الأذان علامة بارزة لبلاد الاسلام وفرق بين الكفر والاسلام
محمد البدر
1439/06/07 - 2018/02/23 02:31AM
الخطبة الأولى:
عِبَادَ اللَّهِ:قَالَ تَعَالَى:﴿فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ ﴾.
وَعَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ رَضِيَ اللهُ عَنْه قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ « يَدْرُسُ الإِسْلاَمُ كَمَا يَدْرُسُ وَشْيُ الثَّوْبِ حَتَّى لاَ يُدْرَى مَا صِيَامٌ وَلاَ صَلاَةٌ وَلاَ نُسُكٌ وَلاَ صَدَقَةٌ وَلَيُسْرَى عَلَى كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي لَيْلَةٍ فَلاَ يَبْقَى فِي الأَرْضِ مِنْهُ آيَةٌ وَتَبْقَى طَوَائِفُ مِنَ النَّاسِ الشَّيْخُ الْكَبِيرُ وَالْعَجُوزُ يَقُولُونَ أَدْرَكْنَا آبَاءَنَا عَلَى هَذِهِ الْكَلِمَةِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ فَنَحْنُ نَقُولُهَا »فَقَالَ لَهُ صِلَةُ مَا تُغْنِي عَنْهُمْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَهُمْ لاَ يَدْرُونَ مَا صَلاَةٌ وَلاَ صِيَامٌ وَلاَ نُسُكٌ وَلاَ صَدَقَةٌ فَأَعْرَضَ عَنْهُ حُذَيْفَةُ ثُمَّ رَدَّهَا عَلَيْهِ ثَلاَثًا كُلَّ ذَلِكَ يُعْرِضُ عَنْهُ حُذَيْفَةُ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْهِ فِي الثَّالِثَةِ فَقَالَ يَا صِلَةُ تُنْجِيهِمْ مِنَ النَّارِ.ثَلاَثًا.رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.
يدرس أي: لا يبقى منه شيء الوشي: العلامة والنقش.
عِبَادَ اللَّهِ:الأذان من شعائر الإسلام فحافظوا عليه ،وهونداء التوحيد وهو نداءٌ نسمعه في كل يوم خمس مرات يحبه المسلمون ويؤذي المنافقين والعاصين وتفر منه الشياطين ، يتردد صداه في قلوبنا قبل جوارحنا، يبعث الحياة، ويطرد الكسل، ويجلب النشاط، كل يوم تجده في أبهى حُلَّه، يعانق قلوب المؤمنين قبل آذانهم، يدخل عبيره بيوتهم فتطيب به نفوسهم، إنه شعار الإسلام، وعنوان التوحيد ، فالأذان علامة بارزة لبلاد الاسلام وفرق بين الكفر والاسلام فَعَنْ أَنَسِ بن مالكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْه: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ « كَانَ إِذَا غَزَا بِنَا قَوْمًا، لَمْ يَكُنْ يَغْزُو بِنَا حَتَّى يُصْبِحَ وَيَنْظُرَ، فَإِنْ سَمِعَ أَذَانًا كَفَّ عَنْهُمْ، وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ أَذَانًا أَغَارَ عَلَيْهِمْ » رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ « إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ أَدْبَرَ الشَّيْطَانُ وَلَهُ ضُرَاطٌ حَتَّى لَا يَسْمَعَ التَّأْذِينَ فَإِذَا قَضَى النِّدَاءَ أَقْبَلَ حَتَّى إِذَا ثُوِّبَ بِالصَّلَاةِ أَدْبَرَ حَتَّى إِذَا قَضَى التَّثْوِيبَ أَقْبَلَ حَتَّى يَخْطِرَ بَيْنَ الْمَرْءِ وَنَفْسِهِ يَقُولُ اذْكُرْ كَذَا اذْكُرْ كَذَا لِمَا لَمْ يَكُنْ يَذْكُرُ حَتَّى يَظَلَّ الرَّجُلُ لَا يَدْرِي كَمْ صَلَّى » مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
عِبَادَ اللَّهِ: الأذان: هو الإعلامُ بدخول وقت الصلاة المفروضة بذِكرٍ مخصوص ،والأذان والإقامة فرض كفاية على الرجال الأحرار المقيمين في المدن والقرى , فإذا قام بهما من يكفي سقط الإثم عن الباقين ، وإن لم يقم بهما أحد أَثِمَ الجميع ؛ فَعَنْ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ :«أَتَى رَجُلانِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُرِيدَانِ السَّفَرَ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا أَنْتُمَا خَرَجْتُمَا فَأَذِّنَا ثُمَّ أَقِيمَا ثُمَّ لِيَؤُمَّكُمَا أَكْبَرُكُمَا »رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
أما النساء والعبيد : فلا يجب عليهم أذان ولا إقامة ،ولا يجب أيضاً على المنفرد والمسافر أذان ولا إقامة ، ولكنهما سنة في حقهما ؛ أما المنفرد فَعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْه قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «يَعْجَبُ رَبُّكَ مِنْ رَاعِي غَنَمٍ فِي رَأْسِ شَظِيَّةٍ بِجَبَلٍ يُؤَذِّنُ بِالصَّلاةِ وَيُصَلِّي، فَيَقُولُ الله عَزَّ وَجَلَّ : انْظُرُوا إِلَى عَبْدِي هَذَا يُؤَذِّنُ وَيُقِيمُ الصَّلاةَ يَخَافُ مِنِّي ، قَدْ غَفَرْتُ لِعَبْدِي وَأَدْخَلْتُهُ الجَنَّةَ »رَوَاهُ النَّسَائِيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ. والشَظِيَّة: بالشين مفتوحة هي القطعة من رأس الجبل .
عِبَادَ اللَّهِ: وللمؤذن فضل عظيم فيشهد للمؤذن عند الله جل وعلا يوم القيامة كل ما يبلغه صوته، فَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: «لَا يَسْمَعُ مَدَى صَوْتِ الْمُؤَذِّنِ جِنٌّ، وَلَا إِنْسٌ، وَلَا شَيْءٌ، إِلَّا شَهِدَ لَه يَوْمَ الْقِيَامَةِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.قَالَ أَبُو سَعيدٍ : سمعتُهُ مِنْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
وَعَنْ مُعَاوِيَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : « الْمُؤَذِّنُونَ أَطْوَلُ النَّاسِ أَعْنَاقًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ » رَوَاهُ مُسْلِمٌ (387(.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: إذا بُعث الناس فإن المؤذنين يكون لهم ميزة ليست لغيرهم وهي أنهم أطول الناس أعناقاً، فيعرفون بذلك تنويهاً لفضلهم، وإظهاراً لشرفهم ..إلخ .شرح رياض الصالحين (1/1188). أقول قولي هذا .
الخطبة الثانية :
عِبَادَ اللَّهِ: الأذان شعيرة من شعائر الإسلام ومطلوب من المسلمين رفعه وإسماعه للناس والجماد لأنها تشهد يوم القيامة لمن سمعته يؤذن، وليس فيه سب للكفرة، ولا يجوز هجر هذه الشعيرة لمجرد أن الكفار ربما سخروا منها قَالَ تَعَالَى:﴿وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ ﴾ ]البقرة:120]. فكم اهتدى بالأذان من كافر حين سمعه وتأثر به، فاتقوا الله واحذروا من الاستهزاء بالأذان ومن شعائر الاسلام فتزل قدم بعد ثبوتها واحذروا من آفات اللسان فقد يورد صاحبه المهالك فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْه:أنَّه سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ :«إنَّ العَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بالكَلِمَةِ مَا يَتَبَيَّنُ فِيهَا يَزِلُّ بِهَا إِلَى النَّارِ أبْعَدَ مِمَّا بَيْنَ المَشْرِقِ والمَغْرِبِ»مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.الا وصلوا ..