الأعراس و الإفلاس
يحيى جبران جباري
الحمد لله الذي جعل من الذكور والإناث أزواج ، احمده سبحانه وأشكره عدد ما زار بيته معتمر وحاج ، و أستعينه وأستهديه وأستغفره ، يعين على كل احتياج ، ويهدي من طلب هديه وكان له محتاج ، وغافر الذنب لمن تاب واعتدل بعد اعوجاج ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة عبد ضعيف لعفو ربه ورحمته محتاج ، وأشهد أن محمدا عبدالله ورسوله بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح للأمة ، وهدى الله به الناس ، فرادى وأفواج ، صل الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه ، الى يوم ينطفئ فيه كل سراج .
ثم اما بعد : فأوصيكم إخوة الدين ونفسي المقصرة بتقوى الله رب العالمين ، والخوف منه والعمل بما أنزله في كتابه ، وما أمر به خير المرسلين ، والحذر من أهواء النفوس و نزغات الشياطين ، فما متاع الحياة الدنيا إلا كبد على الفانين ، والآخرة هي دار البقاء والراحة والسعادة للمتقين . (يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا 1 (النساء)
ايها المسلمون : يقول ربكم جل وعلا (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا اليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون 21 (الروم ) فلاسكن في الحياة ولا عفة للجنسيين، ولا مودة صافية خالية من اللؤم وفعل الإثم ، بين الذكر والأنثى مالم يكونا متزوجين ، هذه فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ولكن اكثر الناس لا يعلمون ، ولا يكاد ينفك رجل سوي وامرأة سوية ، إلا وكلاهما يفكر في حياة زوجية ، وعيشة عفيفة رضية ، يقول سيد البشرية عليه صلوات وسلام رب البرية ( تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الامم يوم القيامة ) و يا ايها الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء ) وقد تزوج رسول الله صل الله عليه وسلم وزوج بناته ، لتقتدي به أمته ، ويسير الكل على نهجه ، وبالفعل ها هي الأمة كلها تسير على هذا ، فكل رجل يسعى لبلوغ مقصده والحصول على حليلة تؤيه وتضمه ، والنساء كذلك ، كل أنثى ترغب في حليل لها، تستظل بظله ، وتهنأ بالدفء تحت جنبه ، فعن ابي ذر رضي الله عنه : أن ناسا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم يا رسول الله ذهب أهل الدثور بالأجور يصلون كما نصلي ويصومون كما نصوم ويتصدقون بفضول أموالهم ، قال : أو ليس قد جعل الله لكم ما تصدقون ، إن بكل تسبيحة صدقة ، وكل تكبيرة صدقة ، وكل تحميدة صدقة ، وكل تهليله صدقة ، وأمر بالمعروف صدقة ، ونهي عن منكر صدقة ، وفي بضع أحدكم صدقة ، قالوا : يا رسول الله أيأتي أحدُنا شهوته ويكون له فيها أجر ؟ قال : أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه فيها وزر ؟ فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر " .رواه مسلم ( 1674 ) يقول الإمام النووي رحمه الله تعالى :قوله صلى الله عليه وسلم " وفي بضع أحدكم صدقة " : هو بضم الباء ، ويطلق على الجماع ، ويطلق على الفرج نفسه .
…وفي هذا دليل على أن المباحات تصير طاعات بالنيات الصادقات ، فالجماع يكون عبادة إذا نوى به قضاء حق الزوجة ومعاشرتها بالمعروف الذي أمر الله تعالى به أو طلب ولد صالح أو إعفاف نفسه أو إعفاف الزوجة ومنعهما جميعا من النظر إلى حرام أو الفكر فيه أو الهم به أو غير ذلك من المقاصد الصالحة . انتهى كلامه رحمه الله " شرح مسلم " . .
وهذا ايها الأحبة، ما عليه السلف الصالح ، والخلف الفالح من هذه الأمة، إلا أننا اليوم والله المستعان، نرى خروجا عن هذا المقصد العظيم، فقد أصبح الزواج مناسبة للتباهي ، و الوقوع في الآثام والنواهي، فلا يكاد يصل طالب العفاف والستر إلى مبتغاه، إلا بعد ديون تقصم ظهره، وتشل يداه وقدماه، مهر جائر، وطلبات تذهب البصائر، وشرط بعد شرط قاهر، فلا تكاد ترى بعدها إلا متقدم مهموم وحائر، وهاهم دونكم شباب اليوم ، سلوهم، واطلبوا منهم أن يخرجوا لكم خافي الضمائر، نعوذ بالله من كل فعل سافر ، واذا تيسر له التقدم ، أقيمت حفلة للخطوبة ، و استئجرت استراحة للملكة ، واقيمت لها حفلة ، ودعي لها كل أسرة ، وجعل لها وليمة ، ثم إذا قرب حفل الزواج ، استدعيت المحنية ، ثم يعقبها بيوم وليلة ، ذهاب إلى مشغل الزينة ، واستئجار لثوب الزفاف وملحقاته ، بتلك القيمة ، وقد كان قبل ذلك اشتراط من العروس او أمها ،لقاعة ، سعرها يقارب مهر عروس جديدة ، ويحجز للنساء مطربة ، تأتي تنعق ، يدفع لها الفريسة اموالا كثيرة ، وفي قسم الرجال ، تحضر فرقة ، يتراقص على آلاتهم شاب وشيبة ، وتزين للزفاف سيارة ، وتستأجر في افخم فندق غرفة للدخلة ، ثم يعقب ذلك ليلة لها حفلة ، اما في استراحة اوفي بيت أم العروسة ، ثم يعقب ذلك سفرة ، ليتم الاجهاز على ما بقي من مال ، استدانه عريس من قلة ، وسأخبركم في الموعظة التالية بالنتيجة ، نعوذ بالله من ضعف الرجال وقلة الحيلة ، اعوذ بالله من الشيطان الرجيم (يا أيها الناس انا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ان اكرمكم عند الله اتقاكم ان الله عليم خبير 13 (الحجرات) بارك الله لي ولكم في القران والسنة ونفعني واياكم بما فيهما من البينات والعظات والحكمة اقول ما تسمعون وأستغفر الله العظيم لي ولكم ...
الخطـــبــة الثــــــــانـــيـــة
الحمد لله بيده مفاتيح كل شيء وهو يجير ولا يجار عليه ، أحمده سبحانه وأشكره الملك الحق ، لا نحصي ثناء عليه ، وأشهد أن لا إله الا الله منه المبتدأ والمعاد إليه ، واشهد ان محمدا عبده ورسوله وشفيع الخلق يوم الوقوف بين يديه ، صلوات ربي وسلامه عليه ، وبعد يا كل من نعم الله تترا عليه ، اتق الله فمن اتق الله فاز برضى الله في الدنيا ، ونجى يوم العرض عليه (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين119 (التوبة) عباد الله ان ما أسلفت على الأسماع حقيقة ، أعيشه وتعيشونه ، وله تتمة ، يرجع الزوجان ، إلى منزلهم المستأجر ، والذي فرشه الزوج بالدين ، يبدأ المهنئون والمباركون بالقدوم ، وصديقات الزوجات عليها يتوافدون ، يكثر من الزوجة الطلب ، ولا يستطيع أن يوفي بذلك الزوج ، لأن الراتب ، لأهل الديون ذهب ، وقد باعوا في وقت الرضى ، ما كانت تملكه العروس من ذهب ، يبدأ الخلاف ، ويشتد بينهما الغضب ، تذهب الزوجة الى بيت أهلها ، ويكابر الزوج على أن يذهب إليها ، يزيد الهجر ، فتتقدم الزوجة إلى المحكمة بطلب ، فتكون النتيجة ، الطلاق ، وما أظنني بالغة في شيء مما قلت وكتب ، وكلكم علم السبب ، فاتقوا الله أيها الأولياء ، في بناتكم وفي شباب المسلمين ، وأحسنوا إن الله يحب المحسنين ، وتذكروا بأن أيسرهن مؤونة أكثرهن بركة ، ودعوا عنكم التقليد الأعمى وطاعة النساء ، فما أفلح قوم ولوا أمرهم امرأة ، ها أنا ، أتيتكم بواقع ، سردته في وعظ جامع ، فاجعلوا لكم من خشية الله وخوفه مانع ، وإلا فضياع الجيل من شباب وشابات واقع ، ماله من دافع
ثم الصلاة والسلام على من آتاه ربي الجوامع ، وعلى آله وأصحابه ومن كان له تابع .اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد .......