الأخلاق القلبية للصّائم

الشيخ محمّد الشّاذلي شلبي
1432/04/02 - 2011/03/07 22:59PM
[font="] [/font][font="]خطبة[/font][font="] [/font][font="]الأخلاق القلبية للصّائم[/font][font="][/font]

[font="] [/font]

[font="] [/font]
[font="]الحمد لله المحمود على كلّ حال، المعبود بالغدوّ و الآصال، وفّق للخير من اصطفاه من النساء و الرجال، و تعبّدنا بالصيام و القيام وزكاة المال، وجعل الجنّة للقادمين عليه بصالح الأعمال، و النار لأهل الزيغ و الضّلال، الذين لا يعرفون الله و لا يعبدونه و لا يقابلون أوامره بالامتثال، فلا يستجيبون داعي الله في رمضان و لا شوّال.. ( و من لا يُجِبْ داعيَ اللهِ فليس بمعجز في الأرض و ليس له من دونه أولياء أولئك في ضلال مبين ).[/font]
[font="]ونشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له، أمر بالخير و لا تنفعُهُ طاعةُ المتعبّدين، و نهى عن الشرّ و لا تضُرُّهُ معصيةُ المقصّرين و لا الجاحدين..[/font]
[font="]ونشهد أنّ سيّدنا محمّدا عبده و رسوله الناصح الأمين القائل صلى الله عليه و سلم:" من صام رمضان و قامه إيمانا و احتسابا غُفر له ما تقدّم من ذنبه..( و الذين جاهدوا فينا لنهدينّهم سُبُلَنا و إنّ اللهَ لمع المحسنين ) اللهمّ فصلّ و سلّم على سيّدنا محمد المُنْزَلِ عليه من ربّ العالمين، ( و اتّقوا الله واعلموا أنّكم ملاقُوهُ و بشّر المؤمنين ) صلى الله وسلّم عليه و على آله الطّاهرين و صحابته الميامين و على التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين..[/font]
٭[font="] أيها الناس، أوّل روضة من رياض الأخلاق القلبية: المراقبة الذاتية و الخوف من الله.. فالصيام طريق إلى تقوى الله تعالى و استشعار لمراقبة الله عزّ و جلّ في السرّ قبل العلن، فالمؤمن يجعل الله تبارك وتعالى أمام عينيه و إن لم يكن يراه، و الإحسان" أن تعبد الله كأنّك تراه فإن لم تكن تراه فإنّه يراك "[/font][font="] أخرجه مسلم..[/font]
[font="]فيدع الصّائم الطّعام و الشراب من أجل الله تعالى لا سواه، لا يردعه عن ذلك إلاّ خوفه من الله ومراقبته، فالصيام يربّي المؤمن على مراقبة نفسه بنفسه، و صدق تعامله مع ربّه و لو خلا مع نفسه، أو لم يشاهده أحد من الناس، و أعمال البرّ كلّها على وجهين: سرّ و علانية.. فمن لم يقدر على تصحيح السرّ فيما يعمل من السرّ، كان للتصحيح فيما يعمل من العلانية أبعد، فهو مضمار لتربية النفس، و خلق يتخلّق به المؤمن الصائم..[/font]
[font="]و لنتأمل في قوله تبارك وتعالى:" يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلّكم.." نعم.. لعلّكم تتّقون، فحقيقة المراقبة و الخوف من الله عزّ و جلّ تتجلّى في هذه العبادة، فالطّاعة في الصيام طاعة سلبية، طاعة إمساك عن تلبية حاجيات الجسد و طلبات النفس، بخلاف الطاعة التي يقوم فيها الإنسان بأعمال إيجابية يراها الناس كالصلاة و الحجّ و الزكاة و غيرها.. فالصلاة قد يؤديها الإنسان كاملة وهو يرائي بها الناس، و كذلك الحجّ، لكن الصيام لا يعمله الصائم كاملا وهو يرائي به الناس، لأنّه يستطيع إذا خلا مع نفسه أن ينقض صيامه، وهنا يتجلّى عنصر مراقبة النفس بالنفس و محاسبة النفس للنفس..[/font]
[font="]و من روائع شعر الإمام الشافعي رحمه الله :[/font]
[font="] إذا ما خلوت الدهر يوما فلا تقل خلـوت و لكن قـل عليّ رقيــب[/font]
[font="] فلا تحسبنّ الله يغفل ســاعة و أنّ ما يخفى على الناس عنه يغيب[/font][font="][/font]
[font="]وهي وصية خير المتّقين محمد صلى الله عليه و سلّم حينما قال:" اتّق الله حيث ما كنت وأتبع السّيئة الحسنة تمحها و خالق الناس بخلق حسن " أخرجه الترمذي..[/font]
[font="]الخوف من الله و مراقبته حيثما كنت و أينما كنت، الدّافع في ذلك هو استشعارك لمعنى الإحسان و الخوف من الله تبارك و تعالى، و يقول أبو عبد الله الأندلسي:[/font]
[font="] و إذا خلوت بريبة في ظلمــة و النفس داعيــة إلى الطّغيــان[/font]
[font="] فاستحي من نظر الإله و قــل لها إنّ الذي خلق الظّلام يـــران[/font]
[font="]و لهذا فمن أوضح العبادات و أجلّها التي تربّي المؤمن على خلق المراقبة هي الصيام، و صدق الحقّ تبارك و تعالى إذ قال:" لعلّكم تتّقون "..[/font]
[font="]أخي المسلم، أعمل هذا العام على أن يكون الصيام أكثر من أي وقت مضى، سرّ بينك و بين الله تبارك وتعالى، لا يطّلع على صيامك إلاّ الله،، و لا يعلم أنك صائم إلاّ الله،، بإمكانك أن تأكل وراء الجدران، و أن تشرب وراء الحيطان، و لكن من الذي يعلم السرّ و أخفى إلاّ الله،، من الذي يعلم أنّك أكلت أو شربت أو تمتّعت إلاّ الله؟ هو ربّ الظلام و ربّ الضياء..[/font]
[font="]فجدّوا عباد الله في طاعة الله و لا تقصّروا واذكروا الله قياما و قعودا و على جنوبكم و في ملكوت الله تفكّروا، و إذا دُعيتم إلى الخير فلبّوا و بادروا، و صوموا نهار رمضان و قوموا لياليه و اتلوا كتاب الله و تدبّروا.. و ادعوا الله في السرّ و العلن.. و اعلموا أنّ يوم الجمعة فيه ساعة لا يوافقها عبد مؤمن مسلم يسأل الله فيها خيرا إلاّ أعطاه إياه،، فارفعوا أيديكم و تضرّعوا و أمّنوا فإنّي داع..[/font]
[font="]اللهمّ فصلّ و سلّم و بارك على سيّدنا محمد نور شمس العرفان، و مهبط أسرار القرآن، المنقذ العظيم و المرشد الحكيم و خير داع إلى الصراط المستقيم،، و على آله الأطهار و صحابته الأبرار ومن تبعهم بإيمان و تقوى إلى يوم القرار،، و عنّا و معهم و فيهم برحمتك يا عزيز يا جبّار،، اللهمّ يا أكرم مسؤول اكتب لصالح أعمالنا الرضا و القبول،، اللهمّ وال علينا فيض جودك و كرمك و فضلك و أكرمنا في الدّارين.. [/font]
[font="]اللهمّ أعزّ الإسلام والمسلمين،، اللهمّ أنصر الإسلام و أنصاره و أذلّ الشرك و أصهاره،، اللهمّ أنصر جيوش الموحّدين في العراق وأفغانستان و فلسطين،، اللهمّ أعد المسجد الأقصى إلى رحاب المسلمين و ارزقنا فيه صلاة قبل الممات يا أرحم الراحمين يا رب العالمين ..[/font]
[font="]اللهمّ بلّغنا رمضان كما بلّغتنا رجب و شعبان،، اللهمّ أعد علينا رمضان مرّات عديدة و كرّات مديدة،، اللهمّ افتح لنا شهر رمضان برضوانك و أجرنا فيه من عقابك و نيرانك وجد علينا بفضلك و رحمتك ومغفرتك و امتنانك، وهب لنا ما وهبته فيه لأنبيائك و أنصارك،، اللهمّ اكتبنا في سابق علمك و على مرادك ممّن صاموا شهرك و ختموا قرآنك يرجون رحمتك و يخافون عذابك،، اللهمّ أعطنا ولا تحرمنا و أكرمنا ولا تهنّا، و اجعل كتابك شفيعا لنا يا أرحم الراحمين..[/font]
[font="]اللهمّ أجرنا من النار.. اللهمّ أعتقنا و أعتق رقاب أبائنا و أمّهاتنا و ذرّيتنا من النار.. اللهمّ أعتقنا الليلة من النار يا ربّ.. اللهمّ أعتقنا الساعة من النار يا ربّ.. اللهمّ أكتبنا من زوّار بيتك الحرام يا ربّ.. (3) اللهمّ لا تحرمنا بخير ما عندك بسوء ما عندنا.. اللهمّ ارزقنا لذّة النظر إلى وجهك الكريم، و الشوق إلى لقائك.. اللهمّ نسألك مرافقة النبي صلى الله عليه و سلم في الفردوس الأعلى،، اللهم كما أمنّا به و لم نره، فلا تحرمنا يا ربّنا من ورود حوضه ومرافقته يا أرحم الراحمين،، يا ربّ العالمين..[/font]
[font="]اللهم تقبّل توبتنا و اغسل حوبتنا و ثبّت حجّتنا و سدّد ألسنتنا.. اللهمّ طهّر قلوبنا من النفاق، و أعمالنا من الرياء و ألسنتنا من الكذب و أعيننا من الخيانة إنّك تعلم خائنة الأعين و ما تخفي الصدور.. [/font]
[font="]اللهمّ هذا الدعاء، وهذه المناجات، وهذه الصلوات، وهذه العبارات و هذا البكاء،فارحمنا رحمة واسعة من عندك يا ربّ.. أبكنا من خشيتك يا ربّ.. أذقنا حلاوة القرب منك يا ربّ.. اللهم إنّا ندعوك دعاء المساكين و نرجوك رجاء الخائفين، رجاء من كثرت ذنوبه و قلّت حسناته و ألجمته خطاياه، و لم يجد إلاّ أنت راحما.. و لم يجد إلاّ أنت ناصرا.. يا واسع المغفرة.. يا واسع الفضل.. لا إله إلاّ أنت بها نحيا و بها نموت و بها نلقاك..[/font]
[font="]آمين،، آمين يا ربّ العالمين و صلّ و سلم على سيد الأولين و الآخرين محمد بن عبد الله و على آله و صحبه و التابعين..[/font]
[font="]عباد الله إن الله يأمر بالعدل و الإحسان و إيتاء ذي القربى و ينهى عن الفحشاء و المنكر و البغي يعظكم لعلّكم تذكّرون،، اذكروا الله يذكركم و اشكروه على نعمه يزدكم و لذكر الله أكبر و الله يعلم ما تصنعون..[/font]
[font="] [/font]
[font="] الشيخ محمد الشاذلي شلبي الإمام الخطيب[/font]
[font="] بجامع الإمام ابن عرفة بالتحرير[/font]
[font="] تــــونس [/font][font="] [/font]
[font="] [/font]
المشاهدات 1517 | التعليقات 0