الإجازة-3-5-1445هـ-مستفادة من خطبة الشيخ يوسف العوض

محمد بن سامر
1445/05/02 - 2023/11/16 12:02PM

الإجازة-3-5-1445هـ-مستفادة من خطبة الشيخ يوسف العوض

الحمدُ للَّهِ حمدًا كثيرًا طيِّبًا مبارَكًا فيهِ مبارَكًا عليْهِ كما يحبُّ ربُّنا ويرضى.

 وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ-صلى اللهُ وَسَلَّمَ وبَارَكَ عليهِ وعلى آلِهِ وصحبِهِ-.

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَـمُوتُنَّ إلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)، أَمَّا بَعْدُ: فيا إخواني الكرامُ:

إِنَّ الوَقْتَ هُوَ الْحَيَاةُ، وَكُلَّمَا مَضَى جُزْءٌ مِنْ وَقْتِكَ مَضَى جُزْءٌ مِنْ عُمْرِكَ، وإِنَّ لِلْوَقْتِ أَهَمِيَّةً عَظِيمَةً فِي حَيَاةِ الْمُسْلِمِ؛ وَلِذَلِكَ أَقْسَمَ اللهُ-تَعَالَى-بِهِ فِي آيَاتٍ كَثِيرَةٍ، وَرَبُّنَا-جَلَّ وَعَلَا-لَا يُقْسِمُ إِلَّا بِأَمْرٍ عَظِيمٍ، قَالَ-تَعَالَى-: (وَالْفَجْرِ*وَلَيَالٍ عَشْرٍ)، وَقَالَ-تَعَالَى-: (وَالْعَصْرِ*إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ)، وَغَيْرَهَا مِنَ الآيَاتِ الكَرِيمَةِ، فَيَنْبَغِي إِدْرَاكُ أَهَمِّيَّةِ هَذِهِ النِّعْمَةِ الْعَظِيمَةِ وَحُسْنُ اسْتِغْلَالِهَا، وَلْيَعْلَمِ الْمُؤْمِنُ بِأَنَّهُ مَسْؤُولٌ عَنْ وَقْتِهِ يَوْمَ القِيَامَةِ، فَلْيُعِدَّ لِلسُّؤَالِ جَوَابًا، قَالَ رَسُولُ اللهِ-صلى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ-: "لَا تَزُولُ قَدَمَا عَبْدٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ: عُمُرِهِ فِيمَ أَفْنَاهُ؟ وَعَنْ عِلْمِهِ فِيمَ فَعَلَ؟ وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَ أَنْفَقَهُ؟ وَعَنْ جِسْمِهِ فِيمَ أَبْلَاهُ؟".

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: إِنَّ مِنْ نِعَمِ اللهِ-تَعَالَى-الْعَظِيمَةِ عَلَى الإِنْسَانِ نِعْمَةَ الصِّحَّةِ وَالْعَافِيَةِ فِي الأَبْدَانِ، وَلَا يَعْرِفُ قَدْرَهَا إِلَّا مَنْ سُلِبَهَا، وَكَمَا قِيلَ: "الصِّحَّةُ تَاجٌ عَلَى رُؤُوسِ الأَصِحَّاءِ لَا يَرَاهُ إِلَّا الْمَرْضَى"، انْظُرُوا فِي المُسْتَشْفَيَاتِ: هَذَا فِي غَيْبُوبَةٍ، وَهَذَا مُصَابٌ بِشَّلَلِ، وَذَاكَ كَسِيرٌ، وَهَذَا مَبْتُورُ الأَطْرَافِ، وَآخَرُ مَبْطُونٌ، وَهَذَا يَشْتَكِي أَلَمًا، وَذَاكَ يَتَمَنَّى لَوْ أَنَّهُ يَسْتَطِيعُ الْوُقُوفَ عَلَى قَدَمَيْهِ، وَحِينَئِذٍ سَتَعْرِفُ قَدْرَ نِعْمَةِ اللهِ عَلَيْكَ فِي صِحَّتِكَ، وَلِذَلِكَ كَانَ النَّبِيُّ-صلى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ-يَحْمَدُ اللهَ إِذَا اسْتَيْقَظَ مِنْ نَوْمِهِ وَهُوَ فِي صِحَّةٍ وَعَافِيَةٍ فَيَقُولُ: "الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي عَافَانِي فِي جَسَدِي، وَرَدَّ عَلَيَّ رُوحِي، وَأَذِنَ لِي بِذِكْرِهِ".

وَبَيَّنَ النَّبِيُّ-صلى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ-عِظَمَ قَدْرِ هَذِهِ النِّعْمَةِ فِي قَوْلِهِ: "مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا فِي سِرْبِهِ مُعَافًى فِي جَسَدِهِ، عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ: فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا".

عِبَادَ اللهِ: لَقَدْ بَيَّنَ النَّبِيُّ-صلى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ-خَسَارَةَ كَثِيرٍ مِنَ النَّاسِ وَتَفْرِيطَهُمْ فِي اسْتِغْلَالِ نِعْمَتَيِ الصِّحَّةِ وَالْفَرَاغِ، فَقَالَ: "نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ: الصِّحَّةُ وَالْفَرَاغُ".

فَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ لَا يُقَدِّرُونَ هَاتَيْنِ النِّعْمَتَيْنِ، وَلَا يُؤَدُّونَ شُكْرَهُمَا، وَلَايَسْتَعْمِلُونَهُمَا فِيمَا يَنْفَعُهُمْ، وَلِذَلِكَ حَثَّ النَّبِيُّ-صلى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ-عَلَى اسْتِغْلَالِ هَاتَيْنِ النِّعْمَتَيْنِ وَغَيْرِهِمَا مِنَ النِّعَمِ الجَلِيلَةِ، فَقَالَ: "اغْتَنِمْ خَمْسًا قَبْلَ خَمْسٍ..." وذكر منها: "وَفَرَاغَكَ قَبْلَ شُغْلِكَ"، فَالمُؤْمِنُ الكَيِّسُ الفَطِنُ هُوَ الَّذِي يَسْتَغِلُّ صِحَّتَهُ وَفَرَاغَهُ في طَاعَةِ اللهِ، وَفِيمَا يَعُودُ عَلَيْهِ بِالنَّفْعِ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، كَأَنْ يُكْثِرَ مِنْ قِرَاءَةِ القُرْآنِ وَحِفْظِهِ، وَالإِكْثَارِ مِنَ الذِّكْرِ وَالِاسْتِغْفَارِ، وَالصِيَامِ، وقِيَامِ اللَّيْلِ وَالْوِتْرِ، وَصَلَاةِ الضُّحَى، وَصِلَةِ الأَرْحَامِ، وَحُسْنِ تَرْبِيَةِ الأَوْلَادِ وَغَيْرِهَا مِنْ أَعْمَالِ البِرِّ وَالإِحْسَانِ.

أستغفرُ اللهَ لي ولكم وللمسلمينَ...

الخطبة الثانية

الحمدُ للهِ كما يحبُ ربُنا ويرضى، أَمَّا بَعْدُ:

فَمَا أَجْمَلَ أَنْ يُخَطِّطَ الإِنْسَانُ هُوَ وَأَهْلُ بَيْتِهِ لِحُسْنِ اسْتِغْلَالِهَا: بِحِفْظِ سُوَرٍ مِنَ القُرْآنِ الْكَرِيمِ أَوْ بِخَتْمِ تِلَاوَتِهِ، أَوْ بِإِنْهَاءِ قِرَاءَةِ كِتَابٍ نَافِعٍ، أَوْ بِتَذَاكُرِ سِيرَةِ الصَّحَابَةِ الكِرَامِ وَأُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ-رضيَ اللهُ عنهم- ، أَوْ بِتَعْوِيدِ الأَبْنَاءِ المميِزينَ عَلَى الصَّلَاةِ فِي الْمَسْجِدِ، وَالبَنَاتِ عَلَى الصَّلَاةِ فِي وَقْتِهَا، وَوَضْعِ جَوَائِزَ لِلْمُلْتَزِمِ بِذَلِكَ، أَوْ بِالسَّفَرِ لِمَكَّةَ المُكَرَّمَةِ لِأَدَاءِ العُمْرَةِ، أَوِ الْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّةِ لِزِيَارَةِ مَسْجِدِ رَسُولِ اللهِ-صلى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ-، أَوْ لِصِلَةِ الأَرْحَامِ أَوْ غَيْرِهَا مِنَ الأعمالِ الصالحةِ.

إخواني: إِنَّ النَّفْسَ تَمَلُّ مِنْ كَثْرَةِ العَمَلِ، فَيَنْبَغِي إِرَاحَتُهَا وَاسْتِجْمَامُهَا فِي غَيْرِ مُحَرَّمٍ، وَهَذَا حَقٌّ مِنْ حُقُوقِهَا: قَالَ النَّبِيُّ-صلى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ-: "إِنَّ لِنَفْسِكَ عَلَيْكَ حَقًّا"، فَلَا بَأْسَ أَنْ يَسْتَجِمَّ الإِنْسَانُ وأهلُهُ فِي المُتَنَزَّهَاتِ، وشَوَاطِئ البِحَارِ وَالِاسْتِرَاحَاتِ وَغَيْرِهَا، ملازمًا للعفةِ والاحتشامِ، والذوقِ والأدبِ، حذرًا مِنَ المُحَرَّماتِ والمُنْكَرَاتِ، والتبرجِ والسفورِ، والقِيلِ وَالقَالِ، وَالغِيبَةِ وَالنَّمِيمَةِ، وَالبُهْتَانِ وَالكَذِبِ، وَالسَّهَرِ المُؤَدِّي إِلَى النَّوْمِ عَنِ الصَّلَوَاتِ المَكْتُوبَاتِ؛ فَإِنَّ اللَّهْوَ المباحَ إِذَا أَشْغَلَ عَنِ الوَاجِبَاتِ صَارَ مِنَ المُحَرَّمَاتِ.

يا حيُّ يا قيومُ، يا ذا الجلالِ والإكرامِ، نسألكَ بأسمائِك الحُسْنَى، وصفاتِك العُلَى، يا ولي الإسلامِ وأهلِه ثبتْنا والمسلمينَ به حتى نلقاكَ.

اللَّهُمَّ آتنا في الدنيا حسنةً، وفي الآخرةِ حسنةً، وقِنا عذابَ النارِ.

اللَّهُمَّ الطفْ بإخوانِنِا المستضعفينَ في غزةَ وبلادِ الشامِ، وغيرِها من بلادِ المسلمينَ، الطفْ بهم على كلِ حالٍ، وبلغهم من الفرجِ والنصرِ منتهى الآمالِ.

اللَّهُمَّ كن لهم ناصرًا ومعينًا يا ربَّ العالمينَ.

اللَّهُمَّ أصلحْ وُلاةَ أُمورِنا وأُمورِ المسلمينِ وبطانتَهم، واجعلْ أَمرَهم لِنَصرِ دِينِكَ، ولإعلاءِ كَلمتِكَ، ووفقهمْ لما تحبُ وترضى.

اللَّهُمَّ أصلحْ لنا وللمسلمينَ الدِّينَ والدُنيا والآخرةَ، واجعلِ الحياةَ زيادةً في كلِّ خيرٍ، والموتَ راحةً منْ كلِّ شرٍ.

اللَّهُمَّ اهدنا والمسلمينَ لأحسنِ الأخلاقِ والأعمالِ، واصرفْ عنا وعنهم سيِئها.

اللَّهُمَّ إنَّا نسألك لنا وللمسلمينَ من كلِّ خيرٍ، ونعوذُ ونعيذُهم بك من كلِّ شرٍ، ونسْأَلُكَ لنا ولهم العفوَ والْعَافِيَةَ في كلِّ شيءٍ.

اللَّهُمَّ يا شافي اشفنا واشفِ مرضانا ومرضى المسلمينَ والـمسالـمينَ.

اللَّهُمَّ اِكْفِنَا والمسلمينَ بحلالِكَ عن حرامِكَ، وأَغْنِنـَا بفضلِكَ عَمَّنْ سِواكَ.

اللَّهُمَّ إنَّا نسألُكَ مِنْ فَضْلِكَ ورَحْـمَتِكَ فإنَّهُ لا يـَمْلِكُها إلا أنتَ.

اللَّهُمَّ اجعلنا والمسلمينَ ممن نصرَك فنصرْته، وحفظَك فحفظتْه.

اللَّهُمَّ أنتَ حسبُنا ونِعْمَ الوكيلُ، عليك بأعداءِ الإسلامِ والمسلمينَ وعليكَ بالظالمينَ فإنهم لا يعجزونَك، اكفنا واكفِ المسلمين شرَّهم بما شئتَ، نجعلُكَ في نـُحورِهم، ونعوذُ بكَ مِنْ شرورِهم.

اللَّهُمَّ إنَّا والمسلمينَ مستضعفونَ فانتصرْ لنا يا قويُ يا عزيزُ.

اللَّهُمَّ انصرْ المسلمينَ وجنودَنا المرابطينَ، ورُدَّهُم سالـمينَ غانـمينَ.

اللَّهُمَّ صلِ وسلمْ وباركْ على نبيِنا محمدٍ، والحمدُ للهِ ربِ العالمينَ.

المرفقات

1700125412_الإجازة-3-5-1445هـ-مستفادة من خطبة الشيخ يوسف العوض.docx

1700125413_الإجازة-3-5-1445هـ-مستفادة من خطبة الشيخ يوسف العوض.pdf

المشاهدات 784 | التعليقات 0