الاخوة 27/6/1441

يحيى جبران جباري
1441/06/26 - 2020/02/20 14:59PM

الحمد لله تفضل بالإخوة والأخوات ، أحمده سبحانه وأشكره مادامت الأرض والسماوات ،  و أستعينه وأستهديه وأستغفره ، يعين على تحمل الملمات ، ويهدي من شاء من الضلالات ، ويغفر لمن تاب اليه من الزلات ، و أشهد أن لا اله الا الله وحده لا شريك له قدر ما فات وعالم بما هو آت ، رب الأفلاك والمخلوقات ، وأشهد أن محمدا عبدالله ورسوله أخرج الله به الناس من الظلمات ، صل الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم يبعث فيه الأموات .

ثم اما بعد : فأوصيكم ايها المسلمون ونفسي المقصرة بتقوى الله ذي الجلال والعزة، والسير على ما جاء في الكتاب والسنة،  والعمل بما يرضي الله ، وما هدى له النبي هذه الأمة ، فالأعمار قصيرة ،  والأعمال قليلة ، والمحاسبة عظيمة ، فإما جنة حياتها رضية ،  وإما نار حياتها شقية، وهل يا قوم مثلها بلية (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ ۚ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ (1) يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَىٰ وَمَا هُم بِسُكَارَىٰ وَلَٰكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ (2)      ايها المسلمون : يقول ربكم جل وعلا في كتابه (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (10) وقال سبحانه (

وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ۚ وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا... الاية ١٠٣ (ال عمران) وقال عز من قائل كريما (لقد كان في يوسف وإخوته آيات للسائلين ٧ (يوسف) وعند البخاري أن جابرًا قال: هلك أبي وترك سبع بنات أو تسع بنات، فتزوجت امرأة ثيباً، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تزوجت يا جابر؟» فقلت: "نعم"، فقال: «بكراً أم ثيبًا؟» قلت: بل ثيبًا، قال: «فهلا جارية تلاعبها وتلاعبك، وتضاحكها وتضاحكك؟» قال: فقلت له: إن عبدالله -أي أبوه- هلك وترك بنات، وإني كرهت أن أجيئهن بمثلهن، فتزوجت امرأة تقوم عليهن وتصلحهن فقال: «بارك الله لك»، أو قال: «خيرًا» (رواه البخاري) وروى الإمام أحمد أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ( بر أمك وأباك ، وأختك وأخاك ثم أدناك أدناك) وروى عبد الرزاق عن معمر عن الحسن قال؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إن ابني آدم عليه السلام ضربا لهذه الأمة مثلا فخذوا بالخير منهما ) وقال بعض السلف: (ليس أحد أعظم منة على أخيه ، من موسى على هارون عليهما السلام، فإنه شفع فيه حتى جعله الله نبيا )

فهل جعلت من دعائك لإخوانك وأخواتك نصيبا؟؟

أيها الأحبة : أعانني الله وإياكم لما أحبه ،  سردت قليلا من الأدلة عن الأخوة ، ولئن شئت الزيادة ، لزدت ، و لطالت المدة ، ولأنسى آخرها أولها من الكثرة ، فيا لعظم الأمر و يا لقلة الهمة ، سألني أخ أراه ، أكن له عظيم محبة ومودة  ، أن أتحدث واعظا عن الأخوة ، وهيهات ثم هيهات ، أن أقوى على الإحاطة بحق الإخوة والأخوات ،  ولو أكثرت فيه العظات ،  لكنني رأيت الحاجة ماسة ، لتذكير نفسي في سطور ، وتذكير المسلمين والمسلمات بالمأمور ، فمع تغير العادات ، وكثرة الانشغالات ، وزيادة الغفلة والهفوات ، ضاع حق الإخوة والأخوات ، وقلة الصلة ، وكثرة بينهم المشاحنات ،  إما بسبب تركة و ميراث ، أو أرض وحرث ،  أو أبناء وزوجات ،  نسأل الله الهدى وعليه الثبات ،  يقول أحدهم ، كنت أقف بجوار شخص في إحدى المناسبات ، ودخل آخر إلى ذات الموقع فسلم على أهل المناسبة وجلس ولم يصل إلينا،  فرأيت الرجل الذي بجواري تذرف عيناه الدمع، فأخذني الفضول وسألته ،  فسكت فألحيت عليه، فقال أرأيت هذا الذي دخل قبل قليل؟ قلت نعم ،  قال هذا اخي الشقيق  لم يسلم علي ولا يسمح لي بالسلام عليه منذ عشرين عاما ،  نعوذ بالله من البلايا ، أهكذا كانت من الله الوصية (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ (22) أُولَٰئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَىٰ أَبْصَارَهُمْ (23) أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَىٰ قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا (24) (محمد) أين نحن ، مما جاء في الكتاب والسنة ، عن حقوق الأخوات والإخوة ، يقول نبي هذه الأمة ، عليه من الصلاة أزكاها ومن السلام أتمه (ليس الواصل بالمكافيء انما الواصل من إذا قطعت رحمه وصلها ) واين نحن من جابر رضي الله عنه ، الذي آثر تربية أخواته ، على شهوة نفسه ، وأتاهم بمن تحفظهم في بيته ، بل اين المتباغضين من الإخوة ، بسبب مال او أرض أو غيرها ، عما فعله إخوة يوسف به ، رموه في الجب ، وأبعدوه عن أبيه ونعم الأب ، وبسببهم غرب ، واتهم وسب ، وزج به في السجن من غير ذنب ، ثم لما قالوا : تالله لقد آثرك الله علينا ، كان رده ، لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين ، اللهم اغفر لنا ولوالدينا وإخوتنا وأخواتنا يا رب العالمين ،

أقول ما تسمعون وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين والمسلمات من كل ذنب فاستغفروه انه هو الغفور الرحيم ....

الحمد لله جعل الأخوة خيرا وقوة ، له الحمد والشكر وله نشهد بالألوهية وحده، ولمحمد بالرسالة والنبوة ، صل الله وسلم عليه وعلى من انتهج نهجه ، وبعد أيها الأحبة والأخوة ، اتقوا الله تعالى ، فتقواه فوز ونعمة ،  ونجاة من كل بلاء ونقمة (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا (1)  (النساء)  عباد الله : رأيت قبل ايام قريبا لي يبكي بكاء مريرا بسبب وفاة أخيه الوحيد ، ما بكاه حتى يوم وفاة أمه ،  فلماذا ؟ لأنه فقد من اشترك معه في البطن والسكن ،  والطفولة ، والفتوة ، والشباب ، والمعين له بعد الله ،  إن هم به الذئاب ، وقد قال القائل : أخاك أخاك ؛؛؛ إن من لا أخا له ؛؛؛ كساع إلى الهيجا بغير سلاح ، فالأخ لا يعوض ، وبفقده كثير من الذكريات الجميلة تذهب ، فيامن له أخ او أخت ، إغنم حبهم واكسب ، واعفوا عن كل زلة ، وتجاوز عن كل خطأ ، ومنهم تقرب ، وكن حسن الظن معهم دوما ولا تغضب ، كان طلحة بن عبدالرحمن بن عوف أجود قريش في زمانه .. فقالت له امرأته يوماً: ما رأيت قوما أشد لؤماً من إخوانك ..!!قال : ولم ذلك ..؟قالت: أراهم إذا اغتنيت لزموك ، وإذا افتقرت تركوك ، فقال لها : هذا والله من كرم أخلاقهم ، يأتوننا في حال قدرتنا على إكرامهم ، ويتركوننا في حال عجزنا عن القيام بحقهم ) .

علق الإمام الماوردي . فقال :انظر كيف تأول بكرمه هذا التأويل حتى جعل قبيح فعلهم حسناً، وظاهر غدرهم وفاء وهذا والله يدل على أن سلامة الصدر راحة في الدنيا وغنيمة في الآخرة وهي من أسباب دخول الجنة ، يا رب إنا نسألك الجنة ، فتغافل عن أخطاء إخوتك وأخواتك ، و لا تعطي شياطين الإنس أذنك ، قال شبيب بن شيبة الأديب :  العاقلُ هوَ الفطنُ المتغافلُ. وَقالَ الطائيُّ :ليسَ الغبيُّ بسيدٍ في قوْمهِ ؛؛؛ لكنَّ سيدَ قوْمهِ المتغابي ،  فاجمع أخي شتات أمرك ، واقصد أخاك أو أختك ، وأصلح ما بينهم وبينك ، فإن ذهبوا أو ذهبت لن ينفع بكاؤهم عليك ولا عليهم بكاؤك ، اللهم أصلح بيننا وبين إخوتنا وأخواتنا ، واجمع شملنا ولا تفرقنا بسبب الدنيا ، واجمعنا بهم في جنتك يا ربنا ، قولوا آمين .

ثم الصلاة والسلام الدائمين ؛؛؛ على الذي به هدينا أجمعين ؛؛؛ ما بقي الخلق لربي سائلين .

اللهم صل وسلم وزد وبارك على عبدك ورسولك محمد ....

المشاهدات 863 | التعليقات 0