الأقصى .. أقاصنا

إبراهيم بن سلطان العريفان
1445/03/28 - 2023/10/13 10:35AM

بسم الله الرحمن الرحيم

إخوة الإيمان والعقيدة ... تعيش الأرض المقدسة هذه الأيام في مواجهات دامية وحرب غير متكافئة بين المسلمين المستضعفين في القدس الشريف وبين المغضوب عليهم الذين لعنوا على لسان داود وعيسى ابن مريم.

إنها حرب مقدسة تدور على عتبات الأقصى المبارك الذي أسري برسولنا صلى الله عليه وسلم إليه في ليلة الإسراء والمعراج ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾.

إنه المسجد الأقصى مسرى سيد الأولين والآخرين وقبلة الأنبياء والمرسلين وثاني مسجد وضع في الأرض، عن أبي ذر رضي الله عنه قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم: أَيُّ مَسْجِدٍ وُضِعَ أَوَّلَ؟ قالَ ((المَسْجِدُ الحَرَامُ)) قُلتُ: ثُمَّ أَيٌّ؟ قالَ ((ثُمَّ المَسْجِدُ الأقْصَى)) قُلتُ: كَمْ كانَ بيْنَهُمَا؟ قالَ ((أَرْبَعُونَ)).

إن الأقصى كان قبلتنا نحن المسلمين، صلى إليه المسلمون ستة عشر شهراً أو سبعة عشر شهراً، كما قال البراء بن عازب: لَمَّا قَدِمَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ المَدِينَةَ صَلَّى نَحْوَ بَيْتِ المَقْدِسِ سِتَّةَ عَشَرَ أوْ سَبْعَةَ عَشَرَ شَهْرًا، وكانَ يُحِبُّ أنْ يُوَجَّهَ إلى الكَعْبَةِ، فأنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى ﴿قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ﴾.

عباد الله ... إن اليهود في العالم وليس في فلسطين فقط يسابقون عقارب الساعة الآن لهدم المسجد الأقصى وبناء الهيكل مكانه والهيكل في نظر اليهود ليس له مكان آخر يقام عليه إلا على أرضية المسجد الأقصى المبارك.

إن هناك ملايين من النصارى في العالم يعتقدون أن المسيح عيسى بن مريم عليه السلام لن يخرج إلا إذا بني الهيكل وأن الهيكل سيكون منطلقاً لدعوته ومرتكزاً لحركته ولذلك فإنهم يدفعون باليهود دفعاً لهدم الأقصى وبناء الهيكل على أنقاضه هكذا يفهمون الإنجيل وهكذا يفسرون التوراة التي يؤمنون بها مع الإنجيل.

إن هذه الأساطير التي تعشعش في أدمغة غلاة النصارى وعتاة اليهود ستتحول في يوم من الأيام إلى أحداث عمليه وأمور واقعية وهم عازمون ومصممون على نقل هذه الأساطير إلى عالم الحقيقة فهدم الأقصى أصبح عندهم فريضة الوقت وفرصة العمر ومسئولية الجيل ولولا الجبن الذي اشتهروا به وعُرف به اليهود لكان هدمه قد حدث منذ سنوات.

إن اليهود قد بدئوا بالفعل في تهيئة الظروف العالمية تحسباً للحظة المناسبة لهدم المسجد وقطعوا شوطاً كبيراً في تنفيذ ما خططوا وتحقيق ما رسموا وهم ماضون لإكمال المهمة ومن المتوقع أن يبدءوا في الخطوات العملية لخطتهم الخبيثة والدلائل تتكاثر في هذه الأيام على تعاظم الجدية لهم في الإقدام على مشروع الهدم الذي بدءوه بإضعاف أساسات المسجد حتى ظهرت التشققات ظهوراً واضحاً في جدرانه وفرغوا الأرض من تحته عبر الحفريات المستمرة والتنقيبات المتواصلة وقاموا مؤخراً ببناء ما يسمى بكنيس الخراب الذي بنوه بالقرب من حائط المسجد خرب الله بيوتهم بأيديهم.

إن اليهود لم يتجرؤوا على حفر هذه الحفريات وشق هذه الأنفاق تحت المسجد إلا لأنهم ضمنوا وأمنوا أنه لن تعترضهم إلا أصوات ضعيفة خجولة متفرقة ليس لها من الأمر شيء وليس بيدها شيء.

إنها والله مصيبة تدع الحليم حيراناً أن نرى هذه المقدسات التي عظمها الله نراها في خطر محدق ونحن لا نملك تجاهها أي فعل يمكن أن يقال عنه أنه فعل رادع.

نعم هناك مقاومة من فئة مغلوب على أمرها تحارب بكل ما تملك جزاهم الله عن الأمة خير الجزاء فقد حالوا دون تقدم المشاريع الصهيونية وعرقلوها وأخروها ولكن للأسف الشديد أول من يواجههم ليس هم الصهاينة وإنما هم أناس من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا باعوا آخرتهم بدنيا غيرهم ورضوا بأن يكونوا عبيداً لليهود وجعلوا من أنفسهم أتراساً تحول بين المجاهدين وبين اليهود فهؤلاء قد ظاهروا المشركين على المسلمين ومظاهرة المشركين على المسلمين ناقض من نواقض الإسلام العشرة: ﴿ بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا ﴾.

أسأل الله أن يرد كيد اليهود، وأن ينصر عباده الموحدين في كل مكان...

أقول ما تسمعون ...

 

الحمد لله رب العالمين ...

إن الأمل بعد الله في هذه الطائفة المنصورة والثلة المجاهدة التي تعي خطورة الموقف وتستشعر عظم المسئولية كواكب مضيئة في ليل دامس لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك، يكيد لهم الأعداء والعملاء ولكنهم معتصمون بحبل الله متوكلون على الله واثقون بنصر الله ، شجعان في وسط الجبناء مهتدون في وسط الحيرى مجاهدون في وسط القاعدين والخالفين، فيجب علينا أن ندعوا لهم، يقول النبي صلى الله عليه وسلم ((مَثَلُ المُؤْمِنِينَ في تَوَادِّهِمْ وتَرَاحُمِهِمْ وتَعَاطُفِهِمْ، مَثَلُ الجَسَدِ إذا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى له سَائِرُ الجَسَدِ بالسَّهَرِ والحُمَّى)).

يجب علينا أن ننصر مسرى رسولنا صلى الله عليه وسلم بعقيدة صحيحة وقلوب سليمة وجوارح مستقيمة، باللسان دعاءً ودعوة، وبالقلب موالاة ومحبة وتفاؤلاً وثقة، وبالجوارح صدقة ﴿إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾.

كما يجب علينا أن نطرد اليأس والإحباط من النفوس فإن الباطل مهما علا وأزبد فإنه مقهور تحت قهر العلي القدير فالذي أمدّ لأهل الباطل وأملى لهم قادر سبحانه وتعالى أن يُدير الدائرة عليهم فمهما بلغ شأن العدو فلن يخرج عما حكاه الله بقوله ﴿وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ فَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ﴾ فلا ينبغي لم يستقوي بالقوي العزيز أن يلين أو يضعف أو ييأس ﴿وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾.

أسأل الله أن يوفق قادة هذه البلاد .. فقد أكد ولي العهد أن المملكة تبذل الجهود الممكنة بالتواصل مع كافة الأطراف الدولية والإقليمية لوقف أعمال التصعيد الجاري. وشدد الأمير محمد بن سلمان على موقف السعودية الرافض لاستهداف المدنيين بأي شكل وإزهاق أرواح الأبرياء، وعلى ضرورة مراعاة مبادئ القانون الدولي الإنساني، مشيرا إلى القلق البالغ من خطورة الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة والمساس بحياة المدنيين. كما أكد على موقف المملكة الثابت تجاه مناصرة القضية الفلسطينية، ودعم الجهود الرامية لتحقيق السلام الشامل والعادل الذي يكفل حصول الشعب الفلسطيني على حقوقه المشروعة. وضرورة إنهاء جرائم الحرب ضد فلسطين.

اللهم أعز الإسلام والمسلمين ...

 

المرفقات

1697182533_الأقصى أقصانا.pdf

1697182543_الأقصى أقصانا.docx

المشاهدات 1729 | التعليقات 0