الأدب مع الناس من سورة الحجرات
مشاري بن محمد
1436/07/11 - 2015/04/30 22:54PM
أما بعد:
قال الله تعالى:
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَىٰ أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَىٰ أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ ۖ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ ۖ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ ۚ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ)
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ) النداء لكم أيها المؤمنون مرة أخرى ... ( لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ ) هكذا عامة منكرة دون تحديد "قوم من قوم " فلا يسخرْ أيَّ قومٍ من أيِّ قوم!
مهما كانت الفروقات والخلافات، ومهما بلغ التفاوت ... فلماذا لا نسخر؟ !
فكأن الجواب يأتيك في قوله تعالى:( عَسَىٰ أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا منهم ) فالخيرية لا تعرفونها أنتم ولا تدركونها أنتم؛ فالله هو الخبير بها، فربَّ ساخرٍ أضلُ من مسخورٍ به وربَّ فقيرٍ خيرٌ من غني وربَّ عبد خيرٌ من حر ...
وقد ثبت في الحديث الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "الكبر بطرُ الحقِ وغمط الناس " والمراد من ذلك احتقارهم واستصغارهم، وهذا حرام فإنه قد يكون المحتقَرُ أعظمَ قدرا عند الله وأحبَّ إليه من الساخر منه المحتقر له ...
وتأتي الآياتُ مفصلةً لكل جنس دالةً على خطورةِ هذا الأمرِ وانتشاره؛ فبعدَ التوجيهِ للرجال يأتي التوجيهُ للنساء : (وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَىٰ أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ )
ولربما زادت السخريةُ بينَ النساءِ، وظهر التكبُّرُ بينهن أكثرَ من الرجال ... ثم جاء التعقيب نفسه :( عَسَىٰ أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ ۖ)
فربَّ ساخرة متكبرة وهي حقيرةٌ عند الله وضيعة، وربَّ مسخورٍ بها وهي عندَ اللهِ جليلةٌ قديرة، وربَّ قبيحةٍ خيرٌ من مليحة ...
ثم قال سبحانه ـ بعد ذلك ـ: (وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ)
إلى هذا الحد؟!
وهل يلمز الإنسان نفسه؟ !
نعم؛ يلمز الإنسان نفسه إذا لمز غيره من إخوانه (وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ )
أي لا يلمز بعضكم بعضا، لا يطعن بعضكم على بعض ؛ لا تُعِيبوا فتعابوا !!
(وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ ۖ)
لا يعيّر بعضكم بعضا بالألقاب، عن الشعبي ـ رحمه الله ـ قال: حدثني أبو حيدة بن الضحاك قال: فينا نزلت في بني سلمة ( وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ ۖ) قال: قدمَ رسولُ اللهِ ـ صلى الله عليه وسلم ـ المدينة وليسَ فينا إلا وله اسمان أو ثلاثة، فكان إذا دُعيَ أحدٌ منهم باسمٍ من تلك الأسماءِ، قالوا : يا رسولَ اللهِ إنه يغضبُ من هذا؛ فنزلت: ( وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ ۖ)
أيها المؤمنون لا تنابزوا بالألقاب أي لا يدعوا بعضُكم بعضا بلقبٍ يكرهه، ومنه قول: يا فاسق، يا منافق ... ولا بأهونَ من ذلك ...
قال عطاء رحمه الله:" (وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ ۖ) هو أن تقولَ لأخيك: يا كلب! يا حمار! يا خنزير!"
إنه أدبُ القرآن وأخلاق الإسلام ...
قال الله بعدها: ( بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ ) فكأن من فعل ما نُهي عنه من السخرية واللمز والتنابز فهو فاسق ... وبئس الاسم الفسوق بعد الإيمان، فلا تفعلوا ذلك فتستحقوا اسمَ الفسوقِ بعد أن هداكم الله للإيمان ...
اللهم اهدنا لأحسنِ الأخلاقِ لا يهدي لأحسنها إلا أنت واصرف عنا سيئها لا يصرف عنا سيئها إلا أنت ...
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ...
الخطبة الثانية:
أما بعد:
فبعد أن نهى الله عن السخرية والتنابز بالألقاب، ختم الآية بحكم على من لم يتب؛ فقال:( وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ )
من لم يتب فهو ظالم!
لا إله إلا الله ...
يقول ابن القيم رحمه الله: "قسَّم العبادَ إلى تائب وظالم، وما ثمَّ قسمٌ ثالثٌ البتةَ؛ وأوقع اسمَ الظالمِ على من لم يتب ولا أظلمَ منه!
لجهلهِ بربه وبعيبِ نفسِهِ ،وآفاتِ أعماله ، وفي الصحيحِ عنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه قال: "يا أيها الناسُ توبوا إلى الله؛ فواللهِ إني لأتوبُ إليهِ في اليومِ أكثرَ من سبعين مرة " وكان أصحابه ـ رضوان الله عليهم ـ يعدون له في المجلس الواحد قبلَ أن يقومَ "ربِّ اغفر لي وتب عليَّ إنكَ أنتَ التوابُ الغفورُ" مئة مرة ... "أ.هـ
اللهم اغفر لنا وارحمنا وتب علينا ... اللهم اجعلنا لك توابين منيبين شكارين ... يا أرحم الراحمين ...
اللهم أعز الإسلام والمسلمين ...
رابط الخطبة الأولى من سورة الحجرات
الأدب مع نبي صلى الله عليه وسلم
من سورة الحجرات
http://vb.khutabaa.com/showthread.ph...7#.VTkio8mm3qA
رابط الخطبة الثانية
الأدب مع الأخبار من سورة الحجرات
https://khutabaa.com/forums/موضوع/145788
رابط الخطبة الثالثة من سورة الحجرات
الإقرار بفضل الله
https://khutabaa.com/forums/موضوع/145836
رحم الله من وجه ونقد ونشر وخطب ...
والحمد لله رب العالمين
قال الله تعالى:
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَىٰ أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَىٰ أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ ۖ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ ۖ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ ۚ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ)
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ) النداء لكم أيها المؤمنون مرة أخرى ... ( لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ ) هكذا عامة منكرة دون تحديد "قوم من قوم " فلا يسخرْ أيَّ قومٍ من أيِّ قوم!
مهما كانت الفروقات والخلافات، ومهما بلغ التفاوت ... فلماذا لا نسخر؟ !
فكأن الجواب يأتيك في قوله تعالى:( عَسَىٰ أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا منهم ) فالخيرية لا تعرفونها أنتم ولا تدركونها أنتم؛ فالله هو الخبير بها، فربَّ ساخرٍ أضلُ من مسخورٍ به وربَّ فقيرٍ خيرٌ من غني وربَّ عبد خيرٌ من حر ...
وقد ثبت في الحديث الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "الكبر بطرُ الحقِ وغمط الناس " والمراد من ذلك احتقارهم واستصغارهم، وهذا حرام فإنه قد يكون المحتقَرُ أعظمَ قدرا عند الله وأحبَّ إليه من الساخر منه المحتقر له ...
وتأتي الآياتُ مفصلةً لكل جنس دالةً على خطورةِ هذا الأمرِ وانتشاره؛ فبعدَ التوجيهِ للرجال يأتي التوجيهُ للنساء : (وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَىٰ أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ )
ولربما زادت السخريةُ بينَ النساءِ، وظهر التكبُّرُ بينهن أكثرَ من الرجال ... ثم جاء التعقيب نفسه :( عَسَىٰ أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ ۖ)
فربَّ ساخرة متكبرة وهي حقيرةٌ عند الله وضيعة، وربَّ مسخورٍ بها وهي عندَ اللهِ جليلةٌ قديرة، وربَّ قبيحةٍ خيرٌ من مليحة ...
ثم قال سبحانه ـ بعد ذلك ـ: (وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ)
إلى هذا الحد؟!
وهل يلمز الإنسان نفسه؟ !
نعم؛ يلمز الإنسان نفسه إذا لمز غيره من إخوانه (وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ )
أي لا يلمز بعضكم بعضا، لا يطعن بعضكم على بعض ؛ لا تُعِيبوا فتعابوا !!
(وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ ۖ)
لا يعيّر بعضكم بعضا بالألقاب، عن الشعبي ـ رحمه الله ـ قال: حدثني أبو حيدة بن الضحاك قال: فينا نزلت في بني سلمة ( وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ ۖ) قال: قدمَ رسولُ اللهِ ـ صلى الله عليه وسلم ـ المدينة وليسَ فينا إلا وله اسمان أو ثلاثة، فكان إذا دُعيَ أحدٌ منهم باسمٍ من تلك الأسماءِ، قالوا : يا رسولَ اللهِ إنه يغضبُ من هذا؛ فنزلت: ( وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ ۖ)
أيها المؤمنون لا تنابزوا بالألقاب أي لا يدعوا بعضُكم بعضا بلقبٍ يكرهه، ومنه قول: يا فاسق، يا منافق ... ولا بأهونَ من ذلك ...
قال عطاء رحمه الله:" (وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ ۖ) هو أن تقولَ لأخيك: يا كلب! يا حمار! يا خنزير!"
إنه أدبُ القرآن وأخلاق الإسلام ...
قال الله بعدها: ( بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ ) فكأن من فعل ما نُهي عنه من السخرية واللمز والتنابز فهو فاسق ... وبئس الاسم الفسوق بعد الإيمان، فلا تفعلوا ذلك فتستحقوا اسمَ الفسوقِ بعد أن هداكم الله للإيمان ...
اللهم اهدنا لأحسنِ الأخلاقِ لا يهدي لأحسنها إلا أنت واصرف عنا سيئها لا يصرف عنا سيئها إلا أنت ...
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ...
الخطبة الثانية:
أما بعد:
فبعد أن نهى الله عن السخرية والتنابز بالألقاب، ختم الآية بحكم على من لم يتب؛ فقال:( وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ )
من لم يتب فهو ظالم!
لا إله إلا الله ...
يقول ابن القيم رحمه الله: "قسَّم العبادَ إلى تائب وظالم، وما ثمَّ قسمٌ ثالثٌ البتةَ؛ وأوقع اسمَ الظالمِ على من لم يتب ولا أظلمَ منه!
لجهلهِ بربه وبعيبِ نفسِهِ ،وآفاتِ أعماله ، وفي الصحيحِ عنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه قال: "يا أيها الناسُ توبوا إلى الله؛ فواللهِ إني لأتوبُ إليهِ في اليومِ أكثرَ من سبعين مرة " وكان أصحابه ـ رضوان الله عليهم ـ يعدون له في المجلس الواحد قبلَ أن يقومَ "ربِّ اغفر لي وتب عليَّ إنكَ أنتَ التوابُ الغفورُ" مئة مرة ... "أ.هـ
اللهم اغفر لنا وارحمنا وتب علينا ... اللهم اجعلنا لك توابين منيبين شكارين ... يا أرحم الراحمين ...
اللهم أعز الإسلام والمسلمين ...
رابط الخطبة الأولى من سورة الحجرات
الأدب مع نبي صلى الله عليه وسلم
من سورة الحجرات
http://vb.khutabaa.com/showthread.ph...7#.VTkio8mm3qA
رابط الخطبة الثانية
الأدب مع الأخبار من سورة الحجرات
https://khutabaa.com/forums/موضوع/145788
رابط الخطبة الثالثة من سورة الحجرات
الإقرار بفضل الله
https://khutabaa.com/forums/موضوع/145836
رحم الله من وجه ونقد ونشر وخطب ...
والحمد لله رب العالمين