الإجازة وحُسنُ تدبير الأوقات خطبة مختصرة23 ذوالحجة1443
نجم الدين
الإجازة وحسن تدبير الأوقات خطبة مختصرة 23 ذوالحجة1443هـ
الخطبة الأولى:
إن الْحَمْدُ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آله وصحبه أجمعين وسَلَّمَ تَسْـلِيمًا كَــثِيْــرا، أمابعد:
فأوصيكم ونفسي بوصية الله تعالى ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُون َ﴾[ الحشر :18].
عبادَ اللهِ: غالٍ، ونفيسٍ ،وثـــمينٍ، مَنْ عرفَ كيف يستثمرهُ أفلحَ ، وفازَ ، ونجى – بإذن الله تعالى – وَمَنْ ضيّــعهُ ، وعَمِلَ فيه الـموبقات، خابَ، وخسرَ، وندم.
إنه الوقت، إنه عُــــمُـــرُ الإنسان، ولئن كُنّا- أيها المسلمون- في أيامِ الإجازة، فإنّ ذلك لايعني إهدار الأوقات ، وعدم اغتنامِها، بل كما هي محل للترفيه الـمباح، فهي محل للعمل الصالح، النافع، المفيد.
أيُّها المؤمنونَ: وإنَّ مِنْ رجاحة العقلِ، وزكاء النفسِ، أَنْ يَستغلَّ الْمُسْلِمُ وقتَه في هذهِ الإجازةِ بما يعودُ عليه بالنَّفعِ في الدنيَا والآخرةِ.
وإنَّ مـما ابتُليَنا به في هذا الزمن، السَّهَرُ، فالسَّهَرُ. مخالف للـــفطــرة، وخــــطــــر على الــــصـحة وقد قال تعالى ﴿هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ﴾ [ يونس :67].
وإن كان هذا السهرُ يؤدي إلى النوم عن الصلوات حتى خروج وقتها فهو سَهرٌ مُـحرم . وقد تَوعَّدَ الله سبحانه بالعذابِ؛ الَّذِينَ لَا يُصَلُّونَ الصّلاةَ في مَوَاقِيتِهَا، قال تعالى ﴿فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ ﴾ [ الماعون :4-5].
فاتَّقوا اللهَ -تعالى- في صلاتِكم، فهي عِمادُ دينكِم، فمن الناس من يتهاون في أَداءِ صلاة العصر، وقد قال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "مَنْ تَرَكَ صَلاَةَ العَصْرِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ" رواه البخاري
وبعضهم يؤدي سهرُهُ لترك صلاة الجمعة، وقد قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ تَرَكَ ثَلَاثَ جُـمَعٍ تَهَاوُنًا بِهَا، طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قَلْبِهِ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ، وقال الألباني: حديث صحيح.
إن الصِّحَّةُ وَالفَرَاغُ نعمةٌ عظيمة، قالَ رَسولُ ﷺ: " نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ: الصِّحَّةُ وَالفَرَاغُ " رواه البخاري ، فإذا اجتمع للمرء الصحةُ والفراغُ ولم يغتنمهما فيما ينفعه في الآخرة فهو الـمغبونُ الخاسرُ في أعماله .
فيا أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: من ابتُلِيَ بالسهر، فليحذر أن يُـــؤديَ سهرُهُ لتضييع الصلوات، وليحرص كل الحرص على أداء صلاة الفجر جماعةً مع المسلمين، ويؤدي سُنَّتُهَا الراتبة، ركعتان ، فقد قَالَ فيهما رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «رَكْعَتَا الْفَجْرِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا» . رَوَاهُ مُسلم
والـمُوفَقُ الْمُسَدَّدَ، الذي يوفقه اللهُ لقيام الليل، وصلاة الوتر، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَوْتِرُوا قَبْلَ أَنْ تُصْبِحُوا". رواه مسلم
وقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ قَامَ بِعَشْرِ آيَاتٍ لَمْ يُكْتَبْ مِنَ الْغَافِلِينَ وَمَنْ قَامَ بِـمِئَةِ آيَةٍ كُتِبَ مِنَ الْقَانِتِينَ وَمَنْ قَامَ بِأَلْفِ آيَةٍ كُتِبَ من المقنطرين» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد.وقال الألباني: حديث صحيح .
عِبَادَ اللَّهِ: ومن قام صلاة الليل فقرأ جزءَ تبارك مع جزءِ عم ، مع الفاتحة يكون قام بألف آية، ومن قام بجزء الذاريات مع جزء عم فقد قام بأكثر من ألف آية، فهذا فضل عظيم وثواب جزيل .
عِبَادَ اللَّهِ: إنَّ الإجـــــــازةَ نعمةٌ ومِــنَّــــةٌ مِـــــنَ اللهِ بعدَ طــــول عمل وطول دراسة، والنفـــــــــــسُ تحتاجُ إلى ترويحٍ بـما أباحه اللهُ وأحلّـــهُ، بسفر مباحٍ، أو اجتماع مع أهل أو أصحاب، وتحصيل علم نافع، وعُمرة، وصلاة في مسجد رسول الله ﷺ.أو غير ذلك مـما يُجَدِّدُ النشاط، ويَكْسِرُ الـمللَ.وَ يُكْسِبُ الأَجرَ.
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ :من سافر فليقل دعاء السفر في ذهابه وعند رجوعه وإيابه، كما أنه إذا أقبل على المدينة التي سافر لها وسَيسكنُ بها، فيقولُ الدعاءَ الثابت عن النبي ﷺ، ويُسَمَّى هذا الدعاء: دعاء دخول القرية، وكلمةُ القريةِ هنا، تَـــشملُ المدينةَ الكبيرةَ،أو الصغيرة، حَدَّثَ صُهَيْبٌ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ يَرَى قَرْيَةً يُرِيدُ دُخُولَهَا إِلَّا قَالَ حِينَ يَرَاهَا:"اللَّهُمَّ رَبَّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَمَا أَظْلَلْنَ وَرَبَّ الْأَرَضِينَ السَّبْعِ وَمَا أَقْلَلْنَ وَرَبَّ الرِّيَاحِ وَمَا ذَرَيْنَ وَرَبَّ الشَّيَاطِينِ وَمَا أَضْلَلْنَ نَسْأَلُكَ خَيْرَ هَذِهِ الْقَرْيَةِ، وَخَيْرَ أَهْلِهَ،ا وَنَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهَا، وَشَرِّ أَهْلِهَا، وشر ما فيها" رواه ابن خزيمة والطبراني، وقال الألباني: حديث صحيح
باركَ اللهُ لي ولكم في الْقُرْآنَ الْعَظِيمِ، وَنَفَعَنِي وَإِيَّاكُمْ بـما فِــيهِ مِنَ الآيَاتِ والذِّكْرِ الْحَكِيمِ، أَقُوُلُ قَوْلِي هَذَا، وأَسْتَغْفِرُ اللهَ الْعَظِيمَ ا الْجَلِيلَ لي ولكم ولِسَائرِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرُوهُ ، إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.
الخطبة الثانية:
الْحَمْدُ للهِ عَلَى إِحْسَانِهِ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى تَوْفِيقِهِ وَامْتِنَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَلَّا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ تَعْظِيمًا لِشَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الدَّاعِي إِلَى رِضْوَانِهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ، وَأَصْحَابِهِ، وَأَتْبَاعِهِ، إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كثيرا ، أمّا بعدُ:
فاتَّقوا اللهَ أيها المؤمنون، واعلموا أنَّ السفر في الإجازة للترويح عن النفس ليس فَرِيضَةً ، فلا داعي لِتَحَمُّلِ الديون لأجل السفر، ومن تهيأ وتَـــيَسَرَ له السفرُ فليكن حَلِيمًا، رَفِيقًا، هَيِّنًا، لَيِّنًا مع من يسافر معهم ، ولايكن مَصدَرَ قلقٍ وإزعاجٍ،وخِصَامٍ،قال تعالى: ﴿ وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ.. ﴾ قَالَ جــَمْعٌ من المفسرين {وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ} يَعْنِي: الرَّفِيقَ فِي السَّفَرِ، وقال بعضهم يشمل الصاحبَ في السَّفَرِ وفي الــحَضَر.
عَـــمَـــــرَ اللهُ أوقاتنا بطاعتهِ، وَجَنَـــبَــــنَا غَضَبَهُ، ووفقنا لصالح الأقوال والأعمال، وَزيَّـــــنَـــنَا بزينة الإيمان، وجعلنا هداة مهتدين.
عبادالله: صَلُّوا وَسَلِّمُوا -رحمكم الله- على مَنْ أمركم الله بالصلاة عليه، فقال عَـــزّ مِنْ قائل:
﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [ الأحزاب:56]
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِهِ الطَّيِّبِينَ، وَأَصْحَاْبِهِ الطَّاهِرِينَ، وَمَنْ سَارَ عَلَى نَهْجِهِ وَ اقْتَفَى أَثَرَهُ إلى يَوْمِ الدِّينِ، وَعَنَّا مَعَهُم بكرمكَ وَمَنّكَ، يَاْ أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ، رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا.
عبادالله : ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾ [ النحل:90] فَاذْكُرُوا اللَّهَ الْعَظِيمَ الْجَلِيلَ يَذْكُرَكُمْ ، وَاشْكُرُوهُ على نِعَمهِ يَزِدْكُمْ، وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ
المرفقات
1658466945_الإجازة الصيفية وحسن تدبير الوقت خطبة مختصرة 23 ذوالحجة1443هـ.docx
1658466967_الإجازة الصيفية وحسن تدبير الوقت خطبة مختصرة 23 ذوالحجة1443هـ.pdf