الاختبارات - وحكم مشاركة النصارى وتهنئتهم بالكريسمس

محمد البدر
1437/03/14 - 2015/12/25 07:52AM
[align=justify]الْخُطْبَةُ الأولى :
أَمَّا بَعْدُ : عباد الله :قال تعالى : {فَلولا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا في الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَومَهم إذا رَجَعُوا إليهم لَعَلَّهم يَحْذَرُون}.
وقوله جلّ شأنه :{ يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ }.
وَعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «طَلَبُ الْعِلْمِ فَرِيَضَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ، وَإِنَّ طَالِبَ الْعِلْمِ يَسْتَغْفِرُ لَهُ كُلُّ شَيْءٍ حَتَّى الْحِيْتَانُ فِي الْبَحْرِ» صَحَّحَهُ الأَلْبَانِيُّ .
فالإسلام حث على طلب العلم ورغب فيه ، ثم اعلَمُوا أَنَّهُ لا خَيرَ في طُولِ العُمُرِ إلا مَعَ حُسنِ العَمَلِ، وَلا في زَهرَةِ الشَّبَابِ إلا بِالطَّاعَةِ، وَلا في كَثرةِ المَالِ إلا مَعَ حُسنِ الإنفَاقِ، وَلا في العِلمِ إلا بِالعَملِ وَالتَّطبِيقِ .
عباد الله :بعد غدا بِإِذْنِ اللهِ يَتَوَجَّهُ أَوْلادُنَا مِنْ بَنِينَ وَبَنَاتٍ إِلَى قَاعَاتِ الامْتِحَانَاتِ لِأَدَاءِ الامْتِحَانِ, والتي بدأت منذ أكثر من أسبوع بالنسبة للجامعات يليها اختبارات المراحل الأخرى في ظروف مناخية شديدة .
عباد الله :إِنَّ عَلَى أوَلِيِّاء أَمْرِ الطلاب متابعتهم باسْتَمِرار وَ خاصةً فِي أَيَّامِ الامْتِحَانَاتِ, فَهُمْ يَحْتَاجُونَ لِلْوُقُوفِ مَعَهُمْ وَتَهْيِئَةِ الْجَوِّ الْمُنَاسِبِ لِلْمُذَاكَرَةِ , وَيَحْتَاجُونَ لِرَفْعِ مَعْنَوِيَّاتِهِمْ بِالدُّعَاءِ لَهُمْ وَمُسَاعَدَتِهِمْ فِي المذاكرة وَتعَلُّيقُهُمْ بِاللهِ فَهُوَ سُبْحَانَهُ بِيَدِهِ النجاح التَّوْفِيقُ وحَثُّهُمْ عَلَى طَاعَةِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ والمحافظة على الصلوات ولزوم الاستغفار, فقد قال الله تعالى في فضل الاستغفار : ( فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا . يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا . وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا ) نوح/10-12.
ويقول سبحانه وتعالى : ( وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعاً حَسَناً إِلَى أَجَلٍ مُسَمّىً وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِير ) هود/3.
وكذلك الحرص والمتابعة وقت خروجهم من الاختبارات فهي لحظات حاسمة ومهمة وأوقات حرجة لكثرة المغريات التي تحيط بهم ،ورفقاء السوء - يا عباد الله - يستغلون هذه الفترة وقد يؤثرون عليهم في ظل غياب ولي الأمر ، فَإنَّمَا يَأْكُلُ الذِّئْبُ مِنَ الغَنَمِ القَاصِيَة فالله الله في أبنائكم .
فيا أَيُّهَا الطلاب والطالبات :سِيرُوا مُسْتَعِينِينَ بِاللهِ فِي امْتِحَانَاتِكُمْ , وَإِيَّاكُمْ وَالْغِشَّ فَإِنَّهُ مِنْ كَبَائِرِ الذُّنُوبِ , فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ : أَنَّ رَسَولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ(مَنْ غَشَّ فَلَيْسَ مِنِّى) رَوَاهُ مُسْلِمٌ .
وَلْيَعلَمْ أنَّ هَذا الحَدِيثَ مُنطَبِقٌ عَلَى الغِشِّ في الامتِحَانَاتِ وَفي كُلِّ المَوَادِّ بِلا استثناءٍ، كَمَا قَرَّرَ ذَلك الرَّاسِخُونَ في العِلمِ مِن عُلَمَائِنَا رَحِمَهُمُ اللهُ.

أقول قولي هذا ....



الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ :
عباد الله : قال تعالى : { الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا }
إن تهنئة الكفار بعيد الكريسمس أو غيره من أعيادهم الدينية حرام بالاتفاق، كما نقل ذلك ابن القيم -رحمه الله- في كتابه "أحكام أهل الذمة"،فقال: وأما التهنئة بشعائر الكفر المختصة به فحرام بالاتفاق، مثل أن يهنئهم بأعيادهم وصومهم، فيقول: عيد مبارك عليك، أو تهنأ بهذا العيد ونحوه، فهذا إن سلم قائله من الكفر، فهو من المحرمات، وهو بمنزلة أن تهنئه بسجوده للصليب، بل ذلك أعظم إثما عند الله، وأشد مقتا من التهنئة بشرب الخمر وقتل النفس، وارتكاب الفرج الحرام ونحوه. وكثير ممن لا قدر للدين عنده يقع في ذلك، ولا يدري قبح ما فعل، فمن هنأ عبدا بمعصية أو بدعة أو كفر فقد تعرض لمقت الله وسخطه". انتهى كلامه رحمه الله.
وإنما كانت تهنئة الكفار بأعيادهم الدينية حراما، وبهذه المثابة التي ذكرها ابن القيم؛ لأن فيها إقرارا لما هم عليه من شعائر الكفر، ورضا به لهم، وإن كان هو لا يرضى بهذا الكفر لنفسه، لكن يحرم على المسلم أن يرضى بشعائر الكفر، أو يهنئ بها غيره؛ لأن الله تعالى لا يرضى بذلك، كما قال الله تعالى: { إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ } .وتهنئتهم بذلك حرام سواء كانوا مشاركين للشخص في العمل أم لا.
وإذا هنئونا بأعيادهم، فإننا لا نجيبهم على ذلك؛ لأنها ليست بأعياد لنا، ولأنها أعياد لا يرضاها الله تعالى؛ لأنها إما مبتدعة في دينهم، وإما مشروعة، لكن نسخت بدين الإسلام الذي بعث الله به محمدا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إلى جميع الخلق، وقال فيه: { وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ } .
وإجابة المسلم دعوتهم بهذه المناسبة حرام؛ لأن هذا أعظم من تهنئتهم بها، لما في ذلك من مشاركتهم فيها ،وكذلك يحرم على المسلمين التشبه بالكفار بإقامة الحفلات بهذه المناسبة، أو تبادل الهدايا أو توزيع الحلوى، أو أطباق الطعام، أو تعطيل الأعمال ونحو ذلك، لقول النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: « مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ » . قال شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه: (اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم): "مشابهتهم في بعض أعيادهم توجب سرور قلوبهم، بما هم عليه من الباطل، وربما أطمعهم ذلك في انتهاز الفرص واستذلال الضعفاء". انتهى كلامه رحمه الله.
فاتقوا الله واعتزوا بدينكم فإنه هو الحق .
وَصَلِّ اللَّهُمَّ وَسَلِّمْ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ وَالْحَمْدِ للهِ رَبِّ العَالَمِينْ .
[/align]
المشاهدات 907 | التعليقات 0