الاختلاط مفاسد وشبهات
إبراهيم بن صالح العجلان
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الحمد لله العليِّ الكبير، العليم الخبير، شَرَع لعبادِه منَ الأحكام أحسنَها، واختار لَهُم منَ الشرائع أكملها، فتَمَّتْ بذلك نعمتُه، وظَهَرَتْ على الخلْق منَّتُه، نحمده - سبحانه - على ما شرع وأحكم، ونشكره - تعالى - على ما أَعْطَى وأَنْعم.
ونَشْهَد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الخلْقُ والأمر والحكم، ونشْهَدُ أنَّ محمدًا عبده ورسوله، نصَح وبلَّغ، ووعَظَ وأشْفَق، صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه، وسلم تسليمًا كثيرًا.
أما بعدُ:
فاتَّقُوا الله - معاشِرَ المؤمنين - حقَّ التقوى، واعْلَمُوا أنكم إلى ربكم سائرون، وعلى أقوالكم وأعمالكم مَجْزِيُّون؛ {وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُولُونَ} [الصافات: 24].
إخوة الإيمان:
لقد جاءتْ شريعةُ الإسلام هدايةً للبَشَر، ورَحْمة بالخلْق، وصيانةً للأخْلاق، وسَعَتْ إلى إيجاد مجتمعٍ محافِظٍ طاهرٍ عفيفٍ، لا تُهاج فيه الشَّهَوات، ولا تُثار فيه النَّزَوات، فحِفْظًا للعِفَّة، وصيانة للكرامة؛ أَمَرَ ربُّ الخلْق أضْعَفَ الخلْقِ ألاَّ يَخْضعْنَ بالقول؛ فيطمع الذي في قلبه مَرَضٌ، وألاَّ يَتَبَرَّجْنَ تبرُّج الجاهلية الأولى، وأنْ يضْربْنَ بِخُمرهنَّ على جُيُوبهنَّ، ولا يُبْدينَ زينتهنَّ إلا لمحارمِهِنَّ.
ووَجَّه اللطيفُ الخبير خِطابَه مِن فوق سبْعِ سمواته إلى أزواج النبيِّ وبناته ونساء المؤمنين: {يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ} [الأحزاب: 59].
ونهى أغيرُ الخلْقِ - صلى الله عليه وسلم - عن الدخول على النساء، حتى ولو كان أخَا الزَّوج، فقال: ((الحمو الموت))، وأمَرَ بغَضِّ الأبصار، وألا تتبعَ النظرةُ النظرةَ.
وحذَّر الناصحُ - صلى الله عليه وسلم - أمته كلَّ طريقٍ يؤدِّي إلى الفاحشة، أو مقدِّماتها؛ فحَرَّم الخلْوة بالمرأة الأجنبية، ومَنَعَ مِن سفَر المرأة بلا مَحْرم، ونهى أن تخرجَ المرأةُ مُتَعَطِّرةً مُبدِيةً زينَتَها.
وجاءتْ نصوص الشريعة بمعانيها ودلالتها ناهيةً عن الاختلاط؛ سدًّا للذرائع الموصلة للفواحش، وحماية للمُجتمع من الرذائل، كل ذلك ليَبْقى للمجتمعِ عفَّته وطهارته، واستقامة أُسَرِه، وصلاح بيوته؛ لذا اتَّفَقَتْ أقوالُ العلماء وتَكَاثَرَتْ - سلَفًا وخلفًا - على تحريم الاختلاط بين الجِنْسَيْن.
هذا حُكْم الله، وهذه شريعةُ الله، مناسبة للخِلْقةِ، مُتلائمة مع الفِطْرة؛ {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ} [المائدة: 50].
وها هي حقائقُ الواقع، ودروس الأيام، وتجارب الدول - تُحَدِّثُنا بلسان الحال: أن الاختلاط هو البوابةُ الكبرى التي دَلَفَتْ منها ألوانُ الشرور على المجتمعات.
الاختلاطُ - يا أهل الإيمان - بريدٌ إلى السفور، طريقٌ نحو الفُجُور، إذا حلَّ الاختلاطُ في المجتمعاتِ مرضَت القلوبُ، وفسدت الأخلاق، وانْتُزِعَ الحياء، وضعفت القِوامة، وانطفَأَتِ الغَيْرَةُ، وانتشرتِ المُحَرَّماتُ والموبقات، وفشتْ حالات الإغراء والابْتِزَاز.
الاختلاط - يا أهل الغَيْرة - عَمَلٌ غير صالح، فيه جنايةٌ على الرجل، وعلى المرأة، وعلى الأسرة، بل والمجتمع بأَسْرِه.
عباد الله:
وحين ينطق صوتُ العقل، وتتحدَّث لغةُ الأرقام، فلا تسمع عن الاختلاط إلا صيحات المشفقين، ونُذُر الناصحين، وتحذيرات المجربين.
إنَّ الحديثَ عن معاناة الغرْب مع الاختلاط يبدأ ولا ينتهي، وما زالتِ الإحصائيات والدراسات تنادِي بعمليَّة الفَصْل بين الجنسَيْن في التعليم والعمَل:
ففي بريطانيا مثلاً: أَكَّدَتِ النقابة القومية للمدرِّسين، في دراسة أجرتْها: أنَّ التعليم المختلَط أدَّى إلى انتشار ظاهرة التلميذات الحوامل سفاحًا، وأنَّ استخدام الفتيات لِحُبُوب منْع الحمل يتزايَدُ بكثرة عند الطالبات.
وفي أستراليا: أُجْرِيَتْ دراسة على مائتين وسبعين ألف طالب وطالبة، تَبَيَّن فيها أنَّ طلاب التعليم غير المختلط تَفَوَّقُوا سلوكيًّا وأكاديميًّا على طُلاب التعليم المختلط.
أما في أمريكا، فقد ذكرتْ إحدى المجلات هناك: أن نسبة التلميذات الحوامل في المدارس والجامعات في بعض المدُن بلغتْ 48 %.
هذا الانحدارُ الأخلاقي جَعَل الرئيس الأمريكي السابق جون كندي يقول: "إنَّ الشباب الأمريكي مائعٌ ومُترَف وغارق في الشهوات، ومن بين كل سبعة شباب يَتَقَدَّمُون للتجنيد منهم ستة غير صالحين؛ وذلك لأننا سَعَيْنا لإباحة الاختلاط بين الجنسين في الجامعة بصوَر مستهترة؛ مما أدَّى إلى انهماكهم في الشهوات".
ولذلك رصدت الإدارة الأمريكية في عام 2002 ما يزيد على ثلاثمائة مليون دولار؛ لتَشْجِيع التعليم غَيْر المختلط.
إخوة الإيمان:
ولعلَّ مُفردة الاختلاط هي أكثر المفردات التي تداوَلَتْها الصحف، وبعضُ المواقع هذه الأيام، وهي التي من أجلها تحزَّبَتْ أحزاب، وشنَّتْ حرْبًا كلاميَّة غَيْر أخلاقية على مَن يُحَرِّم ويَرْفُض الاختلاط.
ولو كان هذا النقْد والنقاش مبنيًّا على الرُّوح العلمية والحوار المنطقي، فحيَّهلا به ومرحبًا، ولكن العجبَ الذي لا ينْقَضِي أنْ تَرْمِي أقليَّةٌ سوادَ المجتمع، وأهل العلم، بالانْغِلاق والتشدُّد وثقافة التطرُّف والفكر الطالباني، وعبارات معبَّأة بالهراء، ومليئة بالتساخف، متجاوزة كلَّ حدٍّ وحدود.
أين هي مفاهيم الحرية والتعدُّدية، ومشاريع الانفتاح، وخطورة الإقصاء، وغيرها من المصطلحات التي عُبِّئْنا بها ردحًا من الزمن؟! أم أن هذه المعاني لا تَتَحَرَّك إلا حين يَرَوْن منكرًا من القول، وزورًا من الفعل، فيُحَامون عنها بمثل هذه المفاهيم الخداعة؟! ناهيكم عن وصْف مَن يُخالفهم في قضيَّة الاختلاط أنه ضد مشروعات التطوير، ومصلحة الوطن، وضد التنمية والإصلاح، وكأن التقَدُّم والتطوُّر لا يتم إلا عبْر بوابة الاختلاط.
عباد الله:
لقد شَوَّش هؤلاءِ في موضوع الاختلاط وشغَّبُوا، وشرَّقوا وغربوا، وأوهموا أن الاختلاط مباحٌ، وبَرَّرُوا جواز ذلك بوُجُود الاختلاط في صدر الإسلام، في المساجد، والطواف، والأسواق، والطرقات.
وأمام هذا التلبيس يقال:
أولاً: إنَّ نُقطة الاختلافِ في قضيَّة الاختلاط هو الاختلاط في التعليم والعمَل، وليس في الأماكن العامة.
ثانيًا: هناك فرْق بين الاختلاط العام والاختلاط الخاص؛ فالاختلاط في الأماكن العامة المفتوحة تبْعُد فيها الريبة، وهي لَحَظات عابِرة، وليس فيها تبادل للأحاديث.
أمَّا الاختلاط الخاص في التعليم والعمل، والندوات والمنتديات، ففيه جُلُوس وانتظار، وأحاديث وكلام، فذرائعُ ميْل كلِّ جنس للآخر موجودة، ونزغات الشيطان حاضرة، ففَرْق بين هذا وهذا.
ثالثًا: لو أَتَيْنا إلى الاختلاط في الأماكن العامة، لَرَأَيْنا النُّصُوص الشرعية تُؤَكِّد على قضيَّة الفَصْل بين الجنسَيْن، فالمسْجدُ مع أنه مكانُ عبادة، والقُلُوب معلَّقَةٌ فيه بالله، وبعيدة عن هواها، مع ذلك ما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسْمَحُ أن يصطفَّ الرجال مع النساء، بل قال: ((خيرُ صُفُوف الرجال أولها، وشَرّها آخرها، وخيْرُ صُفُوف النساء آخرها، وشرها أولها))، بل وأَمَر المصطفى - صلى الله عليه وسلم - الرجال بالتأخُّر في الانصراف، حتى يخرج النِّساء من المسجد.
وفي يوم العيد خطب الرجال، ثم أتى النساء، فوعظهن وذكَّرهن، قال ابن حجر: "قوله: ((ثم أتى النساء)): مُشْعِر بأن النساء كن غير مُختلطات بالرجال". اهـ.
ومنْعًا لِمفاسد الاختلاط؛ أمرَ الفاروق - رضي الله عنه - بتَخْصِيص باب للنساء، لا يدخل منه إلا النساء.
وأمَّا في الطرُقات، فقد رأى المصطفى - صلى الله عليه وسلم - يومًا ازدحام الرِّجال مع النساء فيها، فوجه خطابه للنساء: ((استأخِرْن، فإنه ليس لكن أن تحققن الطريق، عليكن بحافَّات الطريق))، فكانت المرأةُ تلتصق بالجدار، حتى إن ثَوْبَها ليَتَعَلَّق بالجدار من لُصُوقها به.
وأما الطواف، فاسمع إلى خبر عطاء حين قال: كانتْ عائشة - رضي الله عنها - تطوف حجرة من الرجال (أي: مُعتزلة في ناحية، لا تخالطهم).
قال عطاء: وكن يخرجْنَ مُتنكرات بالليل، فيَطُفْنَ مع الرجال، ولكنهم كنَّ إذا دخَلْنَ البيت قُمْن حتى يدخلن، وأخرج الرجال؛ رواه البخاري.
وحين بلَغ عائشة أنَّ مولاتها استَلَمَتِ الركنين مرتين أو ثلاثًا، عاتَبَتْها، وقالتْ: لا آجرك الله، لا آجرك الله، تُدافعين الرجال، ألا كبَّرْتِ ومَرَرْتِ.
وجاء في "أخبار مكة"؛ للفاكهي، عن إبراهيم النخعي، قال: نَهَى عمر أنْ يَطُوفَ الرِّجالُ مع النساء، ورأى رجلاً يَطُوف مرةً مع النساء، فضَرَبَه بالدِّرة.
فهل يصحُّ بعد هذا أن يُسْتَدَلَّ بفِعْل السلَف في الطواف على مشروعية الاختلاط، ومجاورة المرأة للرجل في التعليم والعمل؟! سبحانك هذا بهتان عظيم!
رابعًا: دَنْدَنَ المدافعون على جواز الاختلاط: بأنَّ مفردة الاختلاط لَم توجدْ في الكتاب والسنة، وإنما انحدرتْ من أدبيات الخطاب الصحوي - كما يعبِّرون - وأن المُحَرَّمَ فقط هو الخلْوة دون الاختلاط.
فيا دعاة التلبيس:
تحريم الاختلاط ليس نتاج الفكر الصحوي، بل هو فتوى كل عالِمٍ راسخ، عرفته بلادُنا؛ كابن إبراهيم، وابن حميد، وابن باز، وابن عثيمين، وكل مَن أتى بعْدهم مِن أهْلِ العلْم، وفي تراثنا الفقهي والعلمي عبارات كثيرة، وكثيرة جدًّا، تَنُصُّ على لفظة الاختلاط.
فليست من بدَع فترة الثمانينات كما يزعمون، ولو سَلَّمْنا جدلاً أنَّ لفظة الاختلاط محدَثة، فالعبرَةُ بالمقاصد والمعاني، لا بالألفاظ والمباني، ومنَ المقَرَّرِ عند أهل العلم أن الشارع ينْهى عن الأدنى؛ ليدلَّ بمفهومِه على الأعلى.
فالشرعُ حين نهى عن قول: "أفٍّ" للوالدين، نهى أيضًا عمَّا هو فَوْق ذلك منَ السبِّ والضرب، وإن لَم ينطق به الكتابُ الحكيم، بل دلَّ ذلك بدلالة المفهوم.
وقلْ مثل ذلك في الاختلاط، فهل المظنون بالشَّرْع أنْ ينْهى عن خروج المرأة متعَطِّرة، ثم يأذن لها أن تخالِطَ الرجال في المتْجر والعمل، والقاعة والمعمل؟! هل الشرْعُ الذي نهى أنْ تَضْرِبَ المرأةُ برجلها ليُعْلم ما تخفي عن زينتها، يأذَن لها بعد ذلك أن تجلسَ بِجِوارِ الرِّجال جنبًا إلى جنب؟!
خامسًا: وإن تَعْجَب فعَجَبٌ قولُهم: إنَّ عزْل الرجال عن النساء سبَّبَ سعارًا جنسيًّا في المجتمعات المنغلقة، فأصبح الرجل لا يرى في المرأة إلا المعاني الجنسيَّة، بخلاف المجتَمَعات المتَحَرِّرة المنفتحة، فقد تَعَوَّدُوا على هذه المناظر وألفوها، فأصبح الرجل لا يرى في المرأة صور الجنْس، وحق لنا أن نسأل ونتساءل: يا رواد التحضر، فسِّرُوا لنا تلك الإحصائيات المتجَدِّدة، والأرقام المهولة، عن حالات اغتصاب النساء في البلدان المتطَوِّرة المتَحَضِّرة! لماذا يكثر الاغتصاب هناك، مع أن الوصول إلى الحرام سهل مُيَسَّر؟! لماذا يكثر الشذوذ الجنسي، وتكثر الأمراض الجنسية المعدية عندهم أكثر من غيرهم؟! أليسوا غير معقدين، ولا مكبوتين جنسيًّا؟!
سادسًا: بعض الأصوات والأقلام قد شرقتْ وغربت، فناقشت قضية الاختلاط بمثالية مُفرطة؛ فالطالبات والطلاب في سلك التعليم بمنأى عنْ مزالق الفاحشة؛ لأنَّ عقولَهم قد نضجتْ، وأخلاقهم قد كملت، وأهدافهم قد سمتْ؛ فالاختلاط هنا مسألة هامشية، ثم يطالبون أهل العلم بعَرْض قضية الاختلاط بواقعية، دون تشنُّج أو تخوُّف، فهل نسي هؤلاءِ الواقعيون أو تناسَوا أن الميل البشري بين الجنسين مركُوز في الفِطَر، يجدُه كلُّ إنسانٍ عليم، بل وحتى كل حيوان بهيم؟! هل المبالَغة في إحسان الظن، والتعويل على الأَخْلاق من الواقعية؟! وإذا كان الحديث عن الواقعية، فلماذا نتجاهَل واقع الاختلاطِ في بعْضِ الدول التي لا تَمْنع الاختلاط، مع صرامة القوانين هناك؟!
فيا أدعياء الواقعية:
الواقع والحال والسُّنَن تنطق: إنَّ اختلاط الشباب بالشابات يُحَرِّك عقارب الفتْنة في الصُّدور، ويزْرَع بذْرة الشهوة والعلاقات المحرَّمة، ثم مَن أعلم بالواقِع، وما يُصْلِح البَشَرَ مِن ربِّ البشرِ؟! {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} [الملك: 14]، فقد قال - سبحانه - عنْ نساء النبي: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ} [الأحزاب: 53]، قال هذا عن نساء النبي الطاهرات، ولِمَن؟ لأَطْهَر جيلٍ عرفه التاريخ.
قال ابن القيم - رحمه الله -: ولا ريب أن تمكين النساء من اختلاطهن بالرجال أصْلُ كلِّ بليَّة وشر، ومِن أسباب نُزُول العقوبات العامة، كما أنَّه من أسباب فساد أُمُور العامة والخاصة.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: {وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلاً عَظِيمًا} [النساء: 27].
بارك الله لي ولكم.
الخطبة الثانية
الحمد لله وكفى، والصلاة والسلام على عبده المصطفى، وعلى آله وصحبه ومَن اجتبى.
أما بعدُ:
فيا إخوة الإيمان:
وتبلغ الانتهازية غايتها، حين تربط مسألة الاختلاط بقضايا الحِفاظ على الأمن، ومَصْلحة الوَطَن، فيزعم من يزعم أن إنكار أهل العلم على الاختلاط يُغذي فِكْر الغُلُو والتَّشَدُّد في المجتمع، هذه الانتهازيات والاستغلاليات أصْبَحَتْ مكشوفةً وممجوجة، فلا مُزايدة على مَوْقف العلماء ودورهم في حِفْظ أمن البلد وإيمانه.
هؤلاءِ العلماء الذين أنْكَرُوا الاختلاط ديانة وتوقيعًا عن رب العالمين، هم همْ العلماء الذين أعْلوا الصوت في مُواجهة مسالك الغُلُو والتطرُّف، وهم العلماء الذين كانوا - ولا زالوا - يحرصون على وَحْدة الصف، وجَمْع الكلمة، ورأب الصدع، والسير بالمجتمع إلى ما فيه الخَيْر في الدين والدنيا، فكيف يكون الطالب مطلوبًا؟!
بل لا يبالغ كلُّ عاقل ومتابع: أن مثل هذه الأُطْرُوحات التي تخالف الدين وعادات المجتمع، تصبُّ في تغذية الغُلُو في الجانب الآخر، فيجد أهْلُ الغُلُو مُبَرِّرًا لِمَسْلكهم؛ بسبب ما يَرَوْنه من فجور فكري، وتسلق على مُسلمات الشريعة، وجرْأة على الدين.
ثم هل من مصلحة البلد ووحدة الوطن استنقاص أهل العلم وتسفيههم وتقزيمهم؟!
هل هذه الحملات المنظَّمة المنسَّقة تصبُّ في مصلحة بلدنا؟! أو في مصلحة مَنْ شَرَعَ إعلامه في معاملتنا الآن؟!
ما جفَّت محابر مؤسسة راند الأمريكية، والتي أَوْصَتْ قبل سنتين بأهمية اختراق المجتمَعَات الإسلامية المحافِظة، من خلال التهوين من شأن العلماء، ومحاولة إسقاط مكانتهم في نفوس الناس، والإضرار برسالتهم - حتى رأينا حملات غير أخلاقية تتخطف أهل العلم واحدًا بعد آخر.
وأخيرًا عبادَ الله:
إذا لم يَسَعْ هؤلاءِ نصوص الوَحْيَيْن، وفتاوى العلماء الرسميين، أفلا يسعهم نصائح مؤسِّس هذا البلد، وتحذيره من الاختلاط؛ حيث قال - رحمه الله - ما نصه: "وأقبح مِن ذلك في الأخلاق ما حصَل من النساء في أمر اختلاط النساء، بدعوى تهذيبهن وترقيتهن، وفتح المجال لهن في أعمال لم يخلقن لها، حتى نبذن وظائفهن الأساسية، إلى أن قال: فلا والله ليس هذا التمدن في شرعنا، وعرفنا، وعاداتنا، ولا يرضى أحدٌ في قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان أو إسلام أو مروءة - أن يرى زوجته، أو أحدًا من عائلته، أو من المنتسبين للخير في هذا الموقف المخزي.
هذه طريقة شائكة تدفع بالأمة إلى هوة الدمار، ولا يقبل السيْر عليها إلا رجل خارج من دينه، خارج من عقله، خارج من عربيَّته.
المشاهدات 6836 | التعليقات 9
@إبراهيم بن صالح العجلان 1040 wrote:الاخوة الأكارم .... هذه مشاركة عن موضوع الاختلاط ,,,, آمل الاستفادة منها ,,, لا نستغني عن ملاحظاتكم ,, ورحم الله امرءاً صوَّب عيبا , أو قوَّم خللاً .
@إبراهيم بن صالح العجلان 1040 wrote:
رابعًا: دَنْدَنَ المدافعون على جواز الاختلاط: بأنَّ مفردة الاختلاط لَم توجدْ في الكتاب والسنة، وإنما انحدرتْ من أدبيات الخطاب الصحوي - كما يعبِّرون - وأن المُحَرَّمَ فقط هو الخلْوة دون الاختلاط.
فيا دعاة التلبيس:
تحريم الاختلاط ليس نتاج الفكر الصحوي، بل هو فتوى كل عالِمٍ راسخ، عرفته بلادُنا؛ كابن إبراهيم، وابن حميد، وابن باز، وابن عثيمين، وكل مَن أتى بعْدهم مِن أهْلِ العلْم، وفي تراثنا الفقهي والعلمي عبارات كثيرة، وكثيرة جدًّا، تَنُصُّ على لفظة الاختلاط.
فليست من بدَع فترة الثمانينات كما يزعمون، ولو سَلَّمْنا جدلاً أنَّ لفظة الاختلاط محدَثة، فالعبرَةُ بالمقاصد والمعاني، لا بالألفاظ والمباني، ومنَ المقَرَّرِ عند أهل العلم أن الشارع ينْهى عن الأدنى؛ ليدلَّ بمفهومِه على الأعلى.
فالشرعُ حين نهى عن قول: "أفٍّ" للوالدين، نهى أيضًا عمَّا هو فَوْق ذلك منَ السبِّ والضرب، وإن لَم ينطق به الكتابُ الحكيم، بل دلَّ ذلك بدلالة المفهوم.
وقلْ مثل ذلك في الاختلاط، فهل المظنون بالشَّرْع أنْ ينْهى عن خروج المرأة متعَطِّرة، ثم يأذن لها أن تخالِطَ الرجال في المتْجر والعمل، والقاعة والمعمل؟! هل الشرْعُ الذي نهى أنْ تَضْرِبَ المرأةُ برجلها ليُعْلم ما تخفي عن زينتها، يأذَن لها بعد ذلك أن تجلسَ بِجِوارِ الرِّجال جنبًا إلى جنب؟!
.
تأكيدا لما ذكره شيخنا فهذه نصوص ورد فيها لفظ الاختلاط :
(4 صفر 1430 هـ - الإثنين, 9 فبراير - 01:57 م
مسألة الاختلاط ليست جديدة على التاريخ أو فريدة في الواقع
العدد:3055
الصفحة:22
صحيفة الوطن
اطلعت على مقال الأخت "أمل زاهد" والذي كان بعنوان: "قضية الهيئة ليست مع الاختلاط"، ولن أقف مدافعا عن جهاز الهيئة فأفعالهم خير شاهد لهم على نبل وشرف وأهمية ما يقومون به.
ولكن وقفتي مع قول الكاتبة: "هذا الفصل التام بين الجنسين في مجتمعنا لم يسبق حدوثه في تاريخ الإسلام(!!)".
أقول: إن كلام الكاتبة غير صحيح، ويفتقد إلى الإثبات، وإلى القارئ الكريم البيان:
1 ـ لقد كانت صفوف النساء في مؤخرة المسجد النبوي خلف صفوف الرجال، فالنساء كن يصلين مع بعضهن، ولم يكن يشاركن الرجال في الصف.. والرجال مع بعضهم، لا تجد رجلا داخلا في صفوف النساء، ولو كان الاختلاط مباحا، لكانت صفوف الصلاة أولى وأحسن مكان لذلك، حيث إن كل مصل إنما يأتي ليطلب المغفرة والرضوان، لا لأمر دنيوي.. فلم جرى الفصل بين الجنسين بهذه الطريقة حتى في هذا المكان المقدس الطاهر؟ بل كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا انصرف من صلاته صبر ولم يلتفت إلى الناس، والناس مثله، فإذا التفت إليهم كان ذلك إيذانا لهم بالانصراف، كان يفعل ذلك حتى ينصرف النساء أولا، ثم الرجال ثانيا حتى لا يقع الاختلاط عند باب المسجد وفي الطريق.
2 ـ وقد بوب البخاري في كتاب العلم من الصحيح باب: هل يجعل للنساء يوم على حدة في العلم، وساق حديث أبي سعيد، قالت النساء للنبي صلى الله عليه وسلم: "غلبنا عليك الرجال، فاجعل لنا يوما من نفسك، فوعدهن يوما". الحديث، قال الإمام العيني: "أي عين لنا يوما"، وقال: قوله "غلبنا عليك الرجال" معناه: أن الرجال يلازمونك كل الأيام ويسمعون العلم وأمور الدين، ونحن نساء ضعفة لا نقدر على مزاحمتهم، فاجعل لنا يوما من الأيام نسمع العلم ونتعلم أمور الدين.
ولو كان الاختلاط جائزا لقال لهن احضرن مع الرجال مجالس العلم والذكر، فهو أولى من تبديد الطاقات والنبي صلى الله عليه وسلم أحرص على حفظ الأوقات.
3 ـ وفي البخاري: "عن ابن جريح أنه قال: أخبرني عطاء ـ إذ منع ابن هشام النساء الطواف مع الرجال ـ قال: كيف يمنعهن وقد طاف نساء النبي صلى الله عليه وسلم مع الرجال؟ قلت: أبعد الحجاب أو قبل؟ قال: أي لعمري لقد أدركته بعد الحجاب، قلت: كيف يخالطن الرجال؟ قال: لم يكن يخالطن، كانت عائشة رضي الله عنها تطوف حجرة من الرجال لا تخالطهم. وهذا مما يدل على حرص النساء في صدر الإسلام على عدم مزاحمة الرجال أو الاختلاط بهم حتى في المطاف بالمسجد الحرام.
وروى أنه دخلت على عائشة رضي الله عنها مولاة لها، فقالت لها: يا أم المؤمنين طفت بالبيت سبعا واستلمت الركن مرتين أو ثلاثا، فقالت لها عائشة: لا آجرك الله، لا أجرك الله، تدافعين الرجال؟!! ألا كبرت ومررت. (مسند الشافعي ص:127).
4 ـ وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله: روى الفاكهي من طريق زائدة عن إبراهيم النخعي قال: نهى عمر ـ رضي الله عنه ـ أن يطوف الرجال مع النساء، قال: فرأى رجلا معهن فضربه بالدرة". (فتح 3/480).
5 ـ وروي عن علي بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ أنه قال مستنكرا اختلاط النساء بالرجال: ألا تستحيون ألا تغارون أن تخرج نساؤكم؟، فإنه بلغني أن نساءكم يخرجن في الأسواق يزاحمن العلوج". (أحكام النساء ـ ابن الجوزي ص:34). أبعد هذا كله يقال: هذا الفصل التام بين الجنسين في مجتمعنا لم يسبق حدوثه في تاريخ الإسلام (!!).
وهنا أقول أيضا: كل مسلم يدرك أن شريعتنا الغراء كانت ولاتزال الحفية بالمرأة، الحارسة لكرامتها وعرضها والراعية لحقوقها ومكانتها، سواء كانت أما أو بنتا، زوجة كانت أم أختا.
ونعلم جميعا: أن الإسلام هو الذي شرع السبل الكفيلة بتحصين شخصيتها ضد كل من يهدد مقوماتها.. من الامتهان والابتذال.. خصوصا في هذا العصر حيث سعير المغريات والشهوات، ويعلم كل حصيف أن مكانة المرأة لدى البعض في الحضارة الغربية كانت ولا تزال معدودة مسلاة لترف الرجل وبذخة الغريزي والجنسي.. ومظهرا لا بد منه للبريق الحضاري (!!).
إن مسألة الاختلاط ليست جديدة على التاريخ، وليست فريدة في الواقع المعاصر فخروج المرأة غير المنضبط واحتكاكها بالرجال ومخالطتهم ثبتت أضراره وأمراضه بمرور الوقت، فالغرب أخرج المرأة بصورة ديموقراطية متحررة لم يسبق لها مثيل، ومع ذلك أصبح الغرب يعاني من كثرة حالات الاغتصاب والاعتداء الجنسي على النساء.. مما زاد من أرباح الشركات التي اخترعت ما يعينها على الدفاع عن نفسها من عصي كهربائية وبخاخات الرذاذ.. ولكن دون جدوى!
تقول الكاتبة الإنجليزية (الليدي كوك): ".. وعلى قدر كثرة الاختلاط تكون كثرة أولاد الزنا، وها هنا البلاء العظيم على المرأة.. علموهن الابتعاد عن الرجال أخبروهن بعاقبة الكيد الكامن لهن بالمرصاد.
وأختم بقولين لعالمين جليلين:
* يقول ابن القيم ـ رحمه الله تعالى ـ: "ولي الأمر يجب عليه أن يمنع اختلاط الرجال بالنساء في الأسواق، والفرج ومجامع الرجال.. ولا ريب أن تمكين النساء من اختلاطهن بالرجال أصل كل بلية وشر، وهو من أعظم أسباب نزول العقوبات العامة، كما أنه من أسباب الموت العام والطواعين المتصلة.. فمن أعظم أسباب الموت العام: كثرة الزنا بسبب تمكين النساء من اختلاطهن بالرجال والمشي بينهم متبرجات متجملات، ولو علم أولياء الأمر ما في ذلك من فساد الدنيا والرعية ـ قبل الدين لكانوا أشد شيء منعا لذلك". (الطرق الحكيمة ـ ابن القيم ـ ص:281).
* ويقول الشيخ بكر أبو زيد عضو اللجنة الدائمة ـ رحمه الله ـ "إن العفة حجاب يمزقه الاختلاط، ولهذا صار طريق الإسلام التفريق والمباعدة بين المرأة والرجل الأجنبي عنها، فالمجتمع الإسلامي مجتمع فردي لا زوجي، فللرجال مجتمعاتهم، وللنساء مجتمعاتهن ولا تخرج المرأة إلى مجتمع الرجال إلا للضرورة أو حاجة بضوابط الخروج الشرعية.
كل هذا لحفظ الأعراض، والأنساب وحراسة الفضائل والبعد عن الرذائل وعدم إشغال المرأة عن وظائفها الأساس في بيتها، ولذا حُرم الاختلاط سواء في التعليم أو في العمل والمؤتمرات والندوات والاجتماعات العامة والخاصة وغيرها لما يترتب عليه من هتك الأعراض ومرض القلوب وخطرات النفوس.. (حراسة الفضيلة ـ ص97 ـ 98)
محمد حسن آل ذيبان الألمعي - عضو اللجنة الاستشارية بفرع وزارة الشؤون الإسلامية بمنطقة عسير )
( ثالثا : الرد التفصيلي :
1- زعم الكاتب أن كلمة ( الاختلاط ) محدثة وجديدة ولا أصل لها في التراث الفقهي , وهذا من الجهل أو التدليس , وإلا فالكلمة معروفة منذ القدم , ومن أمثلة ذلك :
أ - ما رواه البخاري في صحيحه عن ابن جريج قال أخبرني عطاء ..وفيه : ( قُلْتُ : كَيْفَ يُخَالِطْنَ الرِّجَالَ ؟ قَالَ : لَمْ يَكُنَّ يُخَالِطْنَ كَانَتْ عَائِشَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - تَطُوفُ حَجْرَةً مِنْ الرِّجَالِ لَا تُخَالِطُهُمْ ..».
ب ـ عن مالك بن ربيعة - رضي الله عنه- أَنَّهُ « سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ وَهُوَ خَارِجٌ مِنْ الْمَسْجِدِ فَاخْتَلَطَ الرِّجَالُ مَعَ النِّسَاءِ فِيالطَّرِيقِ فقال رسول الله صلى الله علي وسلم للنساء : ليس لَكُنَّ أن تحققنبالطريق . عليكن بحافات الطريق ، فكانت المرأة تلتصق بالجدار حتى إن ثوبها ليتعلق بالشيء في الجدار من لصوقها به »
ج - ـ قال ابن العربي -رحمه الله - ت 543هـ : ( إن المرأة لا يتأتى منها أن تبرز إلى المجلس ولا تخالط الرجال ولا تفاوضهم مفاوضة النظير للنظير لأنها إن كانت فتاة حرم النظر إليها وكلامها وإن كانت برزة لم يجمعها والرجال مجلس واحد تزدحم فيه معهم وتكون مناظرة لهم )
د ـ وقال ابن العربي -رحمه الله -ت 543هـ ـ : ( ويحتمل أن تريد أنها امرأةفلا تصلح لمخالطة الرجال ) ([6]))
لا شلت عشرك ولاطوي نشرك
بارك الله فيك فضيلة الشيخ ونفع بك
كثيرا ما يذكر واقع المجتمعات الغربية وغير المسلمة وما جنته من الاختلاط..الخ وهذا جيد ومفيد حتى لا نقع فيما وقعوا وحتى لا نبدأ من حيث انتهى الآخرون
لكن لماذا تُذكر وقائع ودراسات من مجتمعات عربية واسلامية وما عانته من لظى الاختلاط كونها قريبة في بيئتها منا
وهذا ملف عن الاختلاط جيد في موقع نور الاسلام
http://www.islamlight.net/files/ekhtlat/
[align=center]
سددكم الله ونفع بكم
موضوع من الطراز العالي
[/align]
جزا الله المشايخ الفضلاء والإخوة الكرماء
على هذا الطرح النافع جعله الله في ميزان حسناتكم
وقد أخبرني صديقي أستاذ/ في جامعة سودانية أهلية مختلطة أن الطلاب يكون مستواهم في بداية العام الدراسي جيد وبعد أن يتعرفو على البنات فبعدها يتدنى مستواهم إلى أبعد الحدود..!!
هدى الله الجميع لما فيه صلاح الأمة الإسلامية
أشكر جميع المشايخ على ما علَّقوا وأفادوا ,,,, وأذكرهم بأنَّ قضية الإختلاط ما زالت حيه في الإعلام والمنتديات والمجالس !! فلابد أن يكون للخطيب حضوره .... فالناس تسمع لرأي الخطيب وتسلم وتقتنع به أكثر من جعجعة الإعلام ... وهذا شيء مشاهد .
أعتقد أن الإعلام الآن يسعى إلى مرحلة خطيرة من مراحل تطبيع الإختلاط ..... هي شرعنة الإختلاط ,,,, فلابد من إعلاء النكير , والوقوف أمام خطوات أهل العلمنة الذين كرهوا ما نزل الله .
فالله الله يا خطباؤنا أنتم رأس حربتنا في مواجهة مشروع التغريب المراد بنا ,,,
فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض
اقتراح للأخوة الخطباء .... أن نكرر وننوع الطرح في مواضيع الإختلاط
تارة بسرد أدلة الشرع على تحريم الإختلاط
ومرة بذكر خطوات المفسدين في الإختلاط
ومرة بذكر نموذج لمعركة الإختلاط في بلد عانى من الاختلاط
ومرة تفنيد شبه المشرعنين للإختلاط .... وهكذا
المقصود أن لا تكون مواقفنا مجردة ردة فعل ,,, لابد أن يكون لللخطيب مشروع متكامل مع الإختلاط ,,,
وكما أن أهل الفساد لا زالوا متجلدين فأهل الغيرة والإيمان أولى بالصبر في ذات الله
وفق الله الجميع لما فيه الخير
وهو ما أكده الدكتور يوسف القرضاوي حيث قال : "إن كلمة «الاختلاط» في مجال العلاقة بين الرجل والمرأة، كلمة دخيلة على «المعجم الإسلامي» لم يعرفها تراثنا الطويل العريض طوال القرون الماضية، ولم تعرف إلا في هذا العصر"، والمقصود غرابتها كمصطلح فيما سيقت له، وكتب المعاجم الفقهية ومصطلحاتها تؤكد تسلل هذا العنصر الغريب إلى قاموسنا الفقهي، والأغرب منه التهافت عليه مع اضطراب مدلوله على ما أعطي من حكم عام هو التحريم المطلق، في حين أن الأحكام الفقهية الخمسة ترد عليه، فمن واجب يتعلق بإزالة المنكر والبيان الواجب، ومن مندوب يتعلق بعموم النصح والإرشاد ، ومن محرم في غشيان مواطن الريبة، وعدم التقيد بآداب الشرع، ومن مكروه إذا خُشي ذلك ولم يغلب على الظن، ومن جائز فيما عدا ذلك.
فبعض الحروريين يزايد للنفخ الذاتي، والتمايز العلمي؛ جلباً للأضواء، وركضاً وراء فتن الشهرة والظهور، والانفراد برفع راية الدفاع عن حياض الأمة، مستغلاً في ذلك سذاجة الرعاع، مستثمراً حماساتهم الدينية الفارغة من المادة والفكر.
وتقلب الحروريين أسرع من الريح المرسلة لأدنى صارف، ولا غرو فقاعدتهم على شفا جرف هارٍ، والناس شهود الله في أرضهم، وقرائن الأحوال والسياق العام أكبر شاهد، وقد أودع الله في القلوب يقظة تعاير وتقايس وتهدي بإذن الله للطريق السوي، ولذا قال صلى الله عليه وسلم: "استفت قلبك وإن أفتاك الناس وأفتوك"، وليس أجهل من شخص يدعي العصمة والصواب، وينعى على غيره الرأي والاجتهاد، مع اتحادهم في مصادر التلقي.
والهدف هو إحقاق الحق، أو إبطال الباطل، أو إزالة شبهة، أو البحث عن حل لمشكلة، أو تصحيحٍ لمفاهيم مغلوطة ونحو ذلك.
لو كنت تعلم ما أقول عذرتني *** أو كنت تعلم ما تقول عذلتكا
لكن جهلت مقالتي فعذلتني *** وعلمتُ أنك جاهل فعذرتكا
وكم من عائب قولاً صحيحاً *** وآفته من الفهم السقيم
وقديماً أوصى يحيى بن خالد ابنَه جعفر فقال له: لا ترد على أحد جواباً حتى تفهمَ كلامَه، فإن ذلك يصرفك عن جواب كلامِه إلى غيره، ويؤكد الجهلَ عليك، ولكن افهم عنه، فإذا فهمته فأجبه ولا تعجل بالجواب قبل الاستفهام، ولا تستح أن تستفهمَ إذا لم تفهم، فإن الجواب قبل الفهم حُمق، وإذا جهلت فاسأل فيبدو لك، واستفهامك أجمل بك، وخير من السكوت على العِي. وفي هذا قال القائل:
إذا لم يكن حُسنُ فهم *** أسأت إجابة وأسأت فهماً
وهناك عدة أسباب لسوء الفهم، منها قلة العلم، وعدم الموضوعية في النقل والاقتباس، كبتر الكلام وأخذِ جزء منه وتركِ أجزاء، كالقراءة الفاسدة لهذه الآية {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ}[الماعون:4] فهذا الاستشهاد فاسد وقبيح؛ لأنه أوهم معنى غير مراد، بل ينبغي إكمال الآية {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ}[الماعون: 4-5]، ومنها عدم الموضوعية كعزلُ النصِ عن سياقه، فيكون النص صحيحاً وفهمه سقيماً، وكذلك محاولةُ فهم النص بعيداً عن سبب وروده يوقع في سوء الفهم، لذلك قال علماء التفسير كالواحدي -رحمه الله-: لا يمكن معرفة تفسير الآية دون الوقوف على قصتها وبيان نزولها.
ويقول ابن تيمية -رحمه الله-: معرفة سبب النزول يعين على فهم الآية، فإن العلم بالسبب يورث العلم بالمسبب. لذلك لا بد من التأني والتحري والدقة عند التناظر والمحاورة، وتقليب الأوجه، وعدم الاكتفاء بالنظر للمسألة من زاوية واحدة ووجهة نظر
واحدة.
هم نقلوا عني الذي لم أفه به *** وما آفة الأخبار إلا رواتها
وما لم يتفق المتحاورون على هذا المرجع فإن الحوار سيغدو دوراناً في حلقة مفرغة، وعندها يستطيع كل محجوج أن يجد لنفسه عذراً في عدم التسليم بتلك الحجة لأن دليلها غير معتمد عنده، وهكذا، يقول الإمام الشاطبي -رحمه الله-: "إن الخصمين إما أن يتفقا على أصل يرجعان إليه أم لا، فإن لم يتفقا على شيء لم يقع بمناظرتهما فائدة بحال، وإذا كانت الدعوى لا بد لها من دليل، وكان الدليل عند الخصم متنازعاً فيه، فليس عنده بدليل، فصار الاتيان به عبثاً لا يفيد فائدة ولا يحصل مقصوداً، ومقصودُ المناظرةِ رد الخصم إلى الصواب بطريق يعرفه؛ لأن رده بغير ما يعرفه من تكليف ما لا يطاق، فلا بد من رجوعهما إلى دليل يعرفه الخصم السائل معرفةَ الخصم المستدل.
وإذا كان الكتاب والسنة هما أصل الدين وأصل التشريع، فينبغي أن يكونا المرجع عند الاختلاف والتنازع لقوله تعالى{وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ }[الشورى:10]، وقوله{فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً}[النساء:59]، وعلل الشاطبي -رحمه الله- الرد إليهما بقوله: " لأن الكتاب والسنة لا خلاف فيهما عند أهل الإسلام، وهما الدليل والأصل المرجوع إليه في مسائل التنازع، وقد اتفق العلماء على أن الرد إلى الله تعالى يعني الاحتكام إلى كتاب الله، والرد إلى الرسول صلى الله عليه وسلم يعني الاحتكام إلى السنة الصحيحة ".
ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: " فإذا تنازع المسلمون في مسألة وجب رد ما تنازعوا فيه إلى الله والرسول، فأي القولين دل عليه الكتاب والسنة وجب اتباعه" ، وعلل ذلك بقوله: " لأن الناس لا يفصل بينهم النزاع إلا كتابُ منزل من السماء، وإذا ردوا إلى عقولهم، فلكل واحد منهم عقل ".
والحديث الضافي عن بدعة مصطلح : " الاختلاط " صادر من شخصية علمية تعي ما تقول، ونعرف من تكون في أصلها وتأصيلها وغيرتها وسلفيتها، وقد وضعت أكواباً أُخذ منها على قدر القرائح والفهوم، وسالت أودية بقدرها .
2 - الامتزاج هو انضمام شيء إلى شيء بحيث لا يمكن التّمييز بينهما ، ويختلف عنه الاختلاط بأنّه أعمّ ؛ لشموله ما يمكن التّمييز فيه وما لا يمكن . الحكم الإجماليّ :
3 - يختلف الحكم بحسب المسائل الّتي يجري فيها الاختلاط ، فقد يكون أثر الاختلاط هو الحرمة . وذلك تبعاً لقاعدة : إذا اجتمع الحلال والحرام غلب الحرام ، كما لو اختلطت المساليخ المذكّاة بمساليخ الميتة دون تمييز ، فإنّه لم يجز تناول شيء منها ، ولا بالتّحرّي إلاّ عند المخمصة . ويجوز التّحرّي إذا كانت الغلبة للمذكّاة كما يقول الحنفيّة . وكذلك لو اختلطت زوجته بغيرها فليس له الوطء ولا بالتّحرّي ، ومثل ذلك من طلّق إحدى زوجتيه مبهماً ، يحرم عليه الوطء قبل التّعيين . وقد يكون أثر الاختلاط هو الاجتهاد والتّحرّي غالباً فالأواني إذا كان بعضها طاهراً وبعضها نجساً ولم تتميّز ، وكذلك الثّياب إذا اختلط الطّاهر بالنّجس فإنّه يتحرّى للطّهارة واللّبس . وهذا عند الجمهور وبعض الفقهاء يقول عدم التّحرّي وهم الحنابلة إلاّ بعضهم . وقد يكون أثر الاختلاط هو الضّمان . ومن ذلك ما إذا خلط المودع الوديعة بماله ولم تتميّز فإنّه يضمن لأنّ الخلط إتلاف . وقد يعتبر الاختلاط إبطالاً لبعض العقود كالوصيّة ، فمن وصّى بشيء معيّن خلطه بغيره على وجه لا يتميّز منه كان رجوعاً في الوصيّة . ومن صور الاختلاط :
هل من متّعظ ؟ ؟ ؟ !!!
للرفع لمناسبة الموضوع
أبو سامي الطموح
وليتك ترسلها لمن تعرف من الخطباء للاستفادة منها في كشف شبهة مايطرحه عدد من كتاب الصحف حاليا من شبهات في تحليل الاختلاط
تعديل التعليق