الأجير المظلوم ( 4/ذو القعدة / 1430هـ )
بلال الفارس
1430/11/03 - 2009/10/22 19:14PM
بسم الله الرحمن الرحيم
عنوان الخطبة : الأجير المظلوم
جمع وإعداد بلال بن إبراهيم الفارس
ليلة الجمعة 4/ذو القعدة / 1430هـ
أما بعد:
فيا أيها الذين آمنوا اتقوا الله، اتقوه حق التقوى، واستمسكوا من الإسلام بالعروة الوثقى واحذروا المعاصي، فإن أقدامكم على النار لا تقوى، واعلموا أن ملك الموت قد تخطاكم إلى غيركم وسيتخطى غيركم إليكم فخذوا حذركم. فالكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت، والعاجز من اتبع نفسه هواها، وتمنى على الله الأماني.
عنوان الخطبة : الأجير المظلوم
جمع وإعداد بلال بن إبراهيم الفارس
ليلة الجمعة 4/ذو القعدة / 1430هـ
أما بعد:
فيا أيها الذين آمنوا اتقوا الله، اتقوه حق التقوى، واستمسكوا من الإسلام بالعروة الوثقى واحذروا المعاصي، فإن أقدامكم على النار لا تقوى، واعلموا أن ملك الموت قد تخطاكم إلى غيركم وسيتخطى غيركم إليكم فخذوا حذركم. فالكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت، والعاجز من اتبع نفسه هواها، وتمنى على الله الأماني.
عباد الله .. استأجر كفيلٌ من الكفلاء أجيرا من الأجراء , وعقدا عقدا لازما , وميثاقا جازما , فجد الأجير واجتهد , وقام وقعد , وهجر الأهل والجار, وفارق الوطن والدار , يبتغي مالا ينفقه في بنيه , كسبا حلالا كالماء , لا غش فيه ولا خديعة , ولا مكر ولا عدوان , ولما أتم الأجير المهمة وجاء دور استلام المستحق , كان مالم يدر في خلده فقد فاجأه رب المال بما لم يخطر له على بال .. تأخر في صرف الأجرة وزاد الطين بلة والأمر علة حين أنقصها عامدا , زاعما أن العمل لم يصل للمستوى المطلوب رغم سابق الاتفاق وسابق الميثاق , فانكسر المغترب , وقدم وأخر .. لعل قلب الكفيل يرحم فلم يفلح , بل إن رب المال نهره ودعاه لرفع الشكوى إن أراد , ومن لصوت هذا المغترب المسكين ! وعند من يشتكي في عالم الماديات الصارخ ؟؟ فلم يجد بدا من الشكوى ولكنها من نوع آخر , وذات مقام عظيم , قوتها في يسرها , وقربها في بعدها , لم يركب لدائرة حكومية ولا لمؤسسة أهلية كلا , إنما توضأ ويمم نحو القبلة وجهه , وقرع الباب , يا حي ياقيوم إني مظلوم فانتصر , فوجد من الله النصير , وأسدل الستار على صورة تتكرر كثيرا في المجتمع ,,
عباد الله .. إن الأجراء ناس من الناس لهم حقوق وعليهم واجبات ومن قصر من أرباب الأموال في حقوقهم ألجأهم للتقصير في واجباتهم ,,
لقد جاء الإسلام وأكرم العمل وحث عليه وفي صحيح البخاري يقول صلى الله عليه وسلم: ((ما أكل أحد طعاماً قط خير من أن يأكل من عمل يده وإن نبي الله داود كان يأكل من عمل يده)) وإن من خير المكاسب مكسبا نالته النفس بنصبها وكدها وفي الحديث يقول صلى الله عليه وسلم: "خير مال الرجل عمله بيده، وكل بيع مبرور " رواه أحمد وصححه الألباني ,
إن العمل أيا كان مجاله خير من سؤال الناس وبذل ماء الوجه والذل لغير الله وفي الحديث ((لو أن أحدكم أخذ حَبْلَه فأتى بحطَبٍ فباعه فأغنى به نفسه، خير له من أن يسأل الناس أعطوه أو منعوه)متفق عليه ,,
إن العمل أيا كان مجاله خير من سؤال الناس وبذل ماء الوجه والذل لغير الله وفي الحديث ((لو أن أحدكم أخذ حَبْلَه فأتى بحطَبٍ فباعه فأغنى به نفسه، خير له من أن يسأل الناس أعطوه أو منعوه)متفق عليه ,,
إن العمل المباح شريف ولو كان عند بعض الناس وضيعا , يا عجبا من متكبر في نفسه لما سخر الله له منصبا رفيعا فتطاول على البسطاء في أعمالهم , ناسيا أن تلك المهمات التي لا يعبؤ فئام من الناس بروادها قد عملها أشرف الناس قبلا !
ولو سألتكم عن منزلة الحارس في الناس لقلتم بدنوها , ولو نشدتكم عن مكانة النجار والخياط والفلاح لظن ذو المنصب الكبير أنها أعمال لا تناسب طموحه , وأن أهلها من البسطاء فضلا عن رعاة الغنم وأهل الحدادة ,, إن هذه الأعمال كانت لخير خلق الله وأزكاهم على الله وفي هذا درس بليغ أن الحياة الشريفة تستوجب عملا ..
قال ابن عباس رضي الله عنهما كما روى الحاكم : ((كان آدم عليه الصلاة والسلام حراثا وكان نوح نجاراً وكان إدريس خياطاً وكان إبراهيم ولوط زراعين وكان صالح عليه السلام تاجراً وكان داود زراداً أي حدادا يزرد الدروع وكان موسى وشعيب عليهما الصلاة والسلام ومحمد صلى الله عليه وسلم رعاة)) وفي الحديث: ((وكان زكريا عليه السلام نجاراً)) رواه مسلم
قال ابن عباس رضي الله عنهما كما روى الحاكم : ((كان آدم عليه الصلاة والسلام حراثا وكان نوح نجاراً وكان إدريس خياطاً وكان إبراهيم ولوط زراعين وكان صالح عليه السلام تاجراً وكان داود زراداً أي حدادا يزرد الدروع وكان موسى وشعيب عليهما الصلاة والسلام ومحمد صلى الله عليه وسلم رعاة)) وفي الحديث: ((وكان زكريا عليه السلام نجاراً)) رواه مسلم
عباد الله .. لقد اقتضت حكمة الله أن يفاوِت بين الناس في الرتب ويجعلهم في درجات وطبقات : فأغنى الأول وأفقر الثاني وحكَّم الأول وحكَّم على الثاني , ثم سخر بحمكته الناس للناس لتستقيم أمورهم ومعيشتهم " أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا[الزخرف:32].
يقول المفسرون: "أي: ليسخَّر بعضهم لبعض في الأعمال والحرف والصنائع، لو تساوى الناس في الغنى ولم يحتج بعضهم لبعض لتعطلت كثير من مصالحهم ومنافعهم".
عباد الله .. إذا تقرر هذا فلنفتح صفحة الأجراء بوضوح وجلاء .. إن للعمل أركانا ثلاثة : عامل وعمل ورب عمل وقد تبين شرف العمل , ولا يشرف العمل إلا إذا كان مباحا ,ومن استرزق بمحرم فقد عرض نفسه للعذاب , وعاجله المحق في الدنيا قبل الآخرة , أما صاحب المال والعمل فله حقوق وعليه واجبات فمن حقوقه على الأجير أن يلتزم له بالعمل وقد أَمَرَ اللهُ العاملَ ورَبّ العمل بالتزام العقد الذي بينهما، قال تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ " ومن حقه على أجيره أن يكون أمينا له , قويا في أداء مهمته , والقوة والأمانة سمات العامل المسلم وفي خبر موسى عليه السلام " قالت إحداهما يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين "
أما واجبات رب العمل فأولها الوضوح والجلاء في العقد وطبيعة العمل , ومقدار المال المستحق وموعد السداد , إنه حينما يتعاقد اثنان على عمل معيّن فلا بد من تحديد العمل , وتحديد الأجرة قبل البدء في العمل، وتلك خلة الأنبياء وسبيل العادلين , فهذا نبيّ الله موسى عليه السلام لما ذهب إلى الرجل الصالح قال له: " إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ"[القصص:27]، فحدّ له الأجرة قبل أن يبيّن له العمل , وبمثل هذا الجلاء يسود الصلح والصفاء ويصلح العمل والعطاء , ويرغم الشيطان .
إن فئاما من الأجراء يشتكي الخديعة , فقد جيء به من بلده في مهمة كُلِّف بغيرها , وصَنعة أنيط به سواها , في تلاعب ظاهر وتصرف جائر , إن الخيانة والخلف من صفات المنافقين , ومن خدع العمال وأغراهم بالقدوم من بلادهم لأداء مهمة يريدها براتب يحدده , ثم لما قطعوا الفيافي وشقوا السحب , ولم يعد لهم خيار سوى العمل معه , فاجأهم بعمل آخر وراتب آخر مستقويا بورقة الكفالة التي يحملها .. ألا فليتق الله أرباب العمل وليصدقوا مع الأجراء ليبارك لهم في الأخذ والعطاء .
عباد الله .. ومن الواجبات الجلية واللوازم القوية على أرباب العمل : أن يوفوا الأجراء حقهم , كاملا غير منقوص , حالا غير آجل , فمن نكث العهد وأخلف الوعد فقد تزيا بسربال نفاق , واستحق الخصومة من الله الجبار , وايم الله ليغبن مغال الغلاب !.. أخرج البخاري في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي قال: ((قال الله عز وجل: ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة: رجل أعطى بي ثم غدر، ورجل باع حرًا فأكل ثمنه، ورجل استأجر أجيرًا فاستوفى منه ولم يعطه أجره)). وقد جاء في الحديث : " أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه " رواه ابن ماجة
معاشر المسلمين : إن شيوع الظلم في الناس علامةُ شر وفساد , وأذانُ محق وعذاب، فكيف إذا مورس الظلم بصورة بشعة مع طبقة المستضعفين كالعمال؟! إن الأمة لتهون عند الله وتحرم كثيرًا من الخير إذا ظلم فيها الضعيف وتسلط القوي روى البيهقي في السنن وابن ماجه بسند حسن عن جابر رضي الله عنه، : لما رجَعَت إلى رسول الله مهاجرةُ البحر قال: ((ألا تحدثوني بأعاجيبَ ما رأيتم بأرض الحبشة؟)) قال فتية منهم: بلى يا رسول الله، بينما نحن جلوس مرت بنا عجوز من عجائز رهابينهم تحمل على رأسها قلة من ماء، فمرت بفتى منهم، فجعل إحدى يديه بين كتفيها، ثم دفعها فخرت على ركبتيها، فانكسرت قلّتها، فلما ارتَفعت التفَتَت إليه فقالت : سوف تعلم ـ يا غُدَر ـ إذا وضع الله الكرسي وجمع الأولين والآخِرين وتكلمت الأيدي والأرجل بما كانوا يكسبون، فسوف تعلم كيف أمري وأمرك عنده غدا، قال: يقول رسول الله : ((صدقت صدقت، كيف يقدِّس الله أمةً لا يؤخذُ لضعيفِهم من شديدِهم)).
وفي شريعة الإسلام ثناء على رَبّ العمل الذي أدّى الحق الواجب عليه، بل أمسى أداء حقوق العمّال بصدق سببا لإجابة الدعوات والنجاة من الكربات والأزمات، أخبرنا نبينا عن قصة النفر الثلاثة الذين آواهم المَبِيتُ إلى غار، فانحدرت صخرة سدّت عليهم ذلك الغار كله، ولم يستطيعوا أن يُزَحْزِحُوها، ، فلما ضاقت بهم السبل التجؤوا إلى الله، وتوسّلوا إليه بصالح أعمالهم، وهم ثلاثة، فقال أحدهم: ((اللهم تعلم أني استأجرت أُجَراء، فأعطيتهم حقوقهم إلا واحدًا ترك الذي له ومضى، فثَمّرتُه حتى حصل منه إبل وبقر وغنم ورَقِيق وحَرْث، فجاء ذلك العامل بعد حين فقال: يا عبد الله، أعطني حقي. قال: كل ما ترى من إبل وبقر وغنم وحَرْث ورَقِيق فهو لك. قال: أتستهزئ بي؟! قال: لا. قال: يا رب، فأخذه كله، ولم يُبقِ منه شيئًا، اللهم إن كنتُ فعلتُ ذلك ابتغاء وجهك فخلّصنا مما نحن فيه. فارتفعت الصخرة، وخرجوا يمشون)). وهكذا يكون ثواب الصادقين المخلصين الأمناء ..
عباد الله يفد للجامع أجراء يشتكون ظلم الكفلاء , فبعضهم لأجل الكفالة يأكل مال المكفول المسكين , بلا حق ولا مبرر ضاربا بالعدل وأنظمة البلد عرض الحائط , أتساءل بأي حق يبيح هؤلاء لأنفسهم أكل مال الأجراء بلا عمل قدموه لهم , سوى ورقة الكفالة , ويتبعها إطلاقهم في الطرقات يجوبونها باحثين عن العمل في فوضى عارمة جعلت من الجرائم واقعا مخيفا , إن طاعة ولي الأمر واجبة وما كان مخالفا للنظم فهو معصية لولي الأمر والله يقول " يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم " فضلا عن كونه ظلما لهذا العامل المسكين الذي يكدح ليله ونهاره , ليُشبع بطونا جائعة , ثم يأتي كفيله ويلتهم نصف ما جمع عدوانا وظلما .. كيف يجيز هؤلاء لأنفسهم أكل تعب غيرهم و حصاد ثمار أعمارهم ، بلا جهد ولا عمل؟! إن هذا لشيء عجاب! وحري بمن ظلم وأكل ماله بلا حق أن يرفع الشكوى إلى السماء وفي الصحيحين قال صلى الله عليه وسلم لمعاذ: ((واتق دعوة المظلم؛ فإنه ليس بينها وبين الله حجاب))، وفي الحديث الآخر: ((إن الله يرفعها فوق الغمام ويقول: وعزتي وجلالي، لأنصرنك ولو بعد حين)).
وبعد عباد الله فإن الله حرم الظلم على نفسه وجعله بينكم محرما فلا تظالموا , وو صف بالعدل كلمته وجعله بين عباده واجبا , فطوبى لعبد اتصف بهذه الخلة فكان من التقوى قريبا وإذا قلت التقوى فإنها الجامعة لخير الدنيا والآخرة !
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم " ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون "
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم " ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون "
الخطبة الثانية ..
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا .. أما بعد فاتقوا الله عباد الله واعلموا أن للأجير حقوقا من أظهرها وأشهرها حسن الخلق معه , وإنها لقاعدة عظيمة رسمها لنا ديننا الحنيف في التعامل مع الأجراء، روى الإمام البخاري ومسلم عن أبي ذر رضي الله عنه أن النبي قال: ((إخوانكم خولكم، جعلهم الله تحت أيديكم، فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه مما يأكل وليلبسه مما يلبس، ولا تكلّفوهم ما يغلبهم، فإن كلّفتموهم ما يغلبهم فأعينوهم)).
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا .. أما بعد فاتقوا الله عباد الله واعلموا أن للأجير حقوقا من أظهرها وأشهرها حسن الخلق معه , وإنها لقاعدة عظيمة رسمها لنا ديننا الحنيف في التعامل مع الأجراء، روى الإمام البخاري ومسلم عن أبي ذر رضي الله عنه أن النبي قال: ((إخوانكم خولكم، جعلهم الله تحت أيديكم، فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه مما يأكل وليلبسه مما يلبس، ولا تكلّفوهم ما يغلبهم، فإن كلّفتموهم ما يغلبهم فأعينوهم)).
ولقد نهى النبي أن يكلَّف العامل فوق طاقته، روى مسلم في صحيحه أن النبي قال: ((للمملوك طعامه وكسوته، ولا يكلَّف من العمل ما لا يطيق)).
عباد الله إن من صور سوء الخلق ورداءة الطبع أن يعمد المخدوم إلى خادمه بالضرب والإهانة والتجريح والخيانة ، يقول أبو مسعود رضي الله عنه: كنت أضرب غلامًا لي فسمعت من خلفي صوتًا يقول: ((اعلم أبا مسعود، لله أقدر عليك منك عليه))، فالتفتُّ فإذا هو رسول الله ، قلت: يا رسول الله، فهو حرّ لوجه الله، فقال: ((أما إنك لو لم تفعل للفحتك النار)) رواه مسلم وغيره.
لقد بلغ الإسلام المنتهى في الدعوة لحسن التعامل مع الخادم والأجير حتى أمر رب العمل أن يطعم خادمه من الطعام الذي يطعمه , ويلبسه من اللباس الذي يلبسه , وإنها ومالك يوم الدين عظمةٌ من عظائم الإسلام في التضامن الاجتماعي , ومقت الطبقية الظالمة التي ارتكست فيها نظم البشر , وشتان شتان بين نور الشريعة وظلام النظم الوضيعة !! .
عباد الله .. عودا بكم إلى المدينة النبوية في زمن النبوة الطاهر لنستمع سويا إلى شهادة خادم في مخدومه : يقول أنس بن مالك رضي الله عنه: قدم النبيّ المدينة وليس له خدم، فأخذ أبو طلحة بيدي، فانطلق بي، حتى أدخلني على النبيّ فقال: يا بنيّ الله، إنّ أنسًا غلام كيس لبيب، فليخدمك، قال أنس: فخدمته في السفر والحضر عشر سنين من مقدمه المدينة حتى توفي ، ما قال لي عن شيء صنعته: لم صنعت هذا هكذا؟ وكان رسول الله من أحسن الناس خلقًا، ولا مسست خزًّا ولا حريرًا ولا شيئًا كان ألين من كفّ رسول الله ، ولا شممت مسكًا قطّ ولا عطرًا كان أطيبَ من عرق النبيّ . رواه البخاري ومسلم وهذا لفظ البخاري في الأدب المفرد.
فتشبهوا إن لم تكونوا مثلهم ..... إن التشبه بالكرام فلاح
فتشبهوا إن لم تكونوا مثلهم ..... إن التشبه بالكرام فلاح
عباد الله كما تحسن الإشارة إلى حق للخدم مهضوم وهو دعوتهم للإسلام إن كانوا من غير أهله فادعوهم بالحسنى , وكافؤوهم على الاستجابة , وأروهم من دينكم كماله ومن شرعكم سموه وجماله , أما إذا كان العامل مسلما فأعينوه على الثبات وعلموه الأحكام والواجبات استجابة لنداء رب الأرض والسماوات " ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن "
اللهم صل على محمد وآل محمد ....
اللهم صل على محمد وآل محمد ....
المشاهدات 5848 | التعليقات 7
[align=center]أحسنت على هذه الخطبة .
بارك الله فيك وجزاك خيراً . [/align]
الشيخ ماجد : وفيك بارك الله يا أبا عبد الرحمن
تقبل الله دعاءك , ولك بمثل ما دعوت به .
مع المصطفى صلى الله عليه وسلم :
حسن معاملة الأجير
د/ خالد سعد النجار
عن عائشة رضي الله عنها قالت : جاء رجل، فقعد بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله! إن لي مملوكين يكذبونني ويخونونني ويعصونني، وأشتمهم وأضربهم؛ فكيف أنا منهم؟! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا كان يوم القيامة؛ يحسب ما خانوك وعصوك وكذبوك، وعقابك إياهم؛ فإن كان عقابك إياهم بقدر ذنوبهم؛ كان كفافا لا لك ولا عليك، وإن كان عقابك إياهم دون ذنبهم، كان فضلا لك ، وإن كان عقابك إياهم فوق ذنوبهم ؛ اقتص لهم منك الفضل ، فتنحى الرجل وجعل يهتف ويبكي، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم أما تقرأ قول الله تعالى ( ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين ) (1) فقال الرجل : يا رسول الله! ما أجد لي ولهؤلاء شيئا خيرا من مفارقتهم؛ أشهدك أنهم كلهم أحرار (2)
شاء الله عز وجل أن تتباين أدوار البشر وتتنوع مسؤولياتهم وتتعدد اهتماماتهم حتى تتكامل حركة الحياة وتعمر الأرض , واقتضت مشيئته وحكمته سبحانه أن يجعل بعض عباده أغنياء وبعضهم فقراء، وسخّر كلاّ من الطائفتين للأخرى، هذه تنمي المال وتنفق منه على تلك، وتلك تقوم بالعمل مقابل ذلك الإنفاق . والإسلام يوجه الأغنياء المخدومين إلى التواضع وعدم التكبر على الخادمين، ويجعل لهؤلاء حقوقا على أولئك يجب عليهم أن يؤدوها بدون مماطلة ولا نقص , فالمخدوم ينبغي أن يتواضع مع خادمه ولا يترفع عليه لأنه قد يكون أعظم درجة منه عند الله ، وليس الفضل بكثرة الأموال ولا بعظم الأجسام , ولا بغير ذلك من متاع الدنيا وزينتها ومظاهرها وإنما الفضل بالتقوى { إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ } ولقد ضرب الرسول صلى الله عليه وسلم المثل الأعلى في معاملة الخادم , فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال "خدمت رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين والله ما قال لي أف قط ، ولا قال لي لشيء لم فعلت كذا؟ وهلا فعلت كذا"(3) والرسول صلى الله عليه وسلم قدوة حسنة لأمته , وهي إذا لم تستطع أن تصل إلى درجة الكمال التي بلغها صلى الله عليه وسلم فلتسدد ولتقارب.
وقال صلى الله عليه وسلم ( من لايمكم من خدمكم فأطعموهم مما تأكلون وألبسوهم مما تلبسون , ومن لا يلايمكم منهم فبيعوه ولا تعذبوا خلق الله ) (4) وقال صلى الله عليه وسلم ( لا تدعوا على أنفسكم ولا تدعوا على أولادكم ولا تدعوا على خدمكم ولا تدعوا على أموالكم , لا توافقوا من الله ساعة يسأل فيها عطاء فيستجاب لكم ) (5) وقال صلى الله عليه وسلم "إذا أتى أحدكم خادمه بطعامه فإن لم يجلسه معه فليناوله لقمة أو لقمتين أو أكلة أو أكلتين فإنه ولي حره وعلاجه" (6) وبلغ من رحمة رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان لا يطيق أحدا أن يقول : كان عبدي وأمتي وأنه أمر المسلمين أن يكفوا عن ذلك، وأن يقولوا فتاي وفتاتي (7)
وعن المعمور بن سويد قال: "رأيت أبا ذر الغفاري وعليه حلة وعلى غلامه حلة فسألناه عن ذلك فقال: ساببت رجلا فشكاني إلى رسول اللّه صلى الله عليه وسلم فقال لي النبي صلى الله عليه وسلم ( أعيرته بأمه؟! ثم قال: إخوانكم خولكم جعلهم اللّه تحت أيديكم فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه مما يأكل وليلبسه مما يلبس ولا تكلفوهم ما يغلبهم فإن كلفتموهم ما يغلبهم فأعينوهم ) (8) وعن أبي مسعود البدري رضي الله عنه قال : كنت أضرب غلاما لي , فسمعت من خلفي صوتا ( اعلم، أبا مسعود! لله أقدر عليك منك عليه) فالتفت فإذا هو رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت : يا رسول الله! هو حر لوجه الله , فقال (أما لو لم تفعل، للفحتك النار، أو لمستك النار ) (9) وعن معاوية بن سويد قال: لطمت مولى لنا فهربت ثم جئت قبيل الظهر , فصليت خلف أبي فدعاه ودعاني ثم قال: امتثل منه ثم قال: كنا بني مقرن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس لنا إلا خادم واحدة فلطمها أحدها فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "اعتقوها" قالوا: ليس لهم خادم غيرها قال: "فليستخدموها فإذا استغنوا عنها فيخلوا سبيلها" (10)
وللخادم على سيده حقوق نذكر منها (11):
ــ أن يعامله معاملة حسنة ويحلم عليه إذا بدر منه خطأ، قال تعالى { وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} آل عمران 134
ــ أن يعامله معاملة حسنة ويحلم عليه إذا بدر منه خطأ، قال تعالى { وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} آل عمران 134
ــ أن يتواضع معه ولا يتكبر عليه فإن التواضع مع الخادم يؤنسه ويشعر معه بالطمأنينة وعدم الحرج من العسر والفقر، والتكبر عليه يوحشه ويشعر بسببه أنه محتقر لا قيمة له فيضطرب ويعيش كئيبا حزينا، وقد ذم الله الكبر والمتكبرين وأعدّ لهم عقابا أليما كما مدح التواضع والمتواضعين ووعدهم الجزاء الحسن قال تعالى{ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} الشعراء 215 وقال تعالى في وصف المؤمنين { أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ} المائدة 54 , وعن عياض بن حمار رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله أوحى إلي أن تواضعوا حتى لا يفخر أحد على أحد ولا يبغي أحد على أحد" (12) وعن أنس رضي الله عنه قال: "إن كانت الأمة من إماء المدينة لتأخذ بيد النبي صلى الله عليه وسلم فتنطلق به حيث شاءت" (13)
ــ قد يقوم الخادم بالخدمة في مقابل طعامه وشرابه وكسوته، وقد يقوم بها بأجر معلوم من النقود أو غيرها، وفي كلتا الحالتين يجب على المخدوم أن يؤدي إلى الخادم ما يستحق، ولا يجوز له أن يظلمه بنقص أجرته أو مماطلته فيها فإن فعل شيئا من ذلك فقد ظلمهن, والله تعالى ذم في كتابه الظلم والظالمين كما حذر الرسول صلى الله عليه وسلم منه قال تعالى{ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ} الحج 71 وقال النبي صلى الله عليه وسلم "من اقتطع حق امرئ مسلم بيمينه فقد أوجب الله له النار وحرم عليه الجنة" فقال رجل: وإن كان شيئا يسيرا يا رسول الله؟ فقال: "وإن كان قضيبا من أراك"(14) وقد حذر الله المستأجر تحذيرا شديدا من عدم إعطاء الأجير أجره, قال البخاري رحمه الله: "باب إثم من منع أجر الأجير" عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "قال الله تعالى: ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة رجل أعطى بي ثم غدر، ورجل باع حرا فأكل ثمنه، ورجل استأجر أجيرا فاستوفى منه ولم يعطه أجره" (15) وقال صلى الله عليه وسلم ( أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه ) (16) أي ينشف لأن أجره عمالة جسده وقد عجل منفعته فإذا عجلها استحق التعجيل ، ومن شأن الباعة إذا سلموا قبضوا الثمن عند التسليم فهو أحق وأولى . إذ كان ثمن مهجته لا ثمن سلعته فيحرم مطله والتسويف به مع القدرة ، فالأمر بإعطائه قبل جفاف عرقه إنما هو كناية عن وجوب المبادرة عقب فراغ العمل إذا طلب وإن لم يعرق أو عرق وجف (17)
ـ ومن أهم ما ينبغي أن يعتني به السيد للخادم تعليمه ما يجب عليه وما يحرم من أمور دينه, وحثه على التحلي بالأخلاق الفاضلة فإن في ذلك مصلحة عظيمة للسيد والخادم والمجتمع، كما ينبغي أن يحذره من الأخلاق الرذيلة واقتراف الأمور المحرمة ويأمره بالمعروف وينهاه عن المنكر لأنه أصبح مسئولا عنه كمسئوليته عن بقية أهل بيته.
الهوامش
(1) الأنبياء 47 (2) الحديث رواه الترمذي ــ كتاب التفسير رقم 3165 وصححه الألباني في صحيح الترمذي رقم 2531 والمشكاة رقم 5494 والفظ له (3) رواه مسلم رقم 2309 (4) رواه أحمد وأبو داود عن أبي ذر (صحيح) انظر حديث رقم: 6602 في صحيح الجامع. (5) رواه أبو داود عن جابر (صحيح) انظر حديث رقم: 7267 في صحيح الجامع (6) البخاري رقم 5460 (7) البخاري رقم 2552 (8) البخاري رقم 2545 (9) مسلم 1659 (10)مسلم رقم 1658 (11) المسئولية في الإسلام الشيخ عبد الله قادري بتصرف (13)مسلم رقم 2865 (13) رواه البخاري تعليقا انظر رياض الصالحين بتحقيق الألباني رقم 610 (14) صحيح مسلم من حديث أبي أمامة الحارثي رقم 137 (15) البخاري رقم 2270 (16) رواه ابن ماجة عن ابن عمر وصححه الألباني في الإرواء رقم 1498 (17) فيض القدير ــ المناوي 1/254
(1) الأنبياء 47 (2) الحديث رواه الترمذي ــ كتاب التفسير رقم 3165 وصححه الألباني في صحيح الترمذي رقم 2531 والمشكاة رقم 5494 والفظ له (3) رواه مسلم رقم 2309 (4) رواه أحمد وأبو داود عن أبي ذر (صحيح) انظر حديث رقم: 6602 في صحيح الجامع. (5) رواه أبو داود عن جابر (صحيح) انظر حديث رقم: 7267 في صحيح الجامع (6) البخاري رقم 5460 (7) البخاري رقم 2552 (8) البخاري رقم 2545 (9) مسلم 1659 (10)مسلم رقم 1658 (11) المسئولية في الإسلام الشيخ عبد الله قادري بتصرف (13)مسلم رقم 2865 (13) رواه البخاري تعليقا انظر رياض الصالحين بتحقيق الألباني رقم 610 (14) صحيح مسلم من حديث أبي أمامة الحارثي رقم 137 (15) البخاري رقم 2270 (16) رواه ابن ماجة عن ابن عمر وصححه الألباني في الإرواء رقم 1498 (17) فيض القدير ــ المناوي 1/254
أخي أبا عبد الرحمن
شكرا لإضافتك القيمة , جعلك الله مباركا أينما كنت
شكرا لإضافتك القيمة , جعلك الله مباركا أينما كنت
أخي أبا عبد الرحمن شكرا لتنبيهك , والاشتباه قد حصل , وأثر ابن عباس رواه الحاكم وليس الإمام مسلم ولما ساقه الألباني سكت عنه , وفي بعض المواضع قال لم أره مرفوعا وبعضه في القرآن الكريم , وقد رواه الحاكم , والرواية التي أوردتها موقوفة على ابن عباس .. شكرا جزيلا لك وقد تم تعديل عزو الحديث من مسلم إلى الحاكم , والله ولي العون
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخي الكريم
لكنه موضوع لا تحل روايته
ويغني عنه ما صح عن داود وزكريا ونبينا عليهم الصلاة والسلام
قال الإمام الحاكم في المستدرك:
4165 - حدثناه الحسن بن محمد الأسفرائيني ثنا محمد بن أحمد بن البراء ثنا عبد المنعم بن إدريس عن أبيه عن وهب بن منبه عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما به
قال ابن الجوزي : عن راويه عبد المنعم بن إدريس :
قال أحمد بن حنبل: كان يكذب على وهب.
وقال يحيى: كذاب خبيث.
وقال ابن المدينى وأبو داود: ليس بثقة
وقال ابن حبان: لا يحل الاحتجاج به.
وقال الدارقطني: هو وأبوه متروكان."
قال أحمد بن حنبل: كان يكذب على وهب.
وقال يحيى: كذاب خبيث.
وقال ابن المدينى وأبو داود: ليس بثقة
وقال ابن حبان: لا يحل الاحتجاج به.
وقال الدارقطني: هو وأبوه متروكان."
وفي لسان الميزان للحافظ ابن حجر العسقلاني في ترجمة عبد المنعم نقل ابن أبي حاتم عن إسماعيل بن عبد الكريم مات إدريس وعبد المنعم رضيع وكذا قال أحمد لما سئل عنه لم يسمع من أبيه شيئا وقال عبد الخالق بن منصور عن ابن معين أنه الكذاب الخبيث وعن أبي زرعة واهي الحديث وقال الفلاس متروك أخذ كتب أبيه فحدث بها ولم يسمع من أبيه شيئا وقال أبو أحمد الحاكم ذاهب الحديث وقال ابن المديني ليس بثقة أخذ كتبا فرواها وقال النسائي ليس بثقة وقال الساجي كان يشتري كتب السيرة فيرويها ما سمعها من أبيه ولا بعضها انتهى.
وسبق نقل حكم الألباني عليه بالوضع في غاية المرام رقم(163)
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أبو عبد الرحمن
@بلال الفارس 1206 wrote:
تعديل التعليق