اعلَموا أنَّ خيرَ أعمالِكُمُ الصَّلاةَ

عبدالله محمد الطوالة
1443/02/03 - 2021/09/10 06:40AM

الحمدُ للهِ الوليِّ الحميدِ، ذِيِ العرشِ المجيدِ، المبدئِ المعيدِ، الفعَّالِ لما يُريد، {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ} .. سبحانهُ وبحمده، وعدَ الشاكرينَ بالجنة والمزيدِ، وتوعَّدَ الكافرينَ بأغلال الحديدِ، {خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ} ..

وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدهُ لا شريكَ لهُ شهادةَ إخلاصٍ وتحميدٍ وتوحيدٍ، ألا إنَّ ربِّي قويٌّ مَجيـدُ .. لطيفٌ جليلٌ غنـيٌّ حَميدُ .. وكلُّ المُلوكَ وإن عظُمتْ .. فإنَّ المُلـوكَ لرَبِّي عَبيـدُ ...

وأشهدُ أن محمداً الرسولُ المصطفى، والنبيُ المرتضى، والخليلُ المجتبى، أرسلهُ اللهُ للإيمان منادياً، وإلى الجنة داعياً، وإلى صراطه المستقيمِ هادياً، وبالمعروف آمراً، وعن المنكر ناهياً .. صلَّى الله وسلَّمَ وبارَكَ عليهِ، وعلى آله وأصحابِه والتابعينَ، ومن تبِعَهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وسلم تسليماً كثيراً ...

أما بعد: فاتقوا الله عباد الله، {فمَنِ ٱتَّقَىٰ وَأَصْلَحَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ} .. و{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} .. {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ} .. {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ}، {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا}، {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا} ..

معاشر المؤمنين الكرام: جاء في الحديث الصحيح، قال ﷺ: "استَقيموا ولَن تُحصوا، واعلَموا أنَّ خيرَ أعمالِكُمُ الصَّلاةَ، ولا يحافظُ علَى الوضوءِ إلَّا مؤمنٌ"  .. إذن فالصَّلاةُ يا عباد الله: هي خيرُ الأعمالِ، بل هيَ أُمّ العباداتِ وأساسُ الطاعاتِ، وأولُ ما فُرضَ من العبادات، وهيَ آخرُ ما يُفقدُ من الدِّين، وآكدُ ما أوصى به سيدُ المرسلين، وأولُ ما يحاسبُ عليه المسلمُ يومَ الدَّين ..

الصلاة يا رعاكم الله: ركنُ الدِّين الرَّكِينِ، وفريضةُ اللهِ الثابتةُ على المسلمين .. الصلاة: أُنسُ المؤمِنين، وقرةُ عينِ الموحِدين، ومِعراجُ المتّقين .. الم تسمعوا قول الصادق الأمين، عليه الصلاة والسلام: «وجُعِلَت قُرَّة عيني في الصلاة» ..

الصلاةُ أيها الموفقون: عنوانُ الفلاحِ, وطريقُ النَّجاح، قال تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ}، وكيفَ لا يفلِحونَ وهم سيَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ..

الصلاةُ يا أهل الصلاة: نورٌ في القلب، وانشراحٌ في الصدر، وطمأنينةٌ في النفس، وضياءٌ في الوجه، وزكاءٌ في العقل، وقوةٌ في البدن، وبركةٌ في العمر، وشفاءٌ لما في الصدور .. تَكفَّرُ السيئات, وترفَعُ الدرجات, وتضاعَفُ الحسنات، يقول الحقُّ جلَّ وعلا: {وَأَقِمِ ٱلصَّلَوٰةَ طَرَفَىِ ٱلنَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ ٱلَّيْلِ إِنَّ ٱلْحَسَنَـٰتِ يُذْهِبْنَ ٱلسَّـيّئَـٰتِ ذٰلِكَ ذِكْرَىٰ لِلذكِرِينَ} ..

الصلاةُ أُخي المبارك: تفريجٌ للكروب، وعلاجٌ للخطوب .. ألم تسمع قولَ علَّام الغيوب: {إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا * إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا * وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا * إِلَّا الْمُصَلِّينَ} .. ألم تتأمَّل قول العزيز الحكيم: {وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ}، ألم تسمع قولَ المصطفي ﷺ: أرحنا بها يا بلال .. وكان إذا حزبهُ أمرٌ فزِعَ إلى الصلاة ..

فهَذِهِ العِبَادَةُ العَظِيمَةُ، وَالشَّعِيرَةُ الجليلة، كنزٌ عظيمٌ من الأجور والحسناتِ المُضاعَفةِ، والفضائلِ والبركاتِ المترادِفة، بِدأً مِن لحظة سماعِ الأذانِ .. فمن سمعَ المؤذنِ وردَّدَ معهُ ما يقولُ من قلبه, دَخَلَ الجَنَّةَ، ومَن قَالَ حِينَ يَسمَعُ النِّدَاءَ اللهُمَّ رَبَّ هَذِهِ الدَّعوَةِ التَّامَّةِ وَالصَّلَاةِ القَائِمَةِ، آتِ مُحَمَّدًا الوَسِيلَةَ وَالفَضِيلَةَ، وَابعَثْهُ مَقَامًا مَحمُودًا الَّذِي وَعَدتَهُ، حَلَّت لَهُ شَفَاعَة النبي ﷺ يَومَ القِيَامَةِ، ومَن قَالَ حِينَ يَسمَعُ المُؤَذِّنَ أَشهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبدُهُ وَرَسُولُهُ، رَضِيتُ بِاللهِ رَبًّا وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولاً وَبِالإِسلامِ دِينًا غُفِرَ لَهُ ذَنبُهُ "، وكُلُّ ذلك ثابت في الأحاديث الصحيحة .. وكُلُّ ذلك قبلَ أن يقومَ المسلمُ ليتهيأ لها .. فتُغفرُ ذُنوبهُ، وتُدركهُ شفاعةُ الحبيب ﷺ، ويضمنُ دخولَ الجنَّة ..

فإذا قامَ ليتوضأ، فإن ذنوبَ كُلِّ عضوٍ يغسِلهُ أثناء الوضوء, تخرجُ مع قطراتِ الماء .. حَتَّى يَخرُجَ في نهاية وضوئهِ نَقِيًّا مِنَ الذُّنُوبِ .. ومن تَوَضَّأ فَاسبِغَ الوُضُوءَ ثُمَّ قال أَشهَدُ أَن لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبدُ اللهِ وَرَسُولُهُ فُتِحَت لَهُ أَبوَابُ الجَنَّةِ الثَّمَانِيَةُ يَدخُلُ مِن أَيِّهَا شَاءَ" .. وكل ذلك في صحيح مُسلِمٌ .. فإذا مشى إلى الصَّلاةَ، لم يَخطُ خَطوَةً إِلاَّ رَفَعَهُ اللهُ بها دَرَجَةً، وَحَطَّ عَنهُ خَطِيئَةً، حَتَّى يَدخُلَ المَسجِدَ، ومَن غَدَا إلى المَسْجِدِ ورَاحَ، أعَدَّ اللَّهُ له نُزُلَهُ مِنَ الجَنَّةِ كُلَّما غَدَا أوْ رَاحَ .. وَإِذَا دَخَلَ المَسجِدَ كَانَ في صَلاةٍ مَا كَانَت الصلاة تَحبِسُهُ، وَتُصَلِّي عَلَيهِ المَلاَئِكَةُ مَا دَامَ في مَجلِسِهِ الَّذِي يُصَلِّي فيهِ: اللهُمَّ اغفِرْ لَهُ، اللهُمَّ ارحَمْهُ، مَا لم يُحدِثْ .. والدُّعَاءُ بَينَ الأَذَانِ وَالإِقَامَةِ لا يُرَدُّ .. وكُلُّ ذلك في الصحيح .. 

وَأَمَّا الصَّلاةُ نَفسُهَا بما فِيهَا مِن تلاوةٍ وَذِكرٍ وَدُعَاءٍ، وَخَفضٍ وَرَفعٍ, وَرُكُوعٍ وَسُجُودٍ, وقيامٍ وَقُعُودٍ، فَكُلُّهَا حَسَنَاتٌ وَدَرَجَاتٌ، وَتَكفِيرٌ لِلسَّيِّئَاتِ، قَالَ ﷺ: "أَرَأَيتُم لَو أَنَّ نَهَرًا بِبَابِ أَحَدِكُم يَغتَسِلُ فِيهِ كُلَّ يَومٍ خَمسَ مَرَّاتٍ هَل يَبقَى مِن دَرَنِهِ شَيءٌ ؟! " قَالُوا: لا يَبقَى مِن دَرَنِهِ شَيءٌ، قَالَ: "فَذَلِكَ مَثَلُ الصَّلَوَاتِ الخَمسِ، يَمحُو اللهُ بِهِنَّ الخَطَايَا"، وَقَالَ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ: "مَا مِن امرِئٍ مُسلِمٍ تَحضُرُهُ صَلاةٌ مَكتُوبَةٌ فَيُحسِنُ وُضُوءَهَا وَخُشُوعَهَا وَرُكُوعَهَا إِلاَّ كَانَت كَفَّارَةً لما قَبلَهَا مِنَ الذُّنُوبِ مَا لم يُؤتِ كَبِيرَةً، وَذَلِكَ الدَّهرَ كُلَّهُ"، ومن أدرك تكبيرةَ الأحرامِ أربعينَ يوماً كُتبت له براءتانِ من النار والنفاق، ومَن وافَقَ تأمينُه تأمينَ الملائكةِ، غُفِرَ له ما تقدَّمَ مِن ذَنبِه، ومن قال: "رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ"، فَوَافَقَ قَوْلُهُ قَوْلَ الْمَلَائِكَةِ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ، وَقَالَ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ: "عَلَيكَ بِكَثرَةِ السُّجُودِ للهِ؛ فَإِنَّكَ لا تَسجُدُ للهِ سَجدَةً إِلاَّ رَفَعَكَ اللهُ بها دَرجَةً، وَحَطَّ عَنكَ بها خَطِيئَةً"، وأقربُ ما يكونُ العبدُ من ربه وهو ساجدٌ، وإذا اقتربَ العبدُ من ربه فقمنٌ أن يُستجابَ له .. ومَن صَلَّى العِشَاءَ في جَمَاعَةٍ فَكَأنَّما قَامَ نِصْفَ اللَّيْلِ، وَمَن صَلَّى الصُّبْحَ في جَمَاعَةٍ فَكَأنَّما صَلَّى اللَّيْلَ كُلَّهُ .. ولو يَعْلَمُ الناسُ ما في العَتَمَةِ والصُّبْحِ، لَأَتَوْهُما ولو حَبْوًا .. ومن صلى البردَين دخلَ الجنة، ومن صلى الصبحَ فهو في ذمَّة الله .. وكُلُّ ذلك ثابتٌ في الاحاديث الصحيحة ..

فإذا سلًّم المسلمُ مِن صَلاتِهِ، فبين يديه أذكارٌ سهلةٌ ميسورة، أُجورها عظيمةٌ موفورة، ما بين تسبيحٍ وتحميدٍ وتكبيرٍ .. فتغفرُ بها خطاياهُ وإن كانت مثل زبدِ البحر، ويُرفعُ بها الدرجاتِ العُلا، ومَن قَرَأَ آيَةَ الكُرسِيِّ دُبُرَ كُلِّ صَلاةٍ لم يَمنَعْهُ مِن دُخُولِ الجَنَّةِ إِلاَّ أَن يَمُوتَ .. ثم هناكَ الرواتبُ المسنونة: فـمَا مِن عَبدٍ مُسلِمٍ يُصَلِّي للهِ تَعَالى في كُلِّ يَومٍ ثِنتَي عَشرَةَ رَكعَةً تَطَوُّعًا غَيرَ فَرِيضَةٍ، إِلاَّ بَنَى اللهُ لَهُ بَيتًا في الجَنَّةِ .. وما من أحدٍ يتوضَّأُ فيُحسنُ الوضوءَ، ويُصلِّي رَكعتينِ، يُقبِلُ بقلبِه ووجهِه عليهما، إلَّا وجبتْ له الجَنَّةُ، ومن صلَّى قبلَ الظُّهر أربعًا، وبعدَها أربعًا حرَّمهُ اللهُ على النَّار .. ورحِمَ الله امرأً صلَّى قبلَ العصر أربعًا .. وكل ما ذكرته من الأجور والفضائل ثابتٌ في الاحاديث الصحيحة ..

فالصَّلاةَ أيها المسلمون: نَبعُ غَنِيٌّ بِالحَسَنَاتِ، وَنَهَرٌ غمرٌ مِنَ الأُجُورِ والدرجات، وَسَيلٌ متدفقٌ مِنَ الفَضَائِلِ والبركات .. فَاتَّقُوا اللهَ يا عباد الله وَاستَبِقُوا الخَيرَاتِ، وَتَعَوَّذُوا بِاللهِ مِنَ العَجزِ وَالكَسَلِ عَنِ الطَّاعَاتِ، و{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اركَعُوا وَاسجُدُوا وَاعبُدُوا رَبَّكُم وَافعَلُوا الخَيرَ لَعَلَّكُم تُفلِحُونَ} ..

بارك الله لي ولكم ..

الحمد لله كما ينبغي لجلاله وجماله وكماله وعظيم سلطانه ...

أما بعد: فاتقوا الله وكونوا من الصادقين، وكونوا ممن يستمع القول فيتبع أحسنه أولئك الذين هداهم الله، وأولئك هم المهتدون   ...

معاشر المؤمنين الكرام: من أرادَ أن يعرفَ قدْرهُ ومنزلتهُ عند اللهِ تعالى، فلينظر إلى قدر الصلاةِ ومنزلتِها عندهُ، سواءً بسواء .. فالصلاةُ هي عمادُ الدينِ وشعارهُ، وأُسّهُ ودِثارهُ، من حفِظها حفِظَ دينَهُ, وكانت لهُ نوراً وبرهاناً ونجاةً يومَ القيامةِ، ومن ضيَّعها فهو لما سِواها أضيَع .. صَلاحُها صَلاحٌ لبقيةِ الأعمال، وفسادُها فسادٌ لبقيةِ الأعمال ..

الصلاة أيها المباركون: هي الفيصلُ بين الإيمانِ والكفر، لا يقبلُ اللهُ من عبدٍ صرفاً ولا عدلاً إلا إذا أقامها، لا دِينَ لمَن لا صلاةَ له، ولا حظَّ في الإسلامِ لمَن تركَ الصّلاة .. قال جلَّ وعلا: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَنُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} .. بل جاءَ في صحيح مُسلمٍ أنّ النبيَّ ﷺ قال: "ليس بينَ الرّجل والكفرِ أو الشرك إلاّ تركُ الصّلاة"، وفي البخاري قال ﷺ: "من فاتتهُ صلاةٌ فكأنما وُتِرَ أهلَهُ ومالَهُ"، وكانت هي آخرُ وصاياه ﷺ، يقولُ وهو يلفِظُ أنفاسهُ الأخيرة: "الصلاةَ، الصلاةَ، وما ملكت أيمانُكم" .. وكان الصحابةُ لا يرَونَ شيئًا مِن الأعمالِ تركُهُ كُفرٌ غيرُ الصّلاةِ .. بل قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "لا حظَ في الإسلام لمن ترك الصلاة" ..

فلا واللهِ, لا يُفرِّطُ فيها بعدَ ذلك إلا مخذولٌ محرومٌ .. وذلك من أعظمِ أسبابِ دُخولِ النَّارِ، فحِينَ يُسأَلُ المجرمون: {مَا سَلَكَكُم في سَقَرَ * قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ المُصَلّينَ} .. وتاركُ الصلاة يا عباد الله: موعودٌ بالضَنْكِ الدُّنيويّ والعذابُ الأُخرويّ، {فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُواْ ٱلصَّلَـوٰةَ وَٱتَّبَعُواْ ٱلشَّهَوٰتِ فَسَوْفَ يَلْقُونَ غَيًّا} .. وقال ﷺ: "من تركَ الصلاةَ لقيَ اللهَ وهو عليهِ غضبانٌ"، ويقولُ ﷺ مُحذِّرًا ومُنذِرًا: "لا تتركنَّ صلاةً متعمِّدًا، فمن فعلَ ذلكَ فقد برئت مِنهُ ذمّةُ اللهِ وذمّةُ رسولِه" .. بل جاءَ في حديثٍ مُتفقٍ عليه، قال ﷺ: "لقد هممتُ أن آمرَ بالصلاة فتُقام، ثمّ آمرَ رجلاً يُصلِّي بالناس، ثمّ أنطلِقُ معيَ برجالٍ معهم حزَمٌ من حَطبٍ إلى قومٍ لا يشهدونَ الصلاة، فأحرّقَ عليهم بيوتهم بالنار" .. فالأمرُ جِدُّ خطيرٌ يا عباد الله: وقد صحَّ أن النبي ﷺ قال: "من سمعَ المناديَ بالصلاة فلم يمنعهُ من اتِّباعه عذرٌ لم تُقبَل منهُ الصلاةَ التي صلّى"، قيل: وما العذرُ يا رسول الله؟ قال: "خوفٌ أو مرض" .. وعن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: "لأن تمتلئ أذُنا ابنِ آدمَ رصاصًا مُذابًا خيرٌ لهُ من أن يسمعَ النداءَ ولا يجيب" .. وعن علي رضي الله عنه قال: "لا صلاة لجار المسجدِ إلا في المسجد، قيل: ومن هو جارُ المسجد؟ قال: من سمعَ الأذان" ..

فيا أيها المضيعونَ لصلاةِ الجماعة، يا أيها الهاجرون لبيوتِ الله .. إلى متى يا رعاكُم اللهُ تتخلفون، وحتى متى تسوفُون وتؤجلُون .. {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ} .. لقد حصْحصَ الحقُّ لولا صَمَمُ القلوب، ولقد اتضحَ السبيلُ لولا كدَرُ الذُّنوب .. أَلا فَاتَّقُوا اللهَ وَحَافِظُوا عَلَى أداء الصَّلاةِ جماعةً في بيوت الله .. {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ} .. {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ} ..

ويا ابن آدم عش ما شئت فإنك ميت، وأحبب من شئت فإنك مفارقه، واعمل ما شئت فإنك مجزي به، البر لا يبلى والذنب لا ينسى، والديان لا يموت، وكما تدين تدان ..

اللهم صل على محمد .. .

المشاهدات 882 | التعليقات 0