الإنذار بما في الذنوب والمعاصي من أضرار
الشيخ محمد بن حسن القاضي
الإنذار بما في الذنوب والمعاصي من أضرار (مفرغة) 13 محرم 1446هـ
الخطبة الأولى:
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمد عبده ورسوله.
{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُون} [سورة آل عمران:102].
{يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [سورة النساء:1]. {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا (71) } [سورة الأحزاب:70-71].
أما بعد:
اعلموا أنَّ خير الكلام كلام الله، وخير الهدى هدى محمد صلى عليه وعلى آله وصحبه وسلم, وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة في النار.
أما بعد معاشر المسلمين! يقول رب العالمين في كتابه الكريم: {وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِير} [سورة الشورى:30] بين الله عز وجل أنه ما أصاب العباد بلاء إلا بسبب ذنوبهم ومعاصيهم، وإلا فالله عز وجل لا يريد تعذيب الناس، بل يريد لهم الخير ويريد لهم السعادة ويريد لهم النجاح والفلاح في الدنيا والآخرة، والله غني عنا وعن أعمالنا، وعن عباداتنا وقرباتنا وصلواتنا وصيامنا، إنما هي أعمالكم أُحصيها لكم ثم أُوفيكم إياها، كما قال سبحانه في الحديث القدسي، فالله غني عن العباد، قال ربنا في كتابه الكريم: {إِن تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنكُمْ وَلاَ يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِن تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ } [سورة الزمر:7] وهكذا يقول ربنا في كتابه الكريم: {مَّا يَفْعَلُ اللّهُ بِعَذَابِكُمْ إِن شَكَرْتُمْ وَآمَنتُمْ وَكَانَ اللّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا} [سورة النساء:147]
فالله عز وجل ابتلى العباد بالأوامر والنواهي والزواجر، ليرى الله عز وجل من يستجيب لأمره ومن يتمرد على أمره، ألا واني ذاكر في مقام هذا شيئا من الإنذار والتحذير والبيان لخطر الذنوب والمعاصي، وبيان ما فيها من أضرار، معاشر المسلمين! إن أضرار الذنوب والمعاصي كثيرة لا يتسع المقام لسردها وذكرها وبسطها؛ وإنما نشير إشارة من باب الدواء والعلاج لعل الله عز وجل أن يجعل لهذه الكلمات القبول والنفع والتأثير في قلوبنا بإذنه سبحانه وتعالى.
أيها المسلمون! إن أضرار الذنوب والمعاصي كثيرة ومنها على سبيل المثال، حرمان النور الذي يكون في القلب؛ فان في القلب نورا وإن الذنوب والمعاصي تطفئ ذلك النور، وقد قال الإمام الشافعي رحمه الله تعالى: فيما ينسب إليه.
شكوت إلى وكيع سوء حفظي *** فأرشدني إلى ترك المعاصي
وأخبرني بأن العلم نور *** ونور الله لا يهدى لعاصي
فمن تجرأ على الذنوب والمعاصي إنه يطفئ نور الله من قلبه؛ بل إن هذه الذنوب والمعاصي إذا تراكمت على القلب أعمت القلب فصار القلب أعمى كالكوز مجخيا لا يعرف معروفا ولا ينكر منكرا، حتى يعلوه الرآن، قال ربنا في كتابه الكريم: {كَلاَّ بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُون} [سورة المطففين:14] فإذا تراكمت هذه الذنوب والمعاصي على القلب، صار هذا القلب أعمى لا يبصر الحق ولا يعرف الحق ولا يحب الحق ولا ينقاد للحق، وهذه من العقوبات الكبيرة والعقوبات الخطيرة عياذاً بالله، قال الرسول عليه الصلاة والسلام: «تعرض الفتن على القلوب كعرض الحصير عوداً عودا فأيما قلب أُشربها نكنت فيه نكتة سوداء، وأيما قلب أنكرها نكنت فيه نكتة بيضاء، حتى تصير القلوب على قلبين اثنين، أبيض مثل الصفا لا تضره فتنة ما دامت السماوات والأرض، وأسود مربادا كالكوز مجخيا لا يعرف معروفا ولا ينكر منكرا».
وهكذا من أضرار الذنوب والمعاصي موت الغيرة من القلب، والغيرة للقلب كالحرارة الغريزية للبدن، فإن البدن لا تبقى فيه الحياة ولا يبقى يعيش إلا بوجود الحرارة الغريزية التي تكون في الجسد، ولهذا تلاحظون أن الميت حينما يموت يبرد جسده ويصير جسده باردا؛ فكذلك هذا القلب فيه الغيرة التي هي حرارة القلب، فإذا وقع في الذنوب والمعاصي واستمرأ الذنوب والمعاصي فإن هذه الحرارة تموت من هذا القلب فيصير هذا القلب قلباً ميتا عياذاً بالله، ورأس مالك أيها المسلم أن تلقى الله بقلب سليم لا بقلب لئيم، قال ربنا في كتابه الكريم: مخبرا عن خليله إبراهيم عليه السلام {وَلاَ تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُون (87) يَوْمَ لاَ يَنفَعُ مَالٌ وَلاَ بَنُون (88) إِلاَّ مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيم (89) } [سورة الشعراء:87-89].
فإذا أردت قلباً سليماً فطهر قلبك من شرك يناقض التوحيد، ومن بدعة تخالف السنة، ومن هوى يناقض التجريد والإخلاص، ومن غفلة تخالف الذكر، ومن معصية تناقض الطاعة، هذا القلب السليم الذي خلي وصفي ونُقَّي من هذه الخمس الخصال، فمن كان واقعا في الذنوب والمعاصي، ومن كان مصرا على الذنوب والمعاصي إن قلبه لا يبقى سليما بل يصير سقيما، وهذا السقم إذا لم يعالج وإذا لم يسعى في استئصال هذا المرض، فإن هذا المرض يؤدي إلى موت القلب، وعلامة مرض القلب الَّا ينتفع بالأغذية النافعة ولا بالأدوية الشافية عياذاً بالله، وعلامة موت القلب الَّا يحس بجراحات الذنوب والمعاصي.
فما لجرح بميت إيلام.
أيها المسلمون! من أضرار الذنوب والمعاصي وأخطارها، حصول النقم على العباد وذهاب النعم وتحول النعم إلى نقم عياذاً بالله، فالله عز وجل يُنزل ما يُنزل من العقوبات، ويُنزل ما يُنزل من البلاء على العباد بسبب الذنوب والمعاصي؛ بل قد يحرم العبد الرزق بسبب الذنب يصيبه، كما في المسند بسند صحيح، فيا معشر المسلمين! إن أردنا البركة في الأرزاق، والبركة في الأعمار، والبركة في الحياة، والبركة بعد الممات، فالنقبل على طاعة الله عز وجل، ونحذر من معصيته، لا تتساهل بالمعصية واعرف شؤمها وخطرها، يا رجل! معصية واحدة أدت إلى خروج آدم عليه السلام من جنات النعيم ومن اللذة والسرور إلى دار الدنيا دار البلاء والاختبار والامتحان، الله عز وجل أكرم آدم عليه السلام بكرامة عظيمة، فخلقه بيده، وشرفه على جميع خلقه، وأسجد له ملائكته، انظروا إلى هذا التكريم من الله، وإلى هذه العناية من الله بأبينا آدم عليه السلام، فلما وقع في المعصية هان بسببها وذل بسببها عياذاً بالله، مع أنه قد تاب إلى الله ولم يستمر على المعصية بل أقلع.
ونستفيد من هذا أن المعصية تضر ولابد وإن تاب منها الإنسان فلابد أن يلحقه شيء من عارها وشنارها عياذاً بالله، فآدم عليه السلام أهبط من الجنة من النعيم المقيم إلى دار الدنيا؛ بسبب أنه أكل من شجرة ما أذن الله له أن يأكل منها، فما بالك بمن تجرأ على أكل الحرام، ما بالك بمن يكذب في بيعه وشرائه، ما بالك بمن يتعامل بالربا، ما بالك بمن يتعامل باللف والدوران والحيل، مدخله حرام، مأكله حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام، ألا يخشى أن يُطرد من رحمة الله عز وجل، إذا كان آدم عليه السلام طُرد من الجنة بسبب لقمة واحدة أكلها لم يأذن الله بها، فكيف يكون حال من يتعامل بالسرقة، ومن يأكل من باب السرقة عياذاً بالله.
وكيف يكون حال من يتعامل بالربا، ومن يتعامل بالغش في بيعه وشرائه، الرسول عليه الصلاة والسلام يقول: «أيما لحم نبت من حرام فالنار أولى به» فانظروا إلى شؤم المعصية، وكذلك أيضا، ابليس لعنه الله وطرده ومسخ ظاهره وباطنه، وجعل صورته أقبح صورة، وجعله إمام الملعونين وقائد أهل النار عياذاً بالله بسبب معصية ارتكبها وبسبب ذنب عمله، كان إبليس يعيش مع الملائكة وكان عابدا مقبلا على طاعة الله، فلما أمر الله الملائكة بالسجود لآدم عليه السلام سجدة تشريف، فهم سجدوا طاعة لله عز وجل وإرضاء لخالقهم سبحانه، إبليس أبى أن يسجد وتمرد وتكبر وقال: أنا خير منه، فترك سجدة أمره الله بها فلعنه ومسخ ظاهره وباطنه، أما تخشى يا من تترك الصلاة من أن يلعنك الله، ومن أن يطردك الله من رحمته.
يا رجال أين عقولنا، لماذا لا نتأمل ولماذا لا نتفكر ولماذا لا نتدبر، انظروا خطر الذنوب والمعاصي وشؤم الذنوب والمعاصي، لا تقل هو ذنب واحد. سأستغفر الله وسأرجع إلى الله، لا بل الذنب والمعصية تضر وتخرب عياذاً بالله، فكن على حذر من ذنوبك ومعاصيك، فإنها أخطر شيء عليك وأضر شيء عليك عياذاً بالله، فهذا الذي يترك الصلاة هل فكر في هذا هل تأمل في هذا، أم أنه ما عنده تأمل ولا نظر في عواقب الأمور.
أستغفر الله إنه هو الغفور الرحيم
الخطبة الثانية:
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه.
أما بعد ومن أضرار الذنوب والمعاصي عدم نزول الأمطار وحصول القحط والجدب ونزع البركة من أرزاق العباد، قال ربنا في كتابه الكريم: {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ} [سورة الروم:41]
فما يحصل على العباد من غلاء وقط وجدب ونزع من أقوات العباد؛ هذا بسبب ذنوبهم ومعاصيهم، وإلا فالله عز وجل عنده خزائن السماوات والأرض قال ربنا في كتابه الكريم مخبرا عن نوح عليه السلام: {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا (10) يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا (11) وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا (12) مَّا لَكُمْ لاَ تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا (13) } [سورة نوح:10-13]
فالطاعات والعبادات سبب لكل خير، والمعاصي والذنوب سبب لكل شر عياذاً بالله، وما استجلبت نعم الله بشيء كمثل طاعته، ولا دفعت نعم الله عز وجل واستجلبت نقمه بشيء كمثل معصيته، الله يقول في كتابه الكريم: { وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ} [سورة الجن:23]
هل قرأت هذه الآية هل تأملت في معانيها هل دخلت في قلبك، أن من يعصي الله ورسوله أنه متوعد بالعذاب، كذلك أيضا من أضرار الذنوب والمعاصي ضعيف العقل، فما عصى الله شخص إلا لضعف في عقله عياذاً بالله، لأنه لو عقل فعلاً لما وقع في المعصية، فإن المعصية تدل على ضعف في العقل إذ أن مرتكبها لم ينظر لعواقب الأمور، كذلك أيضا أيها الناس ينبغي أن نعرف عظمة من نعصي ولا ننظر إلى حجم المعصية، فبعض الناس ينظر إلى المعصية على أنها معصية صغيرة، ويزين له الشيطان.
يا عباد الله! بارك الله فيكم اعلموا أن الشيطان خبيث وأنه لا يريد لنا أي خير، فالشيطان الرجيم مكر بأبينا آدم عليه السلام أيتركنا في حالنا، إن المعركة قائمة على قدم وساق، وإنه مستمر للفتك بنا، قال الله في كتابه الكريم: {قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (82) إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ (83)} [سورة ص:82-83] فالشيطان ساع إلى إفساد هذه الذرية قال ربنا مخبراً عن الشيطان أنه قال: { لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إَلاَّ قَلِيلا} [سورة الإسراء:62].
فنحن متوعدون ومستهدفون من قبل الشيطان الرجيم، فينبغي أن نفهم هذا، يأتي الشيطان إلى أحدنا فيزين له الذنب والمعصية، ويسهل له الوقوع فيها فلما يحصل من الشخص الوقوع في المعصية يتبرأ منه الشيطان، قال ربنا في كتابه الكريم: {وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لاَ غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَّكُمْ فَلَمَّا تَرَاءتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِّنكُمْ إِنِّي أَرَى مَا لاَ تَرَوْنَ إِنِّيَ أَخَافُ اللّهَ وَاللّهُ شَدِيدُ الْعِقَاب} [سورة الأنفال:48] زين لهم الشيطان وأزَّهم أزّاً إلى مواجهة المسلمين، فلما حصلت المواجهة تبرء وقال إني بريء منكم إني أرى ما لا ترون، هذا مكره فكانت العاقبة للمتقين، ووقعت المصيبة على رؤوس الكافرين والمشركين، وقتل من صناديد كفار قريش سبعون رجلا، وأسر سبعون، فانظروا إلى الشيطان الرجيم ماذا يصنع، وقال ربنا في كتابه الكريم: {كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلإِنسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِّنكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِين} [سورة الحشر:16] قال ربنا {فَكَانَ عَاقِبَتَهُمَا أَنَّهُمَا فِي النَّارِ خَالِدَيْنِ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاء الظَّالِمِين} [سورة الحشر:17].
فاحذروا مكر الشيطان، لا يستهوينك الشيطان ولا يغوينك الشيطان، حذرك الله، بين الله لك في كتابه، قال ربنا {يَابَنِي آدَمَ لاَ يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْءَاتِهِمَا} [سورة الأعراف:27]
فهل هناك أعظم من هذا البيان وهل هناك أعظم من هذا الإيضاح من الله عز وجل، الله قد وضح وبين لعباده فينبغي أن نستجيب لأمر الله وأن نطيع الله وأن نحذر من معاصي الله عز وجل، ألا وإن المعاصي بعضها أعظم من بعض وبعضها أخطر من بعض وكلها ذات شؤم عياذاً بالله.
فاليُحذر من الذنوب جميعها صغارها وكبارها ولنتب إلى الله عز وجل، أيها الإخوة إن من أعظم الذنوب الإعتداء على حقوق الآخرين إما بالسلب والنهب، وإما بالسرقة وإما باللف والدوران والحيل، كما يتعامل بعض الناس في البيع والشراء بتطفيف الكيل والميزان، الرسول عليه الصلاة والسلام يقول: «وما أنقص قوم المكيال والميزان إلا ابتلوا بالسنين وشدة المؤنة وجور السلطان عليهم».
هذا بسبب هذه المعصية، فلنتنبه من هذه الأفعال، كذلك السرقة لا يستهان بها وإن كانت بشيء يسير قال الرسول عليه الصلاة والسلام: «لعن الله السارق يسرق البيضة فتقطع يده ويسرق الحبل فتقطع يده» انظروا إلى هذا البيان، الرسول عليه الصلاة والسلام يقول: «لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب من نفسه» فهذا من الأمور التي ينبغي أن يهتم بها، لا تتساهل في الحقوق فما بينك وبين الله قد يغفره الله، لكن ما بينك وبين الناس فهو أمر مُر وأمر من المُر فلا تقترب من حقوق الآخرين وراقب الله عز وجل، ومن البلايا العظيمة والفتن الخطيرة، فتنة الزنا واللواط وجريمة الزنا واللواط عياذاً بالله.
فهذه من الفتن ومن الذنوب والمعاصي المدمرة والمخربة عياذاً بالله، الرسول عليه الصلاة والسلام يقول: «وما فشت الفاحشة في قوم حتى يعلنوا بها إلا فشت فيهم الطواعين والأوجاع التي لم تكن في أسلافهم» والأمراض الحاصلة الآن والأوبئة الحاصلة الآن في أوساط الناس هي بسبب انتشار جريمتي الزنا واللواط عياذاً بالله، فقد تفشت هذه الجرائم تفشيا كبيرا في الحواضر والقرى والمدن والأرياف والصحاري وفي كل مكان إلا من رحم الله، فالمطلوب صيانة الأنفس والتقوى لله والبعد عن هذه البلايا ما استطعنا إلى ذلك سبيلا.
احذروا الافتتان بالغرب الكافر، بعض الناس يرى مشاهد في بعض المسلسلات يذهب يريد يطبقها في الحارة، يريد أن يطبق ما يرى من معاكسات ومغازلات وغير ذلك في حارته عياذاً بالله، يا معشر المسلمين! الله الله في التمسك بشرع الله، والله إن انتشار هذه البلايا لنذير بشر مستطير وبلاء خطير، أما نخشى أن ينشر الله علينا العقوبات بسبب الذنوب والمعاصي، قال ربنا في كتابه الكريم: {فَكُلاًّ أَخَذْنَا بِذَنبِهِ فَمِنْهُم مَّنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُم مَّنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُم مَّنْ خَسَفْنَا بِهِ الأَرْضَ وَمِنْهُم مَّنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُون} [سورة العنكبوت:40] هل تأملنا في هذا، انظروا إلى عقوبات الله التي ينزلها الله بسبب الذنوب والمعاصي، فهذا انذار لما في الذنوب والمعاصي من أخطار.
أسأل الله بمنه وكرمه، وفضله وإحسانه، أن وفقنا لما يحب ويرضى، وأن يأخذ بنواصينا للبر والتقوى، اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداء الدين، واجعل هذا البلد آمنا مطمئنا وسائر بلاد المسلمين، اللهم احفظ يمن الإيمان والحكمة، ونجنا من كل ضائقة وفتنة، اللهم رحماك بأهل اليمن، اللهم ادفع الضر عن المتضررين، اللهم كن الفقراء والمشردين والنازحين والأيتام والأرامل، اللهم كن لهم عونا ونصيرا، اللهم أطعم جائعهم، واكس عاريهم، وأمن خائفهم، وأصلح أحوالهم، اللهم رحماك بالبلاد والعباد، اللهم أقبل بقلوبنا على طاعتك وجنبنا معصيتك، اللهم جنبنا معصيتك، اللهم جنبنا معصيتك، اللهم احمنا من الذنوب والمعاصي والفتن، اللهم قنا من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا يا رب العالمين، اللهم أصلح ظاهرنا وباطننا، اللهم اقبضنا اليك غير مفتونين، اللهم اختم لنا بالحسنى، اللهم اختم لنا بالحسنى، اللهم توفنا وأنت راض عنا غير غضبان، اللهم توفنا وأنت راض عنا غير غضبان، اللهم أصلح الراعي والرعية والأمة المحمدية، اللهم اجعل لهذا البلد فرجا ومخرجا، واجمع الكلمة وأصلح الشأن يا ذا الجلال والإكرام، اللهم كن لإخواننا في فلسطين، اللهم كن لإخواننا في فلسطين، اللهم كن لهم خير معين، اللهم انصرهم على عدوك وعدوهم يا رب العالمين، اللهم كن الأطفال الرضع، والشيوخ الركع، اللهم ارحمهم برحمتك، وأيدهم بتأييدك، وانصرهم بنصرك.
اللهم احفظنا بالإسلام وقاعدين وراقدين وأقم الصلاة.
المرفقات
1721586705_الإنذار بما في الذنوب والمعاصي من أضرار خطبة في مسجد الخير بحارة مكة بمدينة معبر 13 محرم 1446هـ.pdf