اَفْرَحُوا بِالشِّتَاءِ
أسامة بن سعود عبد الله التميمي
1447/06/27 - 2025/12/18 20:28PM
اَفْرَحُوا بِالشِّتَاءِ!
الخُطْبَةُ الأُولَى
اَلْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي يُقَلِّبُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ، وَيُصَرِّفُ الْأَحْوَالَ وَالْأَقْدَارَ، وَيُجْرِي فِي كَوْنِهِ سُنَنًا تَتَغَيَّرُ لِنَتَذَكَّرَ، وَتَتَبَدَّلُ لِنَعْتَبِرَ.
وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، الَّذِي جَعَلَ لِلْفُصُولِ حِكْمَةً، وَلِلْأَزْمِنَةِ رِسَالَةً، فَلَا شِتَاءُ يُقْبِلُ إِلَّا وَفِيهِ عِبْرَةٌ، وَعِظَةٌ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا.
أَمَّا بَعْدُ:
فَأُوصِيكُمْ وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللَّهِ؛ فَإِنَّ التَّقْوَى دِفْءُ الْقُلُوبِ فِي بَرْدِ الدُّنْيَا، وَنُورُهَا فِي ظُلْمَةِ الطَّرِيقِ، وَعِصْمَةٌ مِنَ الزَّلَّاتِ وَالْمُهْلِكَاتِ.
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَانْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾ [الْحَشْرِ: 18].
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ:
إِنَّ الشِّتَاءَ -عِبَادَ اللَّهِ- لَيْسَ مُجَرَّدَ دَرَجَةِ حَرَارَةٍ تَنْخَفِضُ، وَلَا سَحَابٍ يَمُرُّ وَيَنْقَضِي؛ بَلْ هُوَ مَوْسِمٌ يَنْبَغِي لَنَا مَعَهُ التَّفَكُّرُ وَالِاعْتِبَارُ..
قَالَ اللَّهُ جَلَّ وَعَلَا:
﴿إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ﴾.
فَمِنْ أَعْظَمِ آيَاتِهِ: أَنْ جَعَلَ لِلشِّتَاءِ لَيْلًا يَطُولُ، وَنَهَارًا يَقْصُرُ، وَفِي ذَلِكَ لُطْفٌ بِعِبَادِهِ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ يَجِدُ فِيهِ فُسْحَةً لِمَا يَثْقُلُ عَلَيْهِ فِي غَيْرِهِ.
وَلِهَذَا كَانَ السَّلَفُ يَفْرَحُونَ بِقُدُومِ الشِّتَاءِ؛ لَا فَرَحَ تَرَفٍ وَلَا فَرَحَ غُرُورٍ، بَلْ فَرَحَ اسْتِبْشَارٍ وَعِبَادَةٍ وَاغْتِنَامٍ.
جَاءَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي الشِّتَاءِ أَنَّهُ قَالَ: مَرْحَبًا بِالشِّتَاءِ؛ تَنْزِلُ فِيهِ الْبَرَكَةُ، وَيَطُولُ فِيهِ اللَّيْلُ لِلْقِيَامِ، وَيَقْصُرُ فِيهِ النَّهَارُ لِلصِّيَامِ.
وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: نِعْمَ زَمَانُ الْمُؤْمِنِ الشِّتَاءُ.
أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ:
إِنَّ لِلشِّتَاءِ غَنَائِمَ، وَلِلْغَنَائِمِ رِجَالًا.
وَأَوَّلُ الْغَنَائِمِ: صِيَامُ النَّهَارِ؛ يَقْصُرُ وَقْتُهُ، وَيَسْهُلُ حَمْلُهُ، وَيَعْظُمُ أَجْرُهُ.
وَمِنْ ذَلِكَ – عِبَادَ اللهِ – صِيَامُ يَوْمَيِ الِاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسِ؛ فَفِيهِمَا تُرْفَعُ الْأَعْمَالُ إِلَى اللهِ، وَكَانَ النَّبِيُّ ﷺ يُحِبُّ أَنْ يُرْفَعَ عَمَلُهُ وَهُوَ صَائِمٌ.
فَلَا تُفَوِّتْ صِيَامَهُمَا فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ؛ فَالنَّهَارُ فِيهَا قَصِيرٌ، يَمْضِي سَرِيعًا، وَالْجَوُّ بَارِدٌ لَطِيفٌ، لَا عَطَشَ فِيهِ وَلَا مَشَقَّةَ، وَهِيَ غَنِيمَةٌ بَارِدَةٌ لِمَنْ فَقِهَ وَاغْتَنَمَ.
فَلَا تَقُلْ: سَأَصُومُ عِنْدَمَا أَتَفَرَّغُ؛ فَإِنَّ الْفُرَصَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ، وَإِنَّمَا أَهْلُ الْجَنَّةِ قَوْمٌ قَبَضُوا عَلَى الْفُرَصِ قَبْضًا، فَسَبَقُوا وَفَازُوا.
وَثَانِيَةُ غَنَائِمِهِ عِبَادَ اللهِ: قِيَامُ اللَّيْلِ؛ وَاللَّيْلُ فِي الشِّتَاءِ يَطُولُ، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ طُولًا فَلَا تَتْرُكْ أَصْلًا؛ رَكْعَتَانِ قَبْلَ الْوِتْرِ، أَوْ قِرَاءَةُ وِرْدٍ خَفِيفٍ، أَوْ دُعَاءٌ صَادِقٌ فِي سَحَرٍ بَارِدٍ… فَكَمْ مِنْ دَمْعَةٍ فِي اللَّيْلِ أَطْفَأَتْ سَنَوَاتٍ مِنَ الْغَفْلَةِ، وَكَمْ مِنْ سَجْدَةٍ فِي الظَّلَامِ رَفَعَتْ صَاحِبَهَا عِنْدَ الْمَلِكِ الْعَلَّامِ.
وَثَالِثَةُ غَنِيمَتِهِ: مُجَاهَدَةُ النَّفْسِ عَلَى الصَّلَوَاتِ فِي الْمَسَاجِدِ؛ خُطًى فِي الْبَرْدِ تَمْحُو سَيِّئَاتٍ، وَتُرَفِّعُ دَرَجَاتٍ. قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
«أَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى مَا يَمْحُو اللَّهُ بِهِ الْخَطَايَا وَيَرْفَعُ بِهِ الدَّرَجَاتِ؟… إِسْبَاغُ الْوُضُوءِ عَلَى الْمَكَارِهِ، وَكَثْرَةُ الْخُطَا إِلَى الْمَسَاجِدِ، وَانْتِظَارُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ، فَذَلِكُمُ الرِّبَاطُ.» (رَوَاهُ مُسْلِمٌ).
عِبَادَ اللَّهِ:
وَمِنْ جَمَالِ الشَّرِيعَةِ وَكَمَالِهَا أَنَّهَا شَرِيعَةُ عِبَادَةٍ وَيُسْرٍ مَعًا؛ فَلَا تَكْلِيفَ بِمُحَالٍ، وَلَا تَضْيِيعَ لِلْفَرَائِضِ بِحُجَّةِ الْمَشَقَّةِ.
فَتَعَلَّمُوا فِقْهَ الشِّتَاءِ؛ فَإِنَّهُ فِقْهٌ يَحْفَظُ عَلَيْكَ عِبَادَتَكَ وَيَجْمَعُ بَيْنَ الْأَجْرِ وَالسَّلَامَةِ:
فَمِنْهُ: الْمَسْحُ عَلَى الْجَوَارِبِ وَالْخِفَافِ، شَرْطُهُ أَنْ تُلْبَسَ عَلَى طَهَارَةٍ، وَأَنْ يَكُونَ الْمَسْحُ فِي الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ، وَأَنْ يَكُونَ فِي الْمُدَّةِ الشَّرْعِيَّةِ؛ يَوْمًا وَلَيْلَةً لِلْمُقِيمِ، وَثَلَاثَةَ أَيَّامٍ بِلَيَالِيهَا لِلْمُسَافِرِ. وَفِي هَذَا تَيْسِيرٌ عَلَى النَّاسِ وَحِفْظٌ لِلْوُضُوءِ وَالْجَمَاعَةِ.
وَمِنْهُ: أَنَّ مَنْ خَافَ الضَّرَرَ مِنِ اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ شِدَّةَ بَرْدٍ وَلَا يَجِدُ مَا يُدَفِّئُهُ، أَوْ كَانَ مَرِيضًا يَتَضَرَّرُ بِهِ، فَإِنَّ اللَّهَ فَتَحَ لَهُ بَابَ التَّيَمُّمِ؛ ﴿فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا﴾، فَالشَّرِيعَةُ رَحْمَةٌ، وَالدِّينُ يُسْرٌ، وَلَيْسَ فِيهِ هَلَاكُ النَّفْسِ وَلَا إِضْرَارُ الْبَدَنِ.
وَمِنْهُ: أَنَّ إِسْبَاغَ الْوُضُوءِ عَلَى الْمَكَارِهِ لَا يَعْنِي التَّهَوُّرَ وَتَعَمُّدَ الضَّرَرِ، وَلَكِنَّهُ يَعْنِي أَنْ تَجْمَعَ بَيْنَ الْحِرْصِ عَلَى الْعِبَادَةِ وَاتِّخَاذِ الْأَسْبَابِ: تُدَفِّئُ الْمَاءَ إِنْ قَدَرْتَ، وَتَسْتَعْمِلُ مَا يُعِينُكَ، ثُمَّ تَحْمِلُ نَفْسَكَ عَلَى الطَّاعَةِ بِصَبْرٍ وَاحْتِسَابٍ.
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ:
وَمِنْ عِبَادَةِ الشِّتَاءِ أَيْضًا: عِبَادَةُ الرَّحْمَةِ؛ فَفِي الْبَرْدِ يَظْهَرُ احْتِيَاجُ الْفُقَرَاءِ، وَتَتَأَكَّدُ صَدَقَةُ الدِّفْءِ وَالْغِذَاءِ وَالْكِسْوَةِ.
تَذَكَّرُوا – رَحِمَكُمُ اللهُ – عُمَّالًا يَقِفُونَ فِي الْمَحَطَّاتِ وَالطُّرُقَاتِ تَحْتَ الْبَرْدِ، يَتَلَقَّوْنَ الرِّيَاحَ بِصُدُورِهِمْ؛ فَكَأْسُ شَايٍ دَافِئٍ، أَوْ وُجْبَةٌ سَاخِنَةٌ، أَوْ كَلِمَةُ لُطْفٍ صَدَقَةٌ تُكْتَبُ لَكُمْ.
وَاذْكُرُوا رُعَاةَ الْإِبِلِ وَالْمَوَاشِي فِي الْبَوَادِي، يَبِيتُونَ عَلَى الْبَرْدِ وَقِلَّةِ الزَّادِ؛ فَإِحْسَانُكُمْ إِلَيْهِمْ دِفْءٌ لِأَبْدَانِهِمْ، وَنُورٌ فِي صُحُفِ أَعْمَالِكُمْ.
وَلَا تَنْسَوُا أُسَرًا مُتَعَفِّفَةً أَخْفَتْ حَاجَتَهَا صَبْرًا وَسَتْرًا؛ فَمَنْ فَتَّشَ عَنْهَا وَصَلَ إِلَيْهَا، وَمَنْ أَرَادَ الْخَيْرَ أَعَانَهُ اللهُ عَلَيْهِ، وَسَاقَهُ إِلَى أَبْوَابِهِ سَوْقًا.
مَنْ رَأَى مِسْكِينًا يَرْتَعِدُ وَلَمْ يَرْتَعِدْ قَلْبُهُ، فَلْيُفَتِّشْ عَنْ نُورِ إِيمَانِهِ. فَارْحَمُوا تُرْحَمُوا، وَأَحْسِنُوا يُحْسِنِ اللهُ إِلَيْكُمْ،
﴿إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾.
ثُمَّ اعْلَمُوا -رَحِمَكُمُ اللَّهُ- أَنَّ الْأَيَّامَ تَمُرُّ، وَالْفُصُولَ تَذْهَبُ، وَالْمَوَاسِمَ تَنْقَضِي، وَالسَّعِيدُ مَنْ خَرَجَ مِنْ هَذِهِ الدُّنْيَا وَقَدْ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، فَاسْتَثْمَرَ أَيَّامَهَا، وَشُهُورَهَا، وَفُصُولَهَا فِي طَاعَةِ اللهِ، وَجَعَلَ عُمْرَهُ مَوْسِمًا لِلْقُرْبِ، وَمَرْحَلَةً لِلزَّادِ، حَتَّى لَقِيَ اللهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ وَعَمَلٍ صَالِحٍ.
فَطُوبَى لِمَنْ فَقِهَ عُمْرَهُ، وَاغْتَنَمَ فُرَصَهُ، وَأَحْسَنَ خِتَامَهُ؛ فَإِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالْخَوَاتِيمِ.
بَارَكَ اللَّهُ لِي وَلَكُمْ فِي الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ، وَنَفَعَنِي وَإِيَّاكُمْ بِمَا فِيهِ مِنَ الْآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ. أَقُولُ قَوْلِي هَذَا، وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الْعَظِيمَ لِي وَلَكُمْ وَلِسَائِرِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ، فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.
---
الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ
الحمدُ للهِ على إحسانِه، والشكرُ له على توفيقِه وامتنانِه، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحده لا شريكَ له تعظيمًا لشأنه، وأشهدُ أنَّ محمدًا عبدُه ورسولُه، الرؤوفُ الرحيمُ بأمته، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.
أمَّا بعدُ، فاتقوا اللهَ عبادَ اللهِ، واعلموا أنَّ تقوى اللهِ حياةُ القلوب، ونجاةُ العباد، وأمانُهم يوم يقومُ الناسُ لربِّ العالمين.
أيها المسلمون:
إذا اشتدَّ البردُ، وضاقَتِ الأجسادُ بالزمهرير، وارتعشتِ الأطرافُ من شدته؛ فليكن ذلك بابَ تفكُّرٍ لا مجرَّدَ إحساسٍ عابر. اسمعوا إلى قولِ نبيكم ﷺ في الحديث الصحيح:
«قالتِ النارُ: ربِّ أكلَ بعضي بعضًا، فأذَنْ لي أن أتنفَّس، فأذِنَ لها بنفسين: نفسٍ في الشتاءِ، ونفسٍ في الصيف؛ فما وجدتم من بردٍ أو زمهريرَ فمن نفسِ جهنم، وما وجدتم من حرٍّ أو حرورٍ فمن نفسِ جهنم».
نارٌ – عبادَ الله – خُلِقَت للعذاب، لم تحتمل شدَّتها، فشكت إلى ربِّها، فأُذِن لها بنفَسٍ نلمسُه في شتائنا، ونفَسٍ نعرفه في صيفنا. فإذا كان هذا الذي نجده نفَسًا من أنفاسها، فكيف بعذابها المقيم؟ وكيف بمن يُحبس فيها فلا يجد بردًا ولا ظلًّا، ولا راحةً ولا أمانًا؟
إنها لحظاتُ بردٍ توقظ القلوب، وتكسر الشهوة، وتذكِّر الغافل بآخرته، وتقول لكل قلبٍ حيٍّ: اتقِ الله قبل يومٍ لا ينفع فيه الندم. فمن خاف الله في الدنيا أمَّنه الله في الآخرة، ومن راقب ربَّه في السر ستره في العلن، ومن ترك معصيةً لله عوَّضه الله خيرًا منها.
ثم انظروا – رحمكم الله – إلى نعم الله علينا في هذا الشتاء: بيوتٌ تؤوينا، وأغطيةٌ تدفئنا، وملابسُ تَقينا، وأجهزةٌ تيسِّر علينا، وطعامٌ دافئٌ وشرابٌ ساخن… نعمٌ تتوالى حتى نألفها، وقد تكون عند غيرنا أمنياتٍ بعيدة. فاشكروا ربكم؛ فإن الشكرَ قيدُ النعم، وكفرانُها سببُ الزوال.
ومن شكر النعمة: الإحسانُ إلى المحتاجين، وبذلُ الدفء قبل أن نقسو على القلوب؛ فإن صدقةَ الشتاء عبادة، ﴿إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾.
ثم إذا ذُكِرَتِ الرحمةُ، وأبوابُ النجاة، وسبلُ الأمان؛ فاعلموا أنَّ أعظمَ بابٍ إليها هو اتباعُ نبيِّ الرحمة ﷺ، الذي دلَّ الأمةَ على الخير، وحذَّرها من النار، فحقٌّ علينا أن نُكثرَ من الصلاة والسلام عليه.
قال الله تعالى:
﴿إِنَّ اللهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾.
اللهم صلِّ وسلِّم وبارك على عبدك ورسولك محمد، وارضَ اللهم عن آله الطيبين، وصحابته الغرِّ الميامين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
اللهم إنا نسألك الجنة وما قرَّب إليها من قولٍ وعمل، ونعوذ بك من النار وما قرَّب إليها من قولٍ وعمل.
اللهم أجرنا من النار، اللهم أجرنا من النار، اللهم أجرنا من النار.
اللهم لك الحمد على ما أنعمتَ به على بلادنا من نعمٍ ظاهرةٍ وباطنة، اللهم لك الحمد على نعمة الأمن والإيمان، والصحة والأمان، والرخاء والاستقرار.
اللهم لك الحمد على ما أنزلتَ علينا من الغيث، فاجعله غيثَ رحمةٍ وبركة، نافعًا غيرَ ضار، سقيا رحمة لا سقيا عذاب، اللهم انفع به البلادَ والعباد، والزروعَ والأنعام.
اللهم احفظ بلادنا، وادم عليها نعمتك، واصرف عنها الفتن ما ظهر منها وما بطن.
اللهم وفِّق ولاةَ أمرنا لما تحب وترضى، وخذ بنواصيهم للبرِّ والتقوى، ووفِّقهم لما فيه صلاح العباد والبلاد.
اللهم أصلح قلوبنا، واغفر ذنوبنا، واستر عيوبنا، واختم لنا بخاتمة السعادة، واجعل آخر كلامنا من الدنيا شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله.
واجعلنا من أهل القرآن الذين هم أهلك وخاصتك.
عباد الله، ﴿إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ﴾ الآية.
فاذكروا الله يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، ولذكرُ الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.