( اغتنم الفرصة ) مشكولة ومختصرة وتناسب العشر 1441/11/26هـ

يوسف العوض
1441/11/25 - 2020/07/16 15:08PM
الخطبة الأولى
الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي يَسّرَ لنَا مَوَاسِمَ الْخَيْرَات وَأَجْزَلَ لَنَا الْعَطَايَا وَالْهِبَاتِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى خَيْرِ البريِّاتِ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَاتِّبَاعِهِ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ ،،
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ )
أَمَّا بَعْدُ . . 
أَيّهَا الْمُسْلِمُونَ :  عندما تَقْرَأُ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ فَيَمُرُّ بِكُم حَدِيثَ ابْنِ مَسْعُودٍ وَفِيهِ أَنَّ الْحَبِيبَ الْمُصْطَفَى عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ قَالَ لصحابته الْكِرَامِ يَوْمًا : (أترضون أَنْ تَكُونُوا رُبُعَ أَهْلِ الجنَّة) فكبَّر الصَّحَابَةُ ثُمَّ قَالَ : (أترضون أَنْ تَكُونُوا ثُلُثَ أَهْلِ الجنَّة) فكبَّروا ثُمَّ قَالَ (أترضون أَنْ تَكُونُوا شَطْرَ أَهْلِ الجنَّة) فَكَبِّرُوا : فَقَال (والذي نَفْسِي بِيَدِهِ إنِّي لَأَرْجُو أَنْ تَكُونُوا شَطْرَ أَهْلِ الجنَّة) اللَّهُ أَكْبَرُ ! نِصْفُ أَهْلِ الْجَنَّةِ مِنْ أُمِّةِ مُحَمَّدٍ بَلْ وَرَدَ أَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ لَأمَةِ مُحَمَّدٍ الثُّلُثَيْنِ مِنْ صُفُوفِ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَالثُّلُثَ الْبَاقِي لِسَائِرِ الْأُمَمِ كَمَا أَخْرَجَ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ وَالتِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُمَا مِنْ حَدِيثِ بُرَيْدَةَ مَرْفُوعًا ( أهل الْجَنَّة عِشْرُونَ وَمِائَةُ صَفّاً ثَمَانُون مِنْهَا مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَأَرْبَعُونَ مِنْ سَائِرِ الأمم ) وَهَذَا بِلَا شَكٍّ فَضْلٌ عَظِيمٌ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ الْمُبَارَكَةِ وَعِنْدَمَا تَعْلَم بِأَنَّ هَذِهِ الْأُمَّةِ هِيَ آخِرُ الْأُمَمِ فِي الزَّمَنِ وَلَكِنَّهَا أَوَّلُ الْأُمَم فِي الْحَشْرِ وَالْمُرُورِ عَلَى الصِّرَاطِ وَيُقْضَى لَهُمْ قَبْلَ الْخَلَائِقِ وَهُمْ أَوَّلُ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ وَعِنْدَمَا تَعْلَمُ أَيْضًا أَنَّ أَعْمَارَ هَذِهِ الْأُمَّةِ مَا بَيْنَ السِّتِّينَ وَالسَّبْعِينَ وَأَقَلَّهُم مَنْ يَجُوزُ ذَلِكَ . . كَمَا جَاءَ نَصٌّ عِنْدَ الْحَاكِمِ وَغَيْرُهُ وَصَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيّ بَيْنَمَا كَانَ النَّاسُ فِي الْأُمَمِ السَّابِقَةِ تَطُول أَعْمَارُهُم وَيَعِيشُون مِئاتِ السِّنِين وَمَهْمَا عَمِلُوا مِنْ الصَّالِحَاتِ مَعَ طُولِ الْأَعْمَارِ فَلَن يَبْلُغُوا قَدْرَ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَلَا فَضْلَهَا الَّتِي قصَّر اللَّهُ فِي آجَالِهَا وَبَارَكَ فِي أَعْمَالِهَا ، عِنْدَمَا تَقْرَأ كُلَّ هَذَا فَإِنَّهُ مِنْ الطَّبْعِيِّ أنْ تُعْرَفَ أنَّ ثَمَّتَ سِرٌّ عَجِيبٌ وَفَضْلٌ كَبِيرٌ خصَّ اللَّهُ بِهِ هَذِهِ الْأُمَّةَ وَجَعَلَهُم يَسْبِقُون بِهِ مِنْ قَبْلَهُمْ وَلَو عَمِلُوا أَكْثَرَ مِنْهُمْ ، السِّرُّ فِي ذَلِكَ ذَكَرَه أَهْلُ الْعِلْمِ أَنْ مُضَاعَفَةَ الْأُجُور خَاصٌّ بِهَذِهِ الْأُمَّةِ الْمُحَمَّدِيَّةِ الْمُبَارَكَةِ فَهَذِه الْمَوَاسِم هِي الْمَكَاسِبُ الْعَظِيمَةُ وَالْغَنَائِمُ الْبَارِدَةُ الَّتِي يَرْتَقِي فِيهَا مِنْ أَحْسَنَ اِسْتِغْلاَلَهَا للمنازلِ الْعَالِيَةِ وَالدَّرَجَاتِ الرَّفِيعَةِ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ .

أَيّهَا الْمُسْلِمُونَ :  اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ  ويُفضِّلُ بَعْضَ خَلْقِهِ عَلَى بَعْضٍ كَمَا قَالَ سُبْحَانَهُ ( تلك الرُّسُلُ فضَّلنا بَعْضَهُمْ عَلَى بعضٍ ) فَهُوَ سُبْحَانَهُ قَدْ خصَّنا وَأَكْرَمَنَا بِإِرْسَالِه إلَيْنَا خَيْر َرُسُلِهِ وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ خَيْرَ كُتُبِه وَشَرَعَ لَنَا خَيْرَ الْأَدْيَانِ وَاصْطَفَى رَمَضَانَ وفضَّلَه عَلَى سَائِرِ الشُّهُورِ وَاخْتَارَ مِنْ الْأَيَّامِ أَيَّامَ عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ كَمَا عِنْدَ الْبَزَّارِ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ مَرْفُوعًا ( أَفْضَلُ أَيَّامِ الدُّنيا أَيَّامُ الْعَشْرِ ) فَيَنْبَغِي عَلَى الْعَاقِلِ فَضْلًا عَنْ الْمُؤْمِنِ أَنْ لَا تَكون هَذِهِ الْأَزْمَانُ الْفَاضِلَةُ كَسَائِر أَيَّامِه بَلْ يَجْتَهِدُ فِيهَا بِكُلِّ مَا يَسْتَطِيعُ مَنْ عَمِلِ الْخَيْرِ صَغِيرًا كَانَ أَوْ كَبِيرًا وَكَانَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ إذَا دَخَلَتْ أَيَّامُ الْعَشْرِ اجْتَهَد اجْتِهَادًا شَدِيدًا حَتَّى مَا يَكَادُ يُقدر عَلَيْه .


أَيّهَا الْمُسْلِمُونَ : وَلَعَلَّ مَنْ أَسْبَابِ تَفْضِيل هَذِهِ الْعَشْرِ عَلَى غَيْرِهَا مَا أَشَارَ إلَيْهِ ابْنُ حَجَرٍ وَغَيْرُهُ مِنْ اجْتِمَاعِ أُمَّهَاتِ الْعِبَادَاتِ فِيهَا مِنْ الصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ وَالصَّدَقَاتِ وَالْحَجِّ وَالتَّكْبِيرِ وَذَبَحِ الْأَضَاحِيّ وَسَائِر الصَّالِحَات وَكُلُّ ذَلِكَ دَاخِلٌ فِي عُمُومِ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَيَّامِ الْعَشْرِ (ما مِنْ أَيَّامِ الْعَمَلُ الصَّالِحِ فِيهَا أَحَبُّ إلَى اللَّهِ مِنْ هَذِهِ الأيام) خرجه الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ .
 الخطبة الثانية
الْحَمْدُ لِلَّهِ وَكَفَى وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى النَّبِيِّ الْمُصْطَفَى وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَمَنِ اهْتَدَى ..

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ : مِنْ حُكْمِةِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَمِنْ عَظِيمِ نِعْمَتِهِ عَلَى عِبَادِهِ أَنْ جَعَلَ لَهُمْ مَوَاسِمَ يَتَقَرَّبُون فِيهَا إلَى رَبِّهِمْ لِيَكُونُوا عَلَى صِلَةِ بِه دَائِمَة  فَكُلَّمَا أَدْرَكَ العبدُ الكسلَ جَاءَه مَوْسِمٌ عَظِيمٌ ليجددَ إيمَانَه وَيَتَعَاهَدَ قَلْبَه وَيَتَدَارَكَ تَقْصِيرَه وَتَفْرِيطَه فِي جَنْبِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَكُلَّمَا كَانَ الْعَبْدُ أَكْثَرُ اجْتِهَادًا فِي مَوَاسِمِ الطَّاعَةِ كُلَّمَا كَانَ أَصْلَحََ حَالًا بَعْدَ تِلْكَ الْمَوَاسِمِ فَإِن للحسنةِ أَثَرًا وَنُورًا يَجِد الْعَبْدُ لَذَّتَهَا فِي قَلْبِهِ لَا تُفَارِقُهُ أَلْبَتَّةَ مِمَّا يَدْعُوه لِاسْتِمْرَارِ تِلْكَ الطَّاعَاتِ . .

اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي هَذِهِ الْمَوَاسِمِ الْمُبَارَكَة وأعنا فِيهَا عَلَى ذِكْرِك وَشُكْرِك وَحُسْنِ عِبَادَتِك .
وَصَل اللَّهُ وَسَلَّمَ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ . .
المشاهدات 1015 | التعليقات 0