اُشْكُرُوا اللهَ تَعَالَى أَنْ أَدْرَكْتُمْ هَذِهِ الأَيَّامَ

مبارك العشوان 1
1441/12/02 - 2020/07/23 02:23AM

إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِيْنُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ وَنَسْتَهْدِيْهِ، وَنَعُوْذُ بِهِ تَعَالَى مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيْكَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ تَعَالَى أيُّهَا النَّاسُ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ.

عِبَادَ اللهِ: اُشْكُرُوا اللهَ تَعَالَى أَنْ أَدْرَكْتُمْ هَذِهِ الأَيَّامَ؛ وَهِيَ أَيَّامٌ قَلِيلٌ عَدَدُهَا، كَثِيرٌ خَيْرُهَا، عَظِيْمَةٌ بَرَكَتُهَا؛ فَمَا مِنْ أَيَّامٍ العَمَلُ الصَّالِحُ فِيهِنَّ أَحَبُّ إِلَى اللهِ مِنْ هَذِهِ الأَيَّامِ.

تَجْتَمِعُ فِيْهَا أُمَّهَاتُ العِبَادَةِ: الصَّلَاُة، وَالصِّيَامُ، وَالصَّدَقَةُ، وَالحَجُّ، وَالذَّبْحُ.

فَعَظِّمُوا - رَحِمَكُمُ اللهُ - عَشْرَكُمْ؛ واعْمُرُوهَا بِالطَّاعَاتِ فَرَائِضِهَا وَنَوَافِلِهَا، وَنَقُّوهَا وَخَلِّصُوهَا مِنَ المَنْهِيَّاتِ مُحَرَّمَاتِهَا وَمَكْرُوهَاتِهَا.

كُلَّ عِبَادِةٍ أَمْكَنَكُمْ فِعْلُهَا فَسَارِعُوا وَسَابِقُوا وَلَا تَتَأَخَّرُوا. وَكُلَّ مَعْصِيَةٍ؛ فَاجْتَنِبُوهَا وَلَا تَقْتَرِبُوا.

عَلَيكُمْ بِالصَّلَاةِ، فَصَلَاتُكُمْ عِمَادُ دِيْنِكُمْ، صَلَاتُكُمْ فَلَاحُكُمْ وَنَجَاتُكُمْ؛ أَقِيْمُوهَا كَمَا أَمَرَ اللهُ تَعَالَى أَنْ تُقَامَ؛ صَلُّوهَا كَمَا كَانَ يُصَلِّيْهَا عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، حَافِظُوا عَلَى أَوْقَاتِهَا، أَحْسِنُوا طَهَارَتَهَا، وخَشُوعَهَا.

مُرُوا بِهَا أَوْلَادَكُمْ وَمَنْ تَحْتَ رِعَايَتِكُمْ { وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا }طه 132

بِكِّرُوا إلَيْهَا؛ إِذَا سَمِعْتُمُ النِّدَاءَ فَبَادِرُوا إِلَى المَسَاجِدِ؛ عِنْدَهَا أَبْشِرُوا فَمَنْ غَدَا إِلَى الْمَسْجِدِ، أَوْ رَاحَ، أَعَدَّ اللَّهُ لَهُ فِي الْجَنَّةِ نُزُلًا كُلَّمَا غَدَا أَوْ رَاحَ.

أَبْشِرُوا فَقَدْ صَحَّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( صَلَاةُ الرَّجُلِ فِي الجَمَاعَةِ تُضَعَّفُ عَلَى صَلَاتِهِ فِي بَيْتِهِ، وَفِي سُوقِهِ خَمْسًا وَعِشْرِينَ ضِعْفًا، وَذَلِكَ أَنَّهُ إِذَا تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الوُضُوءَ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى المَسْجِدِ، لَا يُخْرِجُهُ إِلَّا الصَّلَاةُ، لَمْ يَخْطُ خَطْوَةً، إِلَّا رُفِعَتْ لَهُ بِهَا دَرَجَةٌ، وَحُطَّ عَنْهُ بِهَا خَطِيئَةٌ، فَإِذَا صَلَّى، لَمْ تَزَلِ المَلَائِكَةُ تُصَلِّي عَلَيْهِ، مَا دَامَ فِي مُصَلَّاهُ: اللهُمَّ صَلِّ عَلَيْهِ، اللهُمَّ ارْحَمْهُ، وَلَا يَزَالُ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاةٍ مَا انْتَظَرَ الصَّلَاةَ ) رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ.

أَكْثِرُوا رَحِمَكُمُ اللهُ مِنْ ذِكْرِ اللهِ تَعَالَى؛ فَهُوَ عِبَادَةٌ عَظِيمَةٌ مُيَسَّرَةٌ؛ عِنْدَهَا أَبْشِرُوا؛ فَفِي الحَدِيثِ القُدْسِيِّ أَنَّ اللهَ جَلَّ وَعَلَا قَالَ: ( أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي وَأَنَا مَعَهُ إِذَا ذَكَرَنِي، فَإِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي، وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلَإٍ ذَكَرْتُهُ فِي مَلَإٍ خَيْرٍ مِنْهُمْ، وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ بِشِبْرٍ تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعًا، وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ ذِرَاعًا تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ بَاعًا، وَإِنْ أَتَانِي يَمْشِي أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً ) رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ.

أَكْثِرُوا فِي عَشْرِكُمْ مِنْ قِرَاءَةِ القُرْآنِ الكَرِيْمِ، أَكْثِرُوا فِيْهَا مِنَ التَّسْبِيحِ وَالتَّحْمِيدِ التَّهْلِيلِ وَالتَّكْبِيرِ، وَالاِسْتِغْفَارِ؛ { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا، وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا } الأحزاب 41، 42

أَحْيُوا فِي عَشْرِكُمْ سُنَّةَ التَّكْبِيرِ، وَاجْهَرُوا بِهِ؛ تَأَسِّيًا بِنَبِيِّكُمْ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ، وَصَحَابَتِهِ الكِرَامِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَأَرْضَاهُمْ؛ فَقَدْ كَانَ ابْنُ عُمَرَ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا يَخْرُجَانِ إِلَى السُّوقِ فِي أَيَّامِ العَشْرِ يُكَبِّرَانِ، وَيُكَبِّرُ النَّاسُ بِتَكْبِيرِهِمَا.

يَبْدَأُ مِنْ ثُبُوتِ شَهْرِ ذِي الحِجَّةِ إِلَى آخِرِ أيَّامِ التَّشْرِيقِ.

اللهُ أكْبَرُ، اللهُ أكْبَرُ، لَا إِلَه إِلَّا اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ وَلِلهِ الحَمْدُ

بَارَكَ اللهُ لِي وَلَكُمْ فِي القُرْآنِ العَظِيمِ، وَنَفَعَنَا بِمَا فِيْهِ مِنَ الْآيِ وَالذِّكْرِ الحَكِيْمِ، وَأَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ؛ فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيم.

 

 الخطبة الثانية: 

الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللهِ. أَمَّا بَعْدُ:

فَتَزَوَّدُوا – وَفَّقَكُمُ اللهُ – مِنَ الطَّاعَاتِ، وَاعْلَمُوا أَنَّ الصِّيَامَ 

مِنْ أَفْضَلِ القُرُبَاتِ فَـ : ( مَنْ صَامَ يَوْمًا فِي سَبِيلِ اللهِ، بَعَّدَ اللهُ وَجْهَهُ عَنِ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا ) أَخْرَجَهُ البُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ. 

وَصِيَامُ عَرَفَةَ؛ قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: ( أَحْتَسِبُ عَلَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ، وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ...) أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ. 

وَمِنَ الأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ الْأُضْحِيَةُ؛ قَالَ ابْنُ القَيِّمِ رَحِمَهُ اللهُ: لَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ يَدَعُ الأُضْحِيَة. أ هـ

يَقُولُ أَنَسٌ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: ( ضَحَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقْرَنَيْنِ، ذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ، وَسَمَّى وَكَبَّرَ، وَوَضَعَ رِجْلَهُ عَلَى صِفَاحِهِمَا ) أَخْرَجَهُ البُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ.

وَمَنْ أرَادَ أنْ يُضَحِّي فَلْيُمْسِكْ عَنْ شَعْرِهِ وَأَظْفَارِهِ وَبَشَرَتِهِ؛ مِنْ دُخُولِ العَشْرِ حَتَّى يُضَحِّي، وَمَنْ نَوَى أثْنَاءَ العَشْرِ أمْسَكَ مِنْ حِينِ نِيَّتِهِ.

عِبَادَ اللهِ: اعْمُرُوا ـ رَحِمَكُمُ اللهُ ـ  بِالعَمَلِ الصَّالِحِ حَيَاتَكُمْ، وَاعْرِفُوا قَدْرَ هَذِهِ المَوَاسِمِ؛ وَلَا تُفَرِّطُوا فِي لَحْظَةٍ مِنْ لَحَظَاتِهَا إِلَّا فِيمَا يُقَرِّبُ إِلَى اللهِ.

ثُمَّ صَلُّوا وَسَلِّمُوا - رَحِمَكُمُ اللهُ - عَلَى مَنْ أَمَرَكُمُ اللهُ بِالصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ عَلَيهِ؛ فَقَالَ سُبْحَانَهُ: { إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا }الأحزاب 56

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، اللهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ.

اللَّهُمَّ أصْلِحْ أئِمَّتَنَا وَوُلَاةَ أُمُورِنَا، اللَّهُمَّ وَفِّقْ وُلَاةَ أمْرِنَا لِمَا تُحِبُّ وَتَرْضَى، اللَّهُمَّ خُذْ بِنَوَاصِيهِمْ لِلْبِرِّ وَالتَّقْوَى، اللَّهُمَّ وَفِّقْنَا وَإِيَّاهُمْ لِهُدَاكَ، واجْعَلْ عَمَلَنَا فِي رِضَاكَ، اللَّهُمَّ مَنْ أَرَادَنَا وَدِينَنَا وَبِلَادَنَا بِسُوءٍ فَرُدَّ كَيْدَهُ إِلَيهِ، وَاجْعَلْ تَدْبِيرَهُ تَدْمِيرًا عَلَيهِ، يَا قَوِيُّ يَا عَزِيزُ.

عِبَادَ اللهِ: اُذْكُرُوا اللهَ العَلِيَّ الْعَظِيْمَ يَذْكُرْكُمْ، وَاشْكُرُوهُ عَلَى نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ وَلَذِكْرُ اللهِ أكْبَرُ وَاللهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ.

 

 

 

 

 

 

المشاهدات 1302 | التعليقات 0