الإِشاعة داء المجتمعات الدوي موافقة للتعميم

عبد الله بن علي الطريف
1445/06/08 - 2023/12/21 09:00AM

الإِشاعة داء المجتمعات الدوي موافقة للتعميم  1445/6/9هـ

الحمدُ للهِ ذِي العزِّ القَاهِر، والسُلطانِ الظاهرِ، سبحانه عزَّ مجدُه، وعلا سلطانُه، علِمَ فستَر، وقدَّر فغفَر، أحمدُه سبحانه وأشكرُه، أسبغَ النعمة، وأجزلَ المنَّة، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدَنا ونبيَّنا محمدًا عبدُ الله ورسولُه أفضلُ خلق الله وأهداهم إليه سبيلاً، صلَّى الله وسلَم وبارَك عليه وعلى آله وأصحابه، والتابعين ومن تبِعَهم بإحسانٍ يوم الدين، وسلَّم تسليمًا كثيرًا...

أيها الإخوة: الإشاعة داءٌ دوي وبلاءٌ خفي تفتك بالمجتمعات وتحدث البلبلة فيها، وخصوصاً في هذا الزمان الذي سَهْلَتْ وسائلُ التواصلِ الاجتماعي فيه رواجَ سُوقِها، ونفوقَ بضاعتِها، فصار حريٌ بنا التنبهُ لذلك ومعرفةُ حكمها الشرعي، وأضرارِها، وموقفِ المسلم منها، وماذا يجب علينا تجاهها.. والإشاعة هي: الأحاديث والأقوال والأخبار والقصص التي يتناقلها الناس، ويروونها دون التثبت من صحتها، أو التحققِ من صدقها..

والإشاعة تفسد الحياة، ويحملها من المجتمع سليم القلب ومريضُه، ولكن النتيجةَ في النهاية واحدةٌ فكم من البلاءٍ أصاب الأمة بسبب الإشاعة، ولقد عَمَلَت الإشاعةُ عملها السيء في حياة النَبِيِّ ﷺ وهزت أركانَ بيته، بل وهزت مجتمعَ دارِ الهجرة بأسره..

فحادثة الإفك: أعظم إشاعةِ بلاءٍ ابتلي به البيتُ المطهرُ بيتُ النبوة.. ابتلاءٌ يذيبُ القلبَ حُزْناً، ويفتُ الكبدَ كمداً، ويسيلُ الدموعَ دماً... ابتلاءٌ يفتُ الصمَ الصِلاب، فكيف تطيقُهُ مهجٌ بشرية، وأنفسٌ شفافةٌ زكية، ووالله لو اشتعلت تلك النفوس الزكية حُرقةً، أو ذابت لوعةً، أو تقَطْعت حُزناً، أو ذهبت أسفاً لما كانت وربي ملومة.!

يقول الله تعالى عَنْ انْتِشَار قِصَّةِ الإِفْك: (إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ) [النور:15] وَالْمَعْنَى: أَنَّ الرَّجُلَ يَلْقَى الرَّجُلَ فَيَقُولُ: بَلَغَنِي كَذَا، وَيَتَلَقَّونَهُ تَلَقِّياً، أَي يَرْوي بَعضُكُمْ عَنْ بَعْض. وقوله: (وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا) فلذلك أقدم عليه من أقدم من المؤمنين الذين تابوا منه، وتطهروا بعد ذلك، (وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ) وهذا فيه الزجر البليغ، عن تعاطي بعض الذنوب على وجه التهاون بها، فإن العبد لا يفيده حسبانه شيئا، ولا يخفف من عقوبة الذنب، بل يضاعف الذنب، ويسهل عليه مواقعته مرة أخرى.

وَقَدْ أَمَرَ اللهُ تَعَالَى بِالتَّثَبُّتِ مِنْ هَذِهِ الأَخْبَار قَبلَ الْخَوض بِهَا بِغَيرِ عِلْمٍ، فَقَالَ تَعَالَى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ) [الحجرات:6] وَالْمَعْنَى: إِنْ جَاءكُمْ خَبرٌ مِنْ إِنْسَانٍ فَاسِقٍ فَيَجِبُ عَلَيكُمْ التَّثَبُّت مِنْ صِحَّةِ هَذَا الْخَبَر، لِكيلاَ تُصِيبُوا قَوماً بُرَآءُ مِمَّا قُذِفُوا بِهِ، فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ، مِنْ قَذْفِهِم بِالْخَطأ.

وَقَالَ تَعَالَى: (وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا) [النِّسَاءِ: 83].   

وَهَذَا إِنْكَارٌ عَلَى مَنْ يُبَادِر إِلَى الأمُور قَبْلَ تَحقُّقِهَا فَيُخْبِر بِهَا وَيُفْشِيهَا وَيَنْشُرُهَا وَقَدْ لا تَكُونُ صِحيحَةٌ..

وَسَبَبُ نُزُولِ هَذِهِ الآيَة أَنَّ الرَسُولَ ﷺ كَانَ إِذَا بَعَثَ سَرِيَّة مِنَ السَّرَاياَ فَغَلَبَتْ أَوْ غُلِبَتْ، تَحَدَّثُوا بِذَلِكَ وَأَفْشَوهُ، وَلَمْ يَصبِرُوا حَتَّى يَكُونَ النَّبِيُّ ﷺ هُوَ الْمُتَحَدِّثُ بِهِ، وَهَؤُلاءِ هُمْ الْمُنَافِقُون..

أيها الإخوة: ومن عظيم عناية الإسلام ببث الاستقرار في المجتمع أن النَبِيَّ ﷺ «كَانَ يَنْهَى عَنْ قِيلَ وَقَالَ». رواه البخاري ومسلم عَنْ المُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أي: أي ينهى عن الإكثار من الحديث عما يقول الناسُ من غير تَثبُّت، ولا تَدبُّر، ولا تبَيُّن.. وَيُؤكدُ رَسُولُ اللهِ ﷺ هذا المعني بقوله: «كَفَى بِالْمَرءِ كَذِباً أَنْ يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سِمَعَ». رواه مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أي: [يكفيه ذلك من الكذب فإنه قد استكثر منه] وفي رواية أنَّه قَالَ ﷺ: «كَفَى بِالْمَرءِ إِثْماً أَنْ يُحَدِّثَ بَكُلِّ مَا سَمِعْ». رواه أبو داود عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، وصححه الألباني، وحكم على من ينقل الأخبار الكاذبة بالكذب بمجرد النقل فقَالَ ﷺ «مَنْ حَدَّثَ بِحَدِيثٍ، وَهُوَ يَرَى أَنَّهُ كَذِبٌ، فَهُوَ أَحَدُ الْكَاذِبِينَ». رواه أحمد عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ وقال الأرناؤوط سنده صحح...

وَالْإِخْبَارُ بِخَبَرٍ مَبْنَاهُ عَلَى الشَّكِّ وَالتَّخْمِين دُونَ الْجَزْمِ وَالْيَقِينِ قَبِيحٌ، بَلْ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لِخَبَرِ الـمُخْبِرِ سَنَدٌ وَثُبُوتٌ، وَيَكُونُ عَلَى ثِقَةٍ مِنْ ذَلِكَ، لَا مُجَرَّدَ حِكَايَة عَلَى ظَنٍّ وَحُسْبَانٍ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ محذرا من ذلك: «بِئْسَ مَطِيَّةُ الرَّجُلِ زَعَمُوا».  رواه أبو داود عن أَبِي مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وصححه الألباني أَيْ: أَسْوَأ عَادَةٍ لِلرَّجُلِ أَنْ يَتَّخِذَ لَفْظَ (زَعَمُوا) مَرْكَبًا فِي حَديثِهِ؛ فَيُخْبِرُ عَنْ أَمْرٍ تَقْلِيدًا مِنْ غَيْرِ تَثَبُّتٍ، فَيُخْطِئُ وَيُجَرَّبُ عَلَيْهِ الْكَذِبُ.

ويقول النبيُ ﷺ حاثاً على الصدقِ ومحذراً من الكذبِ: «ولا يزالُ الرجلُ يصدُقُ ويتحرَّى الصِدقَ حتى يُكتبَ عند الله صدِّيقًا، ولا يزالُ الرجلُ يكذِبُ ويتحرَّى الكذِب حتى يُكتبَ عند الله كذَّابًا». رواه البخاري ومسلم عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وهذا يشملُ كلَ قول.. وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ ذَاتَ غَدَاةٍ وَهُوَ يَقُصُّ رُؤْيَاه: «إِنَّهُ أَتَانِي اللَّيْلَةَ آتِيَانِ، وَإِنَّهُمَا ابْتَعَثَانِي، وَإِنَّهُمَا قَالاَ لِي انْطَلِقْ، وَإِنِّي انْطَلَقْتُ مَعَهُمَا، وَذَكَرَ عَدَداً مِنْ الحَالَاتِ العَجِيبَةِ ومِنْها قَوْلُه ﷺ: «فَانْطَلَقْنَا، فَأَتَيْنَا عَلَى رَجُلٍ مُسْتَلْقٍ لِقَفَاهُ، وَإِذَا آخَرُ قَائِمٌ عَلَيْهِ بِكَلُّوبٍ مِنْ حَدِيدٍ، وَإِذَا هُوَ يَأْتِي أَحَدَ شِقَّيْ وَجْهِهِ فَيُشَرْشِرُ شِدْقَهُ إِلَى قَفَاهُ، وَمَنْخِرَهُ إِلَى قَفَاهُ، وَعَيْنَهُ إِلَى قَفَاهُ» قَالَ: «ثُمَّ يَتَحَوَّلُ إِلَى الجَانِبِ الآخَرِ فَيَفْعَلُ بِهِ مِثْلَ مَا فَعَلَ بِالْجَانِبِ الأَوَّلِ، فَمَا يَفْرُغُ مِنْ ذَلِكَ الجَانِبِ حَتَّى يَصِحَّ ذَلِكَ الجَانِبُ كَمَا كَانَ، ثُمَّ يَعُودُ عَلَيْهِ فَيَفْعَلُ مِثْلَ مَا فَعَلَ المَرَّةَ الأُولَى». قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «قُلْتُ لَهُمَا: فَإِنِّي قَدْ رَأَيْتُ مُنْذُ اللَّيْلَةِ عَجَبًا، فَمَا هَذَا الَّذِي رَأَيْتُ؟» قَالَ ﷺ: «فَقَالاَ لِي: الرَّجُلُ الَّذِي أَتَيْتَ عَلَيْهِ، يُشَرْشَرُ شِدْقُهُ إِلَى قَفَاهُ، وَمَنْخِرُهُ إِلَى قَفَاهُ، وَعَيْنُهُ إِلَى قَفَاهُ، فَإِنَّهُ الرَّجُلُ يَغْدُو مِنْ بَيْتِهِ، فَيَكْذِبُ الكَذْبَةَ تَبْلُغُ الآفَاقَ» رواه البخاري عن سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ..

فما أشدَّ عذاب الكذاب الذي يُشيع الأخبار الكاذبة في المجتمع، وما أكثرَهم في هذا الزمانِ الذي سَهلَتْ فيه وَسائلُ التواصلِ الاجتماعيِ الاطلاعَ على الأخبارِ غَثِها وهو الأكثر وسمينِها وهو القليل، وَسَهْلَت النشْرَ بأبخسِ الأثمانِ؛ فتبلغُ الرسالةُ الآفاقَ بلمسةِ بنانٍ لطيفة، أو ضغطة زر رقيقة، فما أَنْكَهَا من عقوبة لمن نشر الإشاعاتِ الكاذبةَ، أو التي لم يتحقق منها.. نعوذ بالله من الخذلان.. اللهم احمي ألسنتنا من الكذب وأعيننا من الخيانة وقلوبنا من الزيغ وطهر مجتمعنا من الإشاعات واجعلنا هداة مهتدين...

 

الخطبة الثانية:

أما بعد أيها الإخوة: اتقوا الله حق التقوى واعلموا أن الشائعات تأتي على هيئة خبر، أو تغريدة، أو تقرير، أو غيرها قال الشيخ صالح بن حميد حفظه الله مبيناً أثر الإشاعة على الفرد والمجتمع: كم كلمةٍ أو تغريدةٍ قالت لصاحبِها: دعني! وكم تدوينةٍ تهوي بقائلِها في نار جهنَّم أبعدَ ما بين المشرق والمغرب!

زاحمَ البَنانُ عنده اللسان ليُوغِلَ في التعقيبِ والتصنيفِ، والهدمِ والإفساد.

في كلماتٍ وصورٍ ومقاطع تستهزِئُ وتسخرُ من مُكوِّنات مُجتمعه، وكأنَّه قد تطوَّعَ يُسوِّدَ صُورتَه أمام الآخرين، ويُوثِّقَها صوتًا وصورةً، وكأنه مأجورٌ ليُدمِّرَ نفسَه، ويهدِمَ بيتَه، ويتنكَّرَ لهويَّته.

إذا سمِعَ خبرًا طارَ به كلَّ مطارٍ، ينشُرُه ويبُثُّه يُفاخِرُ بأنه حازَ السَّبْقَ في نشره، والكلمةُ تبلغُ الآفاق مُتخطِّيةً حواجِز الزمان والمكان في أجزاء من الثواني بلمسة بَنان أو غمزة أزرار.

حقٌّ عليه أن يُحاسِبَ نفسَه قبل أن يُطلِقَ لسانَه، أو يغمِزَ ببنانَه، أو يخُطَّ مقالَه، أو يُغرِّدَ تغريدتَه... 

أين الحقيقة؟ وأين المصلحة؟ وأين الديانة؟ وأين الأمانة بفعلهم هذا؟

يا تُرى هل هؤلاء يَبنُون أو يهدِمون؟! هل هم يجمَعون أو يُفرِّقون؟! هل يزرَعون الأملَ أو يقودون لليأسِ؟! هل يرفعونَ من مقامِ أهلِهم وأوطانِهم أو يُحقِّرون الذّوات ويسحَقون النفوسَ؟!

إن ما يُفسِدُه هؤلاء المساكينُ الأغرارُ في لحظاتٍ قد لا يُمكنُ علاجُه في سنواتٍ، وقد يُكلِّفُ أموالاً وأنفسًا، وقد يستعصِي على العلاج. فإنا لله وإنا إليه راجعون.!

أيها الإخوة: التِّقنيَّاتُ والآلاتُ والوسائطُ والمواقعُ جعلَت مسؤوليَّةَ مستخدمِها أعظمَ، وجعلَت مفهوم الحريةِ أدقَّ، لقد ظنَّ بعضُ الناس أن الحرية أن تكتبَ ما تشاء وتفعل ما تشاء دون قيود عقلية ولا شرعية.! من ظن ذلك فقد أبعد النجعة.

الحرُّ هو المُسيطرُ على نفسه، الضابطُ لها بضوابط العقل والدين والعلم.. الحريةُ هي التخلُّص من قيود الشهوات، وسجون الرَّغَبات. الحرُّ هو المسؤولُ الذي يُفكِّرُ بانضِباطٍ لا بانفِلاتٍ.

إن هذه التِّقنيَّات فضَحَت بعضَ الذين يودُّون التفلُّتَ من عيون الرَّقيب، ناهِيكم برقيبِ الدين، والضمير، والأخلاق، والمبادِئ.

أيها الإخوة: الإيمانُ دينٌ صحيحٌ، والـمُواطَنةُ عقلٌ راشِدٌ، والمسؤوليَّةُ أمانةٌ وثباتٌ وسعيٌ في المصالحِ العُليا والدُّنيا، وسيرٌ في دُروبِ الخير والرشاد، والحثٌّ عليها.. وقد حذر الله تعالى كل مخالف لأمره تحذيراً شديداً فقال: (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) [النور:63] قال ابن كثير رحمه الله "أَيْ: فَلْيَحْذَرْ وليخْشَ مَنْ خَالَفَ شَرِيعَةَ الرَّسُولِ ﷺ بَاطِنًا أَوْ ظَاهِرًا (أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ) أَيْ: فِي قُلُوبِهِمْ، مِنْ كُفْرٍ أَوْ نِفَاقٍ أَوْ بِدْعَةٍ، (أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) أَيْ: فِي الدُّنْيَا، بِقَتْلٍ، أَوْ حَدٍ، أَوْ حَبْسٍ، أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ"انتهى ملخصا.

وبعد: كم دمرت الشائعات من مجتمع وهدمت من أسرة، وفرقت بين أحبة.. وكم أهدرت من مال، وضيعت من أوقات.

وكم أحزنت الشائعات من قلب، ولوعت من فؤاد، وأورثت من حسرة.. وكم أقلقت من بريء، وحطمت من عظيم، وكم أشعلت من نار فتنة بين متصافين.

كم نالت الشائعات من علماء وعظماء؟! وكم تسبّبت في جرائم؟!.. وكم أثارت من فتنة وأشعلت من حرب.. وكم هزمت من جيش، وأخّرت من أمة..

والشائعات ألغام معنوية، وقنابل نفسية، ورصاصات طائشة، تصيب المجتمعات في مقاتل، وتفعل ما لا يفعله العدو بكل قواته.. وتُجرِّئُ الأعداءَ، وتُمكِّنُ للخُصوم، وتضر بدعوة الخير، وتبذُرُ بُذورَ الفُرقة، وتنفَخُ في أبواق الفتنة.

أسأل الله تعالى أن يطهر مجتمعنا من الإشاعات ويسبغ علينا النعم والبركات، ويجعلنا من الصادقين... وصلوا وسلموا...

 

 

.

المشاهدات 4015 | التعليقات 0