الأَبْنَاءِ وَالامْتِحَانَاتِ

محمد البدر
1446/04/28 - 2024/10/31 04:18AM

خُطْبَةُ عَن: الأَبْنَاءِ وَالامْتِحَانَاتِ- محمد أحمد الذماري - جامع الشيخ صالح بن عبدالله العمودي -رحمه الله - (محافظة جدة حي البلد)

الْخُطْبَةُ الأُولَى: 

إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا ، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا ، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ , وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ﴾.﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللَّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾.﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا(70)يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾.

عِبَادَ اللَّهِ:قَالَ تَعَالَى:﴿يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ﴾.وَقَال تَعَالَى:﴿وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا﴾.وَقَال تَعَالَى:﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ﴾وَقَالَﷺ:«أَلاَ كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ..إلخ»مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.وَقَالَﷺ:«إِنَّ اللهَ سَائِلٌ كُلَّ رَاعٍ عَمَّا اسْتَرْعَاهُ، أَحَفِظَ ذَلِكَ أَمْ ضَيَّعَ حَتَّى يُسْأَلَ الرَّجُلُ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ»صَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.الْأَبْنَاءُ نِعْمَةٌ وَأَمَانَةٌ في أعناق الْوَالِدَيْنِ فهم مسؤولين عن تَرْبِيَةُ الأَبْنَاءِ وتنشئتهم على العقيدة الصحيحة الصافية ومحبة الله جل وعلى ومحبة نبيهﷺوصَّحَابَته رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ والتابعين ومن سار على نهجهم واتبع سبيلهم إلى يوم الدين حتى يكونوا بإذن الله أبناء صالحين ونافعين لأمتهم ولأوطانهم ولوالديهم،فَعَلَى الْوَالِدَيْنِ رِعَايَةَ الْأَبْنَاءِ باسْتَمِرار وَالدُّعَاءِ لهم وَحَثُّهُمْ عَلَى طَاعَةِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي كُلِّ وَقْتِ، وَيتأكد فِي وَقْتِ الاخْتِبَارَاتِ.

عِبَادَ اللَّهِ:ايها الطُّلَاَّبُ وَالطَّالِبَاتُ ها هي أيامُ الاخْتِبَارَاتِ قد أقبلت ، وغدا يكرم المرء أو يهان، يوم يعلم فيه المجتهد نتيجة جهده، كما يعلم الكسول نتيجة كسله، وهذه سنة كونية قضاها الله؛ أن العامل يجد نتيجة عمله، وكما قيل:من جدّ وجد ومن زرع حصد، فاستعينوا بالله واحرصوا على الدُّعَاءُ قَالَﷺ:«الدُّعَاءُ هُوَ العِبادَةُ»رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.وتوكلوا على الله وفوضوا الأمور إلى الله،ولا تعتمدوا على الذكاء والحفظ ولا على النبوغ والفهم،وعليكم بتقوى الله في السر والعلن فمن اتقى الله جعل له من كل هم فرجًا،ومن كل ضيق مخرجًا،وجعل العسير يسيرًا وأتاه خيرًا كثيرًا،وعليكم بطلب والعلم النافع وبكثرة الاستغفار قَالَﷺ:«طُوبَى لِمَنْ وَجَدَ فِي صَحِيفَتِهِ اسْتِغْفَارًا كَثِيرًا»صَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.وَقَالَﷺ:«مَا أَصَابَ مُسْلِمًا قَطُّ هَمٌّ أَوْ حَزَنٌ فَقَالَ:اللَّهُمَّ إِنِّي عَبْدُكَ وَابْنُ عَبْدِكَ وَابْنُ أَمَتِكَ نَاصِيَتِي بِيَدِكَ،مَاضٍ فِيَّ حُكْمُكَ، عَدْلٌ فِيَّ قَضَاؤُكَ،أَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ،سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ أَوْ أَنْزَلْتَهُ فِي كِتَابِكَ،أَوْ عَلَّمْتَهُ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ أَوِ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ أَنْ تَجْعَلَ الْقُرْآنَ رَبِيعَ قَلْبِي،وَنُورَ بَصَرِي،وَجِلَاءَ حُزْنِي،وَذَهَابَ هَمِّي،إِلَّا أَذْهَبَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَمَّهُ وَأَبْدَلَهُ مَكَانَ حُزْنِهِ فَرَحًا قَالُوا:يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَلَا نَتَعَلَّمُ هَذِهِ الْكَلِمَاتِ قَالَ:بَلَى،يَنْبَغِي لِمَنْ سَمِعَهُنَّ أَنْ يَتَعَلَّمَهُنَّ»صَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.

عِبَادَ اللهِ:أيُّهَا الآبَاءُ،إِنَّهُ مِنَ الْمُهِمِّ جِدَّاً الْحِرْصُ عَلَى الأَبْنَاءِ خَاصَّةً بَعْدَ خُرُوجِهِمْ مِنَ الامْتِحَانَاتِ فَكَثيرًا مَا يَخرجُ الطَّالبُ مِنَ المَدرَسَةِ مُبكِّرًا فَلا يُتْرَكُونَ يَتَسَكَّعُونَ فِي الشَّوَارِعِ مَعَ مَنْ هَبَّ وَدَبَّ,فَإِنَّهُ يَكُونُ حِينَئِذٍ الْبَلاءُ ، وَيَكْثُرُ انْتِشَارُ الأَشْقِيَاءِ الذِينَ يُرِيدُونَ الْفَسَادَ وَالإِفْسَادَ،فَاعْرِفْوا مَتَى يَخْرُجُونَ ثُمَّ رُدَّهُمْ إِلَى الْمَنْزِلِ وَلا تَتْرُكْوهُمْ عُرْضَةً لِلأَخْطَارِ , وَإِنْ كَانَ مَعَ ابْنِكَ أيها الأب سَيَّارَةٌ فَحَرِّصْهُ وَحَمِّلْهُ الْمَسْؤُولِيَّةَ ثُم َّتَابِعْهُ وَلَوْ مِنْ بَعِيدٍ لِئَلَّا يُؤْذِي النَّاسَ وَيُؤْذِي نَفْسَهُ بِالتَّصَرُّفَاتِ غَيْرِ اللائِقَةِ بِهَذِهِ السَّيَّارَةِ, سَواءً بِالدَّوَرَانِ فِي الطُّرُقَاتِ أَوْ بِعَمَلِ التَّجَمُّعَاتِ,أَوْ بِالتَّفْحِيطِ أَوْ السُّرْعَةِ الزَّائِدَةِ دَاخِلَ الْمَدِينَةِ فَإِنَّ هَذَا خَطَرٌ عَلَيْهِ وَعَلَى غَيْرِهِ .أَقُولُ قَوْلِي هَذَا...

الْخُطبَةُ الثَّانِيَةُ:

الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ, وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى نَبِيِّنَا وَإِمَامِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَمَنْ تَبِعَهُم بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

عِبَادَ اللَّهِ:قَالَﷺ«مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا»رَوَاهُ مُسْلِمٌ.وَ قَالَﷺ«مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا، وَالْمَكْرُ وَالْخِدَاعُ فِي النَّارِ»صَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.فالغش ظاهرة خطيرة و سلوك مشين،فالذي يغش في الامْتِحَانَاتِ قد يحصل على شهادة لا يَستَحِقُّهَا ،وقد يتبوأ منصبًا ليس أهلًا له مثل أن يكون(طبيباً أو مهندساً أو قاضياً أوغير ذلك)فيخرج جيل جاهل غير مؤهل لحمل أمانة هذا الدين،قَالَﷺ:«إِنَّ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ أَنْ يُرْفَعَ العِلْمُ،وَيَثْبُتَ الْجَهْلُ،وَيُشْرَبَ الْخَمْرُ،وَيَظْهَرَ الزِّنَا»مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.وَقَالَﷺ:«إِنَّ الله لاَ يَقْبِضُ الْعِلْمَ انْتِزَاعًا، يَنْتَزِعُهُ مِنَ الْعِبَادِ وَلكِنْ يَقْبِضُ الْعِلْمَ بِقبْضِ الْعُلَمَاءِ حَتَّى إِذَا لَمْ يُبْقِ عَالِمًا،اتَّخَذَ النَّاسُ رُءُوسًا جُهَّالاً، فَسُئِلُوا،فَأَفْتَوْا بغَيْرِ عِلْمٍ،فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا»مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.ومن اخطر أنواع الغِشِّ أن بعض المُعِلِّمِينَ هداهم الله يساعد في الغِشِّ إما بالتلميح وإما بالهمز  أو اللمز أو صراحة أو بأي اسلوب كان،مما ساعد في انتشار الجهل فَاتَّقُوا اللَّهَ أيها المُعِلِّمِينَ،واعلموا أن درجات الاختبار أمانة،فأعطوا كل ذي حق حقه،وزنوا بالعدل والقسط فإن الله يحب العدل والأحسان قَال تَعَالَى:﴿وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴾.

عِبَادَ اللهِ:إِنَّ اللهَ تَعَالَى قَدْ أَمَرَنَا بِأَمْرٍ بَدَأَ فِيهِ بِنَفْسِهِ فَقَالَ سُبْحَانَهُ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيد، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيد.وارض اللهم عن الخلفاء الراشدين أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وعن صحابته أجمعين، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين. واحفظ اللّهمّ ولاةَ أمورنا، وأيِّد بالحق إمامنا ووليّ أمرنا، اللّهمّ وهيّئ له البِطانة الصالحة التي تدلُّه على الخير وتعينُه عليه، واصرِف عنه بطانةَ السوء يا ربَّ العالمين، واللهم وفق جميع ولاة أمر المسلمين لما فيه صلاح الإسلام والمسلمين يا ذا الجلال والإكرام.﴿رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ﴾.

عِبَادَ اللَّهِ:اذكروا الله يذكركم ، واشكروه على نعمه يزدكم ﴿وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ﴾.

المرفقات

1730337491_الأَبْنَاءِ وَالامْتِحَانَاتِ.pdf

المشاهدات 1099 | التعليقات 1

جزاك الله خيرا