الإسراء والمعراج

فهد عبدالله الصالح
1434/07/13 - 2013/05/23 08:38AM
الإسراء
الحمد لله الذي أرسل رسله بالهدى والبينات وأيده بالمعجزات وهو القائل في محكم الآيات : (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) أحمد سبحانه وأشكره وأشهد أن لا إله الا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا
أما بعد فأوصيكم ـ أيها الناس ـ بتقوى الله في السر والعلن والغضب والرضا والشدة والرخاء واستعيذوا بالله من عين لا تدمع ومن قلب لا يخشع ومن نفس لا تشبع ومن دعوة لا يستجاب لها
عباد الله : لئن كانت معجزة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم هي القرآن الكريم إلا أن الله تعالى خصه بغيره من المعجزات الباهرات التي تدل على صدق رسالته ومن تلكم المعجزات : حادث الإسراء والمعراج .
وإذا كان الناس ـ أيها الناس ـ يتحدثون عن غزو الفضاء والدوران حول الأرض بمراكب فضائية فإنهم لم يتجاوزا أقطار السموات والأرض لقد تحدى الله البشرية بالعلم كما تحدى العرب بأن يأتوا بمثل هذا القرآن أو عشر سور مثله أو حتى سورة واحدة إنه العجز البشري وإنها الحاجة الماسة لوحي الله وعلم الله وتشريع الله
وما هذا الضلال والتيه وما تلكم الحروب والصراعات التي تعم الأرض إلا بالبعد عن علم الله ووحيه وتشريعه
ثم إن حادث الإسراء والمعراج ـ أيها المسلمون ـ كان بعد وفاة عمه أبي طالب الذي كان يحميه وبعد وفاة زوجه خديجة رضي الله عنها التي كانت تشجعه وتعينه فنالت منه قريش من الأذى ما لم تطمع به في حياة عمه وفي ذلك يقول صلى الله عليه وسلم ( ما نالت مني قريش شيئا أكرهه حتى مات أبو طالب )
وكان حادث الإسراء والمعراج ـ أيضا ـ بعد رجوعه من الطائف التي ذهب إليها يلتمس منهم نصرا لدين الله فقوبل بالرفض والرد بل بالرجم والإيذاء



لقد أكرمه الله بالإسراء والمعراج وكأنه وقوف معه وجبر لخاطره وتقوية لعزيمته بل إنه تفضيل له على سائر الأنبياء والمرسلين عليهم الصلاة والسلام إذ صلى بهم جميعا إماما في المسجد الأقصى .
أيها المسلمون : لما أكرم الله نبيه بالمعراج الحسي أكرم أمته بمعارج معنوية يعيشون فيها طيلة حياتهم الإيمانية إنها الصلاة التي فرضها الله من فوق سبع سموات وجعلها بمثابة غذاء روحي متواصل لقلوب المؤمنين الذين هم في صلاتهم خاشعون والذين هم عن اللغو معرضون يقفون فيها وقفات محترمة يستشعرون بها عظمة الخلاق العظيم مالك يوم الدين الذي هم واقفون بين يديه هذا المصلي الذي تكون صلاته على هذه الحال تنهاه تلك الصلاة عن الفحشاء والمنكر وتزوده بقوة روحيه معنوية وثابة تجعله لا يخشى إلا الله تجعله واثقا بوعد الله وبنصره وتأييده يكون في معية الله دائما ف( إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون )
هذه بعض ثمرات الصلاة التي يكتسبها المصلي الصادق الخاشع لأنها معارج روحية عظيمة شرعها الله من فوق سبع سموات خلافا لبقية الشرائع قال تعالى (إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً * إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً * وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً * إِلَّا الْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ * ) فما أحوجنا ـ أيها المؤمنون ـ إلى تلك الصلاة التي تنهانا عن الفحشاء والمنكر وتربطنا بالله وتنزل السكينة والرحمة في قلوبنا وتورث فينا الخوف منه والقرب إليه والرجاء فيما عنده فنجعل الصلاة ربيع قلوبنا ونور صدورنا وذهاب همومنا وغمومنا .
أيها المسلمون : إن حادث الإسراء والمعراج ليذكرنا جميعا بقداسة المسجد الأقصى قبلة الأنبياء وموطن الكثير من الرسالات
فلقد جعل الله بيت المقدس واسطة العقد في رحلة الإسراء والمعراج انتهت إليه رحلة الأرض وبدأت من رحلة السماء وربط المسجد الحرام بالمسجد الأقصى في الحادثة وفي الآية الكريمة لدليل على ارتباط العالم الإسلامي بعضه ببعض



وإن الدفاع عن فلسطين لهو دفاع عن الإسلام والعالم هذه الأيام يحيي الذكرى
الخامسة والستين للنكبة ومنذ عام ثمان وأربعين و تتوالى على الأرض المقدسة ألوان من المعاناة والعذاب
هدم للمدن والقرى على أهلها وتهجير من نجا منهم وسجن الكثيرين من الشرفاء وحصارات جائرة ومنع لأبسط مقومات الحياة
ولم يشهد التأريخ كله تهجيرا جماعيا من الأوطان كما حصل لإخوتنا في فلسطين على أيدي عصابات شذاذ الأفاق الذين جاءوا من شتات ويريدون للناس الشتات فهي نكبات ونكبات بدعم من إخوانهم في الغي الذين لا يقصرون ممن يتاجر بالقضية الفلسطينية ويتشدقون بالصمود العربي وهم في الحقيقة ممن يحمى ظهر إسرائيل ويتنازل بالأرض لإسرائيل كحال الطغاة في سوريا الذين قتلوا ما يزيد عن مائة ألف مواطن وشردوا المليون ونصف المليون من ديارهم ناهيكم عن آلاف المغتصبات من أخواتنا المسلمات في سوريا والعدد الكبير من المعذبين في سجون الفرس المجوس في سوريا وهم لم يطلقوا رصاصة واحدة على إسرائيل ومعهم حزب الشيطان فرع المجوس في لبنان الذين يهلكون السنة في بلدة القصير في ريف حمص وغيرها من نواحي المدينة المتاخمة لجنوب لبنان فاليهود والمجوس وجهان لعملة واحدة وبينهم من التعاون والتنسيق الشيء الكثير وما يطلقه إعلامهم من شتائم فيما بينهم ما هو إلا للتورية والتمويه
ولكن مهما طالت المعاناة فإن الفرج قريب وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون
وقد صح الخبر عن المعصوم صلى الله عليه وسلم أن المؤمنين الصادقين سيقاتلون اليهود وينتصرون عليهم ويقتلونهم شر قتله


هذه أيها الأخوة بعض الوقفات السريعة مع حادث الإسراء والمعراج
ومع ثبوت الحادثة في الكتاب والسنة إلا أن وقتها لم يثبت بدليل صحيح أنها في شهر رجب بل لقد قال بعض الباحثين أنها في شهر ربيع الأول قبل الهجرة وقيل غير ذلك وأورد الحافظ ابن حجر رحمنا الله وإياه عشرة أقوال في ذلك ومعرفة وقت ذلك لايعني المسلم شيئا فالعبرة بالحدث وما يستفاد منه
آلا فاتقوا الله يا عباد الله واعتبروا بالوقائع والأحداث واحذروا أعداء الله وما يحيكونه من مؤامرات وما تخفى صدورهم أكبر وتأسوا برسولكم وقدوتكم
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا (








المشاهدات 2037 | التعليقات 0