اقْرَءُوا سُورَةَ الْبَقَرَةِ

عايد القزلان التميمي
1444/07/05 - 2023/01/27 07:54AM
الحمد لله الذي امتنّ على عباده بنبيه المرسل وكتابه المنزّل ، الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن نبنينا محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين
أمّا بعد، فيا عباد الله: اتقوا الله تعالى, واعْلَمُوا أنَّ القرآنَ الكريمَ, أعظَمُ الكُتُبِ وأَفْضَلُها وأصْدَقُها. وهُوَ أَعْظَمُ كُتُبِ اللهِ المُنَزَّلَةِ وأشْمَلُها والمُهَيْمِنُ عليها, وهُوَ حَبْلُ اللهِ الْمَتِينُ, وَالذِّكْرُ الْحَكِيمُ, وَالصِّرَاطُ الْمُسْتَقِيمُ.
وقَدْ خصَّ اللهُ سبحانَهُ وتعالَى بعضَ سُوَرِ القرآنِ وآياتِهِ بِبَعْضِ الفَضائِلِ التي لا تُوجَدُ في غيرِها. ومنهَا سورةُ البقرةِ:  فهِيَ أطولُ سُورةٍ في القرآنِ، وهيَ سُورَةٌ مَدَنِيَّة. افتُتِحَتْ بِذِكْرِ القرآنِ وهِدايَتِهِ لِلمُتقين وأوْصافِهِمُ وفيها تقرير لأركان الدين الإيمان بالله تعالى وبكتبه، وإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة، والإيمان بالغيب ،
وفي سورة البقرة ذِكر أصول كل شيء، ففيها تذكير الناس بخلق أبيهم آدم والمنة عليهم في ذلك أن أوجدهم من العدم وفيها ذَكَرالله الحقوق بين الناس وبدأ بأول حقٍّ وأهم حق يُقضى فيه بينهم وهو حق الدماء،: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى ))
وفي هذه السورة تفصيلًا دقيقًا في أمور الطلاق والفراق بين الزوجين و حقوق الرضيع على والديهم.
وفي سورة البقرة الأسس لكل شيء، فهي تتكلم عن ما يجوز وما لا يجوز في البيع والشراء، ﴿ وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا ﴾]،
وفيها أشد التحذير من أكل أموال الناس بالباطل: ﴿ وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ ﴾
وفي سورة البقرة آية الدَّين التي هي أطول آية في القرآن، وفيها تفصيل أحكام الدَّين حتى يحتاط الناس لديونهم ويوثقونها، ولا تضيع عليهم أموالهم أو يختلفوا فيها بعد ذلك، فتذهب حقوقهم وحقوق ورثتهم من بعدهم.
عباد الله وقَدْ حَثَّنا النبيُّ صلى الله عليه وسلم على قراءَةِ سورةِ البقرة وبَيَّنَ لنَا فضلَهَا، فقالَ: ( اقْرَءُوا سُورَةَ الْبَقَرَةِ، فَإِنَّ أَخْذَهَا بَرَكَةٌ، وَتَرْكَهَا حَسْرَةٌ، وَلاَ تَسْتَطِيعُهَا الْبَطَلَةُ ).
فإذا أردتَ البّرَكةَ يا عبدَ الله, فابْذّلْ أسبابَها, والتي مِنها: المُحافَظَةُ على قِراءةِ سورةِ البَقَرَةِ وفَهْمُ معناها, والعَمَلُ بها.
وكذلكَ: فإنَّ تَرْكَ سورةِ البَقَرَةِ حَسْرَةٌ على هاجِرِها,
وكذلك: فإنَّ سورَةَ البَقَرةِ لا تَسْتَطيعُها البَطَلَة, أي: أَهْلُ الباطِل ومنهم السحرة , فإنَّ مَنْ قرأ البقرةَ أو حَفِظَها, واشتغَلَ بِفَهْمِ معانِيها, فإنَ أهلَ الباطِلِ والسحرة والعقائِدِ الباطِلَة, لا يَقْدِرونَ عليه.
ومِنْ فضائلِ سورةِ البقرةِ: أنَّ قراءتَهَا تزيدُ المسلمَ حصانةً ومَنَعَةً وحِفْظاً مِنَ الشياطينِ فِي نفسِهِ وبيتِهِ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ( لاَ تَجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ مَقَابِرَ، إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْفِرُ مِنَ الْبَيْتِ الَّذِي تُقْرَأُ فِيهِ سُورَةُ الْبَقَرَة ).
أي لا تَجْعَلُوا بُيوتَكُم خالِيَةً مِن الذِّكرِ والعِبادَة, فتكونُ كالمقابرِ,
ومِنْ فَضائِلِ سورةِ البقرة: أنَّها اشتملَتْ علَى أعظمِ آيةٍ فِي القرآنِ الكريمِ، وهيَ آيَةُ الْكُرْسِيِّ، فعَنْ أُبَىِّ بْنِ كَعْبٍ رضيَ اللهُ عنهُ : أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قال له: ( أَيُّ آيَةٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ أَعْظَمُ ؟ ). فقال: ( اللهُ لا إله إلا هو الحيُّ القيُّوم ).
 وكذلك: فإنَّ مَنْ قرأَ آيةَ الكُرْسيِّ حينَ يأْوِي إلى فِراشِهِ مِنَ الليل, فإنه لا يَزالُ عليهِ مِنَ اللهِ حافِظٌ, ولا يقربُه شيطانٌ حتى يُصبِح.
وكذلكَ مَنْ قَرأها دُبُرَ كُلِّ صلاةٍ مَكْتوبةٍ, لَمْ يَمْنَعْهُ مِن دُخولِ الجنَّةِ إلا أنْ يَموت, كما أخبَرَ بذلكَ الرسولُ صلى اللهُ عليه وسلم.
عباد الله: ومِنْ فضائِلِ سورةِ البقرة: ما وَرَدَ في فَضْلِ خاتِمَتِها, فَقَدْ قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ( الآيَتَانِ مِنْ آخِرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ مَنْ قَرَأَهُمَا فِي لَيْلَةٍ كَفَتَاهُ ).
ومعنى كفتاه أي حصن ودرع للمسلم فيما يضره في دينه ودنياه .
ويَزْدادُ الفَضْلُ, إذا أضافَ المُؤْمِنُ إلى سورة البفرة سورةَ آلِ عمران, قالَ رسولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: ( اقرءُوا الزَّهْرَاوَينِ, البقرةَ وسورةَ آلِ عِمران, فإنهما تأتِيانِ يَوْمَ القيامةِ كأنهما غَمامتان, أو كأنهما غَيَايَتَانِ, أوْ كأنهما فُرْقانٌ مِنْ طَيْرٍ صَوافَّ تُحاجَّانِ عَن أصحابِهِما ).
باركَ اللهُ لِي وَلَكُم فِي القُرآنِ الْعَظِيم، وَنَفَعنِي وَإِيّاكُمْ بِمَا فِيِه مِنْ الآيَاتِ وَالذّكرِ الْحَكِيم، أَقُولُ مَا سمعتم وَاسْتَغْفُرُ اللهَ لِي وَلَكُم وَلِسَائرِ الْمُسْلِمِين مِنْ كُلِّ ذَنبٍ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيم.
الخطبة الثانية
الحمدُ للهِ عَلى إِحسانِهِ، وَالشكرُ لَهُ عَلى تَوفِيقِهِ وَامتِنَانِهِ، وَأشهدُ أن لا إله إلا اللهُ وحدَهُ لا شَريكَ لَهُ، وَأشهدُ أنَّ مُحمّداً عَبدُهُ وَرسولُهُ، صلى اللهُ عليهِ وعلى آلِهِ وصحبِهِ وسلمَ تسليماً كثيراً .
أَمّا بَعدُ
فيا عباد الله إن الله -عز وجل- أنزل القرآن لنتلوا آياته، ونتدبرها، وإن أحوالنا مع القرآن شيءٌ يبعث على الأسى والحزن إلا من رحم الله -عز وجل- فما أكثر انشغالنا عنه بمتابعة القنوات، وشبكة النت و غيرها مما استهلكنا فيه كثيرًا من أوقاتنا واعمالنا واشتمال أكثرها على الضرر في العقيدة والأخلاق،  فعلينا عباد الله أن نقف وقفةٍ صادقة مع النفوس لنحملها على الحفاظ على وردٍ يوميٍ من كتاب الله -عز وجل-  حتى نختمه ونُجاهد أنفسنا على العمل بما فيه. وحتى لا نكون من الهاجرين لكتاب الله الذين قال الله -عز وجل- عنهم، وقال الرسول: ﴿يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا﴾  
المرفقات

1674795272_اقْرَءُوا سُورَةَ الْبَقَرَةِ.docx

المشاهدات 441 | التعليقات 0