقالَ الذي رَقَى: لا تَفْعَلُوا حتَّى نَأْتِيَ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَنَذْكُرَ له الذي كَانَ، فَنَنْظُرَ ما يَأْمُرُنَا، فَقَدِمُوا علَى رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَذَكَرُوا له، فَقالَ: وَما يُدْرِيكَ أنَّهَا رُقْيَةٌ، ثُمَّ قالَ: قدْ أَصَبْتُمْ، اقْسِمُوا، وَاضْرِبُوا لي معكُمْ سَهْمًا فَضَحِكَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ. رواه البخاري
فتأمل يا عبد الله كيف تعافى اللديغ من سم زعاف دخل بدنه وكاد يودي بحياته, إنه القرآن الكريم كلام الله كما أنه شفاء لما في الصدور وشفاءٌ للإنسان مما يصيبه من حر وحسد فهو شفاء كذلك للأبدان مما يصيبها من أمراض ولا تعجب إذا قلت لك أن رجلا أعرفه أصيب بمرض السرطان وبعد إخبار الطبيب له توجه إلى الله بالدعاء والتضرع وقراءة سورة البقرة كل يوم وكان يقوم بالفحوصات في كل فترة حسب المواعيد الطبية ويرى التحسن الواضح , وبعد عدة أشهر وهو مستمر على قراءة سورة البقرة, اتضح من الفحوصات أنه قد شُفي تماما فالله على كل شيء قدير , وهذا الإعجاز القرآني يعلمه الكثير من المسلمين ولا يكذبه إلا من عميت بصيرته .
ولا حرج أبدا في أن يأخذ المسلم بالتداوي بالأسباب المادية من أدوية طبية ويأخذ بالتداوي بالقرآن من كل داء , ثم إن كل من أراد الانتفاع بالرقية الشرعية يجب عليه أن يحقق التوحيد لله سبحانه والتوكل وصدق اللجوء إلى الله سبحانه وتعالى , وصدق اليقين بأن هذا القرآن شفاء وأن الله على كل شيء قدير .
بارك الله لي ولكم في القرآن والسنة ونفعني وإياكم بما فيهما من الآيات والحكمة , أقول ما قد سمعتم واستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم .
الخطبة الثانية
الحمد لله الذي ميَّز أهل السنة [ بالتسليم لأدلة القرآن المبين ] وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وفّق أهل الحق للاقتداء بسيد المرسلين فجمعوا بين الصدق واليقين ، وأشهد أن نبينا محمدا عبد الله ورسوله ، دعا إلى الحق والهدى حتى أتاه اليقين . صلى الله وسلم وبارك عليه ، وعلى آله الطيبين الطاهرين ، وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد فيا عباد الله :
علينا أن نتأسى بالنبي صلى الله عليه وسلم؛ فإن ربنا جل وعلا يقول: ﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا﴾ فعن عائشة رضي الله عنها وعن أبيها: «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا اشتكى نفث على نفسه بالمعوذات، ومسح عنه بيده، فلما اشتكى وجعه الذي توفي فيه طفقت أنفث على نفسه بالمعوذات التي كان ينفث، وأمسح بيد النبي صلى الله عليه وسلم عنه»
ودل هذا الحديث العظيم أن الأسوة صلى الله عليه وسلم كان إذا اشتكى ومرض يستشفي بالمعوذات، ويعالج بها نفسه من كل شكوى، وهذا - والله أعلم- منه كالبيان والتفسير لقوله: ﴿قل هو للذين امنوا هدى وشفاء﴾، وكالدعوة إلى ذلك,
عباد الله ولقد دلت جملة من الأحاديث أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينفث أحيانا مع رقيته للمريض, وكذلك أقر بعض أصحابه على ذلك, وسواء كان النفث بعد القراءة أو معها،
لقد كان من هدي النبي صلى الله عليه وسلم أنه يضع يده على الألم، أو يأمر المريض بذلك، ثم يمسح بها.
والأفضل الوارد عن الرسول صلى الله عليه وسلم ، وهو القراءة على المريض مباشرة أو القراءة في ماء ويشربه».
عباد الله صلوا وسلموا على رسول الله .....
المرفقات
https://khutabaa.com/forums/رد/349695/attachment/%d8%a7%d9%84%d8%a7%d8%b3%d8%aa%d8%b4%d9%81%d8%a7%d8%a1-%d8%a8%d8%a7%d9%84%d9%82%d8%b1%d8%a2%d9%86-%d8%a7%d9%84%d9%83%d8%b1%d9%8a%d9%85-1
https://khutabaa.com/forums/رد/349695/attachment/%d8%a7%d9%84%d8%a7%d8%b3%d8%aa%d8%b4%d9%81%d8%a7%d8%a1-%d8%a8%d8%a7%d9%84%d9%82%d8%b1%d8%a2%d9%86-%d8%a7%d9%84%d9%83%d8%b1%d9%8a%d9%85-1
تعديل التعليق