الإشاعات داءخطير يفتك بالأمة

محمد البدر
1440/07/21 - 2019/03/28 10:04AM
الْخُطْبَةِ الأُولَى:
عِبَادَ اللَّهِ: قَالَ تَعَالَى :﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ ﴾. وَقَالَ تَعَالَى :﴿ وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا﴾.
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : «كَفَى بالمَرْءِ كَذِباً أنْ يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ »رَوَاهُ مُسْلِمٌ  .
عِبَادَ اللَّهِ: لا شك ولا ريب ان الحقد والحسد والعناد والانانية والأطماع وما يشبه ذلك من الرذائل، على رأس الأسباب التي تحمل أصحابها على نشر الاشاعات الكاذبة ،واعلموا أن اكثر الناس تعرضا للإشاعات الكاذبة، هم الرسل صلوات الله وسلامه عليهم، والعلماء الربانيون والمصلحون المخلصون، والانقياء الأصفياء الأخيار، فان الصراع بين الخير والشر باق ما بقي الناس في هذه الحياة.
عِبَادَ اللَّهِ :الاشاعات من أخطر الأسلحة الفتاكة والمدمرة للمجتمعات والأفراد ، فكم أقلقت الاشاعة من أبرياء، وكم حطمت الإشاعة من عظماء، وكم هدمت الإشاعة من وشائج، وكم تسببت الإشاعة في جرائم، وكم فككت الإشاعة من علاقات وصداقات، وكم هزمت الإشاعة من جيوش، وكم أخرت الإشاعة في سير أقوام!فالإشاعة وسيلةً سهلة وسريعة لهدم البيوت وتصدعها وتفكيك الأسر .
فينبغي على المسلم أن يحفظ لسانه عن الكلام الذي لا مصلحة فيه ، أو فيه مضرة له ولغيره ، ومن ذلك الإشاعات فإن على المسلم اذا سمعها أن يتثبت ولا يتحدث بها إلا عند الضرورة ، و إذا بلغه عن أخيه شيءٌ سيءٌ أن يكتمه ، وأن لا يشيعه حتى ولو كان صِدقاً ، ولو كان ما نُقِلَ إليه صدق وفيه مضرة على أخيه فإنه يستر أخاه ويناصحُه فيما بينه وبينه ، ولا يُشيع عنه الأخبار السيئة ولو كانت واقعة ، كذلك عليه أن يكتم ما يسمع من الأحداث والأخبار والأنباء المفجعة حتى يتثبت ، ولا يُخوِّف الناس بها ، ولا يروجها بين الناس ،كما يفعل المنافقين ومن في قلبه مرض ، فإنهم يتصيدون الإشاعات ويشيعونها ليُروعوا المسلمين ويخوفوهم ،قَالَ تَعَالَى:﴿ لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ﴾. وَقَالَ تَعَالَى :﴿ إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾.
وإذا كان هذا الخبر أو هذا الحدث فيه خطورة على المسلمين ويحتاج إلى علاج ، فليس علاجه بنشره بين الناس الذين لا يملكون له العلاج ، وإنما هذا يُرجع فيه إلى الكتاب والسنة وإلى أُولي الأمر ،ليعالجوه ويدرؤوا خطره ،قَالَ تَعَالَى :﴿وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلاَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاَتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً ﴾.]النساء83[
عِبَادَ اللَّهِ: الإشاعات ظاهرة خطيرة انتشرت بين الناس قديماً وحديثاً وقد تطورت وراج سوقها هذه الأيام ساعد على ظهورها وانتشارها الإعلام بكافة وسائله ووسائل التواصل الاجتماعي الحديثة والوات ساب والتويتر والفيس بوك وغيرها لتبثها للناس على أنها بشائر ، وتحذيرات وفوائد فتتلقفها الألسن والقلوب على أنها حقائق لا تقبل الشك ، جاءت من مصادر موثوقة ، والبعض يعيد نشرها بحسن نية وحباً في الخير أو قد ينشرها البعض لأغراض سيئة ودنيئة والعياذ بالله !
عِبَادَ اللَّهِ :إن الذي ينبغي على المسلم عند سماعه للإشاعات والأخبار أن يقدم حسن الظن بأخيه المسلم،وطلب الدليل والبرهان، قَالَ تَعَالَى :﴿ لَّوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ المؤمنون والمؤمنات بِأَنفُسِهِمْ خَيْراً ﴾.فاتقوا الله ولا تنشروا الاشاعات واعلموا أنه لو تُركت هذه الشائعات ولم تذاع  لماتت في مهدها ولم تجد من يحييها إلا المنافقين ومرضى القلوب.
أَقُولُ قَوْلِي هَذَا...
الْخُطْبَةِ الثَّانِيَةِ:
عِبَادَ اللَّهِ : إن من أخطر أدوات الإشاعة هو اللسان، فعلى المسلم أن يحفظ لسانه عما لا يعنيه قَالَ تَعَالَى :﴿ مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ﴾.
وَعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: « مَنْ يَضْمَنْ لِي مَا بَيْنَ لَحْيَيْهِ وَمَا بَيْنَ رِجْلَيْهِ أَضْمَنْ لَهُ الجَنَّةَ »مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ . أي اللسان والفرج .
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْراً أَوْ لِيَصْمُتْ »مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
 
الا وصلوا ..
 
المشاهدات 724 | التعليقات 0