الْأَوْبَةُ فِي شَهْرِ ذِي الْقَعْدَةِ 1445/11/2ه

يوسف العوض
1445/10/28 - 2024/05/07 10:09AM

الخطبة الأولى

عِبَادَ اللهِ : "جاءَ رجلٌ إلى النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقالَ إنِّي عالجْتُ امرأةً في أقصَى المدينةِ وإني أَصَبْتُ منْهَا ما دونَ أنَّ أمَّسَّهَا وأنَا هذا فاقضِ فيَّ ما شئتَ فقال له عمرُ لقد ستَرَكَ اللهُ لو ستَرْتَ على نفسِكَ فلم يَرُدَّ عليهِ رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم شيئًا فانطلَقَ الرجُلُ فأَتْبَعَهُ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم رجلًا فدعَاهُ فتَلَا عليه { وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِين } إلى آخِرِ الآيةِ فقالَ رجلٌ منَ القومِ هذا له خاصةً قال لا بل للناسِ كافةً"

عِبَادَ اللهِ : التَّوبةُ انكِسارٌ وخُضوعٌ للرَّبِّ، واعترافٌ واقرارٌ بالذنبِ، وندمٌ وتألمٌ في القلبِ، مع الخوفِ والرجاءِ والحبِّ .. التَّوبةُ تذلُّلٌ واستغفار، واستعتابٌ واعتِذار .. التَّوبةُ خَوفٌ ورجاء، وخجلٌ من اللهِ وحياءٌ، وخَشيةٌ ووجلٌ وبُكاءٌ، وتَضرعٌ ومُناجاةٌ ودُعاءٌ .. التَّوبةُ نَدمٌ وإقلاعٌ وأَوبةٌ، نَدمٌ على ما فرَّطَ في الماضي، وإقلاعٌ فوريٌّ عن الذنوبِ والمعاصِي، وعزمٌ قويٌّ على عدمِ مُعاودتها فيما يأتي..

عِبَادَ اللهِ : مِنَ الوَسائِلِ التي تُساعِدُ الإنسانَ على التَّوبةِ أنْ يَحرِصَ على مُضاعَفةِ الأعمالِ الصَّالِحةِ وتَكثيرِها؛ حتى تَغلِبَ على حَياتِه وقَلبِه، ومِن هذه الوَسائِلِ التي تُكفِّرُ السَّيِّئاتِ الصَّلاةُ، وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ عَبدُ اللهِ بنُ مَسعودٍ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ رَجُلًا قَبَّلَ امرأةً لا تَحِلُّ له، فأتى النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فأخبَرَه بما جَرَى، فأنزَلَ اللهُ هذه الآيةَ: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ} أيْ: أقمِ الصَّلاةَ المفروضةَ في أوَّلِ النَّهارِ وآخرِه، وهي: صلاةُ الفجرِ والظُّهرِ والعصرِ، {وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ}، أيْ: وأقِمِ الصَّلاةَ أيضًا في ساعاتٍ مِن الليلِ، وهي صلاةُ المغربِ والعشاءِ، {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ}: إنَّ الأعمالَ الصَّالحةَ مِن الصَّلاةِ وغَيرِها تُكفِّرُ صَغائرَ الذُّنوبِ، فسَأَلَ الرَّجُلُ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فقال: يا رَسولَ اللهِ، هل الحُكمُ خاصٌّ بي وَحدي؟ فقالَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: لِجَميعِ أُمَّتي كُلِّهم، وفي هذا تَأكيدٌ مِنَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بَعدَ تَأكيدٍ؛ لِيَشمَلَ هذا المَوجودينَ والمَعدومينَ، يَعني: هذا لهم، وأنتَ منهم، وهذا التَّكفيرُ للذُّنوبِ خاصٌّ بالصَّغائِرِ، أمَّا الكَبائِرُ فإنَّها تَحتاجُ إلى تَوبةٍ تامَّةٍ، بشُروطِها، وفي هذا الحَديثِ بَيانُ مَدى رَحمةِ اللهِ بعِبادِه، وأنَّه يَقبَلُ التائِبينَ.

 

الخطبة الثانية

عِبَادَ اللهِ : لنتأمَّلْ هذه الأحاديثَ الصحيحةَ جيدًا: قَالَ صلّى اللهُ وسلَّمَ وبارَك عليه: « مَنْ قَالَ: أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيَّ الْقَيُّومَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ غُفِرَ لَهُ وَإِنْ كَانَ قَدْ فَرَّ مِنْ الزَّحْفِ ».. و" قال صلى الله عليه وسلم وقَالَ صلّى اللهُ وسلَّمَ وبارَك عليهِ: « من توضَّأ فأحسنَ الوُضُوءَ، خرجتْ خطاياهُ من جَسَدِه حتى تَخْرُجُ من تحتِ أظفاره ».. وقَالَ صلّى اللهُ وسلَّمَ وبارَك عليهِ: « مَنْ تَوَضَّأَ نَحْوَ وُضُوئِي هَذَا، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ لَا يُحَدِّثُ فِيهِمَا نَفْسَهُ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ ».. وقَالَ صلّى اللهُ وسلَّمَ وبارَك عليهِ: « مَنْ قَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ فِي يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ حُطَّتْ خَطَايَاهُ وَإِنْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْرِ ».. وقَالَ صلّى اللهُ وسلَّمَ وبارَك عليهِ: « مَا عَلَى الْأَرْضِ رَجُلٌ يَقُولُ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ، وَسُبْحَانَ اللهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ، إِلَّا كُفِّرَتْ عَنْهُ ذُنُوبُهُ، وَلَوْ كَانَتْ أَكْثَرَ مِنْ زَبَدِ الْبَحْرِ ».. وقَالَ صلّى اللهُ وسلَّمَ وبارَك عليهِ: « إِنَّ سُبْحَانَ اللهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ، تَنْفُضُ الْخَطَايَا كَمَا تَنْفُضُ الشَّجَرَةُ وَرَقَهَا ».. وقَالَ صلّى اللهُ وسلَّمَ وبارَك عليهِ: « مَنْ أَكَلَ طَعَامًا، ثُمَّ قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَطْعَمَنِي هَذَا، وَرَزَقَنِيهِ مِنْ غَيْرِ حَوْلٍ مِنِّي وَلَا قُوَّةٍ، غَفَرَ اللهُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ ».. « وَمَنْ لَبِسَ ثَوْبًا فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِى كَسَانِي هَذَا الثَّوْبَ وَرَزَقَنِيهِ مِنْ غَيْرِ حَوْلٍ مِنِّى وَلاَ قُوَّةٍ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ »..

أَرَأَيْتُمْ يَا عِبَادَ اَللَّهِ : أَعْمَالٌ سَهْلَةٌ يَسِيرَةٌ ، ذَاتُ أُجُورٍ عَالِيَةٍ كَبِيرَةٍ ، فَمَا رَأْيكُمْ وَفَّقَكُمْ اَللَّهُ ، أَنْ تَعْزِمُوا عَلَى اَلْإِكْثَارِ مِنْهَا ، وَالْمُدَاوَمَةِ عَلَيْهَا ، عَسَى أَنْ تَفُوزُوا بِمَوْعُودِهَا ، فَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ لَا يُخْلِفُ اَلْمِيعَادَ .

المرفقات

1715066347_عالجت.docx

المشاهدات 777 | التعليقات 0