( الأَعْوَرُ الكَذَّابُ... )

مبارك العشوان 1
1442/08/12 - 2021/03/25 00:23AM

إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ تَعَالَى - أَيُّهَا النَّاسُ - حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُمْ مُّسْلِمُونَ.

عِبَادَ اللهِ: رَوَى البُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ قَالَ: ( مَا بَعَثَ اللهُ مِنْ نَبِيٍّ، إِلَّا أَنْذَرَ قَوْمَهُ الأَعْوَرَ الكَذَّابَ... )

وَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: ( مَا بَيْنَ خَلْقِ آدَمَ إِلَى قِيَامِ السَّاعَةِ خَلْقٌ أَكْبَرُ مِنَ الدَّجَّالِ ) رَوَاهُ مٌسْلِمٌ.

خُرُوجُ الدَّجَّالِ مِنَ العَلَامَاتِ الكُبْرَى لِقِيَامِ السَّاعَةِ؛ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( إِنَّهَا لَنْ تَقُومَ حَتَّى تَرَوْنَ قَبْلَهَا عَشْرَ آيَاتٍ، فَذَكَرَ، الدُّخَانَ، وَالدَّجَّالَ، وَالدَّابَّةَ، وَطُلُوعَ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا، وَنُزُولَ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَيَأَجُوجَ وَمَأْجُوجَ، وَثَلاَثَةَ خُسُوفٍ: خَسْفٌ بِالْمَشْرِقِ، وَخَسْفٌ بِالْمَغْرِبِ، وَخَسْفٌ بِجَزِيرَةِ الْعَرَبِ، وَآخِرُ ذَلِكَ نَارٌ تَخْرُجُ مِنَ الْيَمَنِ، تَطْرُدُ النَّاسَ إِلَى مَحْشَرِهِمْ. ) رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

فِتْنَةُ الدَّجَّالِ فِتْنَةٌ عَظِيْمَةٌ؛ وَلِعِظَمِهَا وَشِدَّةِ خَطَرِهَا؛ حَذَّرَ مِنْهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَثِيْرًا، وَأَطَالَ الحَدِيْثَ عَنِ الدَّجَّالِ؛ وَذَكَرَ أَوْصَافَهُ.

يَقُولُ النَّوَّاسُ بْنُ سَمْعَانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: ذَكَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الدَّجَّالَ ذَاتَ غَدَاةٍ، فَخَفَّضَ فِيهِ وَرَفَّعَ، حَتَّى ظَنَنَّاهُ فِي طَائِفَةِ النَّخْلِ، فَلَمَّا رُحْنَا إِلَيْهِ عَرَفَ ذَلِكَ فِينَا، فَقَالَ: مَا شَأْنُكُمْ ؟ قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ، ذَكَرْتَ الدَّجَّالَ غَدَاةً، فَخَفَّضْتَ فِيهِ وَرَفَّعْتَ، حَتَّى ظَنَنَّاهُ فِي طَائِفَةِ النَّخْلِ، فَقَالَ: غَيْرُ الدَّجَّالِ أَخْوَفُنِي عَلَيْكُمْ، إِنْ يَخْرُجْ وَأَنَا فِيكُمْ، فَأَنَا حَجِيجُهُ دُونَكُمْ، وَإِنْ يَخْرُجْ وَلَسْتُ فِيكُمْ، فَامْرُؤٌ حَجِيجُ نَفْسِهِ، وَاللَّهُ خَلِيفَتِي عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ، إِنَّهُ شَابٌّ قَطَطٌ ، عَيْنُهُ طَافِئَةٌ، كَأَنِّي أُشَبِّهُهُ بِعَبْدِ الْعُزَّى بْنِ قَطَنٍ، فَمَنْ أَدْرَكَهُ مِنْكُمْ، فَلْيَقْرَأْ عَلَيْهِ فَوَاتِحَ سُورَةِ الْكَهْفِ، إِنَّهُ خَارِجٌ خَلَّةً بَيْنَ الشَّأْمِ وَالْعِرَاقِ، فَعَاثَ يَمِينًا وَعَاثَ شِمَالاً، يَا عِبَادَ اللهِ فَاثْبُتُوا، قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ، وَمَا لَبْثُهُ فِي الأَرْضِ ؟ قَالَ: أَرْبَعُونَ يَوْمًا، يَوْمٌ كَسَنَةٍ، وَيَوْمٌ كَشَهْرٍ، وَيَوْمٌ كَجُمُعَةٍ، وَسَائِرُ أَيَّامِهِ كَأَيَّامِكُمْ، قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ، فَذَلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي كَسَنَةٍ، أَتَكْفِينَا فِيهِ صَلاَةُ يَوْمٍ ؟ قَالَ: لَا، اقْدُرُوا لَهُ قَدْرَهُ،  قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ، وَمَا إِسْرَاعُهُ فِي الأَرْضِ ؟ قَالَ: كَالْغَيْثِ اسْتَدْبَرَتْهُ الرِّيحُ، فَيَأْتِي عَلَى الْقَوْمِ فَيَدْعُوهُمْ، فَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَجِيبُونَ لَهُ، فَيَأْمُرُ السَّمَاءَ فَتُمْطِرُ، وَالأَرْضَ فَتُنْبِتُ، فَتَرُوحُ عَلَيْهِمْ سَارِحَتُهُمْ، أَطْوَلَ مَا كَانَتْ ذُرًا، وَأَسْبَغَهُ ضُرُوعًا، وَأَمَدَّهُ خَوَاصِرَ، ثُمَّ يَأْتِي الْقَوْمَ، فَيَدْعُوهُمْ فَيَرُدُّونَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ، فَيَنْصَرِفُ عَنْهُمْ، فَيُصْبِحُونَ مُمْحِلِينَ لَيْسَ بِأَيْدِيهِمْ شَيْءٌ مِنْ أَمْوَالِهِمْ، وَيَمُرُّ بِالْخَرِبَةِ، فَيَقُولُ لَهَا: أَخْرِجِي كُنُوزَكِ، فَتَتْبَعُهُ كُنُوزُهَا كَيَعَاسِيبِ النَّحْلِ، ثُمَّ يَدْعُو رَجُلاً مُمْتَلِئًا شَبَابًا، فَيَضْرِبُهُ بِالسَّيْفِ فَيَقْطَعُهُ جَزْلَتَيْنِ رَمْيَةَ الْغَرَضِ، ثُمَّ يَدْعُوهُ فَيُقْبِلُ وَيَتَهَلَّلُ وَجْهُهُ، يَضْحَكُ، فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِكَ إِذْ بَعَثَ اللَّهُ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ... ) الخ  رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

وَمِمَّا جَاءَ فِي التَّحْذِيْرِ مِنَ الدَّجَّالِ قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( لَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا مَعَ الدَّجَّالِ مِنْهُ؛ مَعَهُ نَهْرَانِ يَجْرِيَانِ، أَحَدُهُمَا رَأْيَ الْعَيْنِ مَاءٌ أَبْيَضُ، وَالْآخَرُ رَأْيَ الْعَيْنِ نَارٌ تَأَجَّجُ، فَإِمَّا أَدْرَكَنَّ أَحَدٌ فَلْيَأْتِ النَّهْرَ الَّذِي يَرَاهُ نَارًا وَلْيُغَمِّضْ ثُمَّ لْيُطَأْطِئْ رَأْسَهُ فَيَشْرَبَ مِنْهُ؛ فَإِنَّهُ مَاءٌ بَارِدٌ، وَإِنَّ الدَّجَّالَ مَمْسُوحُ الْعَيْنِ عَلَيْهَا ظَفَرَةٌ غَلِيظَةٌ مَكْتُوبٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ كَافِرٌ يَقْرَؤُهُ كُلُّ مُؤْمِنٍ كَاتِبٍ وَغَيْرِ كَاتِبٍ ) رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

وَمِنْ خَبَرِ الدَّجَّالِ مَا جَاءَ فِي حَدِيْثِ أَبِي سَعِيْدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: حَدَّثَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَومًا حَدِيْثًا طَوِيْلًا عَنِ الدَّجَّالِ؛ فَكَانَ فِيْمَا حَدَّثَنَا؛ قَــــــــالَ: ( يَأْتِي الدَّجَّالُ وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْهِ أَنْ يَدْخُلَ نِقَابَ الْمَدِينَةِ فَيَنْزِلُ بَعْضَ السِّبَاخِ الَّتِي تَلِي الْمَدِينَةَ فَيَخْرُجُ إِلَيْهِ يَوْمَئِذٍ رَجُلٌ وَهُوَ خَيْرُ النَّاسِ أَوْ مِنْ خِيَارِ النَّاسِ فَيَقُولُ أَشْهَدُ أَنَّكَ الدَّجَّالُ الَّذِي حَدَّثَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثَهُ فَيَقُولُ الدَّجَّالُ أَرَأَيْتُمْ إِنْ قَتَلْتُ هَذَا ثُمَّ أَحْيَيْتُهُ هَلْ تَشُكُّونَ فِي الْأَمْرِ فَيَقُولُونَ لَا فَيَقْتُلُهُ ثُمَّ يُحْيِيهِ فَيَقُولُ وَاللهِ مَا كُنْتُ فِيكَ أَشَدَّ بَصِيرَةً مِنِّي الْيَوْمَ فَيُرِيدُ الدَّجَّالُ أَنْ يَقْتُلَهُ فَلَا يُسَلَّــطُ عَلَيْهِ...) رَوَاهُ البُخَارِيُّ.    

عَصَمَنِي اللهُ وَإِيَّاكُمْ مِنَ الفِتَنِ، وَبَارَكَ اللهُ لِي وَلَكُمْ فِي الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ وَنَفَعَنَا بِمَا فِيهِ مِنَ الْآيِ وَالذَّكَرِ الْحَكِيمِ وَأَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ الْعَظِيمَ الْجَلِيلَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلُّ ذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.

 

 

 

الخطبة الثانية: 

الحَمْدُ لِلهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللهِ؛ أمَّا بَعدُ:

فَقَدْ أَرْشَدَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ أُمَّتَهُ إِلَى مَا يِعْصِمُهُمْ وَيُنْجِيْهِمْ مِنَ الدَّجَالِ وَفِتْنَتِهِ.

فَمِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيَّنَ صِفَاتِ الدَّجَّالِ  الخَلْقِيَّةِ؛ فَوَصَفَهُ وَصْفًا دَقِيْقًا؛ لِيُعْرَفَ وَيُحْذَرَ؛ وَمِنَ المُهِمِّ مَعْرِفَةُ هَذِهِ الصِّفَاتِ.

بَيَّنَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ الدَّجَالَ رَجُلٌ، وَأَنَّهُ شَابٌّ، وَأَنَّهُ قَصِيْرٌ، وَأَنَّهُ أَحْمَرُ اللَّونِ، وَأَنَّهُ أَفْحَجُ؛ أَيْ: يُبَاعِدُ بَيْنَ رِجْلَيْهِ عِنْدَ المَشْيِ.

وَأَنَّهُ جَعْدُ الرَّأْسِ؛ أَيْ: أَنَّ شَعْرَهُ كَثِيْفٌ شَدِيْدُ الخُشُونَةِ.

وَمِنْ أَبْرَزِ أَوْصَافِهِ أَنَّهُ أَعْوَرٌ.

جَاءَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ أَنَّهُ أَعْوَرُ العِيْنِ اليُمْنَى، وَجَاءَ فِي بَعْضِهَا أَنَّهُ أَعْوَرُ العَيْنِ اليُسْرَى.

وَقَدْ جَمَعَ العُلَمَاءُ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ: بِأَنَّ الْأَعْوَرَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ هُوَ الْمَعِيبُ؛ وَكِلَا عَيْنَيِ الدَّجَّالِ مَعِيبَةٌ؛ فَالْيُمْنَى طَافِئَةٌ مَمْسُوَحٌة لَا يَرَى بِهَا، أَمَّا اليُسْرَى؛ فَيَرَى بِهَا؛ لَكِنَّهَا مَعِيْبَةٌ بِنُتُوئِهَا وَجُحُوظِهَا؛ كَأَنَّهَا عِنَبَةٌ طَافِيَةٌ أَيْ: بَارِزَةٌ.

عِبَادَ اللهِ: وَمِمَّا أَرْشَدَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِمَا يَعْصِمُ مِنْ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ وَغَيْرِهَا مِنَ الفِتَنِ:

تَحْقِيْقُ الإِيْمَانِ، وَالتَّمَسُّكُ بِالإِسْلَامِ، وَحِفْظُ حُدُودِ اللهِ تَعَالَى فَمَنْ حَفِظَ اللهَ حَفِظَهُ اللهُ، وَمَنِ اتَّقَى اللهَ وَقَاهُ اللهُ، وَمَنْ تَوَكَّلَ عَلَى اللهِ كَفَاهُ اللهُ، وَاللهُ تَعَالَى يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا، وَتَقَدَّمَ الحَدِيْثُ أَنَّهُ مَكْتُوبٌ بَيْنَ عَيْنَي الدَّجَالِ: ( كَافِرٌ ) يَقْرَؤُهُ كُلُّ مُؤْمِنِ كَاتِبٌ وَغَيْرُ كَاتِبٍ، أَمَّا غَيْرُ المُؤْمِنِ فَلَا يَقْرَؤُهُ وَلَوْ كَانَ مِنْ أَفْصَحِ النَّاسِ لِسَانًا وَأَعْلَمِهِمْ بِالقِرَاءَةِ وَالكِتَابَةِ.

وَمِمَّا يَعْصِمُ مِنَ الدَّجَّالِ: التَّعَوُّذُ بِاللهِ مِنْ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ؛ فَقَدْ صَحَّ فِي الحَدِيْثِ: ( إِذَا تَشَهَّدَ أَحَدُكُمْ فَلْيَسْتَعِذْ بِاللهِ مِنْ أَرْبَعٍ يَقُولُ: اللهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ جَهَنَّمَ، وَمِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، وَمِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ، وَمِنْ شَرِّ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ  ) رَوَاهُ مسلم.

وَمِنْ ذَلِكَ: حِفْظُ عَشْرِ آيَاتٍ مِنْ أَوَّلِ سُورَةِ الكَهْفِ؛ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( مَنْ حَفِظَ عَشْرَ آيَاتٍ مِنْ أَوَّلِ سُورَةِ الْكَهْف عُصِمَ مِنْ الدَّجَّالِ ) رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

وَفِي رِوَايَةٍ: ( مِنْ آخِرِ سُورَةِ الكَهْفِ ) فَالَّذِي يَنْبَغِي لِكُلِّ مُسْلِمٍ أَنْ يَحْرِصَ عَلَى قِرَاءَةِ هَذِهِ السُّورَةِ وَحِفْظِهَا وَأَنْ يُعَلِّمَهَا أَوْلَادَهُ وَأَهْلَ بَيْتِهِ، كَمَا يَنْبَغِي أَنْ يُذَكِّرَهُمْ بِأَحَادِيْثِ الدَّجَّالِ وَفِتْنَتِهِ، وَصِفَاتِهِ، وَأَنْ يُوَجِّهَهُمْ إِلَى أَسْبَابِ العِصْمَةِ مِنْ هَذِهِ الفِتْنَةِ.

وَمِنْ ذَلِكَ: الفِرَارُ مِنَ الدَّجَّالِ، وَالاِبْتعِادُ عَنْهُ، لِمَا مَعَهُ مِنَ الشُّبُهَاتِ وَالْخَوَارِقِ العَظِيْمَةِ الَّتِي يُجْرِيْهَا اللهُ تَعَالَى عَلَى يَدَيْه؛ فِتْنِةً لِلنَّاسِ؛ يَقُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( مَنْ سَمِعَ بِالدَّجَّالِ فَلْيَنْأَ عَنْهُ، فَوَ اللهِ إِنَّ الرَّجُلَ لَيَأْتِيهِ وَهُوَ يَحْسِبُ أَنَّهُ مُؤْمِنٌ فَيَتَّبِعُهُ، مِمَّا يَبْعَثُ بِهِ مِنَ الشُّبُهَاتِ )، أَوْ  ( لِمَا يَبْعَثُ بِهِ مِنَ الشُّبُهَاتِ )  أخرجه أبو داود وقال الألباني : صحيح

وَمَنِ اِسْتَطَاعَ سُكْنَى مَكَّةَ وَالْمَدِيْنَةَ فَإِنَّ الدَّجَّالَ لَا يَدْخُلُهُمَا.

أَمَّا هَلَاكُ الَّدجَّالِ فَإِنَّهُ إِذَا ظَهَرَ وَكَثُرَ أَتْبَاعُهُ وَعَمَّتْ فِتْنَتُهُ عِنْدَ ذَلِكَ يَنْزِلُ عَيْسَى ابنُ مَرْيَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَيَقْتُلُ الدَّجَالَ، وَتَنْتَهِي هَذِهِ الفِتْنَةُ العَظِيْمَةُ.

نَسْأَلُ اللهَ تَعَالَى أَنْ يَعْصِمَنَا مِنَ الفِتَنِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ، اللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ جَهَنَّمَ وَمِنْ عَذَابِ القَبْرِ، وَمِنْ فِتْنَةِ المَحْيَا وَالمَمَاتِ وَمِنْ فِتْنَةِ المَسِيْحِ الدَّجَّالِ.

اللَّهُمَّ احْفَظْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيْنَا وَمِنْ خَلْفِنَا وَعَنْ أَيْمَانِنَا وَعَنْ شَمَائِلِنَا وَمِنْ فَوقِنَا وَنَعُوذُ بِكَ اللَّهُمَّ أَنْ نُغْتَالَ مِنْ تَحْتِنَا.

ثُمَّ صَلُّوا وَسَلِّمُوا - رَحِمَكُمُ اللهُ - عَلَى مَنْ أَمَرَكُمُ اللهُ بِالصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ عَلَيهِ؛ فَقَالَ سُبْحَانَهُ: { إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا }الأحزاب 56

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، اللهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ.

اللَّهُمَّ أَعِزَّ الإسْلَامَ وَالمُسْلِمِينَ، اللَّهُمَّ وَانْصُرْ عِبَادَكَ المُوَحِّدِينَ، اللَّهُمَّ وَعَلَيكَ بِأَعْدَئِكَ يَا قَوِيُّ يَا عَزِيزُ.

اللَّهُمَّ أصْلِحْ أئِمَّتَنَا وَوُلَاةَ أُمُورِنَا، اللَّهُمَّ وَفِّقْ وُلَاةَ أمْرِنَا لِمَا تُحِبُّ وَتَرْضَى، اللَّهُمَّ خُذْ بِنَوَاصِيهِمْ لِلْبِرِّ وَالتَّقْوَى، اللَّهُمَّ وَفِّقْنَا وَإِيَّاهُمْ لِهُدَاكَ، واجْعَلْ عَمَلَنَا فِي رِضَاكَ، اللَّهُمَّ مَنْ أَرَادَنَا وَدِينَنَا وَبِلَادَنَا بِسُوءٍ فَرُدَّ كَيْدَهُ إِلَيهِ، وَاجْعَلْ تَدْبِيرَهُ تَدْمِيرًا عَلَيهِ، يَا قَوِيُّ يَا عَزِيزُ.

عِبَادَ اللهِ: اُذْكُرُوا اللهَ العَلِيَّ الْعَظِيْمَ يَذْكُرْكُمْ، وَاشْكُرُوهُ عَلَى نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ وَلَذِكْرُ اللهِ أكْبَرُ وَاللهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ.

 

المرفقات

1616631773_( الأَعْوَرُ الكَذَّابُ... ).pdf

المشاهدات 927 | التعليقات 0