الاستِخَارَةُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا مِنْ أَحْكَامٍ

د صالح بن مقبل العصيمي
1438/02/07 - 2016/11/07 18:01PM
الخطبة الأولى
إنَّ الحمدَ للهِ،نَحْمَدُهُ،وَنَسْتَعِينُهُ،وَنَسْتَغْفِرُهُ،ونعوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أنفسِنَا وسيئاتِ أعمالِنَا،مَنْ يهدِ اللهُ فلاَ مُضِلَّ لَهُ،وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ،وأشهدُ أنْ لا إلهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شريكَ لَهُ،تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ، وأشهدُ أنَّ مُحَمَّدًا عبدُهُ ورسُولُهُ،وَخَلِيلُهُ - صَلَّى اللهُ عليهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ،وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ،وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كثيرًا . أمَّا بَعْدُ ... فَاتَّقُوا اللهَ- عِبَادَ اللهِ- حقَّ التَّقْوَى؛واعلَمُوا أنَّ أَجْسَادَكُمْ عَلَى النَّارِ لَا تَقْوَى. وَاِعْلَمُوا بِأَنَّ خَيْرَ الْهَدْيِّ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ،وَأَنَّ شَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا ، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ،وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ .
عِبَادَ اللهِ،جُبِلَ النَّاسُ فِي القَدِيمِ وَالحَدِيثِ عَلَى مَحَبَّةِ اسْتِشْرَافِ المُسْتَقْبَلِ, وَمَعْرِفَةِ مَا تُخَبِّئُ الأَيَّامُ, وَمَاذَا سَتُثْمِرُ عَنْهُ الْأَعْمَالُ, مِنْ نَجَاحٍ أَوْ فَشَلٍ؛وَلِذَا لَجَأَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ إِلَى الطَّيْرِ, لِتَكْشِفَ لَهُمْ - بِزَعْمِهِمْ الْجَاهِلِ -عَمَّا سَتَؤُولُ إِلَيْهِ أَعْمَالُهُمْ, وَمَا تُخَبِّئهُ الأَيَّامُ لَهُمْ, مِنْ خَيْرٍ أَوْ شَرٍ,عِنْدَ الزَّوَاجِ أَوْ السَّفَرِ أَوِ الْحَرْبِ. وَجَاءَ الإِسْلَامُ بدُعَاءِ الاسْتِخَارَةِ البَدِيلِ الصَّحِيحِ , السَّلِيمِ , الَّذِي فِيهِ الثِّقَةُ وَالْيَقِينُ بِرَبِّ العَالَمِينَ, وَ التَّوَكُلُ عَلَى اللهِ العَلِيمِ الخَبِيرِ, والَّذِي يَنْبَغِي لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَحْرِصَ عَلَيْهِ , حَيْثُ كَانَ النَّبِيُ ,r, يُعَلِّمُهُ لِأَصْحَابِهِ , كَمَا يُعَلِّمُهُمْ السُّورَةَ مِنَ القُرْآنِ. قَالَ جَابِرُ بنُ عَبْدِ اللهِ , رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا كَانَ النَّبِيُ - r- يُعَلِّمُنَا الاسْتِخَارَةَ فِي الأُمُورِ كُلِّهَا , كَمَا يُعَلِّمُنَا السُّورَةَ مِنَ القُرْآنِ , يَقُولُ r: (( إِذَا هَمَّ أَحَدُكُمْ بِالْأَمْرِ ,فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ مِنْ غَيْرِ الْفَرِيضَةِ , ثُمَّ لِيَقُلْ : اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَخِيرُكَ , بِعِلْمِكَ ,وَ أَسْتَقْدِرُكَ بِقُدْرَتِكَ , وَأَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ الْعَظِيمِ , فَإِنَّكَ تَقْدِرُ وَلَا أَقْدِرُ , وَتَعْلَمُ وَلَا أَعْلَمُ , وَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ , اللهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ

– ثُمَّ يُسَمِّي حَاجَتَهُ- أَنَّ هَذَا الْأَمْرَ خَيْرٌ لِي , فِي دِينِي وَمَعَاشِي، وَعَاقِبَةِ أَمْرِي , أَوْ قَالَ عاَجِلِ أَمْرِي, وَ آَجِلِهِ ، فَاقْدُرْهُ لِي وَيَسِّرْهُ لِي , ثُمَّ بَارِكْ لِي فِيهِ ، وَ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الأَمْرَ شَرٌ لِي , فِي دِينِي وَمَعَاشِي, وَعَاقِبَةِ أَمْرِي , أَوْ قَالَ : فِي عَاجِلِ أَمْرِي، وَ آجَلِهِ فَاصْرِفْهُ عَنِّي وَاصْرِفْنِي عَنْهُ ،وَاقْدُرْ لِي الْخَيْرَ حَيْثُ كَانَ ، ثُمَّ رَضِّنِي بِهِ، قَالَ : وَيُسَمِّي حَاجَتَه.
عِبَادَ اللهِ ، هُنَاكَ أُمُورٌ مُتَعَلِّقَةٌ بِالاسْتِخَارَةِ مِنْهَا :
1- اِعْتِقَادُ بَعْضِ النَّاسِ أَنَّ الاِسْتِخَارَةَ لَهَا رَكْعَتَانِ خَاصَّتَانِ بِهَا،وَهَذَا غَيْرُ صَحِيحٍ ، فَلِلْمُسْلِمِ أَنْ يَدْعُوَ دُعَاءَ الاسْتِخَارَةِ بَعْدَ رَكْعَتَيْنِ مِنْ غَيْرِ الْفَرِيضَةِ, فَلَهُ أَنْ يَقُولَ الدُّعَاءَ بَعْدَ السُّنَنِ الرَّوَاتِبِ,أَوْ تَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ، أَوْ سُنَّةِ الوُضُوءِ,أَوْ رَكْعَتَي الضُّحَى,أَوْ رَكْعَتَي الطَّوَافِ,أَوْ غَيْرِهَا مِنَ السُّنَنِ الْمُقَيَّدَةِ أَوْ الْمُطْلَّقَةِ,لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ يَنْوِيَ الاِسْتِخَارَةَ قَبْلَ الصَّلَاةِ .
2- اِعْتِقَادُ بَعْضِ النَّاسِ أَنَّ الاِسْتِخَارَةَ إِنَّمَا تُشْرَعُ عِنْدَ التَّرَدُّدِ بَيْنَ أَمْرَيْنِ وَهَذَا غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِقَوْلِهِ r: " إِذَا هَمَّ أَحَدُكُمْ بِالأَمْرِ .." وَلَمْ يَقُلْ : ( إِذَا تَرَدَّدَ ).
3- اِعْتِقَادُ بَعْضِ النَّاسِ أَنَّ الاِسْتِخَارَةَ لا تُشْرَعُ إِلَّا فِي الأُمُورِ الْكَبِيرَةِ؛ كَالزَّوَاجِ وَالسَّفَرِ وَنَحْوِ ذَلِكَ . وَهَذَا اِعْتِقَادٌ غَيْرُ صَحِيحٍ لِقَوْلِ الرَّاوِي : " كَانَ يُعَلِّمُنَا الِاسْتِخَارَةَ فِي الأُمُورِ كُلَّهَا " وَلَمْ يَقُلْ : فِي بَعْضِ الأُمُورِ،


أَوْ فِي الأُمُورِ الْكَبِيرَةِ ، وَهَذَا الاِعْتِقَادُ جَعَلَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ يَزْهَدُونَ فِي صَلَاةِ الاِسْتِخَارَةِ فِي أُمُورٍ قَدْ يَرَوْنَهَا صَغِيرَةً أَوْ لَيْسَتْ ذَاتَ بَالٍ ، وَقَدْ يَكُونُ لَهَا أَثَرٌ كَبِيرٌ فِي حَيَاتِهِمْ .
4- لَا يَسْتَخِيرُ المُسْلِمُ عَلَى أَدَاءِ الوَاجِبَاتِ,فَلَا يَسْتَخِيرُ مَثَلاً هَلْ يَصُومُ أَمْ لَا؟ كَذَلِكَ لَا يَسْتَخِيرُ عَلَى فِعْلِ المُحَرَّمَاتِ،كَأَنْ يَسْتَخِيرَ هَلْ يَشْرَبُ الخَمْرَ أَمْ لَا ؟ وَلَا عَلىَ فِعْلِ المَكْرُوهَاتِ,وَلَا يَسْتَخِيرُ عَلَى فِعْلِ المُسْتَحَبَّاتِ مِن حَيْثُ الأَصْلِ؛فَحِينَمَا يَسْتَخِيرُ الرَّجُل فِي أَنْ يَتَزَوَّجَ مِنْ فُلَانَةِ،أَو اِسْتِخَارَةِ الْمَرْأَةِ فِي الزَّوَاجِ مِنْ فُلَانٍ؛فَلَيْسَتِ الْاِسْتِخَارَةُ هُنَا فِي أَصْلِ الزَّوَاجِ . وَالْأَصْلُ أَنْ يَسْتَخِيرَ فِي الأُمُورِ المُبَاحَةِ كَالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ, فَيَسْتَخِيرُ هَلْ يَشْتَرِي هَذَا العَقَّارَ , أَوْ يَبِيعُهُ وَغَيْرُهَا مِنَ البُيُوعِ .
5- الْأَفْضَلُ أَنْ يَقُولَ المُسْلِمُ الدُّعَاءَ, بَعْدَ الصَّلَاةِ , وَلَهُ أَنْ يَقُولَهُ فِي السُّجُودِ, أَوْ قَبْلَ السَّلَامِ , لِعَدَمِ وُرُودِ مَا يَمْنَعُ ذَلِكَ , وَلَكِنْ بَعْدَ الصَّلَاةِ هُوَ الْأَرْجَحُ خُرُوجًا عَنْ دَائِرَةِ الخِلَافِ.
6- لِلْمُسْلِمِ أَنْ يُكَرِّرَ دُعَاءَ الإِسْتِخَارَةِ ؛ لِعَدَمِ وُرُودِ مَا يَمْنَعُ ذَلِكَ حَتَّى يَبُتَّ فِي الْأَمْرِ بِالإِقْدَامِ أَوْ الإِعْرَاضِ .فَهُوَ دُعَاءٌ , يُشْرُعُ لِلْعَبْدِ فِيهِ أَنْ يُلِحَّ وَيُكَرِّرَ , قَالَ سَمَاحَةُ الشَّيْخِ ابْنُ بَازٍ –رَحِمَهُ اللهُ -: تُشْرَعُ مُكَرَّرَةً حَتَّى يَطْمَئِنَّ قَلْبُهُ , وَيَنْشَرِحَ صَدْرُهُ لِمَا يُرِيدُ , وَيَسْتَشِيرُ إِخْوَانَهُ الثِّقَاتِ الْمَعْرُوفِينَ الَّذِينَ يَعْتَقِدُ فِيهُمْ الْخَيْرَ , يَسْتَشِيرُهُمْ بَعْدَ الصَّلَاةِ , فَإِنْ انْشَرَحَ صَدْرُهُ , وَ إِلَّا أَعَادَ الصَّلَاةَ وَأَعَادَ الاسْتِشَارَةَ وَهَكَذَا مَرَّتَيْنِ وَ ثَلَاثٍ وَأَرْبَعٍ , وَأَكْثَرَ حَتَّى يَحْصُلَ لَهُ الطَّمَأْنِينَةُ وَالانْشِرَاحُ فِي الزَّوَاجِ أَوْ فِي شِرَاءِ بَيْتٍ , أَوْ فِي سَفَرٍ إِلَى بَلَدٍ

أَوْ فِي إِقَامَةِ شَرِكَةٍ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنَ الأُمُورِ الَّتِي تَشْتَبِهُ عَلَيْهِ. انْتَهَى كَلَامُهُ , مَعَ التَّأْكِيدِ عَلَى أَنَّ انْشِرَاحَ الصَّدْرِ لَيْسَ بِشَرْطٍ عِنْدَ عَامَةِ أَهْلِ العِلْمِ.
7- لَيْسَ لِرَكْعَتَيْ الْاِسْتِخَارَةِ سُورَةٌ مُعَيَّنَةٌ يَقْرَأُ بِهَا, وَمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْبَعْضُ مِنِ اسْتِحْبَابِ قِرَاءَةِ سُورَتَيْ: (الكَافِرُونَ و الإِخْلَاصِ),وَبَعْضُهُمْ اِسْتَحَبَّ قِرَاءَةَ قَوْلِهِ تَعَالَى : (وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ) وَقَوْلَهُ تَعَالَى: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالاً مُّبِيناً) ؛ فَهَذَا لَيْسَ لَهُ دَلِيلٌ ؛ لِعَدَمِ وُرُودِ الدَّلِيلِ, فَعَلَى المُسْلِمِ أَلَّا يَعْتَقِدَ أَنَّ لِهَذِهِ الْآيَاتِ خَاصِّيَةٌ فِي صَلَاةِ الاسْتِخَارَةِ .
أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ العَظِيمَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ




الخطبة الثانية
الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى إِحْسَانِهِ،وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى عِظَمِ نِعَمِهِ وَاِمْتِنَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ،وَحْدَهُ لَا شريكَ لَهُ،تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ،وَأَشَهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدَهُ وَرَسُولُهُ،وَخَلِيلَهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ،وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ،وَسَلَّمَ تَسْلِيمَاً كَثِيرَاً . أمَّا بَعْدُ ......
فَاِتَّقُوا اللهَ - عِبَادَ اللهِ- حَقَّ التَّقْوَى،وَاِسْتَمْسِكُوا مِنَ الْإِسْلَامِ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى،وَاِعْلَمُوا أَنَّ أَجْسَادَكُمْ عَلَى النَّارِ لَا تَقْوَى .
عِبَادَ اللهِ،حَقِيقَةَ الاِسْتِخَارَةِ تَفْوِيضٌ الْأَمْرَ للهِ؛ فَلَوْ فَعَلَ الْأَمْرَ بَعْدَ الْاِسْتِخَارَةِ وَهُوَ كَارِهٌ لَهُ فَلَا بَأسَ عَلَيْهِ؛فَاللهُ سُبْحَانَهُ يَقُولُ : (وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ)،وَالِاسْتِخَارَةُ إِنَّمَا شُرِعَتْ لإِزَالَةِ مِثْلِ هَذَا التَّرَدُّدِ وَالْحَيْرَةِ .
عِبَادَ اللهِ،هُنَاكَ مَنْ يَعْتَقِدُ أَنَّهُ لابُدَّ أَنْ يَرَى رُؤْيَا بَعْدَ الاِسْتِخَارَةِ تَدُلَّهُ عَلَى الصَّوَابِ، وَرُبَّمَا تَوَقَّفَ عَنِ الإِقْدَامِ عَنِ الْعَمَلِ بَعْدَ الاِسْتِخَارَةِ اِنْتِظَارًا للرُّؤْيَا . وَهَذَا الِاعْتِقَادُ لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ ، بَلْ الْوَاجِبُ عَلَى الْعَبْدِ بَعْدَ الاِسْتِخَارَةِ أَنْ يُبَادِرَ إِلَى الْعَمَلِ مُفَوِّضًا الأَمْرَ إِلَى اللهِ ، فَإِذَا رَأَى رُؤْيَا تُبَيِّنُ لَهُ الصَّوَابَ فَذَلِكَ نُورٌ عَلَى نُورٍ، وَإِلَّا فَلَا يَنْبَغِي لَهُ اِنْتِظَارُ ذَلِكَ .


إِذَا صَلَّى الْمُسْلِمُ رَكْعَتَيْ الاسْتِخَارَةِ لِأَمْرٍ مَا , فَلْيَفْعَلْ بَعْدَهَا مَا بَدَا لَهُ,فَإِنَّ فِيهِ الْخَيْرَ.لِأَنَّهُ فَعَلَ الأَسْبَابَ وَلَوْ لَمْ يَحْصَلْ لَهُ مَا اسْتَخَارَ مِنْ أَجْلِهِ , فَلْيَعْلَمْ أَنَ اللهَ قَدْ اخْتَارَ لَهُ عَدَمَ حُصُولِهِ عَلَى مَا يِرِيدُ وَعَدَمَ اتْمَامِهِ , فَلَا يَتَأَلَّمْ لِذَلِكَ لِأَنَّهُ اسْتَخَارَ العَلِيمَ الخبيرَ.
وَإِذَا أَقْدَمَ المُسْلِمُ عَلَى الأَمْرِ بَعْدَ الاسْتِخَارَةِ , ثُمَّ لَمْ يُوَفَّقْ بِذَلِكَ كَمَنْ اسْتَخَارَ فِي زَوَاجٍ ثُمَّ تَزَوَّجَ فَلَمْ يُوَفَّقْ , أَوْ فِي تِجَارَةٍ فَلَمْ يَرْبَحْ ,فَعَلَيْهِ الرِّضَا بِقَضَاءِ اللهِ وَعَدَمِ السَّخَطِ ؛ لِأَنَّهُ لَا يَعْلَمُ أَيْنَ الخَيْرَ فِإِنَّهُ اسْتَخَارَ العَلِيمَ الحَكِيمَ وَلْيَرْضَى بِحُكْمِهِ وَقَضَائِهِ .
عِبَادَ اللهِ،إِذَا أَرَادَتْ مَنْ بِهَا عُذْرٌ كَالْحَائِضِ وَ النُّفَسَاءِ الاسْتِخَارَةَ لِأَمْرٍ عَاجِلٍ , فَيُشْرَعُ لَهَا ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ صَلَاةٍ , فَتَقْرَأُ الدُّعَاءَ المَأْثُورَ وَيَكْفِيهَا ذَلِكَ كَمَا نَصَّ عَلَى ذِلِكَ بَعْضُ أَهْلِ العِلْمِ, وَلَيْسَ هَذَا خَاصاً بِالْحَائِضِ فَقَطْ ؛ بَلْ لِكُلِّ مُسْلِمٍ أَنْ يَسْتَخِيرَ مِنْ غَيْرِ رَكْعَتَيْنِ, وَ إِنَّمَا يَكْتَفِي بِالدُّعَاءِ المَذْكُورِ لِوُرُودِ أَحَادِيثَ لَيْسَ فِيهَا ذِكْرُ الصَّلَاةِ , مِنْهَا حَدِيثُ أَبِيِ سَعِيدٍ –رَضِيَ اللهُ عَنْهُ – قَالَ :سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ r يَقُولُ:( إِذَا أَرَادَ أَحَدُكُمْ أَمْراً فَلْيَقُلْ : اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَخِيرُكَ...) وَلَمْ يَذْكُرْ هُنَا صَلَاةً . كَمَنْ عَرَضَ لَهُ الأَمْرُ، وَالوَقْتُ يَضِيقُ عَنْ الاسْتِخَارَةِ , أَوْ فِي أَوْقَاتِ النَّهْيِ عَنِ الصَّلَاةِ أَوْ كَانَ فِي عُجَالَةٍ مِنْ أَمْرِهِ .
عِبَادَ اللهِ: اعْلَمُوا أَنْ شَأْنَ الاسْتِخَارَةِ عَظِيمٌ , فَرَبُّوا عَلَيْهَا أَوْلَادَكُمْ , وَأَنْفُسَكُمْ , وَأَهْلِيكُمْ , فَهِيَ مِنْ عَوَامِلِ الإِيمَانِ وَالثِّقَةِ بِالرَّحْمَنِ , اقْتِدَاءً بِخَيْرِ الأَنَامِ, r, فَإِنَّ فِي الاسْتِخَارَةِ مِنْ مَعَانِي التَّوْحِيِدِ الشَّيْءَ الْكَثِيرَ.
اللَّهُمْ اجْعَلْنَا مِمَّنْ خَافَكَ وَاتَّقَاكَ. اللَّهُمُّ اِحْمِ بِلادَنَا مِنَ الْفِتَنِ، مَا ظَهَرَ مِنْهَا،وَمَا بَطَنَ،وَسَائِرَ بِلَادِ الْإِسْلَامِ، اللَّهُمَّ وَفِّقْ وَلِيَّ أَمْرِنَا لِمَا تُحِبُّ وَتَرْضَى،وَخُذْ بِنَاصِيَتِهِ لِلْبِرِّ وَالتَّقْوَى،وَاِجْعَلْ عَمَلَهُ فِي رِضَاكَ،وَاِجْعَلْهُ هَادِيًا مَهْدِيَّا، وَأَصْلِحْ بِهِ الْبِلَادَ وَالْعِبَادَ . اللَّهُمُّ اِهْدِ شَبَابَ الْإِسْلَامِ وَالْمُسْلِمِينَ،وَاِجْعَلْهُمْ قُرَّةَ أَعْيُنٍ لِآبَائِهِمْ،اللَّهُمُّ اِحْمِ نِسَاءَ الْإِسْلَامِ مِنَ التَّبَرُّجِ وَالسُّفُورِ،اللَّهُمُّ ثَبِّتْنَا عَلَى دِينِكَ .

المرفقات

الاِسْتِخَارَةُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا مِنْ أَحْكَامٍ.docx

الاِسْتِخَارَةُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا مِنْ أَحْكَامٍ.docx

الاستخارة وما يتعلق بها من أحكام.docx

الاستخارة وما يتعلق بها من أحكام.docx

المشاهدات 1744 | التعليقات 1

جزاك الله خيرا